الجمعة, أبريل 26, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانهندسة الانتخابات العراقية من قبل النظام الإيراني(قسم الثاني)

هندسة الانتخابات العراقية من قبل النظام الإيراني(قسم الثاني)

0Shares

القاء الضوء علي الانتخابات العراقية الجديدة 2-2

 



عبدالرحمن مهابادي*


 

عشية الانتخابات البرلمانية العراقية المقرر إجراؤها في 12 مايو، انفرط عقد العناصر الفاعلة الرئيسية في المشهد السياسي العراقي بسبب التطورات الإقليمية، وهذا هو السبب في أن الانتخابات في هذا البلد أخذت وجها مختلف تمامًا.
في هذه الانتخابات، أصبحت قائمة فتح (الحشد الشعبي) ، ودولة القانون (نور المالکي) ، وسائرون (مقتدی الصدر) ، والحکمة (عمار الحکيم) ، ونصر (حيدر العبادي) الجهات الفاعلة الرئيسية في الساحة الانتخابية. فيما يعانی السنة والأکراد من عدم وجود مرکز قوي ومؤثر، لکونهم قد تلقوا أکبر الضربات في السنوات الـ 15 الماضية من قبل النظام الإيراني بسبب النزاعات الداخلية والأخطاء في الماضي. لقد خضع السنة لاحتلال النظام الإيراني، کما أن الأکراد کانوا متفائلين بشأن النظام الإيراني، فانشقت صفوفهم، وهو ما نتج عن توغل النظام الإيراني فيها.
ليس من المصادفة أن الخبراء في شؤون الشرق الأوسط يرون في العديد من الجوانب الوضع الحالي في العراق، نسخة من إيران الحالية. وبخصوص الانتخابات العراقية المقرر اجراؤها في هذا الشهر، زار بعض قادة النظام الإيراني بغداد والسليمانية وأکدوا للمقربين منهم ان تعيين رئيس الوزراء العراقي المقبل هو عمل النظام الإيراني وليس صندوق الاقتراع! الوفود المرسلة من النظام الإيراني لم تستطع اخفاء مخاوفها خلال هذه اللقاءات من تقدم انتفاضة الشعب الإيراني والسياسة والاستراتيجية المعلنة من قبل الادارة الأمريکية وموجة الکراهية التي يکنها المجتمع الدولي تجاه النظام.
النظام الإيراني راهن علی الضربات التي ألحقها بالسنة والأکراد في العراق (استعادة مناطق واسعة کانت حتی قبل فترة بيد قوات «البيشمرکه» من قبل الحرس الإيراني وکذلک تشريد المکون السني بسبب هجمات داعش أو الحشد الشعبي)، والآن يرکز جهوده علی اخراج تيار أو تيارات من الشيعة من صناديق الاقتراع قدمت أکبر الخدمات له في السنوات الماضية. وعلی هذا الأساس يريد أن يمسک بورقة رئيس الوزراء المقبل حتی يحتفظ مثل الماضي بـ «العمق الاستراتيجي» المزعوم في مواجهة معارضيه في المعادلات الاقليمية. النظام ومن أجل تحقيق هذا الهدف ينوي حفظ تيار اصلاحي (علی غرار إيران) في الواجهة من التيارات الموالية له في داخل الاراضي العراقية لکي يمارس المزيد من الانقسامات والانشقاقات بين السنة والکرد.. وعزلهم أکثر.
السؤال المطروح هنا هل النظام الإيراني سيحصل علي هکذا فرصة لکي يحقق أهدافه في العراق؟ بغض النظر عن أي تقلبات، يجب القول: «لا». لأن ميزان القوی السياسية في العراق متأثر من توازن القوی الأکبر في المنطقة. الشرق الأوسط حبلی الآن بحوادث کبيرة. مواءمة فاعلة مع هذه الظروف ستقود القوات الوطنية والديمقراطية العراقية إلی اجتياز هذه الحوادث بسلام. الاصطفاف المصنع في المنطقة من قبل روسيا والنظام الإيراني والنظام الأسدي هو اصطفاف هش ودفاعي وغير دائم.
النظام الإيراني وعملائه في العراق يحاولون من خلال اطلاق شعارات ديموغاجية «صنع أبطال کارتونية» ليظهروا أنهم أنقذوا العراق وأن هزيمة داعش کان عملهم حتی يکسبوا من خلال هذه الدعايات کسب أصوات لهم! وسيکون من الخطأ الفادح الاعتقاد بأنهم قد خطوا خطوات في محاربة الإرهاب والقضاء علی داعش. هناک في العالم اجماع قوي بأن هؤلاء کانوا محطمي الرقم القياسي في النهب والقتل والدمار واثارة الفرقة والحروب.
ومؤخرا حذر زلماي خليل زاد، السفير الأمريکي السابق لدی الأمم المتحدة، أن إيران تريد التأثير علی الانتخابات العراقية وهندستها لصالح ميليشياتها. ففي مقال له في صحيفة «وول ستريت جورنال» بعنوان «حدّوا من نفوذ إيران في العراق» قال: «إن إيران تعمل بجد للتأثير علی النتيجة، حيث تسعی إلی تعزيز نفوذ ميليشياتها داخل الحکومة العراقية، کما هو الحال مع حزب الله اللبناني». وزير الدفاع الأمريکي قال في 15 مارس الماضي أمام الصحفيين ان النظام الإيراني يحاول من خلال انفاق المال، التأثير علی الانتخابات العراقية. هکذا تصريحات ونماذج مماثلة، تؤکد المعلومات الموثقة القائلة بأن السفارة والقنصليات الإيرانية في الاراضي العراقية تمثل المرکز الرئيسي لتدخلات النظام الإيراني في شؤون العراق الداخلية وإرهاب إيران في هذا البلد ضد معارضي النظام وتوجيه عملائه في المناصب السيادية. علينا أن لا ننسی أن السفير وسائر کوادر السفارة الإيرانية والقنصليات هم من الأعضاء القدامی والمحنکين لفيلق القدس للحرس الإيراني حيث قادوا جرائم عديدة داخل الاراضي العراقية.
لذلک يجب أن لا نتوقع أن اجراء الانتخابات العراقية في هکذا ظروف أن تضع بلسماً علی جروح الشعب العراقي. لأن الوجوه ليست هي من تغير وضع البلاد لصالح الشعب وانما السياسات والاستراتيجيات التي يمکن أن تحدث تغييرات مطلوبة للشعب. والسياسة والاستراتيجية الصحيحة هي طرد عملاء النظام من المناصب السيادية واخراجهم من العراق تمهيدا لقطع أذرع النظام الإيراني من العراق. انکار هذا الواقع يعد بمثابة قبول استمرار الفساد والقتل والنهب والدمار لمدة أربع سنوات أخری. لذلک يجب السير بکل شجاعة في هذا الطريق والعمل بواجباتنا الإنسانية والوطنية. الشعب العراقي لا يقبل رضوخ العناصر العميلة للنظام الإيراني للطلبات الإيرانية.
أصبحت الآن استراتيجية المجتمع الدولي بشکل عام والولايات المتحدة تترکز بشکل خاص علی تغيير النظام الإيراني. في إيران انطلقت حرکة انتفاضة واسعة لاسقاط الديکتاتورية الدينية الحاکمة وتوسعت استراتيجية تنشيط ألف بؤرة للعصيان داخل المدن الإيرانية مما جعل وقت اسقاط النظام في افق قريب.
مع هکذا افق يمکن القول، في العراق، المستقبل يتم الترحيب فقط بعناصر تواکب هذه الاستراتيجية وتنسجم معها. تغيير النظام الإيراني ليس فقط مطلب الشعب الإيراني وانما مطلب جميع شعوب الشرق الأوسط وکثيرين في المجتمع الدولي.

 
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.


مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة