الجمعة, أبريل 26, 2024
الرئيسيةمقالاتإیران.. فزع نظام الملالي من الوضع المتفجّر في المجتمع

إیران.. فزع نظام الملالي من الوضع المتفجّر في المجتمع

0Shares

في استعراض خطبة الجمعة الموافق 17 ینایر 2020، قام خامنئي فقط بتشجیع ومواساة الحشود ومناشدة الشعب بأن یکون "صبوراً" مکرراً  شعاراته الجوفاء بدلاً من تقديم حلول ناجعة للخروج من الأزمات الناجمة عن تصفية قاسم سليماني، وإسقاط الطائرة المدنیة الأوكرانية بصاروخ قوات الحرس والإنتفاضة الشعبیة المتأججة في العدید من المدن الإيرانية.

ووفقاً للمراقبين فإنّ إسقاط الطائرة الأوكرانية يعيد للأذهان حادثة "تشيرنوبل" التي وقعت  في شمال أوکرانیا قُبیل انهيار الاتحاد السوفیتي.

تحطّم الطائرة بصاروخ  قوات الحرس النظام الإيراني هو بمثابة الحلقة الأخيرة من سلسلة الأزمات التي تضیّق الخناق علی نظام  والتي بدأت بهلاك قاسم سليماني وأنتهت بالإنتفاضة الشعبیة العامة.

هذا وقد اضطر ممثلو الولي الفقیه المتوجّسین إلی التطرق لذكر بعض من هذه الأزمات المتزایدة في خطبهم التي ألقوها یوم الجمعة الماضیة.

علی سبیل المثال قال ممثّل خامنئي وإمام جمعة مدینة شیراز وفقاً لما نقلته قناة "فارس" في 17 ینایر:

«في هذه المسائل، أراد أعداء الإسلام التشكيك في أحد أركان قوتنا الوطنية والاحتجاج على القوات المسلّحة وأنظمة الصواريخ والحرس الثوري بذریعة الحداد علی رکاب الطائرة».

لکن هذا المعمم المتحدّث بإسم خامنئي الدجال لا يذكر كيف تمّ التشكيك وإثارة التساؤلات حول قدرات النظام وفاعلیة قواته المسلّحة. أحد الخبراء الحكو ميين ینقل هذا الواقع علی النحو التالي:

«مشهد الرجل الذي تسلّق عمود المصباح وتجرأ علی إهانة صورة الحاج قاسم هو في الأساس إحدی المشاهد التي أرادها الأعداء» (قناة خبر 17 ینایر 2020).

في واقع الأمر فإنّ دعس صورة قاسم سليماني تحت الأقدام وحرقها هو دعس وإحراق لرمز الإرهاب الخارجي الذي تمارسه حکومة الملالي وهو تقویض عملي لسیادتها وهیمنتها.

هذه الحقیقة قد أضعفت معنویات قوات الحرس وعناصر الباسیج وزلزلتها لدرجة أنها أرغمت دعاة النظام وأبواقه الدعائیة إلی الظهور وتقدیم أقصی ما یمکنهم تقدیمه من الدعم والمواساة والتشجیع.

في هذا الصدد یقول المعمم "مقري" إمام جمعة مشهد:

«لا یرعبکم ما تشاهدونه من فوضى ونزول مجموعة من الأشخاص إلی الشوارع. لم نکن لنتعرّف علی الأعداء إن لم تحصل هکذا حوادث في فتنة عام 2009 وفي الحرب المفروضة وفي قضیة المنافقین. يمكن أن تحدث هکذا أحداث سيئة في المجتمع مثل الشخص الذي أسقط الطائرة الأوكرانية والشخص الذي يتطفّل في عاشوراء ويمزّق صورة الإمام ويرکل صورة سليماني» (قناة آستان قدس 17 ینایر 2020).

وقد فشل "محسن رضائي" أمین مجلس تشخيص مصلحة نظام الملالي في إخفاء مخاوفه وتأوّه قائلاً:

<< منذ عامین أي منذ 2018 ومنذ نوفمبر 2019 وفي الأیام القلیلة الماضیة بسبب قضیة تحطّم الطائرة، حاول هؤلاء  استغلال احتجاجات الناس عن طریق وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الافتراضي » (القناة الثالثة 17 ینایر).

تخوّف مسؤولي النظام وقادته من الوضع  الحالي  القابل للتفجر في المجتمع الإیراني ،ولم یغب عن وسائل الإعلام الأجنبية والمحللين الأجانب أیضاً متابعة هذه التطورات.

في هذا الصدد كتبت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمریکیة في 17 ینایر:

«على الرغم من خطاب التحدّي الذي ألقاه خامنئي في صلاة الجمعة، فإنّ خروج المتظاهرین مرة أخرى إلى الشوارع، وتهديد أوروبا بفرض عقوبات اقتصادية جديدة ومقتل قاسم سليماني، قد زعزع النظام الذي بقی في السلطة لعقود بواسطة قمع الناس وإثارة الفتن في الشرق الأوسط.

إن إسقاط الطائرة الأوكرانية أثار أيضاً موجة من الاحتجاجات وأظهر أنّ النظام لم يفهم الشعب الإيراني الذي طالب بتقدیم تقریر شفاف عن الحادث».

ونقلاً عن خبیر في الشأن الإیراني لخّصت الصحيفة إحداثيات النظام بالعبارات التالیة:

«في إيران يوجد الكثير من الفساد. والحكومة غير قادرة على تلبية احتياجات الناس. المواجهة بين الشعب والنظام في تطور . لكن عدم ثقة الشعب بالنظام هو أهمّ شيء».

كما يتّضح من التصريحات التي أدلی بها کبار الشخصیات وتمت الإشارة إلیها أعلاه، فإن تأوّهات القادة ووكلاءهم في هذه الأيام جراء أحداث الأسبوعین الماضیین والتي کانت مریرة للغایة علی الحکومة الإیرانیة،باتت مسموعة للجميع، وإن اعتراف خامنئي بمرارتها خلال خطبة الجمعة الماضیة، هو  نتیجةٌ للخوف من الإنتفاضة و الفزع  من الإطاحة بنظام الملالي المتهالك من قبل المنتفضین وعلی رأسهم  الشباب.

المخاوف من الوضع المتفجّر للمجتمع تشبه ما حدث في إنتفاضة ینایر 2018 و إنتفاضة نوفمبر 2020 اللتین هزّتا أرکان الحكومة المتهالکة. تتجدّد مخاوف وحسرات  المسؤولین والشخصيات الحکومیة من هاتين  الانتفاضتین مع كل مرة يشيرون فیها إليهما ،ذلك أنهما كشفتا إلی أي  مدی يكره  الشعب هذا  النظام وخاصة رأس الأفعی علي خامنئي.

ولكن الحقيقة هي أن وضع الحکومة الإیرانیة متأزّم ومتدهور إلی درجة لا ینفع معها التأوّه والتظلّم والإعراب عن الفزع والقلق، لأن الإنتفاضة ستستمر وتتصاعد في خضم الوضع المتفجّر داخل المجتمع، وستلتهم نیرانها المتأججة کل مظاهر النظام الفاسد وقادته المجرمین وستقتلع جذوره.

حول الأوضاع المیدانیة الراهنة في أعقاب الإنتفاضة الشعبیة الإیرانیة ومأزق النظام الحالي يقول "بهرام بارسایي" عضو مجلس الشوری الرجعي:

«الوضع الحالي لبلدنا وفجواته العدیدة لا یُخفی علی أحد. هذه الفجوات باتت عميقة لدرجة أنه لا يمكن تجاهلها بإطلاق الشعارات والدعايات المعتادة ونسب الفجوات إلى بعض المؤامرات الخارجیة.

تقارب مواعید الاحتجاجات العامة من بعضها البعض ، مشارکة المزيد من الناس في هذه الاحتجاجات، توسيع نطاق المطالبات واشتمالها علی مجموعة واسعة من القضايا وتغطيتها لمزيد من المجالات، هي علامات واضحة بالنسبة لأي مراقب لمعرفة أن المجتمع الإیراني لا یعیش في ظروف طبيعية» (جریدة إیران الحکومیة 18 ینایر 2020).

عضو مجلس الملالي هذا أیضاً قلق من الوضع الثوري للمجتمع واحتمال حدوث انفجارات اجتماعیة أكبر تتربّص بالنظام. الوضع  وصل إلى مستوی عالٍ من النضج وأصبحت أي إنتفاضة شعبیة تتوشح بطابع الإطاحة بالنظام.

کما كان الحال  في أحداث  الإنتفاضة الأخيرة واحتجاج الشعب الإیراني على إسقاط الطائرة ومقتل المواطنین، حیث أخذت الاحتجاجات والشعارات طابع الإطاحة وهتف المتظاهرون:

«القائد العام للقوات المسلّحة، استقیل استقیل»، و«قوات الحرس ترتکب الجرائم والقائد یبرر»، «الموت لخامنئي».

هذا تحدٍ مستمر وصریح لحكومة الملالي حتی يتمّ الإطاحة بها ورمیها في مزبلة التاریخ علی أيدي الشعب الإیراني وبدعم من معاقل الإنتفاضة  والمقاومة الإيرانية.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة