الأحد, مايو 5, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانلعبة النظام الإيراني مع الاتحاد الأوروبي

لعبة النظام الإيراني مع الاتحاد الأوروبي

0Shares

بقلم: د. مجيد رفيع زاده*

 

 

يجب علی القوی الأوروبية أن تدرک أن سياسات الاسترضاء تجاه النظام الإيراني، تعرض الاستقرار في المنطقة للخطر.
تقوم وسائل الإعلام الإيرانية، المملوکة للدولة بتغطية مکثفة لسياسة أوروبا إزاء إيران. وترکز العديد من الصحف الرئيسية، علی الدعم القوي، الذي يبديه الاتحاد الأوروبي للاتفاق النووي. وقد أبرزت الصفحات الأولی في العديد من الصحف، تصريحات لمسؤولين في الاتحاد الأوروبي، مثل: رئيسة السياسة الخارجية فيديريکا موغيريني، التي وصفت اتفاق عام 2015 بين طهران والقوی العالمية، بأنه «أولوية أمنية رئيسية» لکل من أوروبا والشرق الأوسط.
ويحاول القادة الإيرانيون إظهار القوة، ويتوددون إلی قاعدتهم الاجتماعية المحلية المتشددة، بالإشارة إلی أن طهران تتمتع بدعم دولي وشرعية عالمية. ويسعی النظام أيضاً إلی طمأنة الميليشيا، والجماعات الإرهابية والعملاء الذين يرعاهم، إلی أن طهران لا تزال علی الجانب الرابح.
وإضافة إلی ذلک، تحاول الجمهورية الإسلامية إرسال رسالة إلی إدارة ترامب، ومنتقدي السياسة الخارجية العدوانية الإيرانية، مضمونها أن تخفيف العقوبات سوف يستمر، رغماً عن معارضتهم؛ بسبب الدعم من قِبل الاتحاد الأوروبي.
فلماذا يقف الاتحاد الأوروبي إلی جانب النظام الإيراني، بينما تنتقد القوی العالمية الأخری طهران؛ بسبب سياساتها المزعزعة للاستقرار في سوريا والعراق واليمن؛ وبسبب انتهاکاتها لحقوق الإنسان؟ يرجع ذلک في الغالب، إلی العائدات المتزايدة من خلال الواردات والصادرات.
ولکن ينبغي علی الاتحاد الأوروبي، أن يدرک أنه يؤذي مصالحه؛ بإعطاء الأولوية لصفقات تجارية قصيرة الأجل، وللاتفاق النووي، مؤْثراً إياها علی المصالح الاستراتيجية والجيوسياسية الطويلة الأجل. فالمؤسسة السياسية الحالية للنظام الإيراني، لم تکن في يوم من الأيام، حليفاً طبيعياً للغرب، ولن تکون أبداً.
فالنظام حکم ديني ثوري متطرف، تأسس علی جوهر المبدأ الثوري الأساسي المتمثل في الاعتراض علی الغرب ثقافياً وجيوسياسياً واستراتيجياً. ويعتمد بقاء النظام علی قيد الحياة، علی مشاعره وسياساته المناهضة للغرب.
ولتحقيق طموحاته في الهيمنة، غالباً ما يقوم القادة الإيرانيون بتحولات تکتيکية قد يخطئ البعض في اعتبارها تحولات استراتيجية أساسية. والاتفاق النووي مثال علی ذلک. فهذا الاتفاق لا يعني أن طهران قد غيرت سياساتها الجذرية إزاء أوروبا. وکانت قبضة النظام علی زمام السلطة في خطر قبل الاتفاق؛ بسبب جولات العقوبات الدولية الأربع المعيقة. لم يجد النظام خياراً سوی التوصل إلی اتفاق مع الغرب- اتفاق يلائم أهداف النظام تماماً: وهي تخفيف العقوبات مقابل وقف النشاطات النووية جزئياً لفترة قصيرة من الزمن. وبعد ذلک، حين ينتهي أجل الاتفاق، يمکن للنظام أن يواصل طموحاته النووية دونما قيود بناءً علی انتهاء الشروط مع نهاية الاتفاق.
ويجدُر بالاتحاد الأوروبي، أن ينظر في سياسة إيران طويلة الأجل؛ لأن رجال الدين الإيرانيين الحاکمين، يطبقون سياساتهم علی أساس المدی الطويل.
وإضافة إلی ذلک، عند تفحُّص ما تعده القوی الأوروبية تهديداً لأمنها القومي، يمکن للمرء أن يشاهد بصمات النظام الإيراني وراء هذه التهديدات. فطهران متورطة في حرب غير متکافئة، تقوم فيها بتمويل، وتسليح وتدريب ودعم الجماعات الإرهابية والميليشيات المصمِّمة علی الإضرار بأمن دول الاتحاد الأوروبي، وإفشال السياسات الخارجية للدول الأوروبية في المنطقة.
وعلاوة علی ذلک، فإن سياسة النظام الإيراني طويلة الأجل، قائمة علی محاباة روسيا، ودعم مصالحها في المنطقة، والإخلال بتوازن القوی لمصلحة موسکو، لا أوروبا.
ويجب علی القوی الأوروبية أن تدرک أن سياسات الاسترضاء تجاه النظام الإيراني، تعرض الاستقرار في المنطقة للخطر. کما أن الصفقات التجارية ودعم الاتفاق النووي تشجع وتمکن المؤسسات المتشددة مثل «الحرس الثوري الإيراني»، و«قوة القدس»، فضلاً عن الإرهابيين ومجموعات الميليشيات العنيفة في جميع أرجاء المنطقة، بما في ذلک في سوريا والعراق واليمن. ومن هنا فإن سياسات الاسترضاء هذه تؤدي إلی مزيد من الراديکالية والعسکرة في المنطقة، کما تؤدي إلی مزيد من انتهاکات حقوق الإنسان علی أيدي النظام الإيراني.

 

 

*عالم سياسي إيراني أمريکي، خريج جامعة هارفارد

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة