الجمعة, مايو 3, 2024
الرئيسيةأخبار وتقاريرتقاريرإيران..العصیان والهروب من السجن، تطوّر جديد في المشهد الإيراني

إيران..العصیان والهروب من السجن، تطوّر جديد في المشهد الإيراني

0Shares

شهدت مختلف السجون الإیرانیة موجة من عصیان السجناء وهروبهم خلال الأيام العشرة الأولى من العام الإیراني الجدید، حیث قام السجناء في کل من سجن بارسيلون في خرم آباد، ألیکودرز، تبريز، سقز، همدان، مهاباد، أرومية، عادل آباد في شيراز، سجن طهران الكبیر، وسجني شيبان وسبيدار في الأهواز بالاحتجاج والعصیان عقب تفشّي فیروس کورونا ووفاة وإصابة عدد من السجناء، وقد نجح بعضهم في الهرب من السجن.

 

سجون النظام تشهد أسبوعاً من العصیان والفرار

مع بدایة عطلة نوروز في إیران، فرّ 23 سجیناً من سجن بارسيلون في خرم آباد يوم الخميس 19 مارس. وفتحت القوات القمعیة النار علیهم مما أسفر عن مقتل أحد السجناء الفارّین وإصابة واحد آخر.

وفي الیوم التالي، شهد سجن ألیکودرز مواجهات بین رجال الأمن والسجناء المحتجّین علی امتناع نظام الملالي عن إطلاق سراحهم في خضم تفشّي فیروس کورونا.

کما قام عدد من السجناء في سجن تبریز المرکزی بالعصیان يوم الجمعة 27 مارس.

وفي اليوم نفسه، اندلع عصیان آخر في سجن سقز، أدّی إلی فرار ما لا یقلّ عن 80 سجیناً.

في حدیثه لوسائل إعلام النظام، أوضح "محمد جباري"، المدعي العام المجرم في محافظة كردستان تفاصیل الحادث قائلاً: «فرّ حوالي 70 سجیناً من سجن سقز ليلة الجمعة».

وأضاف مشیراً إلى أنّ التحقیق جارٍ في أسباب الحادث: «الاجراءات اللازمة قید الإجراء لاعتقال اولئك الهاربین».

قلق النظام المتزاید من تواجد السجناء في المدینة

وقال قائد الشرطة في کردستان "علي آزادي": «بعد العصیان وهروب عدد من السجناء من سجن سقز، تمّ تشكيل فرق عمل لإلقاء القبض على السجناء الهاربین، وتمّ اتّخاذ الإجراءات اللازمة علی الفور».

مضیفاً أنّ جميع مخارج مدينة سقز تم إغلاقها وأكد: «ليس لدى السجناء أي طريقة للفرار وسيتمّ القبض عليهم قريباً. وقد تمّ نشر الوحدات الخاصة التابعة لشرطة كردستان في سجني سقز وسنندج وهي علی أهبة الاستعداد».

وبحسب شهود العيان، تواری السجناء عن الأنظار بمجرد دخولهم إلی الشوارع العامة بمساعدة الناس.

وفي محاولة مذعورة تهدف إلی الحدّ من تأثیر الضربة القاضیة التي تلقّاها النظام إثر سلسلة هروب السجناء، وجّه "محمد جباري"، المدعي العام في كردستان وأحد مرتزقة النظام، نداءً إلى السجناء الهاربین للعودة إلی السجن قائلاً:

«إذا سلّم السجناء الهاربون أنفسهم ورجعوا إلى السجن، فإنّ جريمتهم ستخضع لقانون العفو والتخفیف وفقاً للمقررات والتعلیمات، ولن يعيق هروبهم إمکانیة العفو عن جريمتهم الأصلية، ولكن إذا لم يعودوا فسيحرمون من العفو بعد إلقاء القبض علیهم بموجب ارتکابهم لجریمة جدیدة».

ومن المثير للاهتمام أنّ عناصر النظام ووسائل إعلامه حاولت عزل السجناء لتسهیل عملیة القبض علیهم بحيلة نشر أخبار ودعایات مزيّفة تفید إصابة الهاربين بفیروس كورونا. لکن هذه الخدعة لم تنطل علی أحد.

وامتداداً لموجة العصیان والاحتجاجات، قام سجناء جناح (1) لسجن طهران الکبیر (فشافویه) بالعصیان يوم الجمعة 27 مارس عقب تفشّي کورونا ووفاة بعض السجناء وإصابة البعض الآخر بالفیروس.

بعد العصیان، اقتحم الحرس والقوات الخاصة العنابر وبعثروا أمتعة السجناء بذریعة التفتيش. كما انقطع اتصال جميع السجناء بعائلاتهم ومورست علیهم ضغوط شدیدة.

فشل الإجراءات اللاإنسانية لکبیر قضاء النظام

مساء السبت 28 مارس، استعرض رئيس سلطة القضاء في لقاء خاص مع قائد الشرطة ومجموعة من المسؤولين القضائيين، أحدث أوضاع السجون وأصدر أوامر خاصة لمتابعة القضايا الأمنية في السجون.

 

خلال هذا الاجتماع الخاص الذي ضمّ بعض المرتزقة أمثال حسین اشتری قائد الشرطة، وغلامحسین محسني إیجي النائب الأول للقضاء، ومحمد جعفر منتظري المدعي العام للبلاد، وأصغر جهانغیر رئیس هیئة السجون وعدد من مسؤولي القضاء والشرطة، ناقش "إبراهیم رئیسي" کبیر جلادي قضاء خامنئي، القضایا المتعلقة بالسجناء منها حادث هروب السجناء من سجن سقز.

وکلّف الادعاء العام باعتقال الهاربین علی وجه السرعة والتعامل الصارم مع المقصرین.

کما أمر باتخاذ تدابیر أمنیة مشدّدة في السجون مؤکداً ضرورة تحقيق أقصى قدر من مشاركة قوی الأمن الداخلي ومجلس المحافظات والمدن مع هیئة السجون، وإنشاء لجنة استخباراتیة قانونیة لرصد الوضع الأمني للسجون ووضع خطة خاصة «للحفاظ على أمن السجون في الظروف الخاصة».

وفي نهاية الاجتماع، كلّف رئيس سلطة القضاء المدعي العام بمتابعة الأحداث الأخيرة بتشكيل لجان قضائية واستخباراتية وقانونية في جميع المحافظات لتكثيف المراقبة الأمنية للسجون والقبض على المتهمین الهاربین والتحقيق فوراً في قضیة سجن سقز، والإبلاغ عن النتائج بعد تحديد المقصرین والتعامل القانوني الصارم مع الجناة والمقصرین في الحادث.

لکن على الرغم من كل هذه التحذيرات والإجراءات القمعية المشدّدة التي قام بها النظام، أقدم سجناء سجن همدان بالعصیان وتخریب الجدران وإضرام النیران في السجون بتاریخ 28 مارس، مما أدّی إلی اندلاع مواجهات بین السجناء والقوات القمعیة المتواجدة في السجن.

علی إثر ذلك، قُتل شخصان على الأقل وجُرح واحد آخر بینما تمکّن بعض السجناء من الهرب إلی خارج السجن.

في هذا الصدد، أفاد موقع "إنتخاب" الحکومي في 29 مارس أنّ "خانجاني" مدعي النظام في همدان، اعترف بأنّ العصیان في سجن همدان استمر لعدة ساعات قائلاً: «لقد حدث ذلك بعد ظهر أمس واستمر حتى المساء».

لماذا یقوم السجناء بالعصیان والفرار من السجون؟

تقوم مسألة العصیان وهروب السجناء أساساً على محورين رئیسیین:

  • سخط السجناء واستيائهم من حقیقة أنّ النظام ترکهم وحیدین بلا حمایة في مواجهة فیروس كورونا إلى درجة دفعت السجناء
  • إلی القول بإنهم یدفنون.

کنا نقول إنّ الفقر والبطالة يفجّران الغضب والاستیاء الشعبي، لکن في حالة السجناء هذه لم یعد الأمر منحصر بالفقر والبطالة فقط، بل أنه یتعلّق بالموت الحتمي المجسّم أمام أعین السجناء. لذلك يحق للسجين أن ينهي هذا الوضع عبر العصیان والتمرّد.

  • بات النظام ضعيفاً وهشّاً للغایة وهو یواجه مأزقاً حاداً یؤدي إلی السقوط الحتمي. فالأزمات المستعصیة بشتی أنواعها تحاصر النظام من کل الجهات وتقوده إلی مصیره المحتوم، فضلاً عن أنّ وتیرة الانقسام والانهیار داخل النظام أخذت تتسارع بشکل متزاید، حیث تمّ اعتقال بعض السجانین بتهمة مساعدة السجناء في الهرب وفقاً للمصادر الداخلیة للنظام.

هذا وقد ذكرت وكالة "تسنیم" للأنباء في 29 مارس أنّ:

«العديد من مسؤولي سجن سقز تمّ استدعائهم والتحقیق معهم، وقد تمّ توقیف أربعة منهم بصدور قرار الکفالة بینما أُفرج عن البقية بكفالات مناسبة».

في هذا السیاق، تتوجّب الإشارة إلی العامل الحاسم والأساسي الذي ساهم بشکل فعّال في إثارة موجة العصیان بین السجناء في صلته إلی جانب المحورین الأساسیین المذکورین آنفاً.

یتمثّل هذا العامل الحاسم في الحضور المستدام والفعّال للمقاومة الإیرانیة في جمیع فصول النضال والمقاومة ضد نظام الملالي وخاصة خلال الانتفاضات الشعبية علی مدار العامين الماضيين وعلی رأسها انتفاضة نوفمبر.

وقد تجلّت الصلة الوطیدة بین الشعب والمقاومة في مواقف رئیسة المقاومة وأیضاً تصریحات المتحدّث باسم منظمة مجاهدي خلق الذي قال بعد هروب السجناء: «تحية، تحية، العصیان، الحرية، العصیان، الحرية».

ما معنى هذا التطور غير المسبوق؟

مما لا شك فيه أن مضمون هذا التحول هو، أولاً وقبل كل شيء، انهيار نظام يعيش آخر مراحل حياته. نظام يواجه طريقًا مسدودًا في جميع المجالات.

يُظهر استمرار العصيان والهروب من السجون، رغم جاهزية النظام، أن نظام السيطرة والإدارة في السجون مهتز. السجون التي عندما تهتز فيها سيطرة النظام تشير إلى وجود خلل في سيطرة المجتمع أيضًا.

والحقيقة هي أن الوضع الحالي للنظام يشبه مريضًا يعاني من العديد من الأمراض، مثل أمراض القلب والدماغ والرئة الخطرة، وليس له آفاق للتحسن.

ولا شك في أن حالات العصيان المستمرة في السجون وربط هذه التحركات بأنشطة معاقل الانتفاضة والمجالس الشعبية مخيفة للنظام وتبشر بإرادة ومقصد الشعب الإيراني للإطاحة بهذا النظام الفاسد.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة