الخميس, مايو 2, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليومزيارة وزير الخارجية الفرنسي لإيران ومأزق النظام

زيارة وزير الخارجية الفرنسي لإيران ومأزق النظام

0Shares

وأخيرا، زار وزير خارجية الفرنسي طهران. الرحلة التي کانت منذ بضعة أسابيع موضوع توتر کبير في وسائل الإعلام وزمر السلطة داخل النظام. ووفقا لتقارير صحفية، فإن الغرض من الزيارة کان إجبار النظام الإيراني علی التخلي عن برنامج الصواريخ ووقف تدخله الإقليمي للحفاظ علی الاتفاق الشامل المشترک.
في الوقت الذي کان يبدو أن التوترات بين مختلف العصابات من شأنها أن تبرد بعد الرحلة، ولکن شهدنا صعود النزاعات بعد زيارة لودريان. حيث وصفوا وزير الخارجية الفرنسي بألقاب مثل «ضيف فاقد الأدب» و «ضيف وقح».
من ناحية أخری، شهدنا فرحة وبهجة لدی جناح روحاني الذي وجد الرحلة فرصة ذهبية «لاستخدامها کبداية فصل جديد في تطوير العلاقات بين إيران وفرنسا وإيران وأوروبا»، وأن «هذه الرحلة ستضمن استمرارية الاتفاق النووي ولا ينبغي ان تتأثر بالصخب الاعلامية» و«يجب استماع الفرنسيين واتخاذ مخاوفهم بنظر الاعتبار» وحتی «لا يجب الخوف من المفاوضة عن قضية البرنامج الصاروخی وملف دور النظام في الاقليم حيث أعلن لودريان انه يتفاوض حول هاتين القضيتين، بل يجب أن يکون موضع ترحيب … ».
وفي مثل هذا الوقت لزم خامنئي الصمت، ويعرف کلا الجناحين أن هذا الصمت علامة علی الرضا والموافقة. لأنه لو لم يکن موافقا لما کانت تتحقق هذه الرحلة. لأنه مُجبر علی الصمت بسبب المأزق بين اختيار «التنازلات التي لا نهاية لها»، أي الاختيار بين تجرع کؤوس السم الصاروخية والاقليمية من جهة، والاختناق الاقتصادي وعودة العقوبات القاتلة، من جهة أخری، وبالتالي لا يمکن حتی اطلاق التبجحات مثل السابق. أي أنه لا يمکن وقف المزيد من انهيار عناصره، باللجوء إلی  إطلاق التهديدات والشعارات الخاوية الموجهة ضد الولايات المتحدة وأوروبا، کما أنه لا يمکن أن يعلن دعمه علنيا لمسار المفاوضات بهدف لجم المهمومين الذين يعرقلون احراز التقدم في المفاوضات.
ففي الحالة الأولی، فإن قبول الاتفاق الشامل المشترک، بالإضافة إلی إضعاف موقع النظام في المنطقة، يزيد من الانقسامات داخل النظام وانهيار عناصره، حيث کان النظام لحد الآن يستعرض بصواريخه وتدخله في المنطقة والقمع الداخلي، وفي المراحل اللاحقة يجبر علی قبول شرط حقوق الانسان أي إبطاء آلة القتل والقمع  في مسار «تراجعات بلا نهاية». وهو شرط لم يعد هامشيا، وانما واحد من الشروط الستة الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريکي ترامب.
ولکن الفشل في قبول شروط الولايات المتحدة والرضوخ إلی ظروف تنتهي إلی تقويض الاتفاق الشامل المشترک يعني عودة کل العقوبات والحالة المميتة والاختناق الاقتصادي للنظام.
ونتيجة لذلک، فإن أمام النظام خياران؛ إما تجرع کأس سم آخر أي «تراجعات بلا نهاية» حسب تعبير خامنئي والتراجع حتی الموت، وإما تقويض الاتفاق النووي يعني عودة جميع العقوبات وبداية الظروف القاتلة. وهذا هو المأزق الذي يمر بالنظام بأسره.
الواقع أن انتفاضة الشعب الإيراني لإسقاط نظام الملالي، جعلت النظام في ميزان القوی علی المستوی الدولي والإقليمي في وضع ضعيف للغاية بحيث إذا وضعت الأطراف الدولية والاقليمية سياسة المهادنة مع النظام إلی جانب تماما وتدعو بحزم إلی وضع حد للتدخلات المدمرة لهذا النظام في المنطقة ووقف البرنامج النووي والصاروخي له وتدافع عن حقوق الإنسان للشعب الإيراني التي تعتبر السم الذي يهدد النظام وتقف بوجه هذا النظام، فان الملالي  وخامنئي سيرضخون دون شک في وضع مذل للغاية أکثر من السابق،  کما في المقابل  أي تنازل ومنح الامتياز لهم بمعنی فتح المجال أمامهم لمواصلة تدخلاتهم في المنطقة وتطوير الصواريخ والبرامج النووية ومزيد من القمع في الداخل.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة