الأحد, أبريل 28, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانرئيس الوزراء الجزائري الأسبق: ما يجب فعله بشأن إيران

رئيس الوزراء الجزائري الأسبق: ما يجب فعله بشأن إيران

0Shares

بقلم: *سيد أحمد غزالي

 

بصفتي مواطناً جزائرياً لست خادماً لأي تيار سياسي أو حرکة سياسية. والقضية التي أومن بها والتزم بها هي قضية الشعوب التي اختطفت رهينةً بيد أخطر نظام في العالم.
هذه المسيرة التي أسلکها ليست مسيرة نظرية وفکرية؛ بل هي نابعة من قناعتي وتجربتي الشخصية. تجربتي في الجزائر مع إيران؛ سواء في عهد الشاه، أو حتی النظام الجديد المزعوم أنه «إسلامي»، إلی مرحلة قطع علاقاتنا معه.
تعرّفت علی الإيرانيين منذ عهد الشاه. کانت علاقاتنا مع إيران الشاه علاقات باردة… تعرفت عليهم في إطار «أوبک».
وبعد الثورة کانت الجزائر ضد الحرب علی إيران، وبقيت علی الحياد في الحرب العراقية – الإيرانية. کما لعبت الجزائر دور الوسيط الصادق في حل قضية الرهائن الأميرکيين بين إيران والولايات المتحدة.
لکن رغم کل ذلک، فإننا علمنا بعدها بأن الإيرانيين يعملون من خلال شبکاتهم داخل الجزائر، ومن خلال ترويج زواج المتعة بدأوا باستقطاب وتجنيد الشباب الجزائريين. وأکثر من ذلک، قال لي بصلافة علي أکبر ولايتي، وزير خارجية إيران آنذاک: «إنکم سمحتم للسلفيين من السعودية بالعمل لترويج الوهابية في بلدکم، فاسمحوا لنا أيضاً بأن نقوم بالترويج للشيعة»!
بعد ذلک علمنا أنهم کانوا يدعمون الإرهابيين بالمال والتدريب ويؤيدونهم سياسياً… فقطعنا العلاقات. الرئيس بوضياف قرّر قطع العلاقات باقتراح من حکومتي، والتنفيذ جاء بعد اغتيال الرئيس بوضياف.
…. حتی تعرّفت علی المقاومة الإيرانية. والفضل في ذلک يعود إلی الراحل کلود شيسون وزير خارجية فرنسا الذي کانت تربطني به علاقات حميمة وحتی عائلية؛ حيث عرّفني علی منظمة «مجاهدي خلق» وأعطاني معلومات خاصة في هذا المجال. وبعد ذلک بدأت العلاقات. وما شاهدت فيهم کان في البداية قضيتهم العادلة، وثانياً نضالهم ضد نظام استراتيجيته زعزعة جميع البلدان الإسلامية، وليس لديً أدنی شک بأنه يعمل ويعيش عن طريق زعزعة البلدان الأخری ودفع سائر الدول إلی عدم الاستقرار، ويريد أن يستغل الإسلام والشيعة ليس حباً للشيعة؛ بل من أجل السيطرة علی جميع البلدان الإسلامية.
إيران الملالي تدّعي الإسلام، لکنها قتلت أکبر عدد من المسلمين من أي بلد آخر في العصر الحديث. ولا شک في أنه ليس هناک أي حل للبلدان العربية والإسلامية إلا باستئصال هذا الورم السرطاني الذي يعرّف نفسه بنظام ولاية الفقيه.
النظام الحاکم في إيران يری نفسه وصياً علی البلدان العربية والإسلامية، ويعمل من أجل التدخل السافر في هذه البلدان وتصدير الإرهاب والحروب الطائفية إليها بکل ما لديه من قوة وإمکانات. ومع الأسف الشديد سياسة الغرب أيضاً تؤيده في هذا المجال.
والسؤال الذي ينتابني دائماً هو: کيف أن البلدان التي کانت مرکز الحضارات کالعراق وسوريا وإيران واليمن؛ البلدان التي أعدّها لؤلؤة الحضارة الإنسانية، أصبحت فريسة هذا النظام وممارساته الهدّامة؟ وحين ننظر إلی هذه البلدان نری في کل واحد منها النظام الإيراني وراء کل المحن والحروب والدمار، کما کان في الجزائر في نهاية الثمانينات والتسعينات.
نعم يجب علی نخبنا التساؤل: کيف تحوّلت بلدان مثل إيران والعراق وسوريا واليمن التي تعد أهم مراکز الحضارة الإنسانية، مسرحاً للقتل والإرهاب والحروب والمآسي التي تقف خلفها إيران الملالي؟
لکنني أقول وعلی يقين إن هذا النظام سيسقط بيد أبناء الشعب الإيراني وحرکة المقاومة الإيرانية أو حرکة «مجاهدي خلق». هذه الحرکة ليست حزباً تقليدياً أسّس من أجل الحکم؛ بل کان في البداية من أجل إسقاط ديکتاتورية الشاه، ومن ثم إسقاط حکم ديکتاتوري أخطر وأسوأ.
لا شکّ في أن أبناء الشعب الإيراني في انتفاضتهم الأخيرة استجابوا عملياً لهذه الحرکة وأيدوا بشعاراتهم وبأفعالهم ما کانت الحرکة تعمل من أجله منذ عقود.
النظام الحاکم في إيران، ومن أجل تمرير سياساته، يرکّز علی عنصرين أساسيين؛ مذهبي وقومي. الأول ترکيزه علی الشيعة في وجه السنّة، والثاني العنصر الإيراني والشوفينية الإيرانية في وجه العرب. ومن خلال الالتقاء بـ«مجاهدي خلق» يمکنکم سحب البساط من تحت أقدام نظام ولاية الفقيه في ترکيزه علی هذين العنصرين.
وفي اعتقادي نحن العرب والمسلمين فقدنا الکثير بسبب عدم التقائنا بالشعب الإيراني ومن يمثّل هذا الشعب، وأقصد بالذات المقاومة الإيرانية. ونظام الملالي مع أنه کان ولا يزال يعمل ضد جميع البلدان العربية والإسلامية، فإنه صبّ جام غضبه علی «مجاهدي خلق» قبل الکل؛ حيث أعدم منهم أکثر من مائة ألف سجين سياسي. وخلال فترة وجيزة في عام 1988 قام بارتکاب مجزرة بحق 30 ألفاً منهم. کما أن هذا النظام لم يدّخر أي محاولة للقضاء عليهم خلال العقدين الأخيرين. ومع الأسف الشديد؛ الدول الغربية، خصوصاً الولايات المتحدة، ساندت ودعمت نظام الملالي في هذه المحاولات؛ بوضعهم علی قوائم الإرهاب الأميرکية وفي الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية، وقصف قواعدهم في العراق من قبل الأميرکان بتوسّط بريطاني، ونزع أسلحتهم، وهجوم الشرطة الفرنسية عليهم، وشن حرب نفسية شعواء ضدهم؛ و… لکن الغريب أنه في هذه المعرکة الدائرة بين المقاومة والنظام ومسانديه، کان نواب البرلمانات والمثقفون والمفکرون والمحامون الطرف الوحيد الذي ساندهم، ومن کان لديه وازع إنساني. وبفعل هذا النوع من التعاضد، استطاعت حرکة المقاومة الإيرانية التغلّب علی المشکلات التي أشرت إلی بعض منها.
لکن هناک نقطة واحدة أريد الترکيز عليها، وهي أن أعضاء «مجاهدي خلق» الذين کانوا ضيوفاً علی العراق، وبعد مجيء نوري المالکي إلی الحکم هاجمتهم القوات العراقية عدة مرات وارتکبت بحقهم مجازر فاقت التصور في الهمجية. وقامت الهيئات الدولية من منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وکذلک بعض الدول الغربية باستنکار وإدانة هذه المجازر.
لا مجال للعتب؛ بل أقول إن هذه الحرکة بفعل الفداء والتضحيات والصدق واستخدام الأسلوب الصحيح في النضال، أصبحت تمثّل بديلاً حقيقياً لنظام الإرهاب في إيران.
إذن حان الوقت لتأييد هذه الحرکة للقضاء علی مصدر الإرهاب وبناء إيران مسالمة صديقة وشقيقة.

* رئيس حکومة الجزائر الأسبق رئيس لجنة التضامن العربي الإسلامي مع المقاومة الإيرانية

 

نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط

 


 



مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة