الجمعة, مايو 3, 2024
الرئيسيةمقالاتصرخة الإيرانيين

صرخة الإيرانيين

0Shares

بقلم:حسين الشيخ

 

تتسارع وتيرة الأحداث في إيران بما لا ينسجم وتفكير قادتها في الحكم حاليا، صوت الشعب بات ملازما لأسماع المسؤولين وما عاد قمع السلطات له ناجعا، ما الذي تغير حتى وصلت الأمور إلى هذا الحد من الانتفاضة الشعبية على سياسية الحكومة، ولماذا لم تلب حكومة حسن روحاني مطالب شعبها بوقف التدخلات في المنطقة والانتباه للداخل المكبل اقتصاديا؟ في الواقع طهران تعمل خارج حدودها منذ زمن، ليس فقط لشعورها بأهمية الساحات التي تعبث بها كسوريا واليمن والعراق، وإنما لتخفي سوءة الداخل عن الداخل، فالكثير من المشاكل والضغوط الاقتصادية يتعرض لها الإيرانيون وكانت الحكومة تسكتهم بأنها مشغولة بملفات أكثر أهمية تتمثل كما تدعي بمحاربة الإرهاب وغيره من التنظيمات المتطرفة، بينما يقول جزء كبير من أبناء المنطقة العربية إن الإرهاب الحقيقي هو تدخل دولة كإيران بشؤون البلدان العربية، وتكرار مسؤوليها الجملة الاستفزازية للشعوب العربية جمعاء بأن طهران باتت تسيطر على أربع عواصم عربية بغداد وصنعاء ودمشق وبيروت.

نستطيع القول بأن ما يقوم به الشباب الإيراني في الداخل وحراك المعارضة في الخارج لن يبقي الحال في إيران على حاله، وأقل المكتسبات ستكون إجبار حكومة الرئيس حسن روحاني على تغيير سياستها وفرض رؤية معايشة جديدة مع شعوب المنطقة إن لم يصل الأمر إلى تغيير النظام الحاكم برمته.

كانت وما زالت الحكومات الإيرانية المتعاقبة منذ ما يطلق عليه الثورة، تعتمد أسلوب التعتيم على مواطنيها وتقديم مصلحة نهج المسؤولين في التوسع الإقليمي على حساب الشعب الذي رفع صوته مناديا "لا غزة ولا لبنان روحي فداء لإيران".

في العبارة معانٍ كثيرة تختصر الشرخ الكبير بين ما يسعى إليه حكام طهران وبين شعبهم التائق للاستقرار الاقتصادي أولا والخروج من حالة الفقر الواقع فيها بنسبة تتخطى الخمسين في المئة .

سنوات طويلة وطهران تنادي الموت الموت للشيطان الأكبر، والمقصود الولايات المتحدة وتغذي صغارها على هذا الشعار الذي لم يكن إلا صدى حناجر الفقراء من الإيرانيين الذين تفاجأوا بإصرار حكومتهم الكبير على عدم القبول بانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي رغم تطمينات الدول الأوروبية لهم بالاستمرار، وهذا يعني بالضرورة إيمان قادة إيران بدور الولايات المتحدة الكبير في العالم وعدم قدرتهم على مجابهتها، ووصولهم إلى قناعة بأنهم باتوا مكشوفين ليس لشعوب المنطقة، بل والشعب الإيراني على وجه التحديد.

بماذا يختلف الحراك في إيران عن غيره من البلدان العربية أو حتى الغربية التي انتفض فيها الشارع أكثر من مرة ضد الحكومات!؟

في الواقع الحراك في إيران مختلف عن غيره بثلاث نقاط وتكمن فيها عناصر القوة التي لا يمكن فرملتها وتجاوز شدة دفعها .

النقطة الأولى أن المعارضة الإيرانية لم تكن لحظية وحديثة النشأة كما غيرها في البلدان العربية، وهي ذات نفوذ قوي في الداخل الإيراني وهذا ما أظهره اجتماعها الأخير في فرنسا، والحديث العميق الذي أتت عليه شخصياتها ومخاطبتها وجدان الشارع بأنها لا تبحث عن السلطة بقدر بحثها عن عيش آمن مستقر للشعب الإيراني بجوار جيرانه من شعوب المنطقة، وفِي مقدمهم الدول العربية، ولذلك تشكل هذه النقطة ورقة ضغط كبيرة على الحكومة الإيرانية.

النقطة الثانية تكمن في عدم ولاء هذا الحراك لأي طرف خارجي وعدم ارتهانه للدول التي تدعي طهران معاداتها لها، وهذا يبعد المطالب الإيرانية عن تهمة خدمة الخارج .

النقطة الثالثة هي ضيق الحال الذي وصل إليه الشعب الإيراني نتيجة سياسة رجال الدين، ورهنهم مصير هذا الشعب بالفتوى والحكم الشرعي الذي يطول ويقصر حسب وجهة نظر المرشد الحاكم الفعلي لإيران، وهذا ما جعل الشباب ينتفض على واقعه.

من كل ما تقدم نستطيع القول بأن ما يقوم به الشباب الإيراني في الداخل وحراك المعارضة في الخارج لن يبقي الحال في إيران على حاله، وأقل المكتسبات ستكون إجبار حكومة الرئيس حسن روحاني على تغيير سياستها وفرض رؤية معايشة جديدة مع شعوب المنطقة إن لم يصل الأمر إلى تغيير النظام الحاكم برمته.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة