بقلم:سعاد عزيز
بسبب من السياسات التوسعية و المثيرة للقلق لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، فهو يمتلک الکثير من الاعداء و من مختلف المشارب و الاتجاهات، ولأجل ذلک فإن هذا النظام يخوض العديد من المواجهات و الحروب وله جبهات مواجهة مختلفة، لکن الذي يلفت الانظار و يجذب الانتباه، هو إن المواجهة و الجبهة الاکثر جدية و ضراوة وقسوة و عنفا له، هي الجبهة الداخلية، وتحديدا المعارضة الايرانية النشيطة و التي لها دور في داخل إيران.
لئن کانت هناک معارضة إيرانية من مختلف المشارب و الاتجاهات و الاطياف، لکن المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بما يعبر عن تمثيله لمعظم أطياف و أعراق و مکونات الشعب الايراني الی جانب طرحه کبديل سياسي ـ فکري جاهز لنظام الجمهورية الاسلامية الاسلامية و إمتلاکه لديناميکية متميزة في تحرکاته و نشاطاته السياسية و الاعلامية و الفکرية و لحضوره المستمر علی الصعيد الدولي، فإنه يشکل صداعا و أرقا مزمنا لطهران ينقلب أحيانا الی کابوس مرعب عندما تتناقل وسائل الاعلام الاقليمية و العالمية لنشاطاته و تحرکاته و تصريحات زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي.
مراجعة الاعوام الماضية، حافل بسجل طويل عريض من الحملات المشبوهة التي قادها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ضد المقاومة الايرانية في سبيل التشکيک بها و النيل من دورها و حضورها الدولي، خصوصا من خلال شبکة من الجواسيس و العملاء الذين تم إفتضاح عدد ملفت للنظر منهم، غير أن الذي يجب أخذه بنظر الاعتبار هو أمرين مهمين:
أولهما: النظام لايکف ولايتخلی أبدا عن محاولاته و مساعيه المشبوهة عبر حربه الخاصة ضد المقاومة الايرانية و يستمر فيها رغم الفشل و الاخفاق الذي يحققه بهذا الصدد.
ثانيهما: المقاومة الايرانية متيقظة و نبهة علی الدوام ازاء الحملات النفسية و السياسية و الامنية و غيرها التي يشنها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ضدها وبشهادة الاعداء بل و حتی بشهادة قادة النظام نفسهم فإنها ليس صمدت بوجه هذه الحرب وانما أيضا إنتقلت من اسلوب الدفاع الی الهجوم، خصوصا بعد إنتفاضة 28، ديسمبر/کانون الاول 2017، التي کانت لها دورا إستثنائيا فيها بشهادة المرشد الاعلی الايراني نفسه.
أهمية و جدية حرب طهران ضد المقاومة الايرانية يأتي من کونها کما أسلفنا تشکل و بإعتراف مختلف المراقبين و المحللين السياسيين، البديل الجاهز للنظام و من إنها تحمل برنامجا سياسيا ـ إجتماعيا ــ إقتصاديا ـ فکريا شاملا للأوضاع في إيران، ومن هنا فإن طهران تصرف جل جهدها في مواجهة و کبح جماح الصعود و التألق لهذه المقاومة و السعي للحد من دورها و نشاطها، غير إنه وبعد الانتفاضة الاخيرة فقد صار واضحا بأن هذه المهمة ليست سهلة أبدا علی طهران خصوصا وإن النار الهادئة المتقدة دائما للمعارضة الايرانية بدأت تأتي بثمارها.