الجمعة, أبريل 26, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليومخصائص انتفاضة ینایر الإیرانیة وبلوغها مرحلة النضج وتعمیق الحدود

خصائص انتفاضة ینایر الإیرانیة وبلوغها مرحلة النضج وتعمیق الحدود

0Shares

لم یمضِ حوالي شهرین علی اندلاع انتفاضة نوفمبر 2019 حتی تأججت نيران انتفاضة شعبیة جدیدة من بین الرماد، وألهبت الأجواء السیاسیة والاجتماعیة في الداخل الإیراني.

ظنّ خامنئي الدیکتاتور الذي یتغذّی علی دماء الشعوب أنّ بإمکانه عزل إیران عن العالم الخارجي وتحویلها إلی جزیرة نائیة یصول ویجول ویعیث فیها فساداً بمنأی عن أنظار العالم من خلال حجب شبکة الإنترنت وإخفاء آثار الجریمة وتطهیر یدیه الملطّختین بالدماء بإزالة دماء الشهداء من الشوارع وعدم تقديم  إحصائیات دقیقة لأعداد الضحایا.

خلیفة الرجعیة هذا، ظنّ أنّ بإمکانه مدّ عناصره الوحشیة المتعطّشة إلی الدماء في الحرس والباسیج بمزید من الدماء.

الخلیفة الأخرق ظنّ بأنه قد أحکم قبضته علی المجتمع الإیراني وأحیا سطوته المتراجعة من جدید وأعاد الفضاء السیاسي والاجتماعي إلی ما قبل انتفاضة نوفمبر 2019 من خلال السیرك المتنقل لجنازة قاسم سلیماني الجزار وما رافقه من تفجیر لمفرقعات، كان أشبه ما یکون بألعاب ناریة.

لکنه قد أفاق علی واقع حاله المزري ولزم حدوده بعد الصفعة المدویة التي تلقّاها من انتفاضة ینایر 2020.

والطریف أنّ بعض عملائه ومرتزقته قد انتفخوا زهواً وتفاخراً معتقدین أنّ هذا السيرك المتنقل لتشییع الجنازة كان بمثابة استفتاء جدید من أجل إقرار النظام وإثبات صلاحیته لدی الشعب وبنوا آمالاً واسعة علیه، لکن انتفاضة الطلاب الأحرار قد وخزت هذه الفقاعة المزیفة برمشة عین مبددةً أوهام وآمال خامنئي وأذنابه.

دماء 167 قتیلاً بریئاً راحوا ضحایا تحطّم الطائرة المدنیة الأوكرانية بصاروخ  الدفاع الجوي لقوات الحرس والتي لا يمكن فصلها عن دماء أكثر من 1500 شهید سقطوا في انتفاضة نوفمبر، قد أثارت الحماسة الوطنية في قلوب وعقول الطلاب وفجرّت غضباً عارماً لا یقف عند حد.

الیوم يدرك العالم جيداً أنّ مزاعم مشاركة ملايين الإيرانيين في تشییع جنازة قائد منبوذ ومكروه في قوات الحرس ، هي مجرد بروباغاندا ودعایة إعلامیة کاذبة روّج لها النظام المحبط. اليوم وبفضل جهود المقاومة الإيرانية المتواصلة في الکشف عن جرائم النظام، انفضحت ألاعیب الملالي أمام الجمیع.

تطوّر الانتفاضة وتعمیق الحدود

ما رأيناه في انتفاضة الحادي عشر والثاني عشر من يناير الجاري، كان في الواقع نتیجةً لتطوّر ونضج انتفاضة نوفمبر 2019.  ولقد تجلّى هذا التطوّر و النضج من خلال شعارات المتظاهرین.

يمكننا تلخيص الاختلاف بین الانتفاضتین على النحو التالي:

1. بدأت الانتفاضة من الجامعات وامتدّت إلی الشوارع والمدن والمحافظات.

2. تحدّى المتظاهرون السلطة المزیفة للحكومة الإیرانیة في الوقت الذي تمرّ به بحالة من التأهب القصوی والحداد العام علی حد تعبیرها، وقد أنفقت أموالاً طائلة لتحویل تشییع جنازة قاسم سلیماني إلی حبل تعتصم به للنجاة من أزمة السقوط.

3. استهدف غضب المتظاهرین خامنئي نفسه مباشرة مطالبین بإسقاطه، هذا الموقف الذکي للمتظاهرین یشیر إلى أنه في أعقاب انتفاضة نوفمبر، ينظر المجتمع الإيراني إلى صراع السلطة المحتدم بين عصابات النظام على أنه مجرد لعبة قذرة ومفضوحة للحفاظ على سيادته.

الشعارات التي هتف بها الطلاب مثل: «كل هذه السنوات من الجريمة، الموت لولایة الفقیه»، «استحِ یا خامنئي واترك البلاد»، «الموت لمبدأ ولاية الفقيه»، «عارنا عارنا، قائدنا عارنا» و«لم نقدّم ضحایا لنساوم ونمدح القائد القاتل» تعکس الرغبة الملحّة للإطاحة بالنظام.

 4. من خلال إثارة مسألة «الخطأ البشري» والتحجّج بالإزدحام الحاصل نتیجة حالة التأهب، سعت ديكتاتورية الملالي إلى تقزیم جريمة إسقاط الطائرة المدنیة والقول إنّ قادة النظام بما في ذلك خامنئي لم یکونوا علی علم بالأمر.

لکن المتظاهرین أحبطوا هذه المؤامرة الخبیثة والخدعة الدعائیة القذرة للنظام من خلال المطالبة باستقالة القائد العام للقوات المسلحة أي خامنئي نفسه.

5. بعد خامنئي، استهدفت شعارات المتظاهرین قوات الحرس باعتباره ذراع الجريمة والقمع والإرهاب. شعارات مثل «اخجل یا حرسي واترك البلاد»، «قوات الحرس ترتکب الجرائم وخامنئي یبرر»، «قوات الحرس عدیمة الشرف تحصد أرواح الشعب»، «الحرسي أیها الدیکتاتور، أنت داعشنا» تعکس الغضب الشعبي العارم.

کما أنّ إحراق صورة قاسم سليماني هي ردة فعل حادة نشأت نتيجة شدة کراهية الشعب لرموز النظام.

6. فشلت الحيل الدعائية التي روّج لها النظام لنعت المتظاهرین بـ "الأشرار ومثیري الشغب" و"البلطجیة" ونسبهم إلی جهات خارجیة ومؤامرات کونیة من خلال الشعار الجمیل الذي ردّده المتظاهرون بما معناه «لاتسمّني مثیر الفتنة، أنت أیها الظالم من یثیر الفتنة» و«افهم یا خامنئي نحن لسنا بلطجية».

7. فيما مضی، حاولت وزارة الاستخبارات العمل على تشويه أهداف المتظاهرين وحرفهم عن أهدافهم عن طريق دسّ عناصر الأمن باللباس المدني بین حشود المتظاهرين وتغییر مسار الانتفاضات عبر الشعارات المضللة التي یطلقها هولاء المندسّین، والتي تمجد وتعظم النظام الملكي وحكم الشاه، ثمّ تقوم بعد ذلك بتعریف المتظاهرین علی أنهم أحفاد ومؤیدو الشاه الإیراني من خلال دعم جماعات الضعط واللوبیات الخارجیة، مما یترك انطباعاً خاطئاً لدی الرأي العام مفاده أنّ الشعب الإیراني یطالب بعودة الديكتاتورية الملکیة السابقة.

لکن في هذه الانتفاضة ، قام الطلاب الأذکیاء والشعب الإیراني الفطن برسم حدود واضحة بين إيران حرة وديمقراطية وبین الدیکتاتوریة سواء کانت الملکیة أو الملالي عبر تردید شعارات «الموت للدیکتاتور، سواء كان الشاه أو خامنئي" و«لا الشاه ولا المرشد، لا السيء ولا الأسواء».

8.  هتافات مثل «سأقتل سأقتل من قتل أخي»، «أخي الشهيد، سأنتقم لدمك» و«قتلانا في نوفمبر 1500 شهید» هي أفضل دليل على أنّ دماء شهداء انتفاضة نوفمبر لا تزال تغلي وتدعو المتظاهرین والشباب إلى الانتقام والأخذ بالثأر باستمرار.

9. انتشار الانتفاضة في أجزاء مختلفة من طهران والمدن الإیرانیة الأخری کأصفهان، مشهد، الأهواز، شادکان، كرمانشاه، سنندج، كرج، ساري، بابل، آمل، سمنان، شاهرود، تبريز، قزوین، زنجان، شيراز، أروميه، کرکان، أراك، قدس، ورباط کریم في غضون یومین يؤكد أنّ الانتفاضة لا تزال تتواصل للإطاحة بنظام الفاشیة الدینیة الحاکم في إیران کاشفةً عن آفاق وطموحات جدیدة کل یوم.

«اخشوا، اخشوا، نحن کلنا معاً»

التمعّن في شعار«اخشوا، اخشوا، نحن کلنا معاً» کفیل بإخبارنا بأنّ انتفاضة الشعب الإيراني قد قطعت شوطًاً طويلاً ومحفوفاً بالمخاطر والمعاناة وبالطبع مبارك للوصول إلى نقطة النضج هذه.

نعم، الآن یجب علی دیکتاتوریة الملالي المتصدّعة والآیلة للسقوط وخلیفتها المهزوم والبائس وأتباعه المحبطین أن یخافوا ویرتعبوا من غضب الشعب الإیراني الباسل.

لأنّ الإيرانيین کافةً لم يعودوا يخشونهم بسبب الانتفاضة التي حطّمت حدود الخوف وبلغت مرحلة النضال والتضحیة من أجل تحقیق الحریة.

الیوم یمکننا القول إنّ دماء أکثر من 1500 شهید سقطوا خلال انتفاضة نوفمبر المنصرم لم تذهب هباءً، بل إنها مهدت الطريق للإطاحة بالنظام المهترئ وبأقرب فرصة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة