الخميس, مايو 9, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانإيران بعد الانتخابات: أزمة شرعية تهدد نظام الملالي

إيران بعد الانتخابات: أزمة شرعية تهدد نظام الملالي

0Shares

إيران بعد الانتخابات: أزمة شرعية تهدد نظام الملالي

في أعقاب مسرحية الانتخابية الأخيرة في إيران، سلطت سلسلة من التطورات الضوء بشكل صارخ على المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد. لقد تركت الانتخابات، التي واجهت مقاطعة واسعة النطاق ومشاركة ضئيلة، النظام الحاكم في مواجهة أزمة شرعية. ويثير هذا الوضع تساؤلات ملحة حول قدرة علي خامنئي، على قيادة النظام خلال هذه الفترة المضطربة.

وقد تجاهل الشعب الإيراني هذا الحدث الانتخابي على نطاق واسع، ولم تشارك فيه سوى أقلية صغيرة تتألف من أتباع النظام، والباسيج، والحرس، والقوات المسلحة الأخرى. ويؤكد المقاطعة واسعة النطاق على خيبة الأمل الكبيرة إزاء العملية الانتخابية، التي ينظر إليها الكثيرون على أنها مجرد مسرحیة وليس ممارسة ديمقراطية . وقد اعترفت المنشورات الحكومية نفسها بأن الأفراد الذين يمثلون الناخبين ظاهرياً في هذه العملية هم في الواقع ممثلون لجزء صغير فقط من المجتمع، الأمر الذي يزيد من تقويض مصداقية الانتخابات.

والجدير بالذكر أن طهران، العاصمة والمدينة المحورية في الديناميكيات السياسية للبلاد، شهدت أدنى نسبة إقبال على التصويت. وكان جزء كبير من بطاقات الاقتراع إما فارغة أو باطلة، مما يشير إلى أنه حتى أولئك الذين شاركوا فعلوا ذلك بالإكراه. الامر الذي يشير إلى أزمة شرعية عميقة يواجهها نظام الملالي، وهي أزمة ترجع جذورها إلى الأيام الأولى للنظام وتعمقت على مر السنين.

والسؤال الآن هو ما إذا كان خامنئي، الذي يُنظر إليه على أنه أضعفته النكسة الانتخابية، يمتلك القدرة على معالجة أزمة الحكم المتصاعدة؟

وشهد عام 2022 انتفاضة تم قمعها، لكن عدم الرضا والمقاومة التي غذتها لا تزال دون معالجة. ومع تدهور الظروف المعيشية يومياً، يخرج خامنئي من الانتخابات ضعيفاً، ويواجه حالة من الفوضى الداخلية والضغوط الخارجية التي تعمل على عزل نظامه على نحو متزايد.

وشهد النظام انقسامات غير مسبوقة داخلياً وتشيرالأحداث الأخيرة، مثل استقالة نائب السلطة القضائية بسبب الكشف عن الفساد وصراع  بين فصائل النظام، إلى اضطراب داخلي كبير. وعلى الصعيد الخارجي، ينتقد الموقف العالمي طهران بشكل متزايد، ويؤكد على أن النظام هو السبب الجذري للأزمات المستمرة في المنطقة، وبالتالي عزلها بشكل أكبر على الساحة الدولية.

وكانت النتائج التي أعقبت الانتخابات والاحتفال الوطني بمهرجان جهارشنبه سوري سبباً في تعزيز إيمان الشعب الإيراني بقوته الجماعية وقدرته على تحدي النظام. وقد تميز  مراسم جهارشنبه سوري هذا العام بمشاركة واسعة النطاق، خاصة بين الشباب، الذين أصبحوا على نحو متزايد في طليعة جهود المقاومة. واختلطت الشعارات السياسية مع الاحتفالات التقليدية، مما يؤكد تطلع الشعب إلى التغيير ومقاومة الظلم.

إن هذه الموجة الأخيرة من الاحتجاجات وروح التحدي التي ظهرت خلال مهرجان جهارشنبه سوري توضح فشل النظام في سحق معنويات الناس من خلال القمع والمصاعب الاقتصادية. إنه يسلط الضوء على صمود وأمل الشعب الإيراني، الذي، على الرغم من حملات القمع الشديدة، يظل ملتزما بسعيه من أجل الحرية والتغيير.

في ظل هذه الأجواء المتوترة، لم تقتصر مظاهر المقاومة على الاحتجاجات الشعبية فحسب، بل تعدتها إلى فعاليات محددة ينظمها نشطاء المقاومة داخل البلاد. وحدات المقاومة، المكونة من شباب وشابات ملتزمين بالنضال ضد الاستبداد، نفذت عمليات جريئة تستهدف رموز النظام وأسسه القمعية. من خلال توزيع المنشورات، و تعليق لافتات، وتنظيم الوقفات الاحتجاجية ، وحتى تعطيل البنى التحتية الأمنية بطرق غير عنيفة، عبرت هذه الوحدات عن رفضها القاطع للولي الفقيه.

إن تزايد فعاليات هذه الوحدات يعكس ليس فقط الإبداع والشجاعة في وجه الاستبداد، بل يمثل أيضًا الإصرار الراسخ على تحقيق تغيير جذري في البلاد. ومع استمرار الضغوط الداخلية والخارجية، يظهر واضحًا أن النظام الإيراني ليس فقط يواجه تحديات جمة في الحفاظ على قبضته، بل يجابه أيضًا إرادة شعبية متنامية تسعى بكل عزيمة لنسج مستقبلها بيدها.

و تمثل فترة ما بعد الانتخابات منعطفا حاسما بالنسبة لخامنئي والنظام الحاكم. ومع التشكيك المتزايد في شرعية حكمه على المستويين المحلي والدولي، يواجه خامنئي تحدياً هائلاً يتمثل في مواجهة مجتمع لم يعد راغباً في التسامح مع الحكم الاستبدادي. ويشير مزيج الخلاف الداخلي والمشاكل الاقتصادية والمعارضة الحازمة إلى أن النظام ربما يقف عند النقطة الأكثر خطورة في تاريخه، وهو ما يسلط الضوء على مدى إلحاح وتعقيد التحديات التي يتعين عليه التغلب عليها للحفاظ على قبضته على السلطة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة