الخميس, مايو 2, 2024
الرئيسيةأخبار وتقاريرالعالم العربيتقرير معلوماتي موثق يکشف أبعاد “السطو” الإيراني علی سوريا

تقرير معلوماتي موثق يکشف أبعاد “السطو” الإيراني علی سوريا

0Shares

 
کشفت معلومات بحثية موثقة حجم الأموال التي تدفقت من طهران لتحقيق التوسع الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، مشيرة إلی تعويل نظام الملالي علی نظام بشار الأسد لبلوغ أهداف. وقالت المعلومات إن تلک الأموال وصلت إلی 35 مليار دولار في الفترة ما بين 2011 حتی الآن، دارت في معظمها حول خطابات ائتمان، تحتکر بموجبها شرکات تابعة للحرس الثوري الإيراني مميزات استثمارية في سوريا. وجاءت المعلومات في سياق تقرير أعده مدير مؤسسة “کونکورد مينا” الدولية، وحملت في مضمونها أبعادًا سياسية وعسکرية للدولة الفارسية، مع إشارات صريحة إلی أن هناک ردود فعل غاضبه لدی الشعب الإيراني، الذي بات علی يقين من استنزاف ثرواته علی تطلعات سياسية دون تأمين للجبهة الداخلية، وهو ما أفضی -في نهاية المطاف- إلی الاحتجاجات، التي تشهدها الشوارع والميادين الإيرانية في الوقت الراهن.
وتشير المعلومات الواردة في التقرير، إلی أن الإيرانيين باتوا يسيطرون عسکريًّا علی سوريا، کما أضحوا ينفردون بالسيطرة بمنظور اقتصادي، ولعل الجهود الإيرانية الحثيثة في هذا الصدد، والتي بدأت مع اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، وزادت وتيرتها في عام 2013، ضمنت لهم حضورًا اقتصاديًّا مباشرًا حتی بعد أن تضع الحرب السورية أوزارها، ما يعني بحسب معطيات المخطط الإيراني، أن حکومة طهران لا تعتزم العزوف عن التدخل في تفاصيل المشهد السوري، حتی في إطار سيناريو ابتعاد بشار الأسد عن المشهد السياسي في بلاده. ومنذ 2011، أصبحت إيران أنبوب أکسجين الاقتصاد السوري المنهار، وحرصت طهران علی تعزيز المرافق الاقتصادية في المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد، وذلک عبر تزويد تلک المناطق بالبضائع والوقود إلی جانب المساعدات العسکرية.
وعلی سبيل المثال، أدارت حکومة طهران برنامج مساعداتها الاقتصادية لسوريا عن طريق خطوط ائتمان لصالح نظام الأسد، بلغت قيمتها في حينه مليار دولار سنويًّا. عندئذ أوضح الإيرانيون للنظام السوري، أن تلک المنح الائتمانية ستخصص لشراء ما تحتاجه سوريا من منتجات متنوعة شريطة شرائها من إيران. وفي المقابل، أعفی نظام الأسد الواردات الإيرانية من الرسوم الجمرکية، وبذلک استطاعت البضائع الإيرانية ملء فراغ الفضاء السوري، الذي خلفته الحرب، لاسيما في أعقاب قطع العلاقات السورية مع ترکيا. وإلی جانب تنامي ارتکان الاقتصاد السوري علی التجارة مع إيران، سيطرت الدولة الفارسية علی أسهم وأصول مؤسسات سورية ضخمة قبل تعرضها للخراب بفعل الحرب. في الوقت نفسه تضمنت اتفاقات الدعم العسکري الإيراني للنظام السوري خلال السنوات الأخيرة، لاسيما في عام 2017 عدة بنود، تمنح الإيرانيين المرکز الأول في الاستثمارات، والهيمنة علی الاستراتيجية علی الدولة السورية، وهو ما يسمح للدولة الفارسية بالاحتفاظ بآلاف العملاء داخل حاشية الأسد، بالإضافة إلی عدد لا يقل عن ذلک من رجال الأعمال والمستشارين الاقتصاديين داخل سوريا.
علی سبيل المثال لا الحصر، أبرمت إيران مع سوريا اتفاقًا لتدشين ميناء بحري علی الشواطئ السورية، لتصدير النفط الإيراني إلی أوروبا، بالإضافة إلی اتفاق آخر يمنح شرکات إيرانية إعادة زراعة مساحات شاسعة من الأراضي السورية، واتفاق ثالث يمنح شرکات إيرانية دون غيرها حق استغلال مصادر استخراج الفوسفات جنوب مدينة تدمر الأثرية السورية. وتشير معلومات التقرير إلی أن الشرکات الإيرانية التي حصلت علی تلک الامتيازات، وقعت علی الاتفاقات بهويات وهمية، لاسيما أنها تتبع في الأساس ومن الباطن الحرس الثوري الإيراني مباشرة، وتلجأ المؤسسة الأمنية الإيرانية إلی تلک الحيلة هربًا من العقوبات الاقتصادية الدولة المفروضة علی حکومة طهران.
تلک المشروعات، إلی جانب بروتوکولات أخری بين إيران ونظام الأسد، ألقت الضوء بقوة علی استراتيجية نظام الملالي في دفاعه المستميت عن بشار الأسد؛ فالجهود العسکرية والاقتصادية التي استثمرتها إيران في سوريا، والتي بلغت حتی الآن فقط 35 مليار دولار، لم تُمنح مجانًا، وإنما بغرض فرض السيطرة والنفوذ التوسعي الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلی إدراج الإيرانيين أن تغطية نفقاتهم علی النظام السوري مضمونة من عقود إعادة إعمار مرافق الدولة السورية بعد أن تضع الحرب أوزارها.
علی الرغم من ذلک، تأتي الرياح أحيانًا بما لا تشتهي سفن الإيرانيين داخل سوريا، فرغم الاتفاقات الاستثمارية المبرمة بين الجانبين، إلا أن بعضًا من رجال الأسد -ربما بتحريض شخصي منه– عرقلوا مناقصة حصلت عليها إيران لتدشين شرکة اتصالات ثالثة للهواتف الجوالة في سوريا، رغم أن إحدی الشرکات الإيرانية وقّعت عقدًا بهذا الخصوص مع السوريين. لم يمر التوقيع علی مشروع تدشين ميناء بحري لتصدير النفط الإيراني عبر سوريا مرور الکرام، وإنما واجهة اعتراضات بالغة من روسيا، التي ترغب في احتکار النفوذ علی منطقة شمال الساحل السوري علی البحر الأبيض المتوسط، إلا أن الإيرانيين يصرون علی تفعيل مشروعهم ولا يقبلون فيه بحلول وسط.
ويزيد النفوذ الإيراني في المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد وفي مقمتها العاصمة دمشق، فبداية من 2013، بحسب مدير مؤسسة کونکورد مينا الدولية، ارتدی جواسيس أجهزة الاستخبارات الإيرانية في دمشق ثوب رجال أعمال ومستثمرين، وسيطروا بأساليب عنيفة علی آلاف العقارات في العاصمة السورية. وتفيد تسريبات أمنية إلی أن إيران والحرس الثوري علی وجه الخصوص، ينفذ بتلک الخطوات خطة أطلق عليها “حماية الأماکن المقدسة للشيعة في دمشق”، وهو ما يغض نظام الأسد الطرف عن تفعيلها في مختلف المناطق بالعاصمة.
وينقل التقرير عن دوائر في المعارضة الإيراني قولها: “اعتاد الجواسيس الإيرانيين إشعال المحال والمراکز التجارية في وسط العاصمة السورية بشکل ممنهج، لإقناع أصحابها بحتمية البيع”، بينما تفيد تقارير أخری من داخل سوريا، أن رجال الأعمال الإيرانيين الذين يعملون بإمرة الحرس الثوري، ابتاعوا بالفعل الشرکات الأم لسلاسل الفنادق الرئيسية في دمشق، بالإضافة إلی عقارات الأحياء الراقية بالعاصمة ذاتها. وتؤکد التقارير ذاتها أن الحکومة السورية تطرح علی رجال أعمال إيرانيين دون غيرهم فرصة شراء تلک العقارات، لاسيما أن بعضها يتبع مواطنين هاجروا المدينة إلی خارج البلاد هربًا من ويلات الحرب. وتعتبر التقارير شراء الإيرانيين لعقارات العاصمة السورية يعد جزءًا من جهود أوسع لسياسة التغييرات الديموغرافية التي تنتهجها إيران في سوريا، بداية من اندلاع الحرب في 2011 وحتی الآن.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة