الخميس, مايو 2, 2024
الرئيسيةمقالاتنحو الهاوية السحيقة

نحو الهاوية السحيقة

0Shares

بقلم:منى سالم الجبوري

 

 إيرانية تمر من أمام وكالة اسفار مغلقة بعد ايقاف شركات عالمية رحلاتها إلى طهران وداعا لشركات الطيران العالمية

من ينظر لإيران اليوم وبعد مرور 40 عاما على تأسيس النظام الحالي فيها، يجد نفسه أمام أمور وقضايا متباينة، خصوصا ما يتعلق بالاوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب الايراني والتي قد وصلت الى أدنى المستويات ولم يعد بإمكان النظام الاسلامي الحاكم أن يخفي او يقوم بترقيع المظاهر السلبية المختلفة التي بدأت تطفو على السطح وصار بإمكان أي زائر عادي لإيران أن يشعر بذلك ويراه بالعين المجردة.

نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي كان يعد ويمني الشعب الايراني بأوضاع اقتصادية ومعيشية أفضل بكثير من تلك التي كان يحظى بها في العهد الملكي، صار الشعب الايراني اليوم يتندر ويسخر من تلك الوعود ولم يعد يجد هذا النظام بأفضل من سلفه، وليس ذلك بغريب وعجيب على هذا الشعب الذي بات يعيش أغلبية منه بإعتراف مسٶولين إيرانيين تحت خط الفقر بل والانكى من ذلك أن هناك 5 ملايين جائع في إيران من الذين لا يجدون كفافهم اليومي بحسب إعتراف رسمي آخر، وصار الفقر ظاهرة ملموسة تفرض نفسها كأمرا واقعا على المشهد اليومي للحياة في معظم أرجاء إيران، فقد صار أكثر من 15 ألفا مواطنا إيرانيا يقضون ليلهم في الكارتونات في طهران لوحدها، وفي الوقت الذي يهيمن فيه إنكماش إقتصادي غير عادي جميع الاسواق الايرانية، فإنه قد بلغ عدد العاطلين عن العمل رقما قياسيا وكل ذلك يتزامن مع إحتجاجات شعبية متصاعدة والعقوبات الاميركية التي لم يعد بالامكان إخفاء تأثيراتها القوية على مختلف الاصعدة.

الفوارق الطبقية تزداد بصورة استثنائية عاما بعد عام، خصوصا بعد أن بدأت التنمية الاقتصاد الوطني تسجل أرقاما سلبية كل سنة وان العملة الرسمية فقدت قيمتها مٶخرا بما يعادل 70% وان نسبة التضخم قد بلغت 25%، وهذه الارقام لأي خبير إقتصادي تعتبر مروعة، لكن الجانب الآخر من الصورة، او بالاحرى الاوضاع الاجتماعية في إيران، فإن الاوضاع الاقتصادية الوخيمة هذه قد أثرت عليها بصورة كبيرة جدا الى الحد الذي لم يعد بوسع السلطات الايرانية أن تلتزم الصمت او تتجاهل تلك الآثار.

 

التمزق الاسري وإرتفاع نسبة الطلاق بوتائر غير مسبوقة وتزايد نسبة أطفال الشوارع وتزايد نسبة الشابات العانسات والشباب العزب وتراجع معدلات الزواج طبقا لذلك، يقابله أيضا إرتفاع غير عادي في معدلات الجريمة والمظاهر السلبية الاخرى، وطبقا للإحصائيات الحكومية في إيران، فإن عدد مدمني المخدرات في إيران يصل الى أكثر من مليوني شخص، غير ان إحصائيات مراكز الابحاث والدراسات المحايدة تشير الى وجود أرقام أكبر من ذلك الرقم بكثير، وقد جاء الهبوط الاستثنائي لأسعار النفط ليسدد ما يمكن تشبيهه بلطمة قوية وليست مجرد صفعة توجه للإقتصاد الايراني المنهك والمترنح أساسا، وان الاوضاع الاقتصادية في إيران قد وصلت اليوم الى درجة يمكن فيها القول ميئوس منها في ظل تهديد بمنع وإيقاف تصدير النفط الايراني مع بدأ تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات الاميركية.

كل هذه الامور تأتي متزامنة مع تزايد وتوسع التدخلات الايرانية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وإرتفاع وتائرها الى الحد الذي صارت قوات الحرس الثوري الايرانية تشارك علنا في الحروب والمواجهات الدائرة في بلدان المنطقة وصار مشهد مقتل او أسر أعداد من تلك القوات وقادتها مشهدا شبه مألوفا مع ملاحظة ان الكراهية لهذه القوات وللدور الايراني برمته يتصاعد يوما بعد يوم في الشارعين العربي والاسلامي، كما انها تأتي أيضا بعد الانسحاب الاميركي من الاتفاق النووي الذي لا يزال مشكوكا في أمره من حيث عدم إلتزام النظام به وسعە‌ للإلتفاف عليه ومواصلة نشاطاته سرا وبعيدا عن الاضواء كما هو عهده دائما لأن طهران تعلم جيدا بأن تخليها عن برنامجها النووي وإستسلامها للشروط والمطالب الدولية والاميركية بشكل خاص، يعني إعلانا رسميا لها بأنها إستهانت بمقدرات ومعيشة الشعب الايراني طوال الاعوام الماضية، وان الذي يجري حاليا في إيران بالنسبة لنظام الجمهورية الاسلامية يشبه تماما الاعوام الاخيرة من الحكم النازي في المانيا حيث إزدادت دمويته وقسوته الى أبعد حد، لكنه وتزامنا مع ذلك كان يهوي بخطى سريعة نحو الهاوية السحيقة.

 

ميدل ايست اونلاين

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة