الجمعة, مايو 3, 2024
الرئيسيةمقالاتالانتخابات المزورة والصراع بين زمر السلطة

الانتخابات المزورة والصراع بين زمر السلطة

0Shares

یبدو أن الصراع بين أقطاب السلطة هو صراع بين نوعين من التفسير لصلاحيات مجلس صيانة الدستور، بيد أن الحقيقة هي أن هناك صراع دموي بين الأقطاب المافيوزية للسلطة. ويرى أحد هذين التفسيرين أن الحل لإنقاذ الاستبداد الديني يكمن في الانكماش وسد الفجوات في السلطة، أي تصفية غالبية معاشريه بالأمس بشكل جماعي واستبعادهم من النهب من وراء السلطة، ويدور التفسير الآخر حول تحذير الخصم من أن التطرف والاحتكار والتخلي عنهما سيزيد من الوضع سوءًا.

وفي ظل هذا الوضع من العجز واليأس والمشقة، نجد أنه لا خامنئي فی المکانة والاعتبار والتبجح والسلطة والهيمنة التي كان عليها قبل الانتفاضات الشاملة حتى يمضي قدمًا في سياسة الانكماش واستئصال النظام الفاشي بسهولة وبشكل كامل، ولا الزمر التوأم المتواطئة في الفساد والجريمة ستتنازل عن الجثة النجسة للسلطة وتترك الساحة برمتها للمنافس.

قرار مجلس صيانة الدستور الرجعي

ارتفعت وتيرة سرعة هذا الصراع المروع فجأة عندما تهور مجلس صيانة الدستور الرجعي وبادر بتمرير قرار مزور بعد فوات الأوان وسرعان ما وصل الصراع إلى مرحلة خطيرة. 

وأعلن مجلس صيانة الدستور، على لسان المتحدث باسمه ثم على لسان مساعد أمين المجلس، عن الشروط الجديدة لتسجيل أسماء المرشحين. وقد اتضح أن خامنئي وقف وراء تمرير هذا القرار والإعلان عنه بغية عزل مرشحي الزمرة المنافسة.

ويسمح هذا القرار لقادة قوات حرس نظام الملالي وكبار قادة القوات المسلحة من رتبة لواء فما فوق، والوزراء والمحافظين ورؤساء البلديات في المدن التي يزيد عدد سكانها عن مليوني نسمة؛ بتسجيل أسمائهم للترشح. والجدير بالذكر أن تحديد عمر المرشحين بما يتراوح بين 40 إلى 70 سنة من بين الأمور المطروحة للنقاش بين الزمر. 

الدائرة المغلقة في الحكومة

وكان للزمرة المغلوبة على أمرها التي ترى أن قرار مجلس صيانة الدستور الرجعي ما هو إلا خطوة لاستئصال غالبية مرشحيها بشكل جماعي، والأنكى من ذلك حرمان عناصرها من النهب من وراء السلطة؛ رد فعل على هذا القرار.

"والجدير بالذكر أن الخطة التي أقرها مجلس صيانة الدستور، هي تحديد دائرة مغلقة في الحكومة لا يمكن إلا لمن هم في السلطة الدخول فيها والتسجيل في الانتخابات الرئاسية". (صحيفة "مستقل"، 10 مايو 2021).

وتجدر الإشارة إلى أن "الدائرة المغلقة في الحكومة" هي الاسم المستعار لسياسة الانكماش التي يصارع خامنئي الآن للمضي فيها قدمًا.

ورفض حسن روحاني هذا القرار وأمر وزارة الداخلية باستخدام القوانين القائمة كمعيار لتسجيل أسماء المرشحين.

واستأنف روحاني تبادل إطلاق النار بالمدفعية بين الجانبين باللجوء إلى استعراض العضلات المشار إليه.

وأعلن عباسعلي كدخدائي، المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور الرجعي؛ في رد فعله على هذا الإجراء بتعجرف من مكانة عليا أن: "تسجيل الأسماء التي لا تحتوي على الوثائق التي أعلنها مجلس صيانة الدستور لا صلاحية لها ولن تتم مراجعتها، … إلخ. ومراقبنا مكلَّف بتسليم الأسماء المسجلة الكاملة المستندات".

هذا ولم تكن وسائل إعلام نظام الملالي بمنأى عن هذا الصراع، وجاء موقفها على النحو التالي:

" إن قرار مجلس صيانة الدستور مرفوض لسببين. الأول هو أن هذا المجلس لا يحق له التشريع، والثاني هو أنه ليس المنوط به إجراء الانتخابات، بل إنه مراقب للانتخابات ليس إلا". (صحيفة "آرمان"، 11 مايو 2021).

إن تعصب الزمر المافيوزية المفرط ضد بعضهم البعض قبل البدء في تسجيل أسماء المرشحين يعود إلى عمق الصدع والانقسام في سلطة الملالي. وتنخر التوترات والأزمات المتلهبة للمجتمع المتفجر في جسد نظام الملالي واحدة تلو الأخرى كالأمواج، وهكذا تكشف عن نفسها ولا يمكن التستر عليها. 

ويدل هجوم وسائل إعلام الزمرة المغلوبة على أمرها على مجلس صيانة الدستور الرجعي؛ على مدى عمق الصدع والانقسام في قمة نظام الملالي؛ وأن خسارة خامنئي وانحطاط مكانته يسود الموقف. وفي الوقت نفسه، يبعث برسالة واضحة كالشمس خارج نظام الحكم مفادها أن خامنئي ومؤسسته التي صنعها بيده ورباها على مبادئه أمامهم طريق صعب لهندسة الانتخابات. طريق يجب أن يدفعوا فيه تكاليف باهظة لاجتيازه.

 

 

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة