الثلاثاء, أبريل 23, 2024
الرئيسيةمقالاتالمجتمع الإيراني المتفجر غضبا في حالة ثورية

المجتمع الإيراني المتفجر غضبا في حالة ثورية

0Shares

المجتمع الإيراني المتفجر غضبا في حالة ثورية

وفقا للقواعد الديالكتيكية فيما يتعلق بالمجتمع والتاريخ، تُعرَّف الثورة باختصار شديد على أنها انتقال تطوري ذا طفرة نوعية للمجتمع تتجسد بإسقاط الطبقة الحاكمة وهدم  مؤسساتها وقطع أوصال الترابط فيما بينها على يد جماهير الشعب.

الشروط الموضوعية والذهنية

“الشرط الموضوعي” هنا هو ما تجسده الأوضاع الاجتماعي والاقتصادي المتردية والتي وصل فيها الفقر وعدم الرضا في المجتمع إلى حال لا يمكن قبوله والتسامح عليه مع وجود المحكومين في صدر الميدان من أجل خلق تغييرات جذرية في وقت وظرف لم تعد فيه الحكومة قادرة على الحكم كما كان بالسابق، وهناك يتولد الحد الأقصى من الترابط التماسك في صفوف الناس، وتأخذ القوة الرائدة موقعها بالصفوف الأمامية.

وفي الآية الـ 75 من سورة النساء يعبر القرآن الكريم عن الرازحين تحت نير الإستبداد كمثال، وآمرا بالتغيير في نفس الوقت.

 إنهم في أدنى الطبقات والظروف وليس لديهم ما يخسرونه سوى قيودهم، لقد وصلت هذه الطبقات إلى مرحلة الصراع مع العلاقات القائمة على الظلم المرتبطة بتعبيرها عن عدم رضاها عن الوضعية الراهنة بطرق مختلفة، وإن الإمكانات الهائلة والقدرة الهائلة الكامنة في غضب وتأجج الجماهير غير الراضية وهي (الظروف الموضوعية) مع وجود الرواد الطليعة الذين هم في مقدمة الطليعة في توجيه وقيادة الثورة مجسدين (الحالة العقلية) تمكن من هذا التغيير الكبير، ممكنين من تيسير قيام الثورة، متكئين على قاعدة الحق الكريم التي تقول:

وَمَا لَکُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِینَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْیَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْکَ وَلِیًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْکَ نَصِیرًا.

وبعبارة أخرى فإن “الحالة العقلية” يجسدها رواد الطليعة وهم حملة الوعي الذاتي الدافع إلى الإحساس بالمسؤولية مما يجعلهم يضعون ارواحهم على أكف الأيدي، وبتشكيلهم لتنظيم قوي منضبط يقودون به المجتمع نحو الإطاحة بالقوى الاستبدادية والرجعية، والوسيلة لتحقيق هذا الهدف هي ثورة اجتماعية شاملة، ثورة تحدث تحولا جذريا في العلاقات التي تحكم ذلك المجتمع.

ومضمون هذه الثورة هو التحرر من مختلف السلاسل التي نسجها حكام البغي على أيدي وأرجل الشعب.

وإذا لم يتوفر الشرط الذهني (العقلي) المطلوب لذلك، فإن تصاعد جرعات الإضطهاد والقمع والفقر والقهر والعبودية وكآبة الشعب لن تؤدي بحد ذاتها إلى قيام الثورة.

ومن البديهي أن الطبقة الحاكمة [محل حديثنا، أي نظام ولاية الفقيه بكل عصابات المافيا التابعة له من الجيش والحرس والبسيج وقوى الأمن وكافة قواتهم القمعية] فهي لن تتنحى في فجر حالم ولن تستسلم برغبتها متنازلة عن كامل مصالحها الكبرى، وإنما يكون إخضاعها بالإطاحة بها بالقهر، وبالقوة المتفجرة للجماهير الناهضة الثائرة لجرهم وسحقهم أسفل عرش السلطة، والوسيلة للدفع بهذا الانقلاب هي النضال الشديد والحرب المذلة والقاهرة للعدو، ولا يمكن لمجرد العمل السياسي والوداعة والتسامح والرغبات هزيمة قوات الشرطة القمعية أو الحرس والباسيج، وكذلك الإطاحة بالملالي مصاصي الدماء المتواجدين في القصور والحصون، وتتطلب الثورة تنظيما وقدرات ونظرية واستراتيجية ثورية، واختبار الطلائع، وكذلك تتطلب وحدات المقاومة الشعبية وجيش التحرير.

ثلاث سمات للوضع الثوري

أورد لينين ثلاث سمات للوضع الثوري في الكتاب بعنوان ”سقوط الأممية الثانية“ على النحو الآتي:

  1. لا يمكن للنظام الحاكم أن يستمر في حكمه دون إجراء تغييرات، إن الأزمة بين رؤساء السلطة تعني أزمة سياسية في الطبقة الحاكمة ما يتسبب في خلق شرخ يجد فيه ومن خلاله استياء وانتفاض الشعب المضطهد طريقه لبدء ثورة، ولبدء ثورةٍ لا يكفي عادة رفض الطبقات الدنيا بأن تعيش كما كانت من قبل، ولكن بالإضافة إلى ذلك أيضا أن لا تتمكن الطبقات العليا من أن تحكم كما كان من قبل.
  2. التصاعد غير المسبوق للفقر والبؤس للشعوب المظلومة مما يؤدي إلى اشتداد غير مسبوق في الصراع بين الشعب والفئة الحاكمة.
  3. زيادة ملفتة في أنشطة الأشخاص الذين ينهبون “بهدوء” لكن في مقدمة العواصف والإنتفاضات، وتحت تأثير الأزمة العامة أو نتيجة لإجراءات الفئة الحاكمة يصبحون على استعداد للإنخراط في العمل النضالي أكثر فأكثر بشكل غير مسبوق للقيام بعمل ثوري.”

الإستعداد للانتفاضة والإطاحة بالفئة الحاكمة

بعد أن مر المجتمع في إيران الحالية بثلاث انتفاضات كبرى في ديسمبر 2009، وديسمبر 2017، ونوفمبر 2019 والعديد من الانتفاضات الكبرى مثل انتفاضات بلوشستان وخوزستان وأصفهان، بدأ الموقف الثوري بالغليان حيث تفجر الشروط الموضوعية في إيران، الشروط الموضوعية التي اعترفت بها وسائل الإعلام الحكومية، وقد مس التفجر بعض قادة الحكومة أيضا ويستشرفون حدوث تغيير كبير، وتذكر الأدبيات الحكومية إلى جاهزية الشروط الموضوعية بتعبيرات مختلفة من أهم هذه التعبيرات “نترات الإستياء” أي حالات الإستياء المتزايدة.

ترتقي الحالة الذهنية (العقلية) لأول مرة بعد الثورة ضد الشاه إلى مستوى بديل شامل وموثوق ومعروف وقيادة ثورية، واجتازت الطلائع اختبار القراءات السبع في صفوفها، ولديها جيش مجرب ومدرب جيدا، وضباط أنقياء مجربون في الميادين ومستعدون لخوض ميدان أي معركة.

ولهذا البديل قاعدة ومنصة ورئيس منتخب للفترة الانتقالية، وعليه فإن كل شيء في إيران جاهز من أجل نهوض ثورة جديدة.

استراتيجية هذا الجيش من أجل الانتفاضة والإطاحة بالنظام هي استراتيجية وحدات المقاومة التي تخطت مرحلة الإختبار وإثبات الكفاءة والقدرة خلال انتفاضة نوفمبر 2019، وسلسلة الانتفاضات المتلاحقة.

وإن ما تنجزه وحدات المقاومة بشكل يومي ودون توقف هو ممارسة عملية لقيام الثورة والإطاحة بالنظام، ولتجعل من الموقف الثوري أكثر نجاحا يوما بيوم في مسيرها نحو تدمير أهدافها، وما هذه الانتفاضات المتتالية إلا هزات تسبق زلزال رئيسي كبير.

وخلاصة ما يمكن قوله إن كل شيء جاهز لقيام لثورة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة