الأحد, مايو 12, 2024
الرئيسيةأخبار وتقاريرأخبار العالمطبيعة النظام الإيراني الحقيقية : المنفيون في البانيا يتذكرون الموت والتعذيب في...

طبيعة النظام الإيراني الحقيقية : المنفيون في البانيا يتذكرون الموت والتعذيب في سجون النظام  

0Shares

طبيعة النظام الإيراني الحقيقية : المنفيون في البانيا يتذكرون الموت والتعذيب في سجون النظام  

نشنال ريويو 28 أغسطس 2022 

لم اتمكن أن أصدق ما أشاهد- أن حكومة مسلمة كانت تفعل ذلك بمسلمين آخرين 

الكاتب ـ هالي مكاي  

تقول كبرى جوکار البالغة من العمر 59 عاما في هدوء: “كنت طالبة جامعية، كذلك كنت حاملا في الشهر السابع تقريبا عندما جاءت قوات الحرس وداهموا منزلنا في منتصف الليل وقد كانوا قساة للغاية. 

وتزعم أن هذه القسوة تمثلت في ركلها ككرة القدم – والمشي على بطنها المنتفخ، وسيأتي الأسوأ من ذلك لاحقا خلف القضبان في سجن إيفين بطهران، عندما كان الحراس ينهالون على جسدها الغض بالكابلات والعصي أمام زوجها وهم يعلمون أنه لا يمكنه فعل أي شيء سوى المشاهدة، وأنه غير قادر على حماية زوجته الشابة وطفله الأول الذي لم يولد بعد. 

 وكانت جريمتهم أنهم مشتبه بهم في دعم منظمة مجاهدي خلق الإيرانية.  

سرعان ما تم إعدام زوج جوكار في باحة السجن، وأنجبت داخل زنزانة قذرة وموبوءة بمساعدة سجينة رفيقة قريبة من سن والدتها. 

طبيعة النظام الإيراني الحقيقية : المنفيون في البانيا يتذكرون الموت والتعذيب في سجون النظام  

لم يكن ولدها الطفل الوحيد الذي نشأ في السجون السياسية في العقد المضطرب بعد ثورة 1979 في إيران، وتقول جوكار إنه كان هناك عشرات الأطفال الذين يتلقون الرعاية من أمهات يعانين من سوء التغذية ولا يستطعن ​​إنتاج الحليب، وكانت تأخذ أطفال الآخرين الرضع لإرضاعهم بأي مقدار إضافي تتمكن عليه. 

هناك العديد من هذه القصص والتي تم التقليل من أهمية بعضها في التقارير الصحفية على مر السنين. 

بغض النظر عن رأيك في هؤلاء المعارضين، فإن معاملة النظام الوحشية لهم تضاف فقط إلى كومة الأدلة على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الداخل حيث تواصل إدارة بايدن محاولة التفاوض معه لإحياء اتفاق نووي، وتُظهر التقارير الواردة من السجناء الموجودين الآن في المنفى نظاما يُرى ممثلوه عادة في الأماكن الرسمية جنبا إلى جنب مع مسؤولين آخرين رفيعي المستوى، ويقدمون أنظف صورة للنظام وعلى سلوكهم حتى على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد تلاشت هذه الصورة، وتتعزز روايات هؤلاء السجناء بعد طعن الكاتب سلمان رشدي مؤخرا في نيويورك حيث توفر رواياتهم مزيدا من التوعية والبصيرة ولا ينبغي اعتبارها مجرد حدثٍ تاريخي. 

أعلام إيرانية ترفرف على أشرف 3 بألبانيا فوق موقع تذكاري لآلاف الضحايا في سجون النظام الإيراني. (هولي مكاي) 

وفي عام 2017 أنشأت هذه الجماعة “أشرف 3” في سهول الريف الألباني الهادئة، ورحبت بها قيادة تيرانا التي سعت إلى تعزيز العلاقات مع واشنطن. 

تعذيب في سجون النظام  

لكن حتى هذا الأمر- حتى على بعد حوالي 2200 ميل من طهران – عرضة للمخاطر ففي عام 2018 اكتشفت الشرطة الألبانية ما اعتقدت أنه “جماعة إرهابية نشطة” يديرها فرع خارجي من قوات الحرس تخطط لمهاجمة أعضاء من مجاهدي خلق بأمر من طهران، وقال المسؤولون في وقت لاحق إنهم أحبطوا عدة هجمات مخططة مرتبطة بالنظام على المجموعة من قبل أشخاص يزعمون أنهم أعضاء سابقون فيها، مما أدى لاحقا إلى توتر العلاقات الدبلوماسية بين تيرانا وطهران. 

ومع ذلك هناك شعور بالهدوء هنا، وتقودك رحلة طويلة عبر ضواحي العاصمة الهادئة إلى منزل مشهور، وعند سماع صوت الأذان، وتنبعث رائحة المطبخ الإيراني في الشوارع تكريما للموتى، وتوجد أعلام إيرانية في كل مكان ونصب تذكارية فيها نبات الخشخاش الأحمر، بالإضافة إلى متحف كبير، ويشبه المخيم القائم بذاته بلدة صغيرة بها منازل لعدة آلاف من السكان، وصالة للألعاب الرياضية، ومخابز، ومسجد، ومحل بقالة. 

وأولئك الذين يعيشون هنا لديهم ذكريات مثل كبرى جوكار معهم. 

كانت هنكامه حاج حسن البالغة من العمر الآن 65 عاما تعمل ممرضة أثناء صعود مرحلة نظام الملالي في طهران، ومع أنها كانت مسلمة متدينة وترتدي الحجاب إلا أنها تتذكر خروجها إلى الشوارع عام 1980 للاحتجاج على قوانين الحجاب (الإجبارية) الجديدة . 

وتقول حسن: “إذا لم تهتم إمرأة ما بالحجاب كان [المسؤولون] يرشونها بمادة حمضية أو يقطعون وجوههن بشفرات الحلاقة”، وتعرض بعضهن لـ دبوس رسم على جباههن للتأكد من بقاء الوشاح على رؤوسهم”.. 

وتقول إنه سرعان ما قامت الشرطة الدينية من ذوي الهراوات بجر هذه الشابة المختصة الطبية إلى إيفين داخل معسكرات العمل سيئة السمعة والتي لا يزال تُعتبر من أسوأ المعسكرات في العالم، وأخذ الحراس ”حسن “ للاستجواب حيث بدأوا بضربها  على الفور. 

متحف مخصص للناجين من مجاهدي خلق في مجمع أشرف 3 ، ألبانيا (هولي مكاي) 

تتذكر قائلة: “كان هناك الكثير من النساء، وقد رأيت أقدام أرجلهن ممزقة”، واعتقدت أنهن أصبن برصاصة في ساقهن، لكن أدركت فيما بعد أن الجميع تعرضوا للجلد بالكابلات” ولم أصدق ما كنت أراه – أن حكومة مسلمة كانت تفعل ذلك بمسلمين آخرين”. 

خلال سنواتهم الطويلة ومضنية خلف القضبان يصف السجناء نقلهن بشكل روتيني من سجن إلى آخر، وهو أمر مرعب أكثر من الآخر، لكن اللحظة الأكثر حزنا تلك التي دُفِنت في مقبرة ذكريات حسن كانت عندما تم أخذ طفل وليد عمره ستة أشهر للحصول على “مساعدة طبية” وقد أخذوه ولم يعد أبدا. 

وتقول حسن عندما كان يعلون صوتها وتصرخ : “كانت الأم تبكي وتطلب طفلها، واستغرق الأمر وقتا طويلا،  ولكن في النهاية أخبرها الحراس أن طفلها قد مات، لكن أحدا لم يعرف كيف”. 

عندما يُطرح موضوع العنف الجنسي تظهر مجموعة من خمس ناجيات يرتدين ثيابا كتانية تشبه الزي الرسمي مع أوشحة حمراء معقودة معا، ويتقدمن بجوار بعضهن في أوضاع تشبه الرؤيا، وتنهض إحدى الضحايا ببطء وتبدأ بالتحرك بلا هدف في أطراف الغرفة غير قادرة على الوقوف ساكنة أثناء سرد القصص. 

وتروي حسن قصة شابة ألقت بنفسها إلى الخارج من نافذة زنزانتها  بعد أن ادعت أنها تعرضت لاعتداء جنسي، وتتذكر أن فتاة أخرى تلقي بملابسها على الحائط بغضب. 

وتأتي حسن بشعور مرير في صوت هادىء لتقول لي ” في مرة أخرى جاء من 15 إلى 16 حارسا واخذوا فتاة جميلة جدا إلى غرفة وكان بإمكانك سماع صراخها وقد أرادوا التأكد من أنها لن تموت عذراء ، ثم أعدموها بعد ذلك.” 

يروي معظم ضحايا التعذيب حالات الألم والمعاناة المختلفة التي عانوا منها بلا مبالاة بعيدة، وكأنهم يتحدثون عن حياة لم تكن حقا لهم، ربما لإبطاء استعراض تلك الذكريات. 

أما فيما يتعلق بـ حسن فتصف وحشية تعصيب عينيها والإتيان بها إلى داخل “قفص” وهو عبارة عن علبة ضيقة كبيرة بما يكفي ليتدلى جسده رأسا على عقب. 

وتقول إنها مكث هناك لمدة ثمانية أشهر ولم يُسمح له بالاستحمام إلا في مناسبات نادرة، وتخرج لفترة وجيزة للصلاة. 

ويتحدث الرجال أيضا عن الجرائم الفظيعة التي يصعب تخيل أن الإنسان يمكن أن يلحقها بالبشر الآخرين. 

يقول محمود رويايي: “في أول يوم وصولي حلقوا رأسي وحاجبي وأجبروني على أكلها”. 

يشير الكثيرون إلى رجل يُدعى إبراهيم رئيسي – أحد كبار المسؤولين القضائيين في إيران في عقدي الثمانينيات والتسعينيات  باعتباره مهندس “المحاكم الصورية” التي أسفرت عن إطلاق النار على عدد لا يحصى من الأشخاص أو شنقهم في غضون دقائق، وقد أطلق عليه السجناء لقب “الجزار”، من الصعب تأكيد العدد الدقيق لعمليات الإعدام خلال ذلك العقد المضطرب، لكن مسؤولي مجاهدي خلق يقدرون أن الرقم من المرجح أن يكون أكثر من 30000 شخصاً. 

وانتُخب رئيسي كرئيسا جديدا لإيران العام الماضي، الأمر الذي اعتبره الكثيرون عملية انتخابية هزلية، وبحسب التقارير فقد  تم اختيار رئيسي من قبل آية الله خامنئي، مما يشير إلى تحول النظام إلى موقف أكثر صرامة، وبعد أشهر من تولي بايدن السلطة لتجديد الجدل حول الاتفاق النووي الإيراني، ورئيسي هو أيضا موضوع دعوى قضائية جديدة رفعتها مؤخرا مجاهدي خلق نيابة عن الضحايا الذين يزعمون أن الرئيس الحالي “أمر شخصيا” بتعذيبهم في عام 1988، وتم تقديم الشكوى في نيويورك، حيث يعتزم رئيسي المشاركة في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل وسط ضغوط من النشطاء لعدم إصدار التأشيرات، وجاء في هذه الشكوى أنه إذا جاء رئيس إلى نيويورك، فإنه سيتم تسليم هذه الشكوى إليه شخصيا. 

ووفقا لتقرير هيومن رايتس ووتش لعام 2016 فإن عمليات الإعدام الجماعية في عام 1988 كانت بمثابة “نهاية البند السابع لسجل إيران الأخير في مجال حقوق الإنسان” لأن السجناء السياسيين لم يخضعوا حتى لـ ” تشريفات المحاكمة الصورية” وتم إعدام عددا لا يحصى منهم فورا، ومن ثم ظل بعضهم في السجون لسنوات دون حسم أمرهم. 

التعذيب الجسدي والنفسي متطابق في تقارير أولئك الذين امضوا تلك الفترة، إنهم يخبرونني عن “ممر الموت”المشؤوم، وهو قاعة إصطف فيها سجناء ملطخون بالدماء ومعصوبي الأعين في طابور ينتظرون الأمر بإعدامهم، ويعتقد أكبر صمدي  البالغ من العمر 55 عاما أنه نجا بعد مواجهة وجها لوجه مع رئيسي فقط لأن حكم الإعدام الصادر بحقه ظل على الطاولة ولم يذكر اسمه مطلقا. 

كان يتم استدعاء سلسلة من الأسماء كل نصف ساعة، ويذهبون بها، ويقول صمدي: ” في إحدى المرات عندما نادوا على الأسماء وبمجرد أن نادوا على الاسم ولم يجيب ذلك الشخص صاحب الإسم أصبح الحارس مضطربا جدا لأن، وأدركوا أنهم أعدموا شخصا باسم مشابه بالخطأ ولأنه لم يكن اسمي ولم يعرفوا ماذا يفعلون بي، أرسلوني إلى الحبس الإنفرادي.” 

يدعي أصغر مهدي زاده أنه أحد الناجين القلائل المعروفين الذين مروا عبر الممر ثم “حجرة الوصية النهائية وكتابة الرسائل” ثم إلى المشنقة المظلمة التي تسمى “المرحلة الأخيرة” كوسيلة من وسائل التعذيب الروحية التي يقومون بها، قال لي: “لقد كانت الجثث المتورمة مكدسة على الأرض، واثنا عشر رجلا معصوب العينين منتظرون والحبال موثوقة حول أعناقهم”. 

وهمس لي مهدي زاده مشددا على أن السجناء لا يسمحون للحراس بتحديد وقت آخر لحظة في حياتهم: “فكانوا يبدأون بهتاف الشعارات ويدفعون بالكراسي بعيدا من تحت أقدامهم”، حينها بدأت أشعر بالدوار وفقدت الوعي.”  

يقول مهدي زاده إنه عندما فاق من غيبوبته أطلعوه على غرفة الموت لتحذيره. 

وبينما تستمر منظمة مجاهدي خلق في ظل شيطنة طهران لا تبذل الجماعة أي جهد لإخفاء هدفها النهائي: الإطاحة بالنظام في إيران. ، ويحمل الرجال والنساء، صغارا وكبارا ، دفاتر وحقائب ظهر وليلا نهارا ومن اجتماع إلى آخر، فمن وجهة نظرهم أنه لا مجال لإصلاح  (النظام)  

شخص أخر من الأعضاء، وهو حسين فارسي يقول: “هذه الحرب من أجل كرامة الإنسان، عندما تم إطلاق سراحي لم أستطع إقناع نفسي بالذهاب والبدء في حياة طبيعية.” 

غالبا ما يُعتقد أن مجاهدي خلق يتمتعون بدعم محدود داخل البلاد، لكن أعضائها المخلصين يعتقدون أن هذه دعاية أخرى من دعايات طهران، وفي الواقع قامت شبكة من النشطاء الشباب المنتسبين لهذه الجماعة والذين يطلقون على أنفسهم “وحدات المقاومة” بإنجاز عمليات جريئة بشكل متزايد ضد الرموز والأهداف الحكومية ونشرت مقاطع فيديو لهذه الأنشطة على الفضاء الإفتراضي. 

بينما يقول الأعضاء إن ثورتهم غير عنيفة ويمكن أن تحدث في أي وقت، وإن “الخطوات الصغيرة” التي تحدث في الداخل خطىً تعتبر نفسها انتصارات أخلاقية. 

في أوائل العام الجاري، كشف النظام عن تمثال عملاق من الألياف الزجاجية بعد عدة أيام من الذكرى السنوية الثانية لوفاة قاسم سليماني ، الجاسوس الإيراني المرعب الذي تعرض للتفجير في بغداد بأمر من الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، وبعد ساعات من نصب هذا التمثال في شهر كرد بإيران قام مهاجمون ملثمون بإضرام النار في هذا التمثال. 

ويقول أحد أعضاء مجاهدي خلق مبتسما: “هذه الأعمال مهمة.”والناس لم يعودوا خائفين”. 

  

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة