الثلاثاء, أبريل 30, 2024
الرئيسيةمقالاتإذ الشعب یوماً أراد الحیاة ولابد للقيد أن ينكسر...

إذ الشعب یوماً أراد الحیاة ولابد للقيد أن ينكسر…

0Shares

ما زالت انتفاضة الشعب العراقي التي بدأت مساء 24 أكتوبر، مستمرة بالضجيج والضغط. هذا وقد شملت هذه الانتفاضة بغداد و 9 محافظات تقع في جنوب العراق، أي أنها شملت كافة المدن الشيعية، كما امتدت إلى محافظة ديالى ذات النسيج الشيعي – السني المزدوج. إلا أن المحافظات الغربية للعراق لم تتمكن من المشاركة في هذه الانتفاضة نظرًا لأنها تقع تحت احتلال الحشد الشعبي. وكان النظام الإيراني وعناصره القمعية في العراق يظنون أنهم سوف يتمكنون من إحباط هذه الانتفاضة  باللجوء إلى أقصى درجات العنف والقتل والقمع البربري.  إلا أن الرعب شمل نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران بأكمله الآن، نتيجة لانتشار الانتفاضة. 

 

خوف خامنئي من الانتفاضة في العراق ولبنان.. محاولة لتقليل مطالب المنتفضين من تغيير النظام إلى مطالبات اقتصادية

 

واستدعى خامنئي المرعوب جميع عناصر حكومته إلى التلفزيون ويسعى إلى أن يعطي للناس وعودًا خادعة من خلال إعطاء وعود للدمى والسياسيين الفاشلين في العراق الذين يتبعون أوامر خامنئي وقاسم سليماني، وإذا لم تجدي هذه الوعود فسوف يُجبر المتظاهرين على تقليص رغباتهم بالقوة. إلا أنه لا الوعود الفارغة للحكومة الفاشلة ولا قمع وإرعاب وتخويف حرس قاسم سليماني سيكون له جدوى.  وسيظل الناس مصرين على إقالة دمى نظام الملالي من المناصب الحكومية وطرد نظام الملالي من بلادهم؛ ويتجلى ذلك في هتافاتهم : "إيران بره بره وبغداد وكربلاء تبقى حرة". 

 

 والجدير بالذكر أن المتظاهرين الغاضبين قاموا بتمزيق صور الشؤم لخامنئي، قاتل الشعب العراقي والسوري واللبناني، ويدوسون عليها بكراهية شديدة، ووجهوا رسالة لقاسم سليماني يقولون فيها: "نحن أبناء العراق الأحرار، ماذا تريدون من حياتنا؟ ارحلوا من بلادنا إلى الجحيم؟.

 

كما أننا نسمع هذه الهتافات أو ما يشابهها في صيحات كافة المدن اللبناينة المنتفضة. والجدير بالذكر أن الشعب اللبناني المحتج شكل سلسلة بشرية طولها 170 كيلومترًا معترضًا على الفساد وبالتحديد على حزب الشيطان اللبناني المسؤول عن كل ما حل بهم من مصائب والفساد الحكومي المؤسسي في لبنان، مطالبين بطرد حسن نصر الله وحزبه من جميع الكيانات الحكومية. هذا ويعلم الشعب اللبناني المحتج  أن السبب الرئيسي في كل ما حل بهم من مصائب هو حكومة إيران المعتدية. 

إن نظام الملالي المرعوب من انتفاضتي العراق ولبنان واتجاهها المتطرف، يحاول أن يظهرها على أنها من صنع القوى الأجنبية ووسائل الإعلام الأجنبية ؛ مستخدمًا في ذلك أجهزته الإعلامية مثلما فعل مع الانتفاضات في إيران. حيث يصف تلفزيون نظام الملالي أن ضجيج واعتراض شعبي العراق ولبنان بأنه "أصوات غير مألوفه" تسعى إلى إسقاط الأنظمة الحاكمة. 

 

ومن جانبهم اعترفت عناصر وخبراء نظام الملالي المندهشون والقلقون من طوفان الانتفاضة في جميع أنحاء البلاد؛  بأن انتفاضة الشعب العراقي من المستحيل إحباطها. كما أن نظام الملالي أنفق أموالًا باهظة في التجمع للاحتفال بالأربعين الحسيني ليثبت كذبته التي تدور حول أن الشيعة العراقيين متحالفين معه، حتى يتمكن بهذه الطريقة من ابتزاز المجتمع الدولي.

لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن انتفاضة الشعبين العراقي واللبناني قد أحدثت فجوة عميقة في أسس استراتيجية ولاية الفقيه للتوسع، وعرضت العمق الاستراتيجي لخامنئي، الذي أعلن عنه ويضم  كربلاء ودمشق وساحل البحر المتوسط للانهيار.

 

وقد بين التلفزيون الحكومي لنظام الملالي في 25 أكتوبر  مدى خشية نظام ولاية الفقيه المعتدي من انتفاضتي الشعبين العراقي واللبناني؛ مشيرًا برعب إلى هذه التصريحات :" إذا كانت القوى الاستعمارية قد استخدمت  حتى الآن تيارًا تخريبيًا بواسطة القوات التابعة لها، فإنها حاولت هذه المرة استغلال قوات المشاة التخريبية من بين القدرات الشيعية أو المقاومة أو المناطق الشيعية، وهذه مرحلة جديدة",  

إن آلة نظام الملالي الدعائية لم تستخدم كلمة "الإطاحة" لا عن غير قصد ولا بالصدفة. وعلى الرغم من أن هذا البيان يهدف في ظاهره إلى الإطاحة بالحكومة العراقية، إلا أنه من منطلق تأكيد العناصر الرئيسية في نظام الملالي بشكل متكرر على أن "أمن إيران من أمن العراق"، فإن مفهوم الإطاحة هنا هو الإطاحة بنظام ولاية الفقيه بأكمله.

في 9 أكتوبر من العام الحالي، قال المستشار الخاص لرئيس مجلس شورى الملالي، أمير عبد اللهيان، خوفًا ورعبًا من مظاهرات الشعب العراقي: "إننا نعتبر أمن العراق من أمن إيران، فغياب الأمن في العراق لا يخدم مصالح إيران". 

كما أن وزير الدفاع في نظام الملالي قال في وقت سابق أثناء اجتماعه بوزير الداخلية العراقي : "إن تعزيز البنية الدفاعية العراقية هو أحد الاستراتيجيات الرئيسية لإيران، ونحن نعتبر أمن العراق امتدادًا لأمن إيران".

 

ومن هذا المنطلق، ندرك أن آفاق انهيار العمق الاستراتيجي لنظام الملالي في العراق ولبنان، يعد انهيارًا لأحد الأسس المهمة في دكتاتورية الملالي، ولا معنى لها سوى سقوط نظام ملالي الفاشية والإطاحة به.  

فيما يتعلق بانتفاضة الشعبين العراقي واللبناني تجدر الإشارة إلى أهمية ما قاله أحد العناصر الأمنية المنتمي لخامنئي ويدعى مهدي محمدي، الذي كان أحد أعضاء فريق المفاوضات النووية، حيث كتب في تغريدته على تويتر: "إن مايحدث في العراق ولبنان هو نسخة منقحة من فتنة عام 2009 واضطرابات ديسمبر عام 2017 في إيران. وهو نموذج عملي منظم للاضطرابات في العراق ومتشابه إلى حد كبير مع أساليب مجاهدي خلق".  

إن استخدام مصطلح "نسخة منقحة من فتنة 2009" واستخدام اسم "مجاهدي خلق" الذي يعتبر استخدامه خطًا أحمر بالنسبة لنظام الملالي، لتصريح له مغزى كبير. أي الانتفاضة القائمة على النظرة المتطرفة لمجاهدي خلق للإطاحة بالفاشية الدينية في إيران، وتهدف الآن في انتفاضتي العراق ولبنان إلى استئصال سرطان ولاية الفقيه من هذه البلدان.

ومن جانبه أعرب حرسي يدعى سعد الله زارعي، الذي يقدمه  نظام الملالي كخبير في شؤون الدول العربية، صراحةً عن رعبه من تأثير الانتفاضات على بعضها البعض، قائلاً: "إن أي حادث يحدث في مكان ما من الممكن أن يكون ملهمًا لأي مكان آخر. وفي الختام، من الممكن أن يستمد لبنان الإلهام من العراق، ومن الممكن أن يستلهم العراق من مكان آخر". (تلفزيون نظام الملالي الحكومي في 26 أكتوبر)

فيما يتعلق بانتفاضة الشعب اللبناني واتجاهها المعادي للأصولية، ينبغي اعتباره الانفتاح الأكثر أهمية لتحقيق الأهداف السياسية والاجتماعية للمنتفضين. وفي حالة حدوث مثل هذا التطور الكبير، سوف يحدث تغيير استراتيجي في الجغرافيا السياسية في المنطقة. وستصبح الآثار المباشرة لهذا التقدم والنجاح حجر الدومينو للانتفاضة ضد الأصولية الشيعية أو السنية؛ بالإصرار على طرد نظام الملالي.  

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة