السبت, مايو 4, 2024
الرئيسيةمقالاتليست شعرة معاوية

ليست شعرة معاوية

0Shares

بقلم نزار جاف

  

بيت شعري من القصيدة المشهورة التي قالها قبل مئات السنين أبو تمام  في فتح عمورية على يد المعتصم العباسي، هذا البيت کما يبدو يمکن سحبه على الاوضاع الحالية المرتبطة بالملف الايرانية عشية الاستعدادات الجارية لعقد مٶتمر وارسو، والذي لايبدو إنه کما سخر منه وزير الخارجية ظريف لکن لايبدو إن سخريته قد أقنعت الاوساط السياسية المختلفة في طهران، فهي ترى في هذا المٶتمر تکشيرة الاسد وليس بريق عيون الثعلب!

التصريحات الاخرى الصادرة في طهران تختلف عن تصريح وموقف ظريف، فهاهو فريدون مجلسي الدبلوماسي السابق وفي تصريح له عشية الاستعدادات الجارية لعقد مٶتمر وارسو حيث يحذر النظام الديني من الانجراف في سياسة خاطئة وضرورة تصحيح الموقف عندما يقول:" دول الاتحاد الأوروبي تطالب بأن تنتهج الجمهورية الإسلامية سياسة أخرى على الصعيد الدولي وأن تتعامل في حد مستواها على الصعيدين السياسي والاقتصادي وأن تخفض بعض نشاطاتها. وهذه المسألة في غاية الحساسية والأهمية لدى الغربيين. وفي هذا المجال يجب أن تتخذ السلطات في إيران خيارا ينزع فتيل الحساسيات في هذا المجال"، نصيحة عقلانية بعد أن باتت واشنطن تلمح وبوضوح ومن خلال مٶتمر وارسو، الى إنتهاء عهد"الصحائف" والتأسيس لعهد"الصفائح"!

ويبدو إن لجهان آبادي، عضو هيئة رئاسة اللجنة القضائية في البرلمان الايراني رأي آخر يدعم الرأي السابق ضمنيا الذي يقول:" أمريكا وبقيامها بتقوية (مجاهدي خلق) من جديد تبحث عن أعمال ميدانية ضد النظام وأن إقامة المؤتمر الأمني ضد الجمهورية الإسلامية في بولندا تدخل في هذا الإطار."، وإن الربط بين المٶتمر وبين منظمة مجاهدي خلق، هو مربط الفرس في طهران، ذلك إنه لايوجد هناك طرف سياسي إيراني معارض يمکنه أن يقوم بهکذا دور على الصعيد الدولي سوى المنظمة، وقد سبق علاء الدين بروجردي عضو لجنة الأمن في البرلمان الايراني، هذين السياسيين عندما صرح بمناسبة عقد مٶتمر وارسو وهو يلمح الى بروز دور المنظمة قائلا:" في الآونة الأخيرة رأينا نقل مجاهدي خلق إلى ألبانيا في ظل اتخاذ سياسات معادية للجمهورية الإسلامية من قبل الدول الأوروبية تحت طائلة الضغوط الأمريكية ونرى سيناريوهات لدول أوروبية مما يدل على أنه من المقرر أن تستمر هذه السياسة الأمريكية."، لکن هٶلاء الثلاثة يتحاشون وبصورة ملفتة النظر الإشارة الى النهج السياسي الذي إتبعته منظمة مجاهدي خلق، وکيف إنها قد دخلت کطرف أساسي في المعادلة السياسية الايرانية بعد أن قدمت واقعيا مايثبت دورها ومکانتها في داخل وخارج إيران، وإن الانتفاضة الاخيرة التي ألقمت کل أولئك الذين کانوا يرددون کالببغاوات مزاعم العمائم الحاکمة في طهران بأن المنظمة لم يعد لها من دور وتأثير في داخل إيران.

هناك ملاحظتان مهمتان جدا نجد من المناسب إيرادهما لعلاقتهما بسياق المقالة، الاول هو إن منظمة مجاهدي خلق هي الجهة السياسية الايرانية الوحيدة التي ليست لها أية خطوط رجعة مع النظام فهي قد رفعت شعار"إسقاط النظام" وليس هناك من بإمکانه أن يثبت أي نوع من الحوار أو التواصل بينها وبين الحکم الديني في طهران، في حين إن الامر يختلف عن البقية، وهذا هو السبب الاساسي لخوف الحکم الديني من هذه المنظمة والحذر منها دائما.

الملاحظة الثانية، تتعلق بالعلاقة التي ربطت جمهورية الخميني بالبلدان الغربية وإعتمدت عليها کأحد رکائزها الاساسية لرسم سياساتها في إيران والمنطقة والعالم، وهذه الجمهورية قد إرتکبت خطئا کبيرا يرقى الى مستوى الغباء السياسي عندما تصورت بأن علاقتها مع الغرب هي علاقة براغماتية ستبقى بل إن العلاقة کانت لحد ومن جانب الغرب الان کشعرة معاوية مع جمهورية الخميني، حيث کان يرخي ويشد بالشعرة معهم طبقا لما يتطلبه واقع الحال، ولکن يبدو إن الغرب، صار يرى إنتفاء الحاجة لهذه الشعرة حيث إن الانسحاب الامريکي من الاتفاق النووي والعقوبات التي تبعتها على طهران والقرار الاخير للإتحاد الاوربي بإدراج وزارة المخابرات الايرانية ضمن قائمة الارهاب، وصولا الى مٶتمر وارسو، کانت رسائل لم یفهم ولم تستوعب مضامينها العقلية السياسية للقادة الايرانيين، فلم تعد هناك شعرة حتى يرخونها ويشدونها وإنما هناك منطق"أسود أو أبيض"، خصوصا وإن المواقف الامريکية المتساهلة مع الروس، والتي سمحت لهم بمنطقة نفوذ"مريحة"في الشرق الاوسط، لم تکن مجانية وعشوائية بل إنها کانت مقايضة وکبش الفداء في ذلك جمهورية الخميني التي صارت غير مريحة حتى للروس.

إيلاف

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة