الخميس, أبريل 18, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليوم انتفاضة ایران: الهزة التي يليها انهیار دعائم نظام الملالي

انتفاضة ایران: الهزة التي يليها انهیار دعائم نظام الملالي

0Shares

الانتفاضة الشعبية العارمة التي اجتاحت العاصمة طهران وامتدت إلی 112مدینة في كل أرجاء  إیران منذ اندلاعها يوم الجمعة الموافق 15 نوفمبر، قد هزّت أسس نظام الملالي وأظهرت عليه  بوادر الهزيمة  والانهيار.

 

 الإنتفاضة أكبر من قضية اعتراض على رفع أسعار "البنزین"

 

علی الرغم من أن ارتفاع أسعار البنزین قد أشعل فتیل الإنتفاضة في إیران ، إّلا أن الإنتفاضة سرعان ما تجاوزت أزمة البنزين لتستهدف الشعارات کیان النظام ورأس الدیکتاتوریة أي الولي الفقيه خامنئي. میدانیاً هاجم المتظاهرون مراکز القمع والنهب التابعة للنظام وأضرموا النیران في المصارف الحکومیة وقواعد الباسيج  ومراکز الشرطة التي بلغ عددها 70 مرکزاً في الیوم الأول. 

 

وکانت مختلف مدن إیران مسارح لعملیات الکرّ والفرّ علی نطاق واسع بین الشبّان المنتفضین وعناصر الإجرام من قوی الأمن القمعیة المتنکرین بالزي المدني، والذین لاذوا بالفرار أحیاناً.

بهذا یمکن القول بأن إنتفاضة نوفمبر أشدّ وأقوی من إنتفاضة يناير 2018 من حيث معدل النمو الكمي والنوعي ونسبة التطرف والعنف وإمكانيات إنفجار الوضع على نحو غير متوقع ولا مسبوق.

 

لا یغیب عنا أن خامنئي الذي يدرك جيداً أوضاع المجتمع الإيراني التي تقف على حافة الإنفجار: في 12 دیسمبر2018  كان قد حذر من خطر وقوع انتفاضة في 2019 قائلاً: «ما توعدّ به الأمريكيون عام 2018 قد یکون حیلة، قد یثیرون الجدل في 2018 لکن یخططون لعام 2019. فلینتبه الجمیع».

 

الوضع الاقتصادي الخانق

 

السؤال المطروح هو بما أن النظام کان يدرك إمكانية تفجر أوضاع المجتمع، وحذّر قادة النظام وزعماؤه مراراً وتكراراً مما أطلقوا عليه الفتنة الأکثر خطورة من فتنة 2018، فلماذا قرروا الآن رفع سعر البنزين وهم متوجسين و قلقين من انفجار الأوضاع  لأكثر من عام؟

الجواب یکمن في الوضع الإقتصادي الخانق الذي یمرّ به النظام والذي بلغ حد الذبح من الوريد إلى الوريد، وهو ما أرغم المعمم روحاني علی الاعتراف به مراراً وتکراراً وبعبارات مختلفة خلال الأسبوعین الماضیین کقوله "وضع الحکومة المعطّل" و"عجز البنوك و شلل الصادرات والواردات"، " و"عجز في الميزانية يعادل ثلثي إجمالي الميزانية" وقوله "لایمکن فعل أي شيء دون میزانیة".

 

على الرغم من أن النظام سعى منذ فترة طويلة إلى تقليل حساسية الشعب وانفعاله عبر  مناورات وحیل دعاية عدیدة ونشر شائعات عن ارتفاع سعر البنزين أو محاصصته، والحدّ من غضب الشعب وتهدئته بوعود کاذبة کالدعم النقدي وتوزيع حصص تموينية وما شابه ذلك، لكن على أرض الواقع لم تفلح الدعاية المضللة ولا الحيل المخادعة لم تکن مجدیة ووقع ما يخشاه النظام بسيناريو دراماتيكيا متسارع، إذ اتسع نطاق الانتفاضة بسرعة فائقة حیث عمّت أکثر من 112 مدینة في جمیع أنحاء البلاد. أما اطلاق النیران المباشر علی المحتجّین من قبل قوات الأمن، فقد  أججّ نیران غضبهم وانتفاضتهم أکثر من ذي قبل. وألقت الانتفاضة الرعب والارتباك في صفوف النظام من رأسه إلی ذیله وتجلّت آثاره في كوادر النظام وزعمائه.

 

الذعر والأرتباك في معسکرات القادة

 

تجلّت البوادر الأولى لهذا الذعر والارتباك في البرلمان، ففي  الساعات الأولى من صباح يوم السبت الموافق 16 نوفمبر طرح عدد من أعضاء مجلس شورى الملالي خطة مزدوجة لوقف ارتفاع أسعار البنزین. 

کتب المعمم ذوالنور رئیس لجنة الأمن في مجلس شورى الملالي وأحد رجال عصابة خامنئي في صفحته الخاصة: «لم یتدخل المجلس ولم یکن علی علم بهذا القرار المفاجئ للحکومة، هذا القرار خاطئ في مجمله». ووعد قائلاً: «یوم الأحد سنعدّ خطة مزدوجة لوقف وإلغاء قرار الحکومة القاضي  بزیادة أسعار  البنزین».

وهاجم أحد أزلام خامنئي و یدعی مهدی محمدي حکومة روحاني باعتبارها مسؤولة عن هذا القرار محذراً من  خطر منظمة مجاهدي خلق قائلاً: «حکومة روحاني لیست مهتمة بالبلاد. لکن نحن یجب أن نهتم. احذروا من أکاذیب مجاهدي خلق».

 

إلی الآن وحتی يومنا هذا فقد أصابت الانتفاضة رأس النظام مما زاد من حدة الأزمة الداخلية للنظام وتوسيع الفجوة بين العصابتین الحاکمتین، کل واحدة من هاتین العصابتین تسعی إلی إلقاء اللوم والمسؤولیة علی عاتق العصابة الأخرى وتبرئة نفسها. أما رأس الأفعی خامنئي فقد باتت أسالیبه مکشوفة في مثل هذه المآزق حیث یتخندق خلف الکلمات وعصابات النظام محاولاً تبرئة نفسه وأتباعه. من ناحية أخرى وفي هکذا مواقف غالباً ما یظهر أنصار النظام وحماته وتنشط جماعات الضغط التابعة له في محاولة لإظهار الموضوع علی أنه ناجم عن صراعات حزبية وما هو إلّا دعایة انتخابیة للتغطية على انهيار النظام. في حین أن قرار إلغاء دعم الوقود جاء بناء علی اتفاق السلطات الإیرانیة الثلاث (التشریعیة، القضائیة والتنفیذیة) في 21 سبتمبر.

تمّ الإعلان عن ذلك  آنذاك " وقیل أن خامنئي نفسه قد أیّد القرار ووقّع علیه. وكان من الواضح تماماً أنه لم يكن من الممكن اتخاذ هکذا قرار حساس ودقیق ومدروس من قبل النظام دون موافقة الولي الفقیه خامنئي. 

 

وقد أکّد "واعظي" رئیس مکتب روحاني  على دور خامنئي في اتخاذ القرار قائلاً: «تعدیل أسعار البنزین هو قرار جميع أركان النظام، وقد شارك الجميع في هذا القرار، الحكومة تقوم فقط بتنفيذه» (وکالة نادي الصحفیین الشباب، 15نوفمبر 98).

من الواضح أن هذا القرار الذي تمّ اتخاذه في قمة اليأس والعجز هو قرار الولي الفقیه المتطرف خامنئي والنظام برمته، و یبدو أنّ النظام أهمل أو تجاهل متغیرین في حساباته: الأول هو الوضع المحتقن للمجتمع إلی درجة الانفجار، والثاني الانتفاضة العراقیة وحقیقة أن الانتفاضة العراقیة لیست منفصلة عن الانتفاضة في إیران، فالانتفاضتين تشکّلان جبهة مشتركة ضد عدو مشترك مع شعار وموضوع مشترك. في العراق يهتف المتظاهرون "بطرد النظام الإيراني" ويهتف المتظاهرون في إيران بـ "الموت للديكتاتور" "الموت لخامنئي"، لذا فإنّ لهاتين الانتفاضتين بالإضافة إلى انتفاضة الشعب اللبناني، تأثيراً جدلیاً  فيما بين حراك الشعوب في الدول الثلاث. 

 

ماذا سیفعل النظام لاحتواء الأزمة

 

ماذا سيفعل النظام حيال هذا الموقف وهذه الانتفاضة التي اجتاحت البلاد وأحرقت بنیرانها أسس النظام؟ ردّ المتحدث باسم منظمة مجاهدي خلق على السؤال بالآتي: «الشعب والشباب المتظاهرون سیجبرون النظام إما علی التراجع عن قرار زیادة أسعار البنزین وفتح الطريق أمام الانتفاضات اللاحقة أو قبول نتائج تمردّهم على الشعب الإيراني».

هذا یعني أن تراجع النظام عن قراره قد یحدّ من شدة الانتفاضة نسبیاً  ولأمد قصیر، لكنه في الوقت ذاته سیرفع معنويات الناس والمتظاهرین ویعبّد الطریق أمام الانتفاضات اللاحقة التي ستکون بطبیعة الحال أشد وأعنف، کما أنه یسرّع انهیار معنویات القوات القمعیة للنظام وبالتالي یسرّع سقوط النظام. وسیدفع الثمن غالیا إن لم یتراجع عن قراره.

 

بالنظر إلى هذه الحقائق الاستراتيجية النهج، يمكن القول على وجه اليقين أولاً وقبل كل شيء إنّ قرار النظام أیّا کان سیؤدي إلی وجهة واحدة وهي الانهيار والسقوط. ثانیاً هذه الانتفاضة على الرغم من كل الصعوبات والمطبّات لن تتراجع أبدًا وستستمر حتی تحقیق أهدافها، و الوصول إلى النصر المؤکد.

كما ذكر زعيم المقاومة في بیانه الأخير (البیان رقم 15 من جيش التحرير الوطني الإيراني- 4 نوفمبر): «سیواجه نظام الملالي هزات انهیار متعاقبة. يجب علينا أيضاً أن نضاعف مائة مرة تأهّبنا وجهوزیتنا لغزو وحرب شرسة. يجب تقویض وسحق جیش الجهل والجريمة وبیت خامنئي العنکبوتي».

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة