الثلاثاء, أبريل 23, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليومانتفاضة إیران ! لن یعود الزمن للوراء کما یتمنّی الدیکتاتور

انتفاضة إیران ! لن یعود الزمن للوراء کما یتمنّی الدیکتاتور

0Shares

 في خطابه المکوّن من 2500 کلمة مع "2500 شخص من المنتجين ورجال الأعمال والناشطين في المجال الإقتصادي "، بیّن خامنئي یأسه وخيبة أمله من الوضع الاقتصادي في البلاد.

لكن نظراً إلی  أنه یعلم یقیناً بأن الأزمة الاقتصادية في البلاد مستعصية ولا وجود لخطة عمل فعّالة لتحسين الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في ظل حكمه، فقد حاول خامنئي إخفاء عجزه عبر تقدیم سلسلة من الإرشادات النمطية والهامشية.

تشير الإحصائيات إلى أنّ 80 بالمائة من الشعب الإیراني تحت خط الفقر وأکثر من 30 بالمائة تحت خط الفقر المطلق، بینما 6 بالمائة من الایرانیین یعانون من الجوع. خامنئي یدرك جيداً أن هؤلاء الفقراء والمنکوبین هم أعداؤه وقد قررّوا تغيير الوضع في إيران. 

لا یمکن لأي ديكتاتور مهما اشتدّ عنفه ووحشيته أن يقف في وجه الشعب ویصدّه إذا انتفض وثار وطالب بحقوقه. الحقیقة أن الشعب المظلوم علی استعداد تام لدفع ثمن الحرية والعيش بکرامة.

شمل خطاب خامنئي الطویل عدة نقاط  أهمها:

١- خامنئي المتألم من شدة وطأة العقوبات المستمرة، قد حثّ من ناحية على تخطي العقوبات، ومن ناحية أخرى ناشد مسؤولي نظامه اتباع سياسة من شأنها أن تخلّص  البلاد من ضغط العقوبات على الاقتصاد، لكنه لم یقدّم أي خطة عملية.

٢-     فیما یتعلق بخطة الخصخصة الاقتصادیة ـ مع بقاء الرقابة الحكومية على المؤسسات التي تمّ تخصيصهاـ  واستياء القطاع الخاص من فشلها، فقد اتخذ خامنئی کالمعتاد موقف المعارض قائلاً إنّ البعض قد استغل تخصیص الشرکات وقام بحشو جیوبه بالأموال، متناسیاً أن قسماً کبیراً من الإفلاس الاقتصادي للشركات التي تمّ نقلها إلی القطاع الخاص جاء بسبب بناء قاعدة کبیرة من المنتفعين المقربين منه والمؤسسات المرتبطة به وقوات الحرس.

٣- خامنئي الذي يشعر بالقلق المتزاید وغیر المسبوق من انهیار قواته عقب فشله الذریع في العراق ولبنان وإثر الانتفاضة الحاشدة وغير المسبوقة للشعب الإيراني، حاول التظاهر بـ «أنه قد دحر العدو في الحروب العسكرية والسياسية والأمنية» محاولاً وقف الانهيار في صفوف قواته.

من هم أعداء خامنئي ونظام ولایة الفقیه؟

سابقاً قال خميني "سلف خامنئي الأيديولوجي" والذي كان أكثر جرأة من هذا الأخیر إنّ «العدو ليس في الولايات المتحدة ولا في الاتحاد السوفيتي لكنه موجود هنا في طهران».

وبالطبع كان يقصد منظمة مجاهدي خلق الإيرانية الرائدة في معارضة دیکتاتوریة الملالي ومقاومة الفاشية الدينية في إیران.

اليوم، الحشود التي انتفضت ضد نظام الملالي بحجة ارتفاع أسعار البنزین هم من أبناء إیران ومن الفقراء الذين وعدوا بأن موائدهم ستملأ من عائدات النفط.

هم اولئك العاطلون عن العمل الذین یقضون النهار یومیاً على أرصفة الطرقات بانتظار فرصة عمل، أو الباعة الذین یتعرضّون للإهانة والنهب من قبل عناصر القمع في البلدية، أو هم خريجو الجامعات من الشباب وکبار السن الذين يجولون الأسواق بالعربات الکبیرة أو الصغيرة بانتظار حمل ینقلونه، أو العمّال الذین لم یتقاضوا رواتبهم لمدة شهور، أو أولئك المتقاعدون الذين تؤجّل رواتبهم الضئيلة إلى أسابيع عديدة بعد سنوات من الکفاح والعمل الشاق.

والمحزن أنّ أحد خبراء النظام یقرّ بأن قرابة نصف الشعب الإيراني لا یمتلك سيارة لیقلق بشأن ارتفاع أسعار البنزين ولكن ما يقلقه ويحبط آماله وطموحاته هو التضخّم المتزايد جراء ارتفاع أسعار الوقود.

«في هذه المجموعة (الفئات الفقيرة) حوالي 5.5 بالمائة من الأسر تمتلك سیارات خاصة. بالنظر إلى وضع هذه الأسر، فإنّ احتمال كسب لقمة عيشها من نفس السيارة كان عالیاً. إن صحّت هذه الفرضية فإنّ هذه الأسر تواجه الآن زيادة بنسبة ضعفين في تكلفة مصادر  دخلها. نظراً إلی أنّ أجرة السیارة لم تتغیّر إجمالاً لذا فإنّ الدخل لم یشهد ارتفاعاً  في حین التكاليف  ارتفعت فقط» (صحیفة دنیای اقتصاد 20 نوفمبر 2019).

یقف أعداء الولي الفقيه تحت خط الفقر

الفقراء أعداء خامنئي اللدودين، لا یمتلکون السیارات بل لم يتبقّ لهم أي شيء صالح للبیع یمکّنهم من مواصلة الحیاة. لهذا فإنهم تدفقوا إلى الشوارع وبدأوا بحرق کل ما یتعلق بالحکومة منذ اندلاع الانتفاضة بسبب غضبهم وکراهیتهم لنظام الملالي الفاسد والجائر.

تختلف إحصائیات خط الفقر وفقاً للمؤسسات الداخلية والخارجية اختلافاً طفيفاً بسبب بعض المؤشرات، لكن جميعها تشير إلى فقر مدقع وواسع الانتشار في المجتمع الإيراني.

کتب موقع بورس نیوز: «أعلنت وكالة العمّال الرسمية أنّ خط الفقر یصل إلى 8 ملايين تومان. يقول رئيس لجنة الرواتب في المجلس الأعلى للمجالس العمّالیة في إيران: إن سلة الرواتب في سبتمبر  من العام الجاري تجاوزت 8 ملايين تومان ووصلت إلى 8 ملايين و74 ألف تومان، ببساطة ستحتاج الأسرة المكونة من 3.3 أفراد إلی 8 ملايين و74 ألف تومان في سبتمبر 2019 إذا أرادت توفير جميع ما تحتاجه للحياة على وجه مقبول نسبياً (موقع بورس نیوز 19 اکتبر 2019).

في مقال عن حالة الفئات الفقيرة من المجتمع کتبت صحیفة "دنیای اقتصاد" في 20 نوفمبر: «تشير أرقام مرکز الإحصاء إلى أنه في العام الماضي أنفق حوالي 6.42 في المائة من الأسر أقل من ملیونین و 250 ألف تومان في الشهر. یبلغ عدد هذه الأسر  حوالي 10 ملايين و640 ألف.

أو أنهم قد باعوا حوالي 176 ألف تومان شهرياً من ممتلکاتهم الشخصیة لتغطية النفقات. و نظراً إلى شدة الفقر لا یمکن الاعتماد على "الدعم النقدي" -المقدّم من الحکومة- فحسب لحلّ  المعضلة.

في العام الماضي كانت حوالي 2.7 في المائة من الأسر في البلاد تنفق أقل من مليون تومان في الشهر. ما يقارب 42 في المائة من الأسر التي تقطن المدن أنفقت أقل من 27 مليون تومان في السنة على مدى العام الماضي. کانت التکلفة الشهریة لهذه الأسر أقل من ملیونین و 250 ألف تومان شهریاً.

إذا قمنا بتعميم هذه الإحصائیة على جميع الأسر في البلاد، فهناك 5.10 مليون أسرة إيرانية تعيش بتكلفة تقلّ عن مليونين و250 ألف تومان شهرياً في عام 2018. تشير هذه الأرقام إلى أن عدداً كبيراً من السكان في إيران يعيش تحت وطأة الفقر». 

البؤساء یصنعون انتفاضة 

تُظهر الإحصائيات الصادرة عن وسائل الإعلام الموثوقة وحتى تلك التابعة للنظام جانباً من عمق الكارثة التي يعيشها الشعب الإيراني. لکن روحاني وخامنئي مازالا یصران علی اتهام المتظاهرین بالتعاون مع جهات خارجية.

خرج روحاني بعد فترة وجيزة من تصريحات خامنئي قائلاً: «هذا يدل على أن هذه المجموعة الصغيرة عملت ضد البلاد والشعب والمصالح الوطنية. لقد تم التنظيم والتخطيط لمثيري الشغب وتزويدهم بالأسلحة، وتحرّکوا بناء على خطة منظّمة ومُعدّة مسبقاً من قبل الرجعيين في المنطقة و الصهاينة والأمریكيین» (موقع مشرق نیوز 20 نوفمبر 2019).

"ربيعي" المتحدث باسم حکومة روحاني  کان قد صرّح سابقاً في موقع صحیفة "دنیای اقتصاد": «ليعلم الناس أننا نتفهّم معاناتهم ونعرف عن مائدة وثلاجة المتقاعد الفارغتين».

قد سارع بالخروج عقب تصريحات روحاني محاولاً فبرکة المشهد على  الطریقة الهولیوودیة متفوّقاً بذلك علی أستاذه روحاني قائلاً: «الیوم في اجتماع الحکومة تم تقديم معلومات استخبارية تشير إلى أن هؤلاء الأشخاص كانوا يعتزمون تنفيذ تفجيرات بعد التخطیط لها، کما وضعوا متفجرات على بعض الأنابیب وكانوا يخططون للتفجير في مدينة عسلوية. شعبنا يعرف جيداً من هو المستفيد من هذا» (موقع مثلث آنلاین 20 نوفمبر 2019).

في أعقاب خطاب روحاني هرع کبار مسؤولي النظام إلى الساحة ليعلنوا أنّ کل شي تحت السیطرة وقد تمّ دحر العدو بنجاح، من "همتي" رئیس البنك المرکزي الی "محمود واعظی" رئیس مکتب روحاني وصولاً الی "رضا رحماني" وزير الصناعة وغیرهم الکثیرون.

وفي الوقت نفسه تحدّثت إحدى وسائل الإعلام الحكومية عن وجود 60 مليون فقير لديهم قابلية الانتفاضة بوجه النظام الفاسد بکل مکوّناته في أي لحظة و لأي سبب : «یوجد في البلاد 60 ملیون شخص فقير لديهم قابلية إثارة الاضطرابات في أي لحظة، يجب ألا نعطيهم ذريعة. لهذا السبب نقول أنه لا ينبغي قمع بعضهم -وليس جميعهم لأن لديهم طاقة عاطفية كبيرة وسینفعلون» (صحیفة إیران الحکومیة 21 نوفمبر 2019).

لن يعود الزمن للوراء

في الحقیقة تسعی آلیات نظام الملالي الدعائیة الکاذبة إلى إثبات أن الانتفاضة قد خمدت والنظام لا يزال راسخاً ومتماسکاً، لکن رأس الأفعى خامنئي یعلم أکثر من أي شخص آخر أنه ينبغي علیه أن لا یصدق الأکاذیب التي ينسجها بنفسه ويتفوه به علانية.

هو یعلم جیداً أن العدو موجود ما دام الفقر والحرمان موجودان. کما أنه یعلم علی وجه الیقین أنّ 80 في المائة من الشعب الإیراني تحت خط الفقر وأکثر من 30 في المائة تحت خط الفقر المطلق و 6 في المائة من الایرانیین یعانون من الجوع.

هو يعلم تماماً أن الشريحة الفقيرة من المجتمع هم أعداءه، وقد قرّروا تغییر الأوضاع الخانقة في إیران. لا یمکن لأي ديكتاتور مهما اشتدّ عنفه ووحشيته أن يقف في وجه الشعب ویصدّه إذا انتفض وثار وطالب بحقوقه. الحقیقة أنّ الشعب المظلوم على استعداد تام لدفع ثمن الحرية والعيش بکرامة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة