السبت, مايو 4, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليومعدو الشعب الإيراني في طهران وليس واشنطن

عدو الشعب الإيراني في طهران وليس واشنطن

0Shares

يستخف نظام الملالي بالعقول عند استخدامه خطاباً يحمل مفاهيماً مغايرة للواقع، سيما الواقع المعيشي للشعب الإيراني، الذي يشهد تردياً غير مسبوق في تاريخه، حيث تأتي تصريحات روحاني بالأمس، الثلاثاء 9 فبراير، التي قال فيها بأن النظام "لم يتخلف عن غيره من البلدان، رغم تورطه في الحرب الاقتصادية للأعداء" في سياقات الاخفاء المتعمد والممنهج للحقائق، واستخدامه مصطلحات كـ"راحة الشعب"، و"البهجة"، والتغيير الكبير في الاقتصاد"، لتندرج ضمن حالة لي عنق اللغة لتضليل الحقائق.

 

لسنا بحاجة للذهاب بعيدا للتحقق من ادعاءات قادة نظام الملالي، يكفي أن ننظر إلى الظروف المعيشية للشعب الإيراني، والتمعن في حقيقة أن هذا الشعب يعتبر "أكبر مالك لاحتياطيات الهيدروكربونات في العالم (إجمالي احتياطيات النفط والغاز)"، ومحيطًا بسعة "158 مليار برميل من النفط و 33000 مليار متر مكعب من الغاز" تمتد تحت أقدامهم (وفق موقع الدبلوماسية الإيرانية – 18 يوليو 2018)، لكن أبناء الشعب الإيراني لا نصيب لهم من هذه الثروة الهائلة سوى الفقر وارتفاع الأسعار والجوع.

ويتطرق روحاني في حديثه عن جانب الـ "حقائق والأفعال"، مستغفلاً "حقائق وأفعال" النظام خلال الـ 42 عامًا الماضية، والتي من واجبنا تسليط الضوء على تداعياتها، لكشف الحقائق أمام الجماهير، من خلال إلقاء نظرة عابرة على انعكاس الظروف المعيشية والحياة والاقتصاد للشعب الإيراني عبر وسائل الإعلام الحكومية الصادرة في 9 فبراير، وتصريحات المسؤولين في النظام:

وتقول صحيفة "جهان صنعت" في هذا الإطار بأن "مفاجأة الناس بارتفاع أسعار الضروريات الأساسية والضروريات اليومية، تتواصل حتى المواد الأساسية في سلة الغذاء المنزلية، مثل الطماطم والخيار، تشهد أسعارًا فلكية هذه الأيام".

صحيفة "كار وكاركر" بدورها تقول بأن: "تكلفة سلة المعيشة للأسرة العاملة تبلغ 10 ملايين تومان، بينما يصل دخل العمال في حده الأقصى إلى 3 ملايين تومان".

خوانساري، رئيس الغرفة التجارية للنظام، يفيد بأنه قد "تم تهريب حوالي 90 مليار دولار من رأس المال إلى خارج البلاد بين عامي 2011 و 2019، وفي السنوات العشر الماضية، 35٪ من سكان البلاد أصبحوا تحت خط الفقر".

صحيفة "مردم سالاري" تؤكد بأنه: في دفعة واحدة أدت مضاعفة سعر الدواء إلى زيادة معاناة الطبقات الدنيا، تعالت معها أصوات احتجاج الكثيرين نتيجة ما ترتب على ذلك من مشاكل وآلام، لكن تم التعامل معهم بعنف.

صحيفة "ستاره صبح" تفيد بأن: المجتمع الايراني يشهد تراجعا كبيرا في مستوى الرفاهية، في السنوات العشر الماضية، كان النمو الاقتصادي في بلدنا قريبًا من الصفر وفي السنوات الثلاث الماضية كان سالبًا 16٪.

وتضيف صحيفة "جهان صنعت" بأن: القوة الشرائية للناس تراجعت كثيراً لدرجة أنه حتى لو لم يقترن الاتجاه التصاعدي للأسعار بسرعة، فإن الأسعار الحالية ستظل مقلقة لجميع شرائح المجتمع، ناهيك عن أن عملية زيادة الأسعار تتصاعد بسرعة.

من جانبه يؤكد كامران نذري، خبير اقتصادي حكومي بأن: بيئة الأعمال لدى الناس تزداد سوءا يوما بعد يوم، لتزيد معها درجة البؤس والفقر، وينخفض بالتالي مؤشر الفساد في إيران بمقدار ثلاث درجات، ويزداد الوضع (من حيث الفساد والسرقة) سوءًا يومًا بعد يوم.

وتردف صحيفة "كار وكاركر" بالقول: بسبب التضخم الحاد، انخفضت القوة الشرائية بشدة وفرغت موائد العمال، لم تكن هناك حرب منذ عام 1989 فصاعدًا، لكن أجور العمال ما زالت لم ترتفع بما يتماشى مع التضخم السنوي، هناك فجوة بنسبة 60٪ بين التضخم وأجور العاملين.

وتلفت صحيفة "جهان صنعت" إلى أن الناس: يتفاجؤون كل يوم بشراء احتياجاتهم اليومية، حتى الخيار الذي يبلغ سعره 25000 تومان للكيلوغرام الواحد انضم إلى قائمة الفواكه الفاخرة.

هذه هي "الحقائق" التي يحاول روحاني المخادع قلبها رأساً على عقب، وبعروض ومسلسلات سخيفة مثل "افتتاح المشروع" وما إلى ذلك.

دعاية النظام التضليلية سببها واضح، فمن ناحية، فإن 96 في المائة يعيشون في فقر وحرمان، ومن ناحية أخرى، تتجلى حقيقة أن رؤساء النظام وأبناء الذوات والطبقات العليا من النظام، هم ذاتهم الـ 4 في المائة الذين ابتلعوا كل ثروة البلاد، وامتصوا دماء الناس واستولوا على مدخراتهم وقوتهم.. أو بدّدوها في مشاريع نووية وصاروخية وتدخلات إجرامية في دول أخرى.

المسافة بين الطيفين، تشير إليها إحدى الصحف الحكومية بالقول: "إذا أردت قياس المسافة بين الشعب ومسؤولي النظام، فارجع إلى جيب الطيفين والمقارنة بين راتب 50 مليون تومان لمدير سياسي و راتب 3 ملايين تومان للعامل؟" (صحيفة افتاب يزد – 9 فبراير).

إن هذا التمييز والنهب غير المسبوق هو الذي جعل "الناس مستائين من التمييز والظلم والمسافة الطبقية والضغوط الاقتصادية" (وفق صحيفة مردم سالاري – 9 فبراير)، وفي احتجاجات عمت أرجاء البلاد خلال هذه الأيام تعالت هتافات ضد زعماء النظام "ارحلوا من سوريا، فكروا فينا" و"خط الفقر 10 ملايين، وراتبنا 2 مليون ".

عزا قادة النظام حينها الأسباب من أجل صرف الغضب المتفجر للجيش الجائع، سبب فقر وبؤس الشعب، إلى العقوبات، مبررين بالقول أن: "أصل المشاكل في واشنطن" و"على الناس توجيه الشتائم والسب إلى البيت الأبيض" (روحاني – 27 سبتمبر)، صرخ المحتجون العاصون: "عدونا هنا، إنهم يكذبون أنه أمريكا" (مظاهرة المتقاعدين الشاملة – 3 فبراير).

يعرف جميع الإيرانيين اليوم جيدًا أن سبب كل مشاكلهم ومعاناتهم ليس الشرق ولا الغرب، وليس العقوبات ولا شيء آخر، بل دكتاتورية الملالي المدمرة لإيران، التي سرق مؤسسها الشرير ثورة الشعب الايراني المناهضة للشاه قبل 42 عاما، وأسس نظاما قائما على الفساد والنهب والقتل.

لكن نسيج هذا النظام أصبح الآن أكثر هشاشةً من أي وقت مضى في مواجهة مجتمع المقاومة الثائرة والمنظمة، و"ما يجري تحت جلد المدينة هو عدم الرضا العام للناس عن الوضع الحالي" (وفق صحيفة مردم سالاري – 9 فبراير)، وبطبيعة الحال لن يكون بعيدًا ذلك اليوم الذي سينفجر فيه المجتمع، وتقرر فيه ثورة المحرومين مصيرًا لديكتاتورية الملالي، سيكون حتماً أكثر قسوة من مصير ديكتاتورية الشاه.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة