الأحد, مايو 5, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانهجرة العقول والنخب العلمية وهروبها من إيران

هجرة العقول والنخب العلمية وهروبها من إيران

0Shares

هجرة العقول والنخب العلمية وهروبها من إيران

يُطلق على هروب العقول من إيران “هجرة الخبراء والنخب العلمية والموهوبين”. وكانت بداية هذه الظاهرة بعد ثورة 1979 في إيران إبّان الانقلاب الثقافي بالتوازي مع تطهير الجامعات والإدارات وجميع المؤسسات من التحرريين والمعارضين الذين يفكرون بشكل مختلف عن الإسلام أو نظام خميني المتخلف. كما يُعتبر هروب العقول والنخب أحد المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية في إيران، وردُ فعلٍ مباشر للقمع والفقر وانعدام الأمن الوظيفي والاجتماعي وغيرها من أشكال التدمير التي يضطلع بها النظام الإيراني.

ويفيد تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في عام 2009 أن إيران تحتل، في هذا الصدد، تحت وطأة حكم الملالي، المرتبة الأولى بين 91 دولة نامية أو متخلفة في العالم. وأن الإيرانيين المقيمين خارج البلاد سجَّلوا 96 في المائة من براءات الاختراع التي سجَّلها المولودون بين عامي 2007 و 2012. كما أن 90 طالبًا من أصل الـ 125 طالبًا الذين تم تصنيفهم في الأولمبيادات العالمية خلال ثلاث سنوات؛ يدرسون في الجامعات الأمريكية. وهاجر من إيران خلال 14 عامًا 63 في المائة من الطلاب الإيرانيين الحائزين على ميداليات في الأولمبياد.

وكتبت صحيفة “دنياي اقتصاد” الحكومية، في 5 يونيو 2016، مشيرةً إلى مأساة هروب النخب، وإلى أن 25 في المائة من إجمالي الإيرانيين المتعلمين يعيشون الآن في البلدان المتقدمة: “يفيد إحصاء صندوق النقد الدولي أن ما يتراوح بين 150,000 إلى 180,000 إيراني متعلم يُقبلون على مغادرة إيران سنويًا، وأن إيران تحظى على الصعيد العالمي بمكانة بارزة من حيث هجرة العقول؛ بين 91 دولة نامية ومتخلفة. والجدير بالذكر أن هجرة ما يتراوح بين 150,000 إلى 180,000 إيراني من ذوي التعليم العالي يعادل خروج 50 مليار دولار من رأس المال سنويًا من البلاد”.

وحذَّر رئيس جامعة آزاد من أن نتيجة هذه الهجرة ستكون استنزافًا لإيران من الجينات الذكية.

وتتم الهجرات الدائمة أحيانًا على شكل عائلات وأحيانًا على شكل طلاب. ونظرًا لأنه سيتم بناء مستقبل البلاد بهذه المواهب، فإن هروب العقول والنخب ينطوي على عواقب اجتماعية واقتصادية وعلمية وخيمة ومدمرة لإيران.

وكتبت صحيفة “آرمان” في 21 يناير 2021: “ألحقت هجرة العقول في السنوات القليلة الماضية أضرارًا جسيمة بإيران تزيد عن الأضرار التي سبَّبتها الحرب الإيرانية – العراقية بمقدار 300 مرة”. وكتبت على لسان عبدالخالق، الخبير البارز في البنك الدولي، قوله: “إن هجرة العقول تتسبَّب في إلحاق أضرار جسيمة بإيران تبلغ ضعف العائد النفطي”.

تكاليف وخسائر إيران الناجمة عن هجرة العقول والنخب

استنادًا إلى اعتراف الخبراء الحكوميين، فإن إيران تنفق أكثر من مليار تومان على الطبيب الخريج، وأكثر من 500,000,000 تومان على الحاصل على شهادة البكالوريوس من الجامعة. ولا يقتصر حساب هذه النفقات المسروقة بطبيعة الحال من جيوب المواطنين على فترة الدراسة الجامعية فحسب، بل يتم حسابها منذ الولادة، بدءًا من النفقات المتعلقة بالولادة ونمو الطفل وصولًا إلى النفقات اليومية، ومصاريف المدرسة وحتى مصاريف الجامعة.

معدل هجرة العقول والنخب

كتب موقع “دنياي اقتصاد” الحكومي، في 19 سبتمبر 2021، مشيرًا إلى ارتفاع معدل الهجرة: “يفيد إحصاء عام 2020 أن حوالي 2,000,000 مهاجر إيراني يعيشون في جميع أنحاء العالم. وبطبيعة الحال هذا هو الإحصاء الرسمي للبلاد، إلا أن الإحصاء غير الرسمي يفيد أن عدد المهاجرين الإيرانيين يبلغ حوالي 4,000,000 شخص”.

كما يفيد تقرير المكتب الفيدرالي الألماني للهجرة واللاجئين أن حوالي 47 في المائة من طالبي اللجوء الإيرانيين حاصلون على شهادات أعلى من شهادة الثانوية.

ويفيد تقرير موقع “شهروند آنلاين” الصادر في 24 ديسمبر 2021، أن ربع الأطباء هاجروا إلى أوروبا والولايات المتحدة؛ بسبب عدم كفاية الدخل، والاهتمام برفع التكاليف وارتفاع التضخم، ونقص المرافق والمعدات الطبية الكافية، فضلًا عن عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي في إيران.

القوى البشرية عامل لتقدم البلاد وتطورها ولا تضاهى بأي شيء آخر!

تُعتبر القوى البشرية في عالم اليوم عاملًا حاسمًا في التنمية والتطور، كما أنه لا يمكن مقارنة قيمتها بأي شيء آخر حتى بأكثر الصناعات والمصانع تطورًا. فعلى حد قول ألفرد مارشال، أحد الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد “إذا تمكَّنت التربية والتعليم في بلد ما من تربية مخترع واحد على مدى 100 عام، فسيغطي تكلفة 100 عام من التربية والتعليم لتلك المدينة وتلك الدولة”.

وكتبت صحيفة “ستاره صبح” الحكومية، في 23 يونيو 2022، على لسان الدكتور أمان الله قرائي مقدم، عالم الاجتماع والأستاذ الجامعي، قوله: “إن رأس المال البشري للبلاد لا يضاهى بأي شيء آخر، لا ببئر نفط ولا بصهر الحديد ولا بأي شيء آخر…إلخ. فعندما يرحل أحد المتخصصين، يتم إغلاق بئر النفط”. فعلى سبيل المثال، قال بنجامين هايدز: “إذا استطاعت دولة ما بناء أكبر المصانع بالموارد المادية للنفط والغاز، لكنها لم تستطع تربية القوى البشرية والمحافظة عليها، فلن تحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية…إلخ. وعندما يكون الجو الاجتماعي غير مواتٍ، وعندما تكون حرية التعبير متدنية، وعندما تكون البطالة مرتفعة والدخول منخفضة، وعندما تجذب البلدان الأخرى هذه العقول بدءًا من دول الخليج وصولًا إلى الولايات المتحدة وأوروبا؛ فهذا يعني في حقيقة الأمر على حد قول ماركس أننا نجلب العمال ونرسل العقول. بعبارة أخرى، نحن نرسل القوى الإستراتيجية ونجلب الأشخاص العاملين البسطاء”.

وفي الختام أضاف قرائي مقدم: “إذا لم يكن لديكم قوى بشرية اليوم، ولكن لديكم مصنع، فلن تُفلحوا ما حييتم. إذ لا يمكن على الإطلاق ملء مكان البشر بالأجهزة. فعندما تفقدون بسهولة قوة بشرية خبيرة واحدة في المصنع، فإن المصنع لن يدور من تلقاء نفسه مرة أخرى حتى لو كان لديكم 100 مصنع وتقومون ببناء 1000 مصنع. ويجب على القوى البشرية أن تحافظ على المصنع، وتتولى الشؤون الإدارية، وتدير الاقتصاد والسياسة”.

إن إيران الحالية، وهي واحدة من دول العالم الثالث في العالم اليوم، فقدت وما زالت تفقد أفضل رؤوس أموالها البشرية يومًا بعد يوم؛ بسبب هروب العقول والنخب، وجذب العالم المتقدم لهم. وعندما يتم تفريغ دولة ما من رأس المال البشري، تصبح تنميتها وتطورها حلمًا، وهذا الأمر يُعتبر ضربة كبيرة لمستقبل ذلك البلد وغده. وعندما يرحل خبير أو مهندس أو فنان أو بطل رياضي من البلاد، فإنه لم يعد بإمكان الدولة ملء فراغه أو أن تُنتج مثله بسهولة مرة أخرى.

وبسبب هروب العقول والنخب، يتم تقديم المواهب الإيرانيين للدول المتقدمة مجانًا، وسيظل مستقبل إيران والإيرانيين محرومين من رؤوس الأموال الوطنية والقوى الإستراتيجية، من قبيل الأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات والدكاترة والصحفيين والمديرين والحكماء …إلخ. وهي ظاهرة انبثقت تحت وطأة حكم نظام الملالي، وتنطوي على تأثير كبير على عدم تنمية وتطور البلاد وتقدمها. وهو نظام استبدادي تسبَّب في انتشار التضخم والغلاء في إيران بشكل متزايد وجامح، وأنزل كافة أشكال الكوارث الاقتصادية والاجتماعية على المجتمع الإيراني المعذَّب، من خلال تبني سياسات لا آدمية، وممارسة القمع والديكتاتورية، ونهب المواطنين وإفقارهم وحرمانهم، والاختلاسات الفلكية. نظام فاسد هو السبب الرئيسي في كل هذه الكوارث. والطريقة الوحيدة للتخلص منه وعلاج كل الآلام هي الانتفاضة حتى تتم الإطاحة به برمته.

تزايد في هجرة النخبة من إيران

تقرير عن هجرة الإيرانيين إلى الولايات المتحدة

شخص واحد من بين كل 3 أفراد إيرانيين يرغب في الهجرة من إيران

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة