الجمعة, مارس 29, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليومإيران .. مأزق خامنئي في الرد على مقتل قاسم سليماني

إيران .. مأزق خامنئي في الرد على مقتل قاسم سليماني

0Shares

كان لنظام ولاية الفقيه منذ اليوم الأول استراتيجية إرهابية اعتمد عليها حتى انتفاضة يناير 2018. وتقوم هذه الإستراتيجية على الإرهاب واحتجاز الرهائن وخلق الأزمات وإشعال الحروب لصنع هيمنة مزعومة وأوضاع خاصة حتى لا يجرؤ أحد ولا أي قوة على الاقتراب منها، وإظهار سلطة جوفاء لإخضاع منافسيه وإجبارهم بالابتزاز.

وبنظرة على علاقات نظام الملالي مع الدول الأوروبية التي كان دائمًا ما يحتجز بعض رعاياها حتى يجبرهم على تقديم  امتيازات سياسية أو اقتصادية أو على الأقل يجبرهم على نيل حريتهم مقابل تسليم مجرمي وجواسيس نظام الملالي المسجونين في الدول الأوروبية.

نعلم أن الإرهاب واحتجاز الرهائن تم وضعه كنظرية منذ عهد خميني بوصفه نوع آخر من القوة.  ولهذا السبب قال خامنئي أيضًا: "سنفاجئ كل من يهدد مصالح النظام وسنوجه له الصاع بالصاع". (1 يناير 2020) . 

وبعد انتفاضة يناير 2018، بدأت هذه الإستراتيجية في الأفول، خاصة وأنه في عام 2019 هزت انتفاضتي الشعبين العراقي واللبناني العمق الاستراتيجي لنظام الملالي القائم على الإرهاب وتربية المرتزقة في هذه الدول.

وعندما اندلعت انتفاضة نوفمبر 2019 في جميع أنحاء إيران، أدرك الجميع مدى زيف وخدعة قوة النظام المزعومة وأن نظام ولاية الفقيه نظام وحشي ينخر فيه النمل الأبيض من الداخل. 

وأُطلقت رصاصة الخلاص على هذه الهيمنة المزعومة التي استثمرها خامنئي كثيرًا  في 3 يناير 2020 بمقتل الحرسي قاسم سليماني الذي كان رمزًا لقوة نظام الملالي الكاذبة الخادعة في المنطقة، وفجأة رأى العالم أجمع بأم عينيه إلى أي مدى كان استعراض العضلات لا أساس له وباطل.     

بعد هذه الضربة القوية، كان يتعين على نظام الملالي أن يكون له رد فعل فوري مناسب للحفاظ على مظهر السلطة وحفظ ماء وجهه القبيح، وكل يوم يتأخر في الرد يزداد ضعفه وهشاشته اتضاحًا، وتزداد قواته إحباطًا وتعرضًا للسقوط وتتفاقم أزمته الداخلية.  

 أزمة رد الفعل وعواقبها

بعد مقتل قاسم سليماني، بات نظام الملالي يعاني من أزمة متزايدة بشأن الرد على هذه الضربة الاستراتيجية من عدمه. 

وهناك توهم من الصراع داخل النظام الفاشي حول هذه القضية، إذ يقول البعض من زمرة خامنئي : "إن جميع الاستعدادات والأسس للانتقام الشديد من أمريكا الإرهابية جاهزة، وإن التأخير في الانتقام من شأنه أن يلحق الضرر بما يتوقعه الشعب (الأفضل أن تقول بما يتوقعه عناصر نظام الملالي المرعوبين المحبطين).  (صحيفة " كيهان خامنئي 4 يناير 2020).

إن المجموعة التي تحاول أن تقوم بما جاء في المثل ” تجشأ لقمان من غير شبع”، بحيث أنهم يشتكون من بيان المجلس الأعلى للأمن القومي، ويتساؤلون لماذا قيل أن الانتقام سيتم في الوقت المناسب والمكان المناسب؟ لأن عبارة "في الوقت المناسب والمكان المناسب" لا تعني التأكيد في العرف الدبلوماسي. (المصدر نفسه)

ومما لاشك فيه أنهم يعلمون أن البيان الكاذب من إملاءات خامنئي شخصيًا. إلا أنهم مضطرين إلى الجعجعة للحفاظ على مظهرهم. 

ولكن على الجانب الآخر من التوهم، هناك مجموعة أكبر، حيث يؤكد ظريف، وزير خارجية الملالي، قائلًا: " نحن لن ننشغل بالأجواء المختلقة ولن يبتزنا الأمريكان".  وهذا يعني أننا لن نستسلم. إنهم يدعون إلى الهدوء من باب ضبط النفس، ويتوسلون إلى الهيئات الدولية ويدعونها إلى القول: " بأن اتخاذ تدابير فورية مضادة من شأنها أن تؤدي بالضرورة إلى اندلاع الحرب، إلا أن ضبط النفس والاستغلال العالمي للعمل الإرهابي الأمريكي وإدانته ورفعه في الهيئات الدولية والرد بالمثل في الوقت المناسب، سيكون هو الحل الأكثر مثالية". (صحيفة "مردم سالاري " الحكومية – 4 يناير 2020)

 

عواقب الرد من عدمه على مقتل قاسم سليماني 

من الواضح أنه إذا أخذ خامنئي بمشورة هذه المجموعة  ولم يبد أي رد فعل على مقتل قاسم سليماني  فسوف يسقط تمثال قوته الكاذبة الذي ينخر فيه النمل الأبيض عند الجميع، وبداية في أذهان قواته؛ ليحل محله الخوف والفزع من الإطاحة وشدة السقوط . كما أنه إذا أبدى رد فعل فعليه أن يدفع تكاليف باهظة لمقتل قاسم سليماني.    

والجانب الآخر من مأزق خامنئي ناجم عن السياسة الأمريكية الجديدة، فإما أنه يبقي في العراق وسوريا ويدفع ثمن خطر المواجهة اليومية مع أمريكا أو يشتري نفسه ويتمركز في كرمانشاه وهمدان وطهران، كما قال خامنئي نفسه.

ومما لاشک فیه أن نتيجة التعنت في الداخل في التعامل مع الشعب أدى إلى انتفاضة نوفمبر للإطاحة بخامنئي. بمعنى أنه بات واضحًا مدى ضعف الولي الفقيه واهتزازه في مواجهة أمواج هدير الشعب.

حیث أنه استطاع أن يحول دون سقوطه مؤقتا بارتكاب المذابح أو قتل الناجین. إلا أن الولي الفقيه خامنئي نفسه يعلم جيدًا أن القصة لم تنته بعد وأن عاصفة أكثر رعبًا تتربص به في الكمين.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة