الثلاثاء, مايو 7, 2024
الرئيسيةالمناسباتوفاة السيدة العظيمة سيدة مذهب التوحيد والوحدة، السيدة خديجة الكبرى عليها السلام

وفاة السيدة العظيمة سيدة مذهب التوحيد والوحدة، السيدة خديجة الكبرى عليها السلام

0Shares

يتزامن العاشر من شهر رمضان مع الذكرى السنوية لوفاة زوجة الرسول الجليلة، أول من اعتنقت الإسلام والسيدة العظيمة لمذهب التوحيد والتحرير، خديجة الكبرى عليها السلام إحدى أعظم 5 نساء في التاريخ.

توفيت السيدة خديجة، الصديق الأقرب للنبي والمؤيدة له، في السنة الـ 10 من البعثة، أي قبل الهجرة بـ 3 سنوات. وجاءت وفاتها بعد بضعة أيام من وفاة أبو طالب، عم النبي، وأكبر داعم له، قاسية ومؤلمة للغاية بالنسبة للنبي لدرجة أنه أطلق على هذا العام "عام الحزن".

وكانت خديجة بنت خويلد من مشاهير نساء مكة. بفضل الثروة والأصول الكثيرة التي ورثها عن أزواجها السابقين. واستطاعت فضلًا عن الدفاع عن الحرية وتعقلها الخاص، أن تتولى رعاية أبنائها وأموالها، بيد أن ما جعل شخصية خديجة بارزة بشكل ملفت للنظر هو أنها، على عكس التقليد والنظام الجاهلي الأبوي السائد في ذلك الزمن، اقترحت بنفسها الزواج على النبي محمد، الذي لم تجد له مثيل، وفي الوقت نفسه كان العديد من مشاهير رجال قريش يرغبون في الزواج منها بسبب ثروتها ومكانتها الأسرية والقبلية وشخصيتها الفريدة.

لكن السبب الأول للتعارف بين خديجة والرسول كان قافلة خديجة التجارية. حيث عُرض عليها توظيف محمد، المعروف بصدقه وأمانته لرعاية قافلتها التجارية، وقد فعلت. وكان محمد يبلغ من العمر 25 عامًا في ذلك الوقت، ولم يكن يعرف شيئًا عن التجارة والسفر، وحتى ذلك الحين كانت يعمل راعيًا لدى رعاة الماشية. ومع ذلك، وصلت القافلة التي يقودها محمد إلى وجهتها آمنة وسليمة تمامًا. لكن الأهم من الإنجازات المادية لهذه الرحلة بالنسبة لخديجة كانت القصص التي رواها لها عبدها ميسرة الذي كان يرافق محمد في هذه الرحلة؛ عن صدق محمد وحسن نيته وخلقه وطبعه. وكانت خديجة التي لمست بنفسها في لقاءاتها القصيرة مع محمد تلألؤ هذا الجوهر الإنساني الفريد في محمد الأمين، وأصبحت مفتونة بمحمد بشكل غير مسبوق بما كان يقوله ميسرة، لدرجة أنها أصبحت مشتاقة وبادرت بطلب الزواج منه، ونفذت قرارها على الرغم من التقليد السائد ورغم معارضة والدها أو عمها. وكانت خديجة تبلغ من العمر 40 عامًا، وكان محمد يبلغ من العمر 25 عامًا آنذاك.

ويدل اتخاذ مثل هذا القرار في ظروف تاريخية لم يكن للمرأة فيها أي قيمة، ويتم فيها وأد البنات؛ على الشخصية القوية والاستثنائية لخديجة، المرأة الشجاعة الثابتة العزم المتمتعة بالاستقلال في الرأي. واختارت الزواج من شخص لا يتمتع بجميع الامتيازات الاجتماعية تقريبًا ومهنته الأساسية هي رعي الماشية، على الرغم من تمتعها بالثروة والأصول الكثيرة والمكانة الاجتماعية المرموقة.

لكن يجب استعادة مجد شخصية خديجة المنقطع النظير في إخلاصها اللامحدود في مجال الإيمان والجهاد. حيث عاشت خديجة إلى جانب محمد حياة مريحة وهادئة حتى البعثة. ووفرت حياة هادئة خالية من الهموم في معيشتها مع شخص مثل محمد، كان وجوده كله صدقًا ونقاءً مع أبنائها، ولا يبدو أنه يعاني من أي قصور في الحياة ؛ لكن فجأة وقعت حادثة كالصاعقة على خديجة وعائلتها وغيرت حياتها ومسار التاريخ البشري تمامًا. وهذه الحادثة هي نزول الوحي على زوجها الرسول الكريم.

عاد محمد إلى المنزل في إحدى ليالي شهر رمضان مرتاعًا ومتأزمًا بعد أن قضى بضع ليالٍ كعادته في عزلة في الجبل. وبينما كان يرتجف قص على زوجته ما حدث له عندما نزلت عليه صاعقة الوحي الأول. وكانت خديجة بإيمانها المذهل تهدئ من روع محمد واضطراب قلبه من ثقل عبء هذه الرسالة العظيمة غير المتوقعة، وكانت تنطق بلكمات تدل على عمق إيمانها بالله الغيبي: " إن الله لن يحبطك ويخذلك على الإطلاق، أليس شغلك الشاغل دائمًا هو مساعدة أقاربك، ودائمًا صادق فيما تقول وتحافظ على الأمانة، وتحمل على عاتقك العبء الثقيل للآخرين، وتحترم الضيف وتكرمه وتدافع عن الحق وتصبر على الشدة والمعاناة في طريق الحق؟

والأكثر إثارة للدهشة، هي أنه بعد نزول الوحي الأول، صمدت السيدة خديجة في اختبار صعب للغاية، حيث لم تشك عندما انقطعت سلسلة الوحي لمدة 3 سنوات لحظة واحدة في نبوة الرسول فحسب، بل دائمًا ما كانت تؤكد للحبيب محمد أنه نبي الله وأن ربه لن يتخلى عنه مرة أخرى. 

كما أنه عندما أعلن الرسول دعوته علنًا وتعرض في بداية التبليغ برسالته لضغوط شديدة وسخرية من قبل الأعداء، أعلنت خديجة إيمانها وإخلاصها للرسول على الملأ، وطلبت من ابن عمها ورقة ابن نوفل، الذي كان يحظى باحترام الناس، أن ينادي في المسجد الحرام وبجوار الكعبة ويقول: " يا معاشر العرب إن خديجة تشهدكم على أنها قد وهبت نفسها ومالها وعبيدها وخدمها وجميع ما ملكت يمينها لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، إجلالا له وإعظامًا ورغبة فيه، فكونوا عليها من الشاهدين".

بيد أن خديجة الكبرى عليها السلام قضت في هذا المسار الخطير العظيم وفي صراع الطرق الوعرة 3 سنوات في جوع ومعاناة شديدة مرهقة في قبيلة أبي طالب في الوادي الجاف الحارق الذي نفى فيه الأعداء النبي والقلة المؤمنين به. ولم تشتكي خديجة في هذه الفترة على الإطلاق فحسب، بل كانت دائمًا ما تشكر الله على محنه، ولم تتوقف لحظة واحدة عن دعمها بصدق للنبي حتى آخر نفس في حياتها. وعندما كانت تشعر بأن الموت وشيك، بينما كانت ابنتاها فاطمة وأم كلثوم جالستان بجوارها وقلقتان على صحتها، قالت لهما: "لم تذق امرأة في قريش النعمة التي ذقتها في حياتي، ولكن لا توجد امرأة في العالم وصلت إلى الكرامة التي وصلت إليها. إذ يكفيني في تاريخي في هذا العالم أنني الزوجة المختارة لحبيب الله، ويكفيني في مصيري في الآخرة أيضًا أنني أول مؤمنة به وأم المؤمنين به". وضحت خديجة في هذا الطريق بكل ثروتها وأصولها للنبي دون أدنى طموح لشيء. وأنفق النبي من جانبه كل هذه الأموال حتى آخر دينار في طريق تبليغ الرسالة الإلهية والحفاظ على المؤمنين ودعمهم وأغلبهم من العبيد الفقراء، لدرجة أنه عندما توفيت خديجة، لم يجدوا حتى كفنًا يلفون فيه جسد المرأة التي كانت لفترة ليست ببعيدة من أغنى الشخصيات في شبه الجزيرة العربية، واضطروا إلى تغطيتها برداء النبي ودفنوها. وتوفيت السيدة خديجة عن عمر يناهز الـ 65 عامًا.

وهكذا، فإن خديجة الكبرى، كقائدة للمؤمنين بالدين الطاهر الذي نزل على محمد، وبقلب نقي وإيمان عالٍ، ودعمها بشجاعة وتقوى للنبي، وكذلك لعبها دورًا مصيريًا في تأسيس حركة تحرير الإسلام، سجلت اسمها كواحدة من أعظم 5 نساء في العالم سجلن أسمائهن في تاريخ البشرية. كما أن الله سبحانه وتعالى أرسل لخديجة الكبرى سلامه وتحياته أكثر من مرة من خلال جبريل الأمين.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة