الخميس, مارس 28, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليومعواقب تنفيذ نظام الملالي حالة إعدام واحدة وتكاليفها

عواقب تنفيذ نظام الملالي حالة إعدام واحدة وتكاليفها

0Shares

أعدمت السلطة القضائية في نظام الملالي نويد أفكاري، صباح اليوم السبت 12 سبتمبر 2020. وعلى الرغم من أن إعدامه كان متوقعًا، وخاصة منذ أيام قليلة عندما نقلوه وشقيقيه وحيد وحبيب من عنبرهم إلى مكان آخر، إذ كانت الخطة الشريرة التي يفكر فيها الجلادون واضحة تقريبًا، كما أن منظمة العفو الدولية كانت قد أصدرت تحذيرًا في هذا الصدد، بيد أن هذه الخلفية وهذه المقدمات لم تقلل من التأثير الصادم للخبر، وأُذهل العالم بأسره من إعدام نويد أفكاري، الشاب الرياضي الإيراني.

إن الذهول والحيرة من ممارسات الفاشية الحاكمة في إيران وطبيعتها، هو دهشةٌ من نظام في أمس الحاجة إلى القتل والإعدام مثل احتياجه للهواء والأكسجين. ورد ذكر ضحاك ذو الثعبانين على كتفيه في الأساطير والخرافات الإيرانية القديمة. وكان على الطاغية مصاص الدماء الذي أنبت ثعبانين من كتفي ضحاك أن يقطع رأس شاب كل يوم ليقدم مخه طعامًا للثعابين وإلا فإن الثعابين كانت ستلذغ ضحاك نفسه.

ضحاك ذو الثعبانين على كتفيه في هذا الزمن

في ظل وجود الخليفة الرجعي مصاص الدماء، تم إحياء رواية هذه الأسطورة مرة أخرى اليوم والتجديد فيها. فنظام الملالي نظامٌ لاإنساني لدرجة أنه لا يمكن أن يصمد ويبقي في السلطة ولو ليوم واحد دون ممارسة جرائم القتل والإعدام والتعذيب، فقد أعدم اليوم نويد أفكاري وأعدم بالأمس مصطفى صالحي، ويعد هذين الإعدامين استمرارًا وامتدادًا لدماء الـ 1500 شهيدًا الذين استهدفت رصاصات قوات حرس الولي الفقيه الرجعي أدمغتهم وقلوبهم أثناء انتفاضة نوفمبر 2019، وهذا هو الخط الأحمر الدموي الذي يمتد إلى مذبحة 30,000 سجينًا سياسيًا في عام 1988، وكذلك إلى آلاف حالات الإعدام التي حدثت قبل ذلك في عام 1981 وعقد الثمانينيات، وإلى أكثر الأزهار نضارة وجمالًا من الشباب الحر في حدائق وطننا التي كانت تُملأ بها مرتفعات إوين والسجون الدموية في جميع أنحاء إيران كل ليلة وكل يوم بالمائة مائة وبالمأتين مأتين بسبب بربرية جلادي خميني. 

الامتداد التطوري للنهج الدموي

لكن هل تعتبر عمليات الإعدام اليوم صورة مكررة لنفس عمليات الإعدام والقتل التي حدثت في تلك السنوات؟ لا، على الإطلاق، حيث أن نظام الملالي قتل وأعدم الآلاف المؤلفة، وصفى الآلاف المؤلفة جسديًا ومعنويًا في غرف التعذيب وسلخهم ومثّل بهم في عام 1981 ولم يحرك العالم ساكنًا. وارتكب نظام الملالي الفاشي مذبحة في حق 30,000 سجينًا سياسيًا مكبلي اليدين والقدمين في سجونه، بيد أن العالم لم يحرك ساكنًا مرة أخرى، ولكن اليوم تنتفض في العالم عاصفة من الإدانات على حالة إعدام واحدة.

ومما لا شك فيه أن كل هذا التطور في الموقف يعود إلى غليان هذه الدماء والاحتجاجات والملاحم في جميع الساحات السياسية والعسكرية وهو نتيجةً لمعارك المناضلين من أجل الحرية في حرب التحرير، والصمود الحافل بالمجد في الحصار منزوعي السلاح على مدى 14 عامًا، ونتيجة لانتفاضة الشعب الإيراني المجيد والشباب الثائر في شهري يناير 2018 ونوفمبر 2019. وقد غيرت هذه المجموعة من الأعمال النضالية كل شيء في المجال الاجتماعي والسياسي لوطننا إلى حد كبير. فبالأمس كان خميني الجلاد يمارس القتل بوحشية دون اعتبار للعواقب داخل البلاد ويتباهى بما فعل كالشيطان والساحر، وكان يبادر باختطاف الرهائن والتفجير والاغتيال خارج البلاد في كل ركن من أركان العالم بغية الترويع. واليوم يسعى خليفته خامنئي إلى أن يقتدي به ويرتكب نفس الأعمال الإجرامية، بيد أنه لم يستطع، بل ويستفز الإيرانيين والرأي العام العالمي ضده على وجه التحديد بشكل غير مسبوق مع كل جريمة يرتكبها.

ويكفي أن ننتبه إلى تلاحم عدة ملايين من داخل البلاد ومن جميع أرجاء العالم في حملة هاشتاجي "كفوا عن الإعدام#" " نويد أفكاري#" في الفضاء الإلكتروني، ومن بينهم رؤساء جمهوريات ووزراء ورجال دولة، حتى الأمين العام للأمم المتحدة وأبرز الشخصيات العالمية، ولا سيما الشخصيات الرياضية المشهورة والمؤسسات والاتحادات الرياضية.

لماذا كل هذه الوحشية وكل هذا التهور؟

لكن لماذا لم ينتبه نظام الملالي لمثل هذه الموجة العالمية الضخمة من الرفض والإدانات؟ وما السبب في التهور المفرط لدرجة أنه من شدة كونه في عجلة من أمره أعدم نويد أفكاري صارفًا النظر عن اللقاء الأخير المعتاد للمحكوم عليه بالإعدام مع أسرته؟ فهل هذا النهج دليل على السلطة والبطش والثقة بالنفس أم أنه دليل على الضعف والرعب؟. الحقيقة هي أن كل عقل سليم وكل منطق سياسي حتى في النظام الديكتاتوري؛ يقضي بألا ينبغي للنظام المتفائل بمستقبله أن يؤذي هذه الملايين وهذه الشخصيات الرياضية التي تحظى بشعبية عالمية وألا يثير اشمئئزازهم، بل يجب عليه أن يظهر أنه يقدر ويحترم الرأي العام حتى يتسنى له مواجهة العقوبات المفروضة عليه وعزلته الدولية التي يعاني منها الأمرين؛ اعتمادًا على كسب التعاطف من خلال احترامه للرأي العام. ومن المؤكد أن نظام الملالي يدرك هذه الاعتبارات والتقديرات جيدًا، بيد أن هذه الاعتبارات تفقد بريقها أمام الحاجة الملحة للنظام الفاشي في ظل الخطر الذي يهدد بقاءه اليوم. والحقيقة هي أن هذه الاعتبارات من الممكن أن تكون لها أهميتها لدي النظام الذي يتطلع إلى المستقبل على المدى الطويل أو المدى المتوسط. بينما نجد أن نظام الملالي قلق ومشغول البال على حياته الآنية لا المستقبلية. 

وكان أمام نظام الملالي خيار واحد، ألا وهو السماح لهذه الموجة من الشجب والإدانات أن تمر مرور الكرام، ويؤجل تنفيذ الحكم لإحالة القضية إلى محكمة استئناف أخرى، وينفذ نواياه عندما تهدأ الأوضاع بعد إبرام اتفاق ؛ بيد أن نظام الملالي قلق من فوات الأوان إذا ما انتظر للغد ولم ينفذ حكم الإعدام اليوم.

كما أن خامنئي يدرك جيدًا حجم التأثيرات والعواقب السلبية الواسعة النطاق داخل وخارج البلاد عليه والتي ينطوي عليها إعدام شخصية رياضية شعبية، بيد أنه في الوقت نفسه ارتأي أن إعدام مثل هذه الشخصية من شأنه أن يكون له تأثيرات رادعة على قوات الانتفاضة سواء على أولئك الذين ينتظرون يوم الإطاحة بفارغ الصبر، أو على أولئك الصامدين في السجون وغرف التعذيب. 

الاعتبار الأكثر أهمية هو المحافظة على الروح المعنوية للقوات القمعية

إن خامنئي لديه اعتبار آخر أكثر أهمية وإلحاحًا أيضًا، ألا وهو المحافظة على الروح المعنوية لقواته. فقد أظهر خامنئي في عدة مناسبات أنه غير مستعد لإضعاف أو انهيار قواته الإجرامية الموالية له بأي ثمن، حتى ولو على حساب سمعته.

وهي القوات المذعورة الآيلة للانهيار في الوقت الراهن خوفًا من أن يحاصرها أبناء الوطن الغاضبين المطحونين. لذا يجب على خامنئي أن يؤكد لهذه القوات أن كل شيء على ما يرام بغية رفع روحهم المعنوية، ولا ينبغي لهم أن يشعروا بأدنى حد من القلق عند ارتكاب الجرائم ضد الشعب، ولا يجب أن يقلقوا من توقيع أي عقوبة عليهم ولا حتى من التوبيخ إذا ما أفرطوا في ارتكاب الجرائم، ويجب عليهم تبديد قلقهم من انتقام الناس بإظهار أقصى درجات البربرية والعنف البشع ضد قوات الانتفاضة.

والحقيقة هي أن نظام الملالي قد يستطيع أن يطيل من عمره بضعة أيام باللجوء إلى ارتكاب هذه الجرائم، بيد أنه من المؤكد أنه سيكون في نهاية المطاف الخاسر الأكبر في هذه المغامرة السخيفة. فالعالم بأسره حتى أولئك الذين لا علاقة لهم بالسياسة والمعادلات السياسية إلى حد كبير، أدركوا هذه الحقيقة بموجب مخالطة موضوعية ولمسوا وحشية نظام الملالي وعنفه البشع اللامحدود، وأدانوا وشجبوا جرائم الملالي كما ينبغي في رسائلهم في الفضاء الإلكتروني مستخدمين نفس كلمات الولي الفقيه. ولكن الأهم من ذلك، هو أن العالم أدرك أن هذا النظام وحشي وفي الوقت نفسه ضعيف للغاية وغير مستقر ومرعوب من أبناء الوطن. فعلى سبيل المثال، كتب المستشار السياسي البارز في البرلمان الأوروبي، ألكسندر كروس، في تغريدته: "إن نظام الملالي المجرم في طهران أعدم نويد أفكاري بغية ترويع ملايين الأشخاص الذين يناضلون يوميًا ضد قمع هذا النظام الديكتاتوري؛ وكبح جماحهم".

والجدير بالذكر أن هذا الوعي والاشمئزاز من نظام الملالي يرجح مباشرة كفة الشعب والمقاومة الإيرانية في ظل الظروف السياسية الحالية على حساب كفة نظام الملالي وداعميه الدوليين الذين ما زالوا يتطلعون إلى إبرام صفقة مع هذا النظام والاستفادة من مائدة نهب إيران، ويقطع أيديهم أكثر فأكثر عن مساعدة هؤلاء الوحوش. وهذه هي المرحلة التي يتردد فيها صدى تحذير رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي للدول الغربية؛ في العالم إلى حد بعيد بعد هذا الإعدام الوحشي، حيث قالت: " إن الصمت والتقاعس يعتبر بمثابة إعطاء الضوء الأخضر لنظام الملالي والتعاون معه حتى يستمر في ارتكاب جرائمه اللاإنسانية".

بيد أن الرسالة الرئيسية لاستشهاد نويد أفكاري موجهة للشعب الإيراني والشباب الثائر. ولا شك في أن الحقائق المشار إليها لا تخفى عن رؤيتهم الحادة. ولهذا السبب، قالت السيدة مريم رجوي في رسائلها على تويتر: " إن الإيرانيين، ولاسيما الشباب الشجعان لن يهدأ لهم بال قبل أن ينتقموا لإعدام هذا الابن الشيرازي الشجاع وسوف ينتفضوا تضامنًا مع أهالي محافظة فارس الأبطال جراء إعدام نوفيد أفكاري ظلمًا".  

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة