السبت, مايو 18, 2024
الرئيسيةأخبار إيران«ولايتي» والمواطن الإيراني

«ولايتي» والمواطن الإيراني

0Shares


بقلم: محمد خلفان الصوافي

 

 

لا يمکن تفسير تصريحات علي أکبر ولايتي، المستشار السياسي للمرشد الأعلی للثورة الإيرانية، التي تعددت مؤخراً منها: ما هدد فيها الولايات المتحدة بالمواجهة لمنع قواتها من الانتشار في العراق وقبلها بأسبوعين تقريباً قال فيها: إن قيادة بلاده لا تعتزم تقليص نفوذها في منطقة الشرق الأوسط إلا في أمرين اثنين إما أن نظام ولاية الفقيه، الذي ينتمي له «ولايتي»، لا يزال يعيش «ذهنياً» في فترة ما قبل عصر العولمة التي أعلنت فيها تغير أدوات التأثير والسيطرة علی الشعوب التي عرفها الناس من خلال کتابات الروائي البريطاني جورج أورويل الذي کان يستعرض فيها طبيعة النظم التسلطية وفق نظرية «الأخ الأکبر».
والتفسير الآخر أن أکبر ولايتي يتجاهل عمداً وقاصداً مطالب الشعب الإيراني عموماً التي أعلنها في احتجاجه الأخير بعدم دعم «حلفائه» في المنطقة التي تستنزف الکثير من أمواله عندما حمل شعاره اترکونا من فلسطين ولبنان وسوريا وفکروا فينا، في حين يعلن ولايتي «بغباء سياسي» تمسک نظام ولاية الفقيه اتباع استراتيجيته القائمة علی استنزاف موارد الشعب الإيراني، الذي يتظاهر بين الحين والآخر معبراً عن رفضه في دعم التمدد الخارجي، والمشکلة أن «ولايتي» يقول ذلک، وکأنه يفترض أن الشعب الإيراني ما زال يصدق ما يقوله النظام.
الصورة کما تبدو من خارج إيران، وهي الأقرب للواقع، أن «ولايتي» يريد أن يخاطب الرأي العام الخارجي، سواء الإقليمي أو الدولي، بأن النظام ما زال متماسکاً وأن الشعب ما زال يؤيده، ولا يمکن أن يهتز رغم کل الأزمات والتحديات الداخلية والخارجية، وأن مسألة الاستمرار في الاحتفاظ بشعار الزعيم الراحل آية الله الخميني في تصدير الثورة لا نقاش فيها، أو القبول بأي رأي حوله، وأن الانتفاضة الشعبية الأخيرة لا تعني مطالبة الشعب بتغيير الاستراتيجية، في حين لو رکزنا في التطورات التي حدثت بعد السيطرة علی الانتفاضة، فإن هذه التصريحات تکشف عن قلق واضح علی أرکان النظام بأکمله، فالخلافات والاتهامات متبادلة بين «الإصلاحيين» و«المحافظين» حول من يتحمل مسؤولية الاحتجاجات، وبدأت تظهر في الإعلام حيث بدأ «الإصلاحيون» ينتقدون المؤسسات المحافظة وعلی رأسها المرشد، حيث قال حسن روحاني إن الجميع يمکن انتقاد سياساتهم.
وإذا کان «ولايتي» يحاول استغلال «الاختلافات الدولية» حول الاتفاق النووي، ويتلاعب بالمواقف الأوروبية ضد تطبيق العقوبات علی النظام کسباً للوقت في زيادة السيطرة الداخلية علی المحتجين، حيث إن الضغوطات الدولية لم تکن کافية بالقدر الذي يجبر النظام الإيراني علی تقليص وجودها في المنطقة، فإن تجاهله للمتغيرات التي حدثت في المنطقة سواء في وجود موقف سياسي عربي قوي يعبر عن رفضه لتدخلاته ممثلة في التحالف العربي، وکذلک تجاهله للتأثيرات التي ترکها ما کان يسمی بـ«الربيع العربي»، إضافة إلی حالة التنمية التي تقوم بها کل من دولة الإمارات وحالة «التغيير» في الوضع الداخلي السعودي، التي يمکن تصنيفهما «بالضغوط الناعمة» ولکن تأثيرها الاجتماعي کبير، من شأنه أن يدفع إلی حراک اجتماعي ربما هو الأخطر علی نظام الملالي، قد يکون تأثير هذه التغيرات نتيجته بطيئة، ولکن ستحدث «انکساراً» حقيقياً في النظام الإيراني، لذا من الأفضل للنظام اعتبار حالة الهدوء الحالي فرصة لإدخال تعديلات معينة تعيد من مکانة النظام لدی الرأي العام الإيراني، ولو نسبياً.
من واقع تجربة «الربيع العربي الذي لا يزال طرياً في دول مثل ليبيا وسوريا وبدرجة أخف في مصر وتونس. ومن الواضح أن دول المنطقة معروف عنها أنها تتأثر ببعضها، وإيران جزء من هذه المنطقة، وبالتالي علی النظام أن يستوعب الدروس التي مرت علی تلک الأنظمة، وأن يتجاوز مغامراته السياسية الخارجية، وألا يبني نجاحه من خلال سلوکياته الخارجية، وألا يغض الطرف عن الرأي العام الداخلي، لأن الموضوع بات يتجاوز الشأن الاقتصادي بحيث يشمل دائرة أوسع تمثل قضية الحريات مساحة أکبر فيها.
الشيء الغريب والمدهش في الوقت نفسه أن النظام الإيراني لم يستوعب بعد أن الشعب الإيراني لم يعد يراهن علی «مغامرات» النظام الخارجية لأنها لم تحقق له أي نتائج تنموية، بل زادته فقراً وتعاسة، بل إن استهزاء «ولايتي» من سيادة الدول العربية والعراق تحديداً من خلال إطلاق تصريحاته منها هو الأخطر الأکبر علی مستقبل النظام، لأن ردة فعل الشعب العراقي بکل أطيافه کانت واضحة من خلال وسائل الإعلام. الغالب علی المشهد الإيراني حالياً هو اعتماد الشعب علی نفسه في الضغط علی النظام، لأن تبديده لثروات شعبه فيما لا يحقق الارتقاء بمستويات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، وفي تأمين مستوی معيشي أفضل لم تحرک المواقف الدولية إلا بالکلام، حتی أصبحت مواقفهم تجاه الشعب الإيراني مثيرة للشک لديهم!


نقلا عن الإتحاد الاماراتي

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة