الجمعة, مايو 3, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليومأزمة استئناف العام الدراسي الجديد في إيران

أزمة استئناف العام الدراسي الجديد في إيران

0Shares

أعيد افتتاح المدارس رسميًا يوم السبت الموافق 5 سبتمبر 2020،  بموجب خطاب عن بعد لروحاني دون حضوره في المدرسة التي أقيم فيها حفل الافتتاح.

والجدير بالذكر أن إعادة افتتاح المدارس أصبحت الآن قضية اجتماعية حادة وذهبت إلى أبعد من ذلك لتتحول إلى أزمة سياسية واجتماعية، لدرجة أن وكالة "رويترز" للأنباء تناولتها كخبر سياسي مشيرةً إلى أن عددًا من المتخصصين في المجال الطبي أعربوا عن قلقهم من إعادة افتتاح المدارس والجامعات في إيران.

احتيال روحاني في تبرير استئناف العام الدراسي الجديد

في كلمته الافتتاحية وفي اجتماع لجنة مكافحة كورونا، تنهد وأنّ روحاني متذمرًا من وسائل الإعلام الأجنبية المناهضة لنظام الملالي وشدد وأصر على إعادة افتتاح المدارس في الوقت الراهن دون أن يشير إلى أدنى حد من حل المشاكل الصحية المتمثلة في توفير أقنعة مجانية أو حتى رخيصة الثمن للمعلمين والطلاب، قائلًا: "إن هؤلاء الأعداء لا يريدون أن تتم الأعمال بالشكل الطبيعي المعتاد، حيث أنهم يفبركون ذريعة وقصة كل يوم في جميع المراحل".

وقال روحاني في تصريحاته في لجنة مكافحة وباء كورونا مدعيًا بشكل احتيالي أنه دعّم نضج وتفوّق المراهقين: "إن ما يسعى إليه العدو هو أن نهرب من فيروس كورونا وأن نوقف جميع الأعمال".

وعلى الرغم من أن روحاني يتهكم من الهروب من فيروس كورونا ويعتبره خطأ، إلا أنه ليس مستعدًا لقبول المجازفة بالمشاركة في حفل إعادة افتتاح المدارس ولو لعدة دقائق، بينما في الوقت نفسه يبادر بشكل إجرامي بإرسال 15 مليون ونصف معلم وطالب، فضلًا عن عائلاتهم إلى حقول ألغام كورونا. 

وقال روحاني، معربًا عن غضبه من الكشف عن الفضائح: "ادعت وسائل الإعلام الأجنبية أمس أن جميع الخبراء يعارضون إعادة افتتاح المدارس، والحقيقة هي أن وزير التربية والتعليم يسعى إلى إعادة افتتاحها".

بيد أن الحقيقة هي أنه ليس معارضي نظام الملالي فقط هم من يعربون عن غضبهم واعتراضهم على مخطط نظام الملالي لقتل الطلاب وعائلاتهم. فهذه هي القضية التي نشأت حولها والخوف من عواقبها السياسية والاجتماعية أزمةٌ وتصدعٌ خطيرٌ في نظام الملالي؛ لدرجة أن بعض أعضاء مجلس شورى الملالي يتحدثون عن استجواب وزير التربية والتعليم.

والحقيقة هي أن النزاعات المستعصية الحل حول إعادة افتتاح المدارس وضعت نظام الملالي وحكومة روحاني في مأزق يتفاقم على نحو خطير.

وكتبت صحيفة "جوان" التابعة لقوات حرس نظام الملالي في 4 سبتمبر 2020، مشيرة إلى ارتباك نظام الملالي بشأن إعادة افتتاح المدارس: "إن وزارة التربية والتعليم لم يكن لديها سيناريو واضح بشأن إعادة افتتاح المدارس حتى يوم الخميس. وهذا الاختبار وما يعتريه من أخطاء سيؤدي إلى انهيار التعليم".

المغالطة باحتيال

في تبريره للقرار الإجرامي المتعلق بإعادة افتتاح المدارس، قال حاجي ميرزايي، وزير التربية والتعليم في مقابلة متلفزة في 3 سبتمبر 2020، بطريقة احتيالية: "إن ما يقرب من 62 في المائة من فصولنا الدراسية يقل عدد الطلاب في مدارسها عن 100 طالب، وأن عدد الطلاب يقل في 35 في المائة من المدارس عن 35 طالبًا، وفي 43 في المائة من المدارس يقل عددهم عن 50 طالبًا. وبناءً على ذلك، فإنهم في الغالب يمكنهم أيضًا مراعاة التباعد بشكل عادي، أي في الظروف العادية ". 

والملاحظ هنا أن حاجي ميرزايي يشير إلى ما يسمى بالمدارس القروية ومدارس الأكواخ التي عادة ما يتم فيها تنظيم المدرسة بأكملها ومختلف فصولها في فصل واحد. في حين أن غالبية الطلاب موجودون في المدن الكبرى، حيث يدرسون في مدارس مكتظة بالطلاب، وأن الـ 43 في المائة من المدارس التي أشار إليها حاجي ميرزايي تضم عددًا محدودًا من الطلاب.

وفي هذا الصدد، اعترف نادري، عضو لجنة التعليم بمجلس شورى الملالي بأن: "بعض المدارس تضم 600 طالبًا، في حين أن هذه المدارس ليس بها سوى مرحاض واحد أو اثنين، وبأن الفصول الدراسية مزدحمة لدرجة أنه لا يوجد ما يضمن عدم انتشار فيروس كورونا".

كما كتبت صحيفة "رسالت" في 5 سبتمبر 2020 : "إن إعادة افتتاح المدارس وحضور عدد كبير من الطلاب في المناطق المتفشي فيها وباء كورونا مأساة مروعة، نظرًا لأن الفصول الدراسية الحكومية تشبه ما كان الوضع عليه في عقد الثمانينيات، حيث يجلس ثلاثة طلاب على كل مقعد، وهي فصول تضم ما يتراوح بين 35 إلى 45 طالبًا".

وبناءً عليه، فليس هناك شك في أن إعادة افتتاح المدارس يعرض حياة الملايين من الطلاب والمعلمين وعائلاتهم للخطر، وقد يتحول إلى كارثة إنسانية في أقصر وقت ممكن، حسبما حذر آقازاده، رئيس الهيئة الحكومية بالجمعية العامة للمنظومة الطبية.

وبطبيعة الحال، من الواضح أنه لن يتم تنفيذ قرار إعادة افتتاح المدارس دون موافقة الولي الفقيه وبأمر منه، بيد أنه نظرًا لأن خامنئي وزمرته يدركون مدى العواقب الكارثية التي ستسفر عنها إعادة افتتاح المدارس يحاولون أن يُنحوا أنفسهم جانبًا مقدمًا وإلقاء اللوم على روحاني وحكومته، كما فعلوا في الحالات الأخرى.

وفي هذا الصدد، قال شهرياري، رئيس لجنة الصحة بمجلس شورى الملالي : "إذا حدث مكروه لأبنائنا، يجب بادئ ذي بدء استجواب رئيس الجمهورية ثم وزير التربية والتعليم".

ومن جانبه، حمّل روحاني في تصريحاته في حفل بداية العام الدراسي المسؤولية كاملة على المعلمين ومديري المدارس وأهالي الطلاب، وشدد مرارًا وتكرارًا على دورهم، ولم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى مسؤولية الحكومة في هذا الصد.

لماذا الإصرار على إعادة افتتاح المدارس؟

إن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في هذا الصدد هو: لماذا يصر نظام الملالي بهذا القدر، وتحديدًا روحاني على إعادة افتتاح المدارس قبل الآوان؟ وفي ردها على هذا السؤال أشارت صحيفة "جوان" التابعة لقوات حرس نظام الملالي، في 4 سبتمبر 2020، إلى أحد الأسباب وكتبت: "إن السبب في إعادة افتتاح المدارس في الوقت الراهن هو ضغط مديري المدارس الخاصة لتحصيل مصاريفهم الفلكية".

بيد أنه بالإضافة إلى المردود الاقتصادي لمافيا المدارس غير الحكومية، فإن نظام الملالي يعاني من مخاوف سياسية واجتماعية بالغة بشأن عدم افتتاح المدارس، وهو ما يمكن إدراك أثره أيضًا في تصريحات روحاني وبشكل أوضح في تصريحات وزير التربية والتعليم.

فعلى سبيل المثال، قال روحاني في لجنة مكافحة وباء كورونا: "إننا نحافظ على الأطفال في منازلهم منذ سبعة أشهر، وبقاء الأطفال في منازلهم يشكل لهم معاناة. فالبقاء في المنازل في حد ذاته اكتئاب ويتسبب في مشاكل نفسية".

كما قال وزير التربية والتعليم: "إن الانقطاع عن التعليم ينطوي من حيث الحالة العقلية والنفسية على بعض المخاطر على الطلاب وعلى عواقب وخيمة على المجتمع على المدى القصير والطويل".

ومن الواضح أنه لا روحاني يقلقه اكتئاب الأطفال ولا حاجي ميرزايي يقلقه الحالة العقلية والنفسية للطلاب. فالجدير بالذكر أن القلق الأساسي يكمن فيما أشار إليه حاجي ميرزايي في حديثه، حيث قال: الانقطاع عن التعليم ينطوي على عواقب وخيمة على المجتمع (قل على نظام الملالي الفاشي) على المدى القصير والطويل.

كما قالت السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية:وكلاء وخبراء النظام يؤكدون واحدًا تلو الأخرى أن إعادة فتح المدارس أمر خطير.لكن خامنئي وروحاني يزجان بالأطفال والمراهقين والمعلمين في ساحة ألغام كورونا. إنهما يريدان التصدي للسقوط بدفع موجات من الضحايا البشرية وهذا يزيد فقط من مشاعر الاشمئزاز والكراهية تجاه الفاشية الدينية.

نعم، إن نظام الملالي مرعوب من جيش الملايين من طلاب الثانوية العامة. فهم قوة متحمسة مفعمة بالطاقة والحيوية ولعبوا دورًا رائعًا للغاية في الثورة المناهضة للشاه، وكذلك في صفوف الميليشيات وأنصار مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية ضد نظام خميني، كما شاركوا بشكل ملفت للنظر في جميع الحركات الاحتجاجية والانتفاضات الأخيرة، ومن بينها انتفاضتي يناير 2018 ونوفمبر 2019، نظرًا لأن غضبهم واستياءهم وإحساسهم بخيبة الأمل، فضلًا عن الضغوط الاقتصادية التي لا تطاق شكلوا أرضية مواتية للغاية تدفع بهم إلى المشاركة في الأنشطة الاحتجاجية في إطار معاقل الانتفاضة.

وفي ظل هذه الظروف، سيشكل الطلاب والعاطلون عن العمل القوة الرئيسية في أي انتفاضة شاملة على مستوى البلاد. انتفاضةٌ لا يشك في اندلاعها أحد حتى داخل نظام الملالي سوى قلة. 

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة