الجمعة, أبريل 26, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانهل سيعترف خامنئي بفشل نظرية ولاية الفقيه؟

هل سيعترف خامنئي بفشل نظرية ولاية الفقيه؟

0Shares

نزار جاف

ضريبة الفشل قاسية جدا، وليس بإمکان أحد أن يتهرب من دفع ثمنه مهما بذل من مساع. هانيبال عندما إنتحر فقد کان ذلک ثمن هزيمته التي کانت فشلا عسکريا. أما هزيمة الارجنتين أمام بريطانيا بسبب الصراع علی جزيرة الفوکلاند، فقد کانت سببا وراء إستقالة الرئيس الارجنتيني بإعتباره فشل في إدارة الصراع. لکن هناک حالات شاذة لحالات فشل قاتلة مستمرة رغم إنها لم تعد تجد نفعا وهي أشبه ماتکون بالسباحة ضد التيار، ولعل القول المأثور للباحث و الشاعر الايطالي بترارک من أن”سقوط الإنسان ليس فشلا ، و لکن الفشل أن يبقی حيث سقط.”، هي أفضل تعبير حن هذه الحالات، ذلک إن الاصرار علی الفشل و إجبار شعب برمته أن يتجرع مرارة کأسه، هو أسوء أنواع السقوط الانساني ببعده الاخلاقي علی وجه التحديد.
الفاشلون الذين يصرون علی عدم الاعتراف بفشلهم و يحاولون بشتی الطرق التهرب من نتائجه و آثاره و إلقاء تبعاته علی غيرهمأو السعي لإيجاد تبريرات واهية له، هم في الحقيقة نماذج غير عادية و تمتلک وجوها من مکونات غير تلک التي يمتلکها الناس، ذلک إن الانسان عندما يواجه حالة فشل فإنه تنتابه حالة من الارباک و تغطي سحنته معالم الخجل و الاحباط و الشعور بالندم، أما هؤلاء الفاشلون فإن وجوههم قد إنقلبت کالحديد الذي غطاه الصدأ، فلم يبق هناک من لحم و دم و إحساس و شعور حتی تری حمرة الخجل و الندم، بل تری صفاقة ليست بعدها من صفاقة.
التصدي لحالات الفشل السياسي ـ الاقتصادي ـ الفکري في بلدان العالم العالم ثالث، يجذب الباحث الی نماذج”مقززة” تثير الاشمئزاز و القرف في النفوس، خصوصا عندما نجد هناک شعوبا تعاني من وطأة هذه النماذج التي تصر علی بقاءها في”خانة السقوط” في أدنی و أوطأ منازلها، لکن النماذج التي تلفت النظر أکثر من غيرها بل و تکاد أن تغطي علی فشل الآخرين بإمتياز، هي تلک النماذج التي تطرح نفسها کقدوات يجب التأسي بها و النهل من مناهلها، کما يبدو واضحا في نموذج نظام ولاية الفقيه في إيران و الذي يسخر في أدبياته من کل أنواع الانظمة السياسية ـ الفکرية القائمة في العالم و ينعتها بالفاشلة و القاصرة وإنها لوحدها تمثل الحل للإنسانية برمتها!
الجمهورية الاسلامية الايرانية، التي تأسست علی أساس نظرية ولاية الفقيه، وبعد عمر مديد طال لأکثر من 39، عاما، يتنافح قادتها و مسؤوليها في إلقاء تبعات الفشل السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي علی بعضهم البعض، بل وإن الولي الفقيه الذي هو قلب و جوهر النظام و المهيمن و المسيطر علی کل شئ، يلقي بتبعات الفشل الذي وصل إليه نظام ولاية الفقيه علی هذا و ذاک من القادة و المسؤولين الذين کان للأمس يشيد بهم و يعتبرهم نماذج للبطولة و الفداء.
لن نورد هنا ماتذکره المقاومة الايرانية ولا حتی المصادر المحايدة من معلومات بشأن الاوضاع المزرية في داخل إيران وانما نور مايذکره المسؤولون الإيرانيون علی وجه التحديد و مصادرهم و وسائل إعلامهم المسيرة و ننطلق من خلال ذلک من أجل الحکم علی الاوضاع في إيران، فقد أعلن برويز فتاحي رئيس لجنة الخميني الإغاثية الحکومية في إيران اواخر العام الماضي، “أن 40 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر،” أي نصف مجموع السکان البالغ عددهم 80 مليونا. وبنفس الاتجاه فقد قال يحيی آل اسحاق، رئيس غرفة التجارية المشترکة الإيرانية – العراقية قال في تصريحات في “مارس” الماضي، إن 45 مليون مواطن من مجموع 80 مليون من سکان البلاد يعيشون ضيق العيش ولا يمتلکون قوت يومهم ويعانون من أصعب الظروف نظرا لارتفاع معدلات التضخم والغلاء وتزايد النفقات والبطالة. وأکد آل اسحاق بالأرقام أن أکثر من 60 بالمئة من المواطنين الإيرانيين لا يستطيعون إيجاد توازن بين دخلهم ونفقاتهم”، موضحا أن البلادتعاني من بطالة تتراوح نسبتها بين 2 و8 ملايين شخص وأن سکان کبريات المدن يصرفون ثلثي رواتبهم لدفع إيجار السکن”.
وقد يتم إدراک الی أي حد طغت القتامة علی علی المشهد الايراني من الناحية الاقتصادية عندما نطالع تصريحات حبيب الله مسعودي، مساعد لشؤون الرعاية الاجتماعية في آب/أغسطس من العام المنصرم بوجود 600 وليد تم عرضهم للبيع من مجموع 1200 لدی هيئة الرعاية الاجتماعية.
أما عن بيع المواليد الرضع بأسعار مختلفة، فکتب موقع “عصر إيران” الحکومي في 26 تموز/يوليو 2016 أن “ترتيب أسعار بيع الوليد مختلفة ويتراوح بين 500 ألف تومان ومليون تومان. وإذا کان وليد مدمنا فينخفض سعره، وإذا کان سليما فيرتفع سعره. هناک حالات مروعة ومؤلمة عديدة حيث تقشعر لها الأبدان”.
وفي حزيران/يونيو الماضي، نشرت وکالة “إيسنا” تقريرا عن الأطفال الذين يبحثون عن الطعام في النفايات، وکتبت أن الإحصائيات الرسمية تظهر أن مليوني طفل يضطرون للعمل لکسب قوتهم وقوت عوائلهم.
أما عن تجارة الأعضاء البشرية للأطفال فکتبت وکالة أنباء “فارس” في تموز/يوليو 2017 نقلا عن عضوة المجلس البلدي لطهران، فاطمة دانشور، أنه في العديد من حالات يختفي الأطفال ويتم تهريب أعضاء جسمهم وبعد فترة يتم العثور علی جثث بعض منهم في صحاری بدون کلي وعيون”.
وفي خضم هذا الوضع المزري الذي يعاني منه الشعب الايراني و الفشل الواضح جدا في إدارة الاوضاع في إيران، وفي ظل تراشق الجناحين الرئيسيين التهم ضد بعضهما من أجل التخلص من أعباء تحمل مسؤولية ماقد آلت إليه الاوضاع في إيران، يخرج الحاکم بأمره و رأس هرم النظام، آية الله علي خامنئي عن صمتهليدلي بدلوه هو الآخر ولکن باسلوب و طريقة من يسعی لإبعاد أصابع الاتهام الموجهة الی سوء و فشل قيادته المطلقة للبلاد و السعي لرمي کرة النار في أحضان آخرين، عندما صرح قبل فترةقائلا إن “أولئک الذين بيدهم إدارة البلاد وشؤونها التنفيذية اليوم أو أمس، ليس لديهم الحق في تولي دور المعارضة والمنافسين؛ بل يجب أن يتحملوا المسؤولية”، وذلک في إشارة واضحة إلی الرئيسين الحالي السابق حسن روحاني ومحمود أحمدي نجاد، اللذين لديهما آراء انتقادية تجاه صناع القرار والمؤسسات المقربة من خامنئي، خاصة تجاه رئيس القضاء صادق أملي لاريجاني المقرب من المرشد.
إنتفاضة عام 2009 و إنتفاضة أواخر عام 2017، هتفتا بشعار الموت لخامنئي، وتم إحراق و تمزيق صوره و المطالبة بتنحيه عن الحکم، بل وإن الشعب الايراني قد کان صريحا الی أبعد حد مع عندما هتف في شعار له”سيد علي أخجل و أترک الحکم”، ولکن سيد علي، عوضا عن أن يقدم الاعتذار للشعب الايراني و يعلن عن تحمله مسؤولية ماقد آلت إليه الاوضاع فإنه لايزال يدور في فلک نظرية المؤامرة، فيتهم تارة منظمة مجاهدي خلق بالتآمر ضده و قيادة الانتفاضة(رغم إن هذا النظام قد أکد مرارا علی إن منظمة مجاهدي خلق قد إنتهت في داخل إيران ولم يعد لها من دور، وإن هکذا إعتراف هو بحد ذاته إقرار بالفشل في مواجهة المنظمة و إعتراف نوعي بدورها) و تارة أخری يتهم قادة و مسؤولين إيرانيين بالفشڵ في إدارة الامور و إيصال البلاد الی هذا المفترق الخطير، لکنه لايزال يصر علی البقاء في الحکم و التشبث بنظرية ولاية الفقيه التي ماتت منذ إنتفاضة عام 2009، رغم إن العديد من المسؤولين الإيرانيين قد إعترفوا ضمنيا بأن نظرية ولاية الفقيه قد صارت عاجزة ولم تعد تجد نفعا، لکن مع ذلک لايمکن أبدا توقع أن يبادر خامنئي للإعتراف بفشل هذه النظرية بل يجب الانتظار دائما حالة هروبه المستمر للأمام والذي صار سمة أساسية للنظام کله!

نقلا عن ايلاف

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة