الجمعة, أبريل 19, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليومإیران.. نظام الملالي یعیش ذروة عزلته الدولیة

إیران.. نظام الملالي یعیش ذروة عزلته الدولیة

0Shares

في أعقاب انتفاضة ینایر 2018،  انقلبت الأمور في إیران رأساً علی عقب وعلی کافة الأصعدة الاجتماعیة والسیاسیة والاقتصادیة.

تمثلت  أبرز هذه التغييرات على الصعید الدولي بما حل بمكانة النظام الإیراني في توازن القوى الإقليمية والدولية، فمنذ تلك الانتفاضة و النظام الإيراني یقف علی حافة منحدر حادّ بینما تجرّه الأحداث والاضطرابات المتتالیة إلی مستنقع متعفّن.

بلغ التدحرج الشديد نحو الهاوية أقصى سرعة، منذ اشتعال انتفاضة يناير 2020.

 

قائمة أزمات النظام الإقلیمیة والدولیة

 

إلقاء نظرة على أحداث الشهرین الماضيین وسلسلة الضربات العديدة التي تلقاها النظام الإیراني علی الصعید الدولي، تساعد علی فهم الوضع الحالي الذي یعاني منه النظام:

● في طليعة التطوّرات الإقليمية والدولية، یجب أن نشیر إلی الانتفاضة المتواصلة للشعب العراقي وانتفاضة الشعب اللبناني، هاتان الانتفاضتان اللتان هزّتا مکانة النظام الإیراني في العراق والمنطقة بشدة ومهدّتا الأرضیة لتلقّیه الضربات السياسية والعسكرية اللاحقة.

● فرض العدید من العقوبات الأمريكية بالإضافة إلى تضییق الخناق علی النظام، یشیر إلی تشدید السیاسة الأمریکیة المتمثّلة في ممارسة الضغط الأقصی علی النظام.

هذه العقوبات قد قضت علی الإشاعات والتوقعات حول وجود مفاوضات سریة بين النظام والولايات المتحدة وأنهت الجهود التي بذلتها بعض الأطراف الأوروبية والإقليمية للوساطة بین واشنطن وطهران.

● هلاك قاسم سليماني الرجل الثاني في النظام والشخصية الرئيسية المنفّذة لسیاسات الولي الفقيه في المنطقة، قد ألحق ضربة نوعية قاصمة بمکانة النظام إقليمياً ودولياً.

 

هذه الضربة القاضیة قد تسببت في انهيار قوات النظام بالوكالة ومرتزقة فیلق القدس الإرهابي في الخارج وانهیار العمق الاستراتیجي لنظام  ولاية الفقيه  في نهایة المطاف.

 

● في ظل سیاسة الولایات المتحدة تجاه إیران، انحسرت سياسة الاسترضاء والمساومة التي کانت تتبعها بعض الدول الأوروبية.

فقد جدّد الاتحاد الأوروبي عقوباته علی النظام ردّاً علی تنفیذ طهران الخطوة الخامسة من تقلیص التزاماتها النوویة وانسحابها الکامل من الاتفاق النووي، بینما لجأت ثلاث دول أوروبیة إلی تفعیل آلیة الزناد (فضّ النزاع).

● تجلّی ابتعاد أوروبا عن سیاسة الاسترضاء والمساومة مع النظام الإیراني بوضوح من خلال موقف بریطانیا الحازم وتصریحات رئیس وزراء هذه الدولة عندما قال: «يجب علينا التخلّص من هذا الاتفاق (النووي) واستبداله باتفاق آخر نبرمه مع ترامب».

● إدراج حزب الشیطان اللبناني -أهم قوة خارجیة للنظام- ضمن قائمة الأحزاب الإرهابیة من قبل بریطانیا، كولومبيا، هندوراس وغواتيمالا.

وإضعاف الحشد الشعبي نوعیاً بعد تصفیة قاسم سلیماني وأبومهدي المهندس باعتباره القوة الرئيسية للنظام في العراق، وحرق ورقة مقتدی الصدر التي کان یراهن علیها النظام في ذلك البلد في خضم النزاع السیاسي، هي مجموعة أخری من الضربات القویة التي تلقّاها النظام الإیراني في العراق وفي المنطقة.

● بعد فشل النظام في تصدیق مشاريع قوانين مجموعة العمل المالي الدولیة FATF بسبب الانقسامات والأزمات الداخلية، حذّرت هذه الاتفاقية الدولية النظام من أنها ستدرجه قریباً ضمن القائمة السوداء.

● طرد دبلوماسيین إرهابيین تابعیین للنظام من جمهوریة ألبانيا بعد مرور عام واحد فقط على طرد سفير النظام من هذه البلاد بتهمة تنفیذ مؤامرات إرهابية ضد مجاهدي خلق، کان بمثابة صفعة شديدة ومهينة علی وجه نظام الولي الفقیه الکهنوتي تلقّاها خامنئي علی مرأی ومسمع من العالم.

وهذه الصفعة  عمّقت ضعف وعزلة النظام علی الصعید الدولي وعزّزت موقع منظمة مجاهدي خلق والمقاومة الإیرانیة سیاسیاً وزادت من مصداقیتهما الدولیة.

● حادث إسقاط الطائرة المدنية الأوکرانیة بصاروخ الحرس والذي أسفر عن مقتل 176 مسافر بريء بینهم 147 إیراني وآخرین من كندا وبریطانیا والسويد وأفغانستان وأوكرانيا، نزل کالصاعقة المدمّرة علی النظام، وزاد وضعه الدولي سوءاً إلی درجة کارثیة لم یسبق لها مثیل علی مدی الأربعة عقود الماضیة.

● تجاوزت عزلة النظام دولیاً المجال السیاسي واتسعت لتشمل المجال الریاضي کذلك. فقد أعلن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم أنه بعد إسقاط طائرة الركاب الأوکرانیة.

فإنّ الفرق المشاركة في مسابقات الأندیة الآسيوية ترفض السفر إلى إيران بسبب انعدام الأمن فیها، ويجب أن تقام مباريات الإياب في دولة ثالثة بدلاً من إيران.

هذا القرار هو بمثابة ضربة سياسية قاسية لنظام الملالي ومکانته على المستوى الآسيوي خصوصاً والعالمي عموماً.

خاصة وأنّ جميع وكالات  السفر والطيران تقريباً قد ألغت رحلاتها إلى إيران بسبب انعدام الأمن في هذه البلاد، مما يحرم النظام من العائدات السياحیة والتي تلعب دوراً حیویاً في اقتصاد الملالي الذي یعاني من أزمة اقتصادیة خانقة بسبب ضغط العقوبات علیه.

 

عند مراجعة أحداث ومستجدات الشأن الإیراني التي تطرّقنا إلیها أعلاه یتّضح لنا أنّ النظام لا یملك أیة أوراق رابحة ولا توجد أمامه أیة حلول  ناجعة فیما یتعلّق بسیاساته الخارجية.

 

الأمر الذي لم یعد یقتصر علی ابتعاد الدول الأوروبية عن سياسة الاسترضاء وعدم استعدادها لتقدیم مزید من المساعدات لنظام متهالك وآیل للسقوط بسبب إنتفاضتي الشعب الإیراني والعراقي فحسب، بل إنّ اللوبیات (جماعات الضغط) التابعة للنظام والتي أنفق الملالي مبالغ طائلة لضمّها إلیه وکسب دعمها وحمایتها، قد باتت تتعرّض للمساءلة والمقاضاة.

بالإضافة إلی مساءلة قادة النظام أنفسهم من قبل السلطات الدولیة بشأن حادث إسقاط الطائرة المدنیة الأوکرانیة.

 

منشأ سلسلة الضربات السیاسیة

نشأت جمیع أزمات النظام فيما یتعلّق بسیاساته الخارجیة نتیجة انتفاضة ینایر 2018 کما یعترف المعمم روحاني  حين قال: لو لا انتفاضة ینایر 2018 ربما لم ينسحب الرئيس الأمريكي من الاتفاق النووي وبالتالي کان یمکن أن تتخذ الأحداث مساراً مغایراً.

کما أنّ أحداث انتفاضة نوفمبر 2019 وإحراق صور قاسم سليماني الجزّار علی أیدي المتظاهرین في إیران والعراق أدّت إلی هلاکه.

 

هذا وأنّ قرار أوروبا بناءً علی تفعیل آلية الزناد ردّاً علی ابتزازات النظام الإیراني والتهدید بالانسحاب من الاتفاق النووي قد تأثر بشکل مباشر بانتفاضة ینایر 2020 للشعب الإیراني.

مما برهن علی أن إعادة توازن القوی الإقلیمیة والدولیة وأیضاً تغییر المعادلات الداخلیة للنظام یتم من خلال عامل رئیسي تجسّد في المتظاهرین والشباب الثوار ومعاقل الانتفاضة.

 

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة