الجمعة, أبريل 26, 2024
الرئيسيةأخبار وتقاريرالعالم العربيأحدهم وجد أُمَّه تحت الأنقاض ولم يُفلح في إنقاذها والآخر قُتل وهو...

أحدهم وجد أُمَّه تحت الأنقاض ولم يُفلح في إنقاذها والآخر قُتل وهو يحاول الهرب من قذيفة

0Shares


عمال الخوذ البيضاء في الغوطة يدفعون الثمن

لم يرحم الهجوم القاسي الذي شنَّه النظام السوري علی منطقة الغوطة الشرقية التي يسيطر عليها المعارضون خارج دمشق أحداً، فهو لا يستهدف المستشفيات والأسواق فحسب، بل استهدف العاملين في مجال الإنقاذ الطبي وأسرهم أيضاً.
ويصف السکان والعاملون في المجال الطبي الهجوم الذي تدعمه الضربات الجوية الروسية بأنَّه إبادةٌ تهدف إلی إخضاع المعارضين في الضاحية، وإجبارهم علی الاستسلام غير المشروط. وذکرت منظمة الخوذ البيضاء للإنقاذ والدفاع المدني، أنَّ الهجوم المستمر أدی إلی مصرع أکثر من 250 شخصاً، منذ بدأ صباح يوم الإثنين 19 فبراير/شباط، بما في ذلک واحد من أعضائها، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميرکية، الجمعة 23 فبراير/شباط 2018.

 

استهداف عمال الإنقاذ

وقال سراج محمود المتحدث باسم منظمة الخوذ البيضاء، إنَّهم “يستهدفون عمال الإنقاذ، والمستشفيات، ومعدات الطوارئ، وسيارات الإسعاف. الهدف الرئيسي الآن للنظام السوري هو تدمير البنية التحتية المدنية داخل الغوطة”.
توثق الکاميرات التي يرتديها رجال الإنقاذ التابعون للمنظمة الأهوالَ اليومية التي يُحدثها الهجوم المفاجئ توثيقاً مباشراً، إذ تسقط البراميل المتفجرة والصواريخ، ويظهر الضحايا الملطَّخون بالدماء کالموتی الأحياء من بين غيوم الرماد. وتسجل المنظمة أعداد وفيات أفرادها، وأطفالهم، وحتی أحباءهم الذين أخرجتهم من تحت الأنقاض، بحسب الصحيفة الأميرکية.
قُتل فراس جمعة، وهو أحد المتطوعين بالمنظمة، يوم الثلاثاء 20 فبراير/شباط، في هجومٍ “مزدوج”، وهو هجومٌ يتضمن ضربةً جويةً ثانيةً تستهدف عمال الإنقاذ وسيارات الإسعاف. وأدَّت هذه الهجمات إلی مقتل 4 من عمال الإنقاذ في الغوطة خلال الشهرين الماضيين، وفقاً لما ذکرته منظمة الخوذ البيضاء، بحسب الصحيفة الأميرکية.
يُذکر أنَّ الغوطة التي تضم 400 ألف شخص، وثلاث مدن، و14 بلدة، تخضع لحصارٍ عسکري منذ خمس سنوات، اشتدَّ مؤخراً ليمنع عنها المعدات الطبية المناسبة وغيرها من الضروريات. ونفی نظام بشار الأسد ومؤيدوه الروس استهدافَ البنية التحتية المدنية، لکنَّ الهجمات تضاعفت بينما يقول النظام إنَّه يرکز علی المعارضين الذين يهاجمونه.
وأطلق المعارضون في الأيام الأخيرة وابلاً من قذائف الهاون علی أحياء دمشق التي يُسيطر عليها النظام، مما أسفر عن مقتل أکثر من 12 شخصاً، بحسب ما ذکره السکان ووسائل الإعلام السورية.

 

“سيُحوِّل الغوطة إلی جهنم”

ومع بدء هجوم المعارضين، هدَّد سهيل الحسن قائد قوات النمر التابعة للنظام، بأنَّه “سيحول الغوطة إلی جهنم”، وقال: “لن تجدوا لکم مُغيثاً. وإن استغثتم ستُغاثون بالزيت المغلي. ستُغاثون بالدم”، محذراً المعارضين في خطابٍ أُذيعَ في مقطع فيديو تصاحبه موسيقی مبتهجة.
ودُمر مرکزٌ للخوذ البيضاء في مدينة دوما (أحد أکبر المراکز في المنطقة التي يسيطر عليها المعارضون) في غارةٍ جوية صباح اليوم، لکنَّها لم تسفر عن مقتل أحد.
وقال سمير سليم، وهو أحد المتطوعين: “حين نترک منازلنا کلَّ صباح، لا نتوقع العودة إلی ديارنا، إنَّما نتوقع أن نعود لنجد أطفالنا قد قتلوا. نتوقع العودة إلی ديارنا في أي لحظة لنجد أنَّهم هدموها فوق رؤوس عائلاتنا”، بحسب وول ستريت جورنال.
في وقتٍ سابق من هذا الشهر، وقبل موجة القصف الأخيرة، هرع فريق سليم إلی موقع هجوم صاروخي شنَّه النظام، وعندما تتبعوا عمود الدخان، وجد أنَّ المنزل المهدم الذي قادهم إليه هو منزله.
خارج المبنی المهدَّم، نادی سليم والدَه وأمَّه وإخوته وشقيقة زوجته، دون أن يجيبه أحد. لکن بمجرد أن بدأ في إزالة الأنقاض جانباً، وجد ابن أخيه البالغ من العمر 23 عاماً لا يزال حياً، ثم وجد والده وأفراداً آخرين من عائلته جرحی، لکن علی قيد الحياة.
وفي غرفةٍ أخری، وجد أمه البالغة من العمر 77 عاماً، والسقف الساقط مستقراً فوق جسدها ووجهها. فحص نبضَها وبؤبؤَيْ عينيها، ليجد أنَّها ماتت.
حاول سليم لمدة 12 دقيقة إخراج جثة والدته من تحت الأنقاض، وهو إجراءٌ ازداد صعوبةً نظراً لعدم وجود معدات متقدمة في الغوطة.
التقطت کاميرا خوذة سليم اللحظات التي کان يناشد فيها زملاءه علی جهاز اللاسلکي، ليأتوا له بالمعدات اللازمة حتی يخرجها من تحت الأنقاض. کان يقول وصوته يرتجف: “يا إمي دخيلک لا تآخذيني. اجلب الرافعات ع السريع، أمي تحت الأنقاض. مشان الله تعال ع السريع. أنا عم أنقذ العالم وما قدران أنقذک يا إمي”.

 

قد يموتون في أي وقت!

وقال سليم إنَّ المستجيبين يعرفون أنَّهم قد يموتون في أي لحظة. اقتيدَ جزءٌ کبير من السکان إلی أقبيةٍ متناثرة وخنادق مخبأة تحت الأرض، لکنَّ المنقذين يهرعون فوق الأرض من موقع هجومٍ إلی آخر لتأدية واجبهم الإنساني، بحسب الصحيفة الأميرکية.
وأظهر مقطع فيديو آخر سجلته کاميرا خوذة أحد رجال الإنقاذ، يوم الثلاثاء، ونُشر علی تويتر مشهد ما حدث بعد غارةٍ جوية مباشرةً. کانت الشوارع مغطاة بالدخان الرمادي، بينما يحاول رجال الإنقاذ تمشيط الحطام المشتعل.
وقال مرتدي الکاميرا لزملائه: “خُذ من هم ما زالوا علی قيد الحياة. هل ماتوا؟”
وفي وقتٍ لاحق، أشعلت غارة جوية أخری الشارع بکُرةٍ من اللهب، فإذا بالکاميرا تتأرجح بعنفٍ إلی اليمين واليسار.
فصاح الرجل: “اذهبوا، اذهبوا”، محذراً الآخرين: “فقط اذهبوا”.

 

نقلا عن هاف بوست عربي

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة