الجمعة, أبريل 26, 2024

عهد الترنح

0Shares


بقلم: سعاد عزيز

 

صار واضحا أن هناک عدد هائل من المخاطر و التحديات التي يواجه نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية خصوصا بعد إنتهاء الفترة الذهبية له خلال عهد الرئيس الامريکي السابق أوباما حيث کان يمتلک الکثير من الخيارات و الاوراق ليلعبه کما يشاء أمام خصومه، لکن ليس هناک من تهديد استثنائي يلقي بظلاله علی النظام برمته کما هو الحال مع ملف الفساد الذي صار ليس يهدد النظام وانما يعصف به بقوة ولاسيما بعد أن طالت ملفات الفساد الدوائر الضيقة للأوساط الحاکمة و المتنفذة في طهران.

قضايا الفساد التي کانت تلاحق حتی الامس رموزا و شخصيات محسوبة علی قادة و مسؤولين إيرانيين ضمن الدوائر المغلقة، باتت تطال اليوم الرموز و الشخصيات القيادية الايرانية نفسها، ذلک إنه و بعد أن طالت قضايا الفساد صادق لاريجاني، رئيس السلطة القضائية في إيران، بتهم فساد مالية من خلال إمتلاکه 63 حسابا شخصيا في البنوک، تدر له أرباحا بالمليارات شهريا من فوائد الکفالات المالية للمواطنين الذين لديهم قضايا في المحاکم، فقد وصل الامر الی حد صدور شکوی قضائية ضد الرئيس السابق أحمدي نجاد، بتهم إختلاس المليارات و سرقات و کذلک فساد بالقطاع النفطي، بالاضافة الی قروض و منح لمقربيه خلال فترة رئاسته ومايدور حاليا رحی مواجهة فريدة من نوعها بين نجاف ولاريجاني و نشر غسيلهما الخاص.
قضايا الفساد التي باتت تطرح بقوة من خلال مطالبة الشارع الايراني بها، والتي ترکز علی الدوائر الضيقة للنظام، تأتي بعد أن طفح الکيل بالشعب الايراني من جراء تردي الاوضاع المعيشية و سيرها من سئ الی الاسوء، وفي الوقت الذي يوجد هناک رفض من رفع معدلات الاجور و الرواتب لقطاعات اساسية في المجتمع الايراني نظير العمال و المعلمين الذين بات معظمهم يعيشون تحت خط الفقر، فإن الرواتب الفلکية للمسؤولين رفيعي المستوی و المقربين من الدوائر الضيقة في طهران لازالت مستمرة علی قدم و ساق، ولاريب من إن تفاقم الفقر و إزدياده بصورة ملفتة للنظر في إيران يقابله تزايد و إرتفاع الغنی و الثروة لدی حفنات من الاثرياء المحسوبين علی الدوائر الضيقة الحاکمة وکل هذا يأتي في وقت يذکر تقرير من موقع دنيا الحکومي للإقتصاد بأنه:”يظهر إحصائيات البنک المرکزي أنه خلال العامين الماضيين، إنخفضت بشکل حاد حسابات رأس المال وحصول تغيرات في الاحتياطيات الدولية. ووفقا لهذه الإحصاءات، فإن کفة خروج و دخول رأس المال قد ازدادت وثقلت لصالح سحب رأس المال الي الخارج ؛ ونتيجة لذلک، فان هذه الموارد او المصادر إما بالحد الأدنی من الطلب، خرجت من دورة اقتصاد البلد اوانتهجت الطريق المؤدي الی خارج من الحدود”، وهذا إعتراف واضح بتردي الاوضاع الاقتصادية الی أبعد حد في إيران وإن الاقتصاد علی حافة الترنح و الاقتراب من الانهيار.
الاقتصاد الايراني الذي يترنح بين طرفين اساسيين يسيطران و يهيمنان عليه وهما المرشد الاعلی الايراني الذي تتجمع بين يديه ثروة خيالية تقدر بأکثر من 95 مليار دولار، والحرس الثوري الذي يکاد أن يمسک بأکثر من نصف الاقتصاد الايراني و يصبح صاحب الکلمة الاولی فيه، يواجه اليوم أوضاعا صعبة جدا بفعل تدني اسعار البترول من جهة و بسبب من تشديد العقوبات الاقتصادية علی طهران من جانب الدول الغربية، وإن إرتفاع نسبة البطالة و إزدياد نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر أو أولئک الذين يعانون من المجاعة، ترسم ظلالا داکنة في السياق الذي تسير فيه الاوضاع في إيران والتي وصلت الی ذروتها علی أثر الانتفاضة الاخيرة التي يری المراقبون إنها قد فصلت بين عهدين بما يمکن إحتمال الکثير من الخيارت التي معظمها وفي خطها العام ليست لصالح النظام.

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة