السبت, مايو 4, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانكيف أدى خداع النظام إلى تفاقم أزمة كوفيد- 19 في إيران؟

كيف أدى خداع النظام إلى تفاقم أزمة كوفيد- 19 في إيران؟

0Shares

يستمر تفشي فيروس كوفيد- 19 في إيران في الازدياد، حيث أبلغت سلطات النظام يوم الاثنين أن عدد الأصابات قد زاد بأكثر من 40 ألف حالة في غضون 24 ساعة. وخلال الفترة نفسها، تم الإبلاغ عن وفاة 588 مريضًا جراء الأصابة بالفيروس، مما رفع إجمالي عدد الوفيات بالإحصاءات المفبركة للنظام إلى 94603. على الرغم من أن أحدث الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة الإيرانية تشير إلى حدوث إصابة جديدة كل ثانيتين وحالة وفاة كل دقيقتين، إلا أن النظام لا يزال يقلل من خطورة الأزمة الحقيقية.

يتابع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بعناية معدلات الإصابة بفيروس كوفيد- 19 والوفيات في إيران منذ بداية الوباء. وذلك اعتمادًا على سجلات المستشفيات، والوثائق الحكومية المسربة، وإفادات شهود العيان، والتي حصلت عليها شبكة واسعة النطاق تابعة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية. وفقًا لآخر تقرير لمنظمة مجاهدي خلق يوم الخميس، كان هناك أكثر من 358،900 حالة وفاة بسبب فيروس كورونا منذ بداية عام 2020، أو حوالي 3.75 ضعف الإحصاءات التي قدمها النظام.

وصل الوضع إلى درجة أن مسؤولي النظام يعترفون بخطورة الأزمة. على سبيل المثال، صرّح نائب وزير الصحة، إيرج حريرجي، لوكالة أنباء النظام "إيرنا" أنه يتوقع أن معدل الإصابة ومعدل الوفيات "سيستمران في الارتفاع بشكل كبير."

يشير هذا التقييم إلى الفشل الملحوظ لجميع جهود التخفيف من الأزمة، التي تم اتباعها مؤخرًا، فضلاً عن عدم الثقة في قدرة الرئيس الجديد للنظام إبراهيم رئيسي على التعامل مع الوضع بشكل أكثر فاعلية من سلفه، حسن روحاني.

 

أياً كان من يشغل منصب الرئيس، فإن أفعاله مقيدة بإرادة المرشد الأعلى، الذي يتمتع بالسلطة النهائية على جميع الشؤون السياسية تقريبًا، الخارجية والداخلية. وفي المقابلة نفسها مع وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إيرنا)، أقر حريرجي بأن قرارات المرشد الأعلى علي خامنئي جعلت الوضع أسوأ في الأشهر الأخيرة. وأضاف: " إذا كان لدينا لقاحات، لما كنًا في مثل هذا الوضع"، لكنه توقف عن الإشارة بشكل مباشر إلى التأثير الذي أحدثه خامنئي بشأن توافر اللقاحات.

في يناير/ كانون الثاني، عندما بدأت لقاحات كورونا في الظهور على مستوى العالم، أعلن خامنئي أن إيران مُنعت من استيراد أي جرعات تم إنتاجها في الولايات المتحدة أو بريطانيا. كان للقرار تأثير فوري لإلغاء التبرع المرتب مسبقًا بحوالي 100000 جرعة لإيران من قبل منظمة خيرية أمريكية. يصعب تحديد الآثار طويلة المدى، ولكن بالنظر إلى أن إيران تشارك في خطة كوفاكس التابعة لمنظمة الصحة العالمية لتوزيع اللقاحات، فلا شك في أن هذا التقييد قلل من وصول المدنيين الإيرانيين إلى الأدوية المنقذة للحياة.

في غضون ذلك، تم التأكيد على أن بعض مسؤولي النظام سافروا للخارج من أجل الحصول على لقاحات عالية الفعالية، بينما اضطر أقل من ثلاثة بالمائة من الإيرانيين العاديين الذين تلقوا مراحل من التلقيح إلى الاعتماد على بدائل محلية الصنع أو واردات من روسيا والصين، لم يتم اختبار أي منها على نطاق واسع مثل اللقاحات الأمريكية والبريطانية ، ولم تثبت فعاليتها في الاختبارات التي تم إجراؤها.

في الوقت نفسه الذي تبنى فيه خامنئي هذا الوضع وفرضه، حاول هو ومسئولوه إلقاء اللوم على العقوبات الاقتصادية الأمريكية في تفاقم أزمة الصحة العامة. ووصف نظام الملالي في تصريحات عامة العقوبات بأنها إرهاب طبي، بحجة أنها منعت استيراد لقاحات وأدوية أخرى. ولكن في الواقع، تُعفى الأدوية والغذاء والسلع الإنسانية الأخرى صراحةً من إنفاذ العقوبات، وعلى أي حال، يصعب التعامل مع حجة النظام على محمل الجد عندما يتعمد رفض عروض المساعدة الطبية القادمة مباشرة من الولايات المتحدة.

 

أرجأت سلطات النظام الإعلان عن وصول الفيروس إلى إيران لمدة شهر كامل، بحجة منع القلق العام من تقليص المشاركة في سلسلة من الأحداث الحكومية، بما في ذلك الاحتفالات بالذكرى الأربعين لتأسيس النظام، وإحياء ذكرى لواء النظام سيئ السمعة الذي قُتل في غارة بطائرة مسيرة في يناير/ كانون الثاني 2020، والانتخابات البرلمانية الوهمية التي كان النشطاء الإيرانيون يحثون الناس على مقاطعتها كنوع من الاحتجاج. بينما قاطع الناس الأحداث الثلاثة، أصبح هؤلاء المؤيدون القلائل الذين شاركوا في النظام حاملين للفيروس ونشروا الوباء في جميع أنحاء إيران.

تكشف وثائق من منظمة الطوارئ الوطنية الإيرانية عن تسجيل حالات إصابة بفيروس كوفيد -19 في إيران في أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2019 أو أوائل يناير/ كانون الثاني 2020، ومع ذلك، فإن أول بيان علني لطهران حول هذا الموضوع لم يخرج حتى منتصف فبراير/ شباط. بحلول ذلك الوقت، انتشر الفيروس على نطاق واسع في غياب أي جهود للتخفيف من حدته، وأشارت التقارير الواردة من المناطق الأكثر تضرراً إلى أن عدد الوفيات وصل بالفعل إلى المئات. في غضون ذلك، واصلت وزارة الصحة التابعة للنظام الإبلاغ عن عدد الوفيات المكون من رقم أو اثنين فقط بينما وضع خامنئي وغيره من كبار المسؤولين سياستهم لإدارة الأزمة دون اعتبار للمخاطر على الصحة العامة.

في الواقع، في مارس/ آذار 2020، عندما احتفلت إيران ببداية سنة تقويمية جديدة، أعلن خامنئي أنه يجب أن تتميز تلك السنة من خلال محاولة "زيادة الإنتاج". وبهذه الطريقة، رفض فعليًا أي فكرة عن عمليات إغلاق بعيدة المدى، وكذلك أي اقتراح بأنه قد يفرج عن أموال لمساعدة الشعب الإيراني على تجاوز الأزمة دون تعريض أنفسهم للخطر من أجل الحفاظ على الطعام على موائدهم.

 

يتمتع خامنئي بالسيطرة المباشرة على أصول بمئات المليارات من الدولارات، معظمها مملوكة لما يسمى بالمؤسسات الدينية، وأن قوات حرس نظام الملالي  تسيطر على حشد مماثل من الثروة عبر سلسلة من الشركات التي تعمل كواجهة لها. كان من الممكن الاستفادة من أي عدد من هذه الموارد لتوفير استجابة أكثر فاعلية للوباء، ولكن بدلاً من ذلك، أظهر النظام رضاه عن عمليات الإغلاق المتفرقة والضعيفة التي تهدف إلى التخفيف من الاحتجاج العام أكثر من كونها تقلل من انتشار فيروس كورونا.

كان النظام في حالة تأهب قصوى بشكل ملحوظ في أعقاب الانتفاضة الوطنية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، والتي نقلت إلى حد كبير نفس الرسالة المناهضة للنظام مثل الانتفاضة السابقة في يناير/ كانون الثاني 2018. كان قلق نظام الملالي من موجة المعارضة هذه واضحًا من حقيقة أن قوات الأمن التابعة للنظام أطلقت النار على الحشود بعد فترة وجيزة من اندلاع الانتفاضة الثانية وقتلت ما يقرب من 1500 شخص. ومع ذلك، فإن هذا لم يمنع تكرار المظاهرات واسعة النطاق في يناير/ كانون الثاني 2020.

 

التهديد الإضافي لفيروس كورونا وحده قادر على منع مثل هذه الاضطرابات على المدى الطويل. ويستغل خامنئي الوباء كسلاح. في خطاب ألقاه أمام مسئولي نظام الملالي، توقع أن يكون تفشي الأوبئة المحلية بمثابة "نعمة". ولكن على الرغم من أن حالات التفشي الحالية ربما تكون أسوأ ما واجهته إيران حتى الآن، يبدو أن تأثيرها المخفف على الاحتجاج العام قد انتهى. منذ تعيين إبراهيم رئيسي في منصب الرئاسة في 18 يونيو/ حزيران، كانت الاضطرابات سمة ثابتة إلى حد ما في المجتمع الإيراني. حيث تم توجيه المظاهرات العامة ضد مجموعة واسعة من القضايا، ومع استمرار انتشار المعلومات حول سوء إدارة النظام للوباء، فمن المرجح أن تعمل هذه القضية كمزيد من الوقود لنفس الحريق.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة