الأربعاء, أبريل 24, 2024
الرئيسيةأخبار وتقاريرتقاريرخصوصيات انتفاضة الشعب الإيراني

خصوصيات انتفاضة الشعب الإيراني

0Shares

تؤكد الانتفاضات المتتالية للشعب الإيراني ومطالبهم وشعاراتهم على مطلب واحد وحل شامل ووطني. وبدأت هذه الانتفاضات منذ التسعينات من القرن الماضي في شكل حالات منفردة حتى العقد الأول من القرن 21 حيث استمرت الانتفاضة من حزيران/ يونيو حتى كانون الثاني/ يناير. والآن في العقد الثاني من القرن الحديث أصبحت الانتفاضة شاملة ومن الضروري مراجعة خصوصياتها وميزاتها.

من التشتت حتى الاستمرار

استمرت الانتفاضات منذ بدئها من التشتت حتى حد الاستمرار لما يقارب 20عاما. وجرب حكم ولاية الفقيه أنواع الحيل واللعب المخملية ليحرف مسار المطالب وإعداد الفخ ولكن ورغم جميع التحولات والتغييرات وإثارة الأوهام وهدر الطاقات، تواصلت الانتفاضات من التشتت حتى الاستمرار لتصل إلى المطلب القاضي بالإسقاط.

وفي هذا المسار، تحولت مطالب المواطنين ـ خاصة النساء والشباب ـ من التشتت في القضايا إلى التركيز على المطالب المشتركة والوطنية والرئيسية. والمقصود من المشتركة والوطنية والرئيسية هو اتجاهها سياسيا تجاه الحكم. وفي الحقيقة وتحت مظلة الأنظمة الدكتاتورية ـ خاصة من نوعها الشمولي الديني الخاص للملالي ـ يأخذ كل شيء لدى المواطنين طابعا سياسيا. وذلك نظير الظروف الراهنة التي أخذ فيها الماء والخبز والإيداعات المصرفية والملابس وشعر الرأس والموسيقى وحقوق العمال والموظفين والجامعيين وهروب الأدمغة والفقر وبيع أعضاء الجسم والعيش اليومي للمواطنين، طابعا سياسيا.

من الكمية إلى النوعية

يبرز السير من الكمية نحو النوعية خلال مسار قطعته انتفاضة الشعب الإيراني منذ أشهر. وهذا السير يبرز علامات في حد ذاته ينبغي الاهتمام بأهميتها بما اقتضى الأمر حتى يمكن التعرف على هذه النوعية المتاحة في متناول اليد.

ويمكن تنظيم النوعية المتاحة في متناول اليد بمواصفات أكدت عليها رسالة رقم 10 لجيش التحرير الوطني الإيراني بصورة أفضل والتعرف عليها. وندرس هذه المواصفات بجذور وأرضيات لاحظناها في الانتفاضات خلال الأشهر الأخيرة:

تواصل الانتفاضة

بعد انتفاضة كانون الثاني/ يناير 2018 بلغت الانتفاضة مرحلة جديدة بعد ما اجتازت مرحلة التشتت لتصل إلى مرحلة الاستمرار. وقد تغيرت الظروف وبرزت نوعية نفسها حيث تجسدت المؤشرة الرئيسية لذلك فقط شعار «أيها الإصلاحي، أيها الأصولي انتهت لعبتكما». ولقد سلط المواطنون الضوء على صلب القضية. إذًا هناك خلاف عنيد بين المواطنين والحكومة حيث برزت أكثر من أي وقت مضى. ومنذ ذلك الحين حتى الآن، لم يأت أسبوع لم تشهد فيه بضع المدن الإيرانية مشهد اشتباك بين المواطنين والقوات القمعية الحكومية.

وتنطبق مطالب المواطنين مع الحقائق الملموسة لعيشهم إلى حد لا يمكن تغاضيها أبدا. وتعد هذه المطالب، مطالب طغت على الحكومة حيث تتوقف إجابة مطالب المواطنين على إنهاء الاختلاس والسلب والوجود في سوريا واليمن والعراق والإفراج عن السجناء السياسيين وإزالة الدكتاتورية.

وبالنتيجة لا يمكن للمواطنين التنازل عن الحد الأدنى لمعيشتهم وحياتهم، كما لا يمكن لحكم الولاية الرد والإجابة على هذه المطالب. ناهيك عن الرد على هذه المطالب ليس إلا رفض نظام ولاية الفقيه جملة وتفصيلا. ولذلك سوف تتواصل هذه الانتفاضات من دون شك.

اتساع نطاق الانتفاضة

في الحقيقة تنطوي القضايا الطاغية على المواطنين والمعاناة التي تحملوها وسخطهم تجاه حكم ولاية الفقيه طيلة 40عاما، على جميع نواحي الحياة والوجود الإنساني وهي شاملة وواسعة كهضبة إيران. وإذا ما نرسم محورا افتراضيا منذ 20عاما ماضيا، نشاهد أن انتفاضات الشعب الإيراني من حالات منفردة نظير انتفاضة قزوين في 1994 حتى الآن، تسير في التقدم من خلال حركة عرضية وواسعة. وفي انتفاضة كانون الثاني/ يناير 2018 حيث بدأت من مدينة مشهد سرعان ما انتشرت الانتفاضة إلى 142مدينة في إيران خلال يومين فقط حيث تعرض نظام الملالي لأزمة البقاء والوجود.

وكانت انتفاضة كانون الثاني/ يناير 2018 بمثابة فتيل انتهى بمعاقل السخط والاحتجاج. وبعدها انتفضت مدينة كازرون ومن ثم شاهدنا تظاهرات العمال ببيان ختامي مختلف جدا بالمقارنة مع نظيره في العام الماضي. وبعدهم انتفض سائقو الشاحنات الكادحون في وجه الحكم النهاب والمستغل.

ونقطة لابد من تذكيرها في مجالات اتساع نطاق الانتفاضات هي دور حالات الغدر في البيئة من قبل حكم ولاية الفقيه وتدمير الموارد الطبيعة والإقليمية في إيران. ولذلك اتسع نطاق الانتفاضات حتى انتفاضة أهالي الأهواز وبرازجان وخرمشهر ضد تدمير البيئة والمياه من قبل الحكومة.

والآن بشأن الاتفاق النووي ونتائجه والفساد الحكومي الحد الأدنى للعيش ورفض الدكتاتورية، أصبحت انتفاضات الشعب الإيراني ذات طابع سياسي وموجهة بشكل تام. ولذلك لا بد من التأكيد على اتساع نطاق الانتفاضة في كل أنحاء إيران.

تعميق الانتفاضة

كما تم تذكيره في مقدمة هذا المقال، لقد اجتازت انتفاضات الشعب الإيراني مسارا من الكمية نحو النوعية. والنوعية الناتجة هي مرهونة بتركيز المواطنين على الأسس والمؤسسات التركيبية لنظام الملالي. و يعتبر الاستئثار ودكتاتورية ولاية الفقيه ودائرة السلطة غير القابلة للنفوذ والاعتداء على بلدان المنطقة، المواصفات الثلاث البارزة لهذه الحكومة.

وأظهرت انتفاضات كانون الثاني/ يناير أنه ومن وجهة نظر الشعب الإيراني لا بد من إسقاط حكم ولاية الفقيه بجميع زمره وفصائله ولا يوجد حل في هذا النظام من داخله. وعندما يصرخ مواطنون ويكررون دوما شعار «أيها الإصلاحي، أيها الأصولي، انتهت لعبتكما» فهم يتحدون هذا النظام برمته دون شك. لأن جذور الفساد والدمار والسلب والعدوانية والدكتاتورية معتمدة على أسس قروسطية ومعادية للإنسان حيث تعتبر الحكومة «وديعة إلهية» لنفسها معتبرة الحفاظ عليها «أوجب الواجبات». وبالتالي تستهدف مطالبات المواطنين في مسار تعميقها الجذور والمواصفات الثلاث الرئيسية لحكم ولاية الفقيه: «طالما بقي الدكتاور في السلطة، فالانتفاضة مستمرة»، «اترك سوريا وفكر في ظروفنا» و«الموت للدكتاتور والموت لخامنئي» و« ليرحل الملالي لا تنفعهم الدبابة والمدفع» و«نموت ونموت، نستعيد إيران» و«ويل لكم عندما نتسلح» و …

والآن يخشى نظام الملالي من أن الانتفاضات تعمقت وتحولت إلى ساحة يقف فيها المواطنون في وجه الحكم لرفضه تماما. والآن تركز الانتفاضات على المواصفات الثلاث والأعمدة الثلاث لحكم ولاية الفقيه، بقوة الأذرع القوية والقادرة لأياد بوسعة أرض إيران.

ترابط الانتفاضة مع المقاومة المنظمة

قبل 37عاما خاضت المقاومة الإيرانية المنظمة نضالا شاملا ودوليا للإطاحة لحكم الولي الفقيه حيث تعرض النضال لعقبات وحواجز فضلا عن مختلف الفتن والاختبارات على الصعيدين الدولي والإقليمي.

والآن هناك مقاومة منظمة وقوية وقادرة في الترابط مع مجتمعها ومواطنيها مما يشكل عاملا حاسما حيث أبدى نظام الملالي في انتفاضة كانون الثاني/ يناير 2018 وفي الانتفاضات الجارية هذه الأيام ذعره أكثر من مرة وبألحان مختلفة ومقالات متكررة.

وفي الحقيقة أن انتفاضات الشعب الإيراني باستمرارها واتساع نطاقها وعمقها ومن أجل الحصول على النتيجة النهائية بحاجة إلى التنظيم لتكون أقوى للإطاحة بدكتاتورية ولاية الفقيه. والآن بدأت جميع الأرضيات الضرورية تتهيأ. وأصبح الترابط بين الانتفاضة مع المقاومة المنظمة مرحلة ذات نوعية ينبغي مشاهدة نتائجها لصالح المواطنين وتقرير مصيرهم.

لا مفر للعدو المعادي للإنسانية أمام الانتفاضات ولا يملك ورقة رابحة

إن نظام الملالي وطيلة السنوات الـ40 الماضية لم يقصر في ممارسة أنواع القمع والتعذيب والتهديد والتخويف والابتزاز والإعدام ورمي المعارضين بالرصاص والاغتيال والاختطاف. ولا يمكن الحفاظ على المواصفات الثلاث الجذرية والتركيبية لنظام ولاية الفقيه سوى باستخدام أدوات القمع هذه.

ربما كان من المستبعد أن يتورط هذا النظام المجرم والمعادي للإنسانية، في المأزق في غاية العجز والإعياء يوما ما وذلك في وجه الشعب الإيراني. ويعتبر ذلك من نتائج تواصل وتعميق واتساع نطاق الانتفاضات.

وكان الحل المعتمد على القمع في هذا النظام متزامنا مع الاحتيال والغش واستخدام الأوراق المخملية بل الجريمة السافرة. والآن أحرق المواطنون الإيرانيون من خلال استمرار الانتفاضات وتعميقها واتساع نطاقها جميع الأوراق المخملية لنظام الملالي وجرائمه وتم إحباط القمع بشكل واضح لاحتواء الانتفاضة. ومن الواضح جدا أن هذا الحكم القروسطي لن يتنازل عن القمع والخدعة والاحتيال ولكن وبشكل خاص في مجال القمع السافر ليس طليق اليدين حيث تطغى ما يترتب منه من تداعيات عليه.

حصاد عاصفة أقوى من عاصفة النظام

وتورط هذا النظام الذي أشرنا إلى مواصفاتها في مأزق من دون مناص ومفر ولا يملك ورقة رابحة حيث لا بد له حصاد عاصفة زرعها! ولكن في عاصفة الغضب والعصيان وانتفاضة المواطنين، ما يحصده ليس إلا عاصفة أشد ومأزق أصعب مما يضعف قدراته أكثر فأكثر نحو العجز. وتورط خامنئي وجهاز ولاية الفقيه في جبهة تتسع كل مساحة إيران والمنطقة والعالم. ولا شك أنه وفي نوعية الانتفاضات التي تتعمق وتتسع وتستمر يوميا، سوف تقول الجبهة الداخلية وهي الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة الكلمة الأولى والأخيرة والورقة الرابحة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة