الخميس, مارس 28, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليوم"الموازنة" في إيران..اتفاق على النهب وصراع على الحصص

“الموازنة” في إيران..اتفاق على النهب وصراع على الحصص

0Shares

بعد أشهر من الخلاف المكثف مع حكومة روحاني حول مشروع قانون الموازنة للعام الإيراني المقبل 1400، وافق مجلس شورى النظام على الخطوط العريضة من مشروع قانون الموازنة يوم الثلاثاء 16 فبراير.

وكان سبب النقاش، كما أعلنت الأجهزة التابعة للمجلس، أن الحكومة قامت بتعديل مشروع قانون الموازنة "مع إبداء الرأي البرلماني بشأنه"، وأن "رأي الحكومة في مشروع قانون الموازنة تماشى مع فكرة البرلمان، وصوّت النواب في النهاية لصالح الموازنة"(موقع مجلس شورى النظام – 16 فبراير) ومن ثم، "رحب المجلس بطاعة الحكومة لإصلاح ميزانية 1400" (المرجع نفسه).

كيف تغيّر رأي الحكومة؟

كانت هناك قضيتان رئيسيتان محل الخلاف بين مجلس شورى النظام وحكومة روحاني، والتي أدت إلى رفض موازنة الـ 1400 في 2 فبراير/ شباط في المجلس، هما:

1. مصادر إيرادات الموازنة

۲. العملة المفضلة (4200 تومان)

ينص مشروع قانون حكومة روحاني على بيع 2.3 مليون برميل من النفط يوميًا، وبالتالي فإن "أكثر من 50٪ (من مصادر الدخل) من الفاتورة تعتمد على النفط الذي لا يُعرف مدى تحققه" (وفق دهقاني – عضو المجلس – 16 فبراير).

ما دفع نوبخت مساعد روحاني ورئيس منظمة التخطيط والموازنة للاحتجاج على معارضة المجلس لمشروع قانون الحكومة، في 2 فبراير، حيث قال: "ألا تقرأون التقارير السرية والسرية للغاية؟ ألا تعلمون عن عائدات النفط؟" وأن: "قاليباف يعلم بأن عدة مئات الآلاف من المليارات من الدولارات من عائداتنا انخفض إلى عدة دولارات!"

، وأجابه قاليباف متذرعا بالحجة نفسها "إذا كنت تعلم أننا في حالة تراجع بالنسبة لصادرات النفط، فكيف يمكن للحكومة أن تعتمد على بيع 2.3 مليون برميل من النفط؟"، ليقوم قاليباف بتوبيخه دفاعا عن رفض الموازنة، قائلا: "كيف يمكن أن تدخل الحكومة المصروفات الحقيقية في الموازنة على أساس دخل غير حقيقي ؟!" (قاليباف – 2 فبراير).

لكن اليوم، وبدون أي تغيير في مصادر إيرادات الموازنة، وكأنّ كل تلك الاعتراضات على مصادر الدخل قد جرى نسيانها، وافق مجلس شورى النظام على مشروع القانون القائم على أساس "اعتماد مشروع قانون الموازنة 1400 على حلم النفط الوهمي" بحسب (دهنوي، عضو مجلس شورى النظام – 6 ديسمبر)!.

وفيما يتعلق بقضية 4200 تومان، والتي كانت الموضوع الرئيسي للخلاف الثاني في مجلس شورى النظام، فإن العملة التي "تستحصل عليها الحكومة على حساب جيوب الطبقتين الوسطى والضعيفة" وبالتالي "توزع على نطاق واسع ريع العملات الأجنبية في الموازنة  "(حسب صحيفة رسالت -10 فبراير).

وقد ذهبت هذه "العملة 4200 تومان من باب التربح إلى جيوب عدد قليل من الأشخاص المرتبطين بمديري الحكومة"، بحسب تصريحات لـ (فراهاني – عضو المجلس – 12 فبراير).

ولمزيد من الإيضاح فإن تلك العملة التي تكون "على شكل التربح الريعي 4200 تومان منذ عام 2018، تبلغ أكثر من 10 أضعاف إجمالي الإعانة النقدية السنوية للمستفيدين منها، ويتم ضخها في جيوب الأشخاص الذين لديهم إمكانية الوصول إلى هذه العملة" (صحيفة رسالت -4 فبراير).

وفي حين أن "النخب والأشخاص الخاصين الذين حصلوا على العملة بسعر 4200 تومان، استوردوا منتجاتهم مقابل 4200 تومان بالدولار، لكنهم باعوها بسعر السوق الحر وحصلوا ما حصلوا من فوائد طائلة»! (نفس المصدر)، فإن مجلس الشورى قد أقر الموازنة العامة بدون إزالة أداة التربح الريعي والفساد المؤسسي!.

ماذا حدث ولماذا؟

إن سبب هذا التصويت واضح في خطابات نوبخت، الذي عبر عن رضاه من الحفاظ على المصدر الوهمي للمبيعات اليومية البالغة 2 مليون و 300 ألف برميل نفط، وكذلك المحافظة على عملة التربح الفاسدة بسعر 4200 تومان، حيث قال: "تم الاتفاق على الاحتفاظ بعملة 4200 تومان في أول 6 أشهر من العام المقبل!" (16 فبراير).

واتضح أن كل هذه الغوغائية ومعارضة الموازنة والموافقة عليها، والنقاش، والجدل العنيف حولها، لم يكن بسبب مواردها ولا لأنها خيالية ولا بسبب آلام الناس وفقرهم! بل، كان الخلاف حول نهب المسروقات في الموازنة 1400، حيث أراد كل جانب استخدام أذرع النهب للسيطرة على السرقات الفلكية قدر الإمكان خلال العام المقبل؛

والآن شرّعت عصابات مافيا النهب استمرار النهب لمدة 6 أشهر، وهي الفترة المتبقية من حكومة روحاني، للحفاظ على نهب 4200 تومان للعملة، والزمرة المتنافسة تحصل بالمثل على هامش من مكتسبات النهب (مثل زيادة مناطق التجارة الحرة لاستيراد سيارات فاخرة و..لكسب أرباح فلكية)، وبالتالي فإن حكومة روحاني أثناء تطبيق قرارات المجلس في مشروع قانون الموازنة، قد قدم لهذه الزمرة امكانيات النهب أيضاً.

وعلى هذا المنوال، فإن اللصوص الحاكمين قاموا مرة أخرى –ولمدة عام آخر- باعتماد حساباتهم على سرقاتهم من موائد وجيوب الشعب الإيراني.

وبذلك قاموا عن غير قصد بمضاعفة غضب وكراهية الشعب ضد عصابات النهب الحاكمة "رغم كل ما يختلفون عليه، لكنهم يتفقون على أن الناس متعبون ومحبطون من الوضع الراهن" (صحيفة اعتماد 16 فبراير).

وعلى أساس ذلك، فإنهم يحذرون يائسين خوفا من حدوث انفجار رهيب لهذا البركان الثائر ويقولون: "يجب أن نتخذ خيارًا استراتيجيًا بأسرع ما يمكن قبل وقوع أحداث كالتي حصلت في نوفمبر 2019، بعد ارتفاع سعر البنزين!" (تاج زاده – من عناصر الحكومة السابقة – 16 فبراير).

القراءات المنطقية للمشهد تقول بأنه كلما زادت عصابات النظام من حدة جشعها ونهبها، كلما اقتربت من ذلك الانفجار المحتوم، وبطبيعة الحال سيكون الانفجار الكبير، ذلك الانفجار الذي سيدمر كل أركان حكم اللصوص، من المجلس والحكومة ومقر خامنئي والحرس والباسيج وغيرها، ويحيله إلى رماد.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة