الخميس, مارس 28, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانالملالي خائفون من المقاضاة

الملالي خائفون من المقاضاة

0Shares
الکاتب : * د.سنا برق زاهدي
 
منذ فترةن بدأت حملة في إيران للمطالبة بمقاضاة المسؤولين عن مجزرة ثلاثين ألفاً من السجناء السياسيين من مجاهدي خلق في العام 1988.
فور انتهاء الحرب الإيرانية العراقية ،أصدر خميني فتوی بخط يده، وأمر بإعدام جميع أعضاء مجاهدي خلق، الذين کانوا في السجون. ومن أجل تنفيذ هذه الفتوی تشکّلت « لجان الموت» في طهران وفي مختلف مناطق إيران، وأعدمت خلال أشهر أکثر من ثلاثين ألفاً من السجناء السياسيين، کانت أغلبيتهم الساحقة من مجاهدي خلق. ومعظم أعضاء لجان الموت أحياء ويتبوؤن مناصب عالية في نظام ولاية الفقيه في الوقت الحالي. وکان جميع المسؤولين في النظام من خامنئي ورفسنجاني وروحاني وخاتمي وغيرهم متورطين في هذه الجريمة الکبری.
کما أن وزير العدل في حکومة روحاني سابقاً مصطفي بور محمدي کان عضو لجنة الموت في طهران، والوزير الحالي له علي رضا آوا‌ئي أيضا کان عضواً في لجنة الموت في مدينة دزفول. استطاع نظام الملالي خلال 28 عاماً عبر وضع خطوط حمر، أن يفرض الصمت والتعتيم علی أکبر مجزرة ضد السجناء السياسيين بعد الحرب العالمية الثانية. فبقيت هذه الجريمة الکبری ضد الإنسانية في دائرة التعتيم العام داخل إيران؛ حيث لم يتجرأ أحد أن يتحدث عنها وإلا عليه أن يدفع ثمنا باهظاً. في العام 1998 کتبت صحيفة «آريا» خبراً بسيطاً بشأن هذه المجزرة جاء فيه أن محمد خاتمي، رئيس جمهورية النظام آنذاک، کان من مؤيدي تنفيذ فتوی خميني لإعدام السجناء. فإذا بخاتمي شخصه أمر بإغلاق هذه الصحيفة إلی الأبد.
خلال العام الماضي، وفي ذکری تلک المجزرة حصل تطوّر کبير في هذا المجال، حيث تجاوب المجتمع الإيراني مع دعوة السيدة مريم رجوي إلی حملة وطنية لمقاضاة مرتکبي هذه الجريمة. وبعدها بأسابيع تم کشف النقاب عن تسجيل صوتي، ومحضر لقاء تم في خضمّ الإعدامات الجماعية في صيف عام 1988 بين آية الله منتظري، الخليفة المعين لخميني آنذاک، وأعضاء «لجنة الموت» في طهران. أي المجموعة المکوّنة من أربعة أشخاص، منهم إبراهيم رئيسي المرشح المفضّل لخامنئي في انتخابات الرئاسية الأخيرة، الذين نفّذوا قرار خميني بإعدام آلاف من السجناء في سجني إيفين وجوهردشت بطهران العاصمة.
بعد هذين الحدثين، تحدّی أبناء الشعب وأعضاء شبکات المقاومة حاجز الخوف وبدأوا بکتابة الشعارات علی جدران الشوارع في طهران والمحافظات مطالبين بمحاکمة المتورّطين في هذه الجريمة. عوائل الشهداء تحرّکوا لتقديم معلومات جديدة عن أعضاء لجان الموت في مختلف مناطق إيران وللتعرّف علی المقابر الجماعية وأرسال المزيد من أسماء الضحايا.
المحسوبين علی النظام اتخذوا مواقف متباينة. بعض منهم من أمثال أحمد خاتمي إمام الجمعة المنصوب من قبل خامنئي في طهران، بارک في خطبته لمرتکبي هذه المجازر لأنهم أنقذوا النظام، وذهب بعيداً، وقال: يجب إعطاء أوسمة للجزّارين! کما أن إبراهيم رئيسي صرّح أنه فخور لما عمل ضد «المنافقين» في تلک الفترة!
لکن البعض الآخر من أمثال علی مطهري نائب رئيس مجلس شوری النظام، قال: إذا حصلت أخطاء فيجب الاعتذار منها وتقديم تعويضات للعوائل.
وبذلک حدث شرخ کبير داخل مؤسسة الملالي ونسبة کبيرة منهم لم يؤيدوا فتوی خميني والمجازر التي کانت حصيلة الفتوی. وبلغ التناقض ذروته في انتخابات الرئاسة حيث فشل خامنئي أن يفرض مرشّحه إبراهيم رئيسي علی جميع أجنحة الحکم.
لکن الشيء الذي يخاف منه الملالي کثيرا باستمرار هو مطالبة الجيل الجديد بمقاضاة مرتکبي مجزرة عام 1988. وکتبت منظمة العفو الدولية قبل فترة أن الجيل الذي تولّد بعد الثورة ضد الشاه يطالب اليوم بالتحقيق حول مجزرة عام 1988. وإذا تابعنا الخطوات الکبيرة التي تم اتخاذها علی الصعيد الدولي في هذا المجال يمکن فهم سبب خوف الملالي الحاکمين في إيران من هذه التطورات. وأقصد ترکيز المقرّرة الخاصة بحقوق الإنسان في إيران الفقيدة عاصمة جهانغير في تقريرها المقدّم إلی الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي علی تسلّمها رسائل عديدة من داخل إيران من عوائل الشهداء تطلب منها العمل في هذا المجال. کما أن الأمين العام للأمم المتحدة أيضا تطرق لهذا الموضوع في تقريره إلی الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر العام الماضي.
وکانت أن هناک نشاطات واسعة علی مختلف الأصعدة من إصدار کتب وتقارير وإقامة معارض وکتابة مقالات في الصحف وغيرها من النشاطات خارج إيران التي تأتي لتشجيع أبناء الشعب الإيراني في وضع سوآل کبير أمام قادة النظام. خاصة إذا عرفنا أن معظم المسؤولين الکبار في هذا النظام من الملالي وقادة الحرس کانوا متورطين في ارتکاب تلک الجريمة.
وتحدث علي أکبر ناطق نوري عن هذا الموضوع وقال: «أحفاد الجيل الأول والجيل الثاني جاؤوا ويقولون لنا إنهم [السجناء السياسيين] کانوا معتقلين لديکم. أما قمتم بمحاکمتهم؟ ألم يکونوا سجناء؟ کانوا محکومين بالسجن وکانوا داخل السجون. فلما ذا بعد ذلک أعدمتم هؤلاء الذين کانوا أسری بأيديکم؟ هذا الموضوع تحوّل إلی تساؤل الجيل الجديد. نعم في الشارع وفي الجامعات يعرضون هذا السؤال، ويقولون لماذا؟» ولما نظرنا إلی خلفية ناطق نوري، وأنه کان أحد کبار مسؤولي هذا النظام حيث کان رئيس مجلس شوری النظام لدورتين، وکان رئيس دا‌ئرة التفتيش في مکتب خامنئي وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام و… يمکن فهم مغزی طرحه لهذا الموضوع. وتطرّق کبار المسؤولين في النظام إلی هذا الموضوع يشير إلی أنهم في مشکلة کبيرة.
وتبيّن في الانتفاضة الأخيرة أن دماء هؤلاء الشهداء أصبحت زرعاً أنبتت سبع سنابل وفي کل سنبلة مائة حبّة والله يضاعف من يشاء والله واسع عليم. يعني أن ملايين من أبناء الشعب الذين انتفضوا وطالبوا بإسقاط نظام الملالي في الحقيقة کانوا مطالبين بمحاکمة قتلة الشهداء الثلاثين ألفا، الذين أعدموا في العام 1988، کما أن ألف معقل للنضال والکفاح أيضاً سيتابعون هذا الموضوع حتی النتيجة.
فهل هذا معناه أن الجيل الجديد لا يمکن أن يهدأ إلا عند مشاهدة محاکمة ومعاقبة مرتکبي هذه الجريمة الکبري، التي وصفتها العديد من کبار الهيئات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان بأنها کانت جريمة ضد الإنسانية؟ نتمنی ذلک من جراء سقوط نظام ولاية الفقيه وإقامة إيران حرة ديمقراطية مسالمة، حتی تقوم بمحاکمة هؤلاء المجرمين في محاکمة عادلة مستقلة وعلی أساس المعايير والصکوک المذکورة في العهود والمواثيق الدولية.
 
* رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة