الجمعة, أبريل 26, 2024
الرئيسيةمقالاتخامنئي يواجه أزمات قاتلة لم يقلها

خامنئي يواجه أزمات قاتلة لم يقلها

0Shares

د.سنابرق زاهدي رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية حول ازمات قاتلة التي تعاني منها النظام الايراني. فيما يلي نص المقال :

 

نشر جريدة ايلاف اللندنية مقالا بقلم الدكتور سنابرق زاهدي رئيس

 

قبل حوالي عشرة أيام أعلن نظام الملالي أن زعيم النظام خامنئي سيؤمّ صلاة الجمعة هذا الأسبوع في طهران. صلاة الجمعة كانت ولاتزال المنصة الرئيسية لإعلان الموافق الرسمية في نظام ولاية الفقيه، لأن صلوات الجمعة في مختلف المدن والبلدات والقرى الإيرانية تقام بإمامة ممثلين عن الولي الفقيه. كما أن هناك مركز في مكتب خامنئي مهمّته نصب أئمة الجمعة وإعطائهم توجيهات أسبوعية لخطبهم.

 

فلما أعلن هذه المرّة بعد ثمانية أعوام، وبعد الأزمات الكبرى التي تحاصر النظام في الوقت الحالي، أن خامنئي سيعتلي منصة الجمعة في طهران فالجميع كان بانتظار أن يعلن خامنئي موقف نظامه عن هذه الأزمات وأن يركّز على الخطوط الستراتيجية التي يضعها للخروج من هذه الأزمات او كيفية التعامل معها. وتحدثت العديد من وسائل الإعلام التابعة للنظام عن أهمية هذا الخطاب واعتبرته منعطفاً أو وصفته بـ«فصل الخطاب» كما جاء في افتتاحية صحيفة «رسالت» التابعة كاملة لجناح الولي الفقيه.

لكن ما قاله خامنئي في خطبته أظهر أن نظامه يعيش في مأزق أزمات قاتلة لا يمكن له حتى التحدّث عنها، ناهيك عن عرض ستراتيجية الحلول. لا أحد يشكّ أن نظام ولاية الفقيه يعاني من أزمات كبيرة غير مسبوقة في تاريخه الممتدّ أربعين عاماً، وهذا ما صرّح به خامنئي شخصه وروحاني أيضاً بأن الفترة الحالية هي الأصعب في تاريخ النظام الإيراني . فإذا أردنا أن نعرف ما ذا قال خامنئي من المفضّل أن نشرح ما لم يقله من مشاكل نظامه.

إنه شرح في خطبته ما وصفه بـ «أيام الله» في نظامه، و بعد طلب الاستغفار من ذكر هذه الإهانة بالآية القرآنية، لم يتحدث في هذا المجال إلا عن مناسبتين وصفهما بأنهما كانا ذات أهمية استثنائية لنظامه. الأول مشاركة «عشرات الملايين» في مراسم جنازة قاسم سليماني. و بذلك أثبت خامنئي أنه هو عرّاب اختلاق الأكاذيب في نظامه، حيث أن حسابات ومعلومات دقيقة تشير أن المشاركين في كل من الأهواز وطهران ومشهد وكرمان لم يتجاوز عددهم مائتي ألف شخص. وبالمناسبة المشاركين في المناسبات الأربعة اغلبيتهم الساحقة كانوا أعضاء البسيج والشبيحة وعوائلهم ومن جاء بهم النظام من خلال الترغيب أو التهديد، وكانت هناك سفرة وأقامة وطعام إمكانيات مجانية. والمشاركون كانوا هم انفسهم في جميع المراسم الأربعة.

وأهم من ذلك أن بعد الكارثة التي حلّت بالنظام بسبب إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية وقتل 176 من الأبرياء والمظاهرات الطلابية التي اندلعت بعد ذلك واستهدفت بشكل خاص خامنئي وقوات الحرس، كتبت صحف النظام أن آثار مساعي النظام لجمع الناس في جنازة سليماني انمحي ولم يبق منها شيئ يذكر. فلم يكن تأكيد خامنئي على «شعبية» سليماني ليس كذباً فقط بل في الواقع كان عكس ما كتبه المحلّلون التابعون لنظامه.

الحادث الثاني الذي اعتبره خامنئي ستراتيجي واستثنائي لنظامه هو إطلاق عدة صواريخ على قاعدة أمريكية في العراق. مع أن من المعروف لدى القاصي والداني أن الصواريخ لم تصب أحدا بأذي وكما قال قائد الحشد العشائري في محافظة الأنبار أن هذه الصواريخ لم تقتل حتى عصفوراً، وأكد أن الجنود الأمريكان كانوا قد تركوا القاعدة قبل ساعات من سقوط الصواريخ وعادوا إليها صباحاً. ويعرف خامنئي أفضل من غيره أن هذه العملية جاءت لحفظ شيئ من ماء وجه نظامه وليس بهدف إلحاق ضربة إلى الأمريكان.

هذان الحدثان هما اللذان تحدّثا عنهما خامنئي ولا يوجد فيهما أي انجاز للنظام. فما بالك بما لم يتحدث عنه خامنئي وهذا أهم جزء من الحديث. على سبيل المثال:

– لم يتحدث خامنئي عن الانتفاضة الشعبية التي هزّت أركان نظامه، خاصة الفصل الأخير منه التي استهدفت شخصه وأساس نظامه، ولم يبق أي ترددّ بأن الطلاب الإيرانيين في مختلف الجامعات في طهران لا يبحثون عن شيئ سوى إسقاط النظام. وبذلك إنهم التحقوا بالطبقات والشرائح المحرومة التي كانت أساس انتفاضة نوفمبر في أكثر من 200 مدينة إيرانية.

– لم يتحدث خامنئي عن معاقل انتفاضة مجاهدي خلق التي تقف خلف الانتفاضات الشعبية وهي التي يعمل ضد النظام بشكل مستمر، وتضرم النيران في صور خامنئي وخمنيي وقاسم سليماني، وتستهدف مراكز الحرس والباسيج وترفع اللافتات وصور قيادة المقاومة في مختلف المدن والمناطق الإيرانية.

– لم يتحدث خامنئي عن الأزمات الاقتصادية الاجتماعية، أي الفقر والبطالة ونسبة التضخم المرتفعة، والنسبة العالية من المجتمع الإيراني الذي يعيش تحت خط الفقر (أكثر من 70%)، وعن المعامل والمصانع المغلقة وعن الرواتب المعلّقة وعن الفساد المتفشي في عموم أركان سلطته و…

– لم يتحدث عن العقوبات الاقتصادية المفروضة على نظامه وأنها في طور التزايد والمشاكل التي يعاني منها حكمه. على سبيل المثال تصدير النفط الذي وصل إلى حدود 10% عما كان قبل حوالي عام. أنه أشار إلى الاقتصاد بدون وجود النفط، لكنه يعرف افضل من غيره أن كلامه في هذا المجال مجرّد هراء في نظام ولاية الفقيه لأن أمامنا أكثر من أربعين عاماً من التجربة.كما أن اليوم يتكلم مسؤولو النظام عن وجود اكثر من 50% من النقص في الميزانية للعام الإيراني المقبل. وبطبيعة الحال لم يتحدث عن السيول الجارفة التي ألحقت خسائر جسيمة بالمواطنين في محافظة سيستان وبلوتشستان، وكان عدم اهتمام النظام بهذا الموضوع أحد الشعارات التي ردّدها الطلاب في جامعة طهران. لكن بالنسبة لخامنئي ليس هذا أمراً مهمّاً يشغل باله.

– إنه لم يُشر إلى الصراعات الداخلية المتفاقمة في داخل تركيبة حكمه، بحيث أن أحد قادة الحرس القريب من خامنئي يدعوا إلى قتل جميع أفراد العصابة المنافسة من جماعة روحاني وخاتمي.

– و لم يشر خامنئي إلى قصة FATF التي تحوّلت إلى عويصة كبيرة في نظامه، لايستطيعون المصادقة على هذه الاتفاقيات ولايستطيعون رفضها. كما أن فترة التماطل والتمهّل انقضت في هذا المجال.

– بالنسبة للانتخابات لمجلس الملالي أيضاً لم يرد الخوض فيها، بل قال أنه سيتكلّم عن هذا الموضوع لاحقاً، لو بقي حياً- حسب تعبيره-! ومعروف أن مجلس المراقبة على الدستور شطب جميع من فيهم أدنى شك في ولائهم المطلق لخامنئي، ومن بينهم حوالي 90 شخصاً من الأعضاء الحاليين في مجلس الملالي، الذين رفض مجلس المراقبة على الدستور أهليتهم للترشّح للانتخابات المقبلة!

– إنه لم يتحدث عن المشروع النووي بشكل شامل. هاجم الدول الثلاث فرنسا، بريطانيا وألمانيا لأنها أعلنت تفعيل آلية فضّ النزاع في الاتفاق النووي واتهم هذه الدول بأنها أداة بيد أمريكا. وفي معرض حديثه عن الحلّ لنظامه شدّد على ضرورة تعزيز قدراته. هذا الكلام المفهوم منه ضرورة الاستمرار على المشروع النووي حتى الوصول إلى القنبلة النووية.

– كما أنه لم يتكلّم عن المشاكل الكبيرة التي ألمّت بنظامه من جرّاءانتفاضة الشعبين العراقي واللبناني، خاصة الشعب العراقيالذي يرى أساس مشاكل البلاد في سيطرة نظام ولاية الفقيه على مقدّرات العراق، ولذا نرى أن الشعارات والبيانات تركّز على ضرورة تخليص العراق من نظام خامنئي و ميليشياتهوأحزابه في العراق.

– ولم يشر إلى الموجات الهاربة من جحيم ولاية الفقيه، حيث تكتب صحف النظام أن العلماء النخبة لم يعودوا يقبلون البقاء تحت هذا النظام خاصة بعد قمع الانتفاضة الأخيرة ويهاجرون في موجات كبيرة. كما أن كبار الفنانين ومخرجي السينما ومنتجي الأفلام و… أعلنوا إنهاء تعاونهم مع هذا النظام أخيراً.

– … وهلمّ جرا

الواقع أن نظام ولاية الفقيه محاصر بأزمات قاتلة. وهذه الأزمات تتجسّد وتترجم في انتفاضة الشعب ضد النظام واضرام النار في جميع مظاهر النظام. والآن نرى أن ممثلي خامنئي في صلوات الجمعة والمحللّين في صحف النظام و… يحذّرون من انتفاضة قادمة ستكون أكثر ضراوة وعنفاً. والسؤال الموجه للنظام هو: كيف يريد معالجة هذا الغضب الشعبي؟ خامنئي من خلال الهروب من الخوض في مشاكل النظام الحقيقية أثبت أن لا حلّ لديه. وبالتأكيد آنذاك لا يمكن حلّ المشكلة من خلال مسرحيات زجّ عوائل قوات الحرس والباسيج و… إلى الشوارع.

 

*رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية 

 

المصدر: إيلاف

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة