السبت, مايو 4, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانمحتجون يحرجون النظام

محتجون يحرجون النظام

0Shares

 


القبس الکويتية
15/1/2018

بقلم: د. عبدالمحسن حمادة
کشفت الاحتجاجات السلمية التي قام بها الشعب الإيراني لمدة عشرة أيام مشکلة النظام الإيراني، الذي حکم الدولة أربعة عقود، بعد أن أسقط نظام الشاه. کان نظام الشاه، بالرغم مما فيه من مساوئ، نظاما عصريا، ساهم في تطوير التعليم والثقافة والعمران والاقتصاد والفن، وبنی جيشا قويا لحماية الدولة. عاش الشعب الإيراني في العهد الملکي في ظل دولة مدنية علمانية. هدفها تطوير الدولة عن طريق العلم وتطبيقاته العملية واجتهادات البشر. وإن کان لذلک المجتمع الکثير من السلبيات السياسية والاقتصادية، شأنه شأن المجتمعات النامية المعاصرة له. ولما ثار الشعب الإيراني ضد حکم الشاه، واستطاع رجال الدين سرقة تلک الثورة، نادوا بنظرية نظام ولي الفقيه، أي أن يحکم الدولة رجال الدين، وهکذا أحلوا العمامة بدلا من التاج، وعارض کثير من فقهاء الشيعة الإيرانيون والعرب تلک النظرية، لاعتقادهم أنها نظرية سياسية، هدفها تکريس الحکم المطلق في يد رجل واحد وطاعته واجبة.
استمر المحتجون عشرة أيام، وکان معظمهم دون الـ40 عاما، أي الجيل الذي لم يدرک حکم الشاه، بل عاش في ظل حکم ولي الفقيه. وتربی في المدارس التي أشرف عليها رجال الدين، وشکلوا مناهجها لتکوين جيل يؤمن إيمانا أعمی بما يردده رجال الدين ويقدس ما يرونه مقدساً، کما أحاطوا الشعب الإيراني بإعلام هدفه تبجيل القادة، وعدم الخروج عن إرادتهم. وعلاوة علی ذلک، أوجدوا النظام العقابي الصارم لکل من تسول له نفسه ويفکر بالخروج عن طاعة ذلک النظام، من خلال تکوين حرس الثورة الإيرانية. وهکذا توهموا أنهم بتلک الخطوات أحکموا قبضتهم علی الشعب الإيراني، وظنوا أنه أصبح لا يجرؤ علی التفکير بالخروج علی طاعة قادة النظام. لذلک، کان هؤلاء يتفاخرون بقولهم ان بلادهم تتمتع بالاستقرار، بينما المجتمعات المحيطة بهم يسودها الاضطراب. ومن ثم أهملوا الشعب في الداخل، واتجهوا لتحقيق أطماعهم الخارجية المتمثلة في تحقيق مشروعهم الإمبراطوري الذي لن يتحقق.
وهکذا بُددت ثروات الشعب الإيراني علی تکوين الميليشيات الموالية لنظامهم. وترکوا الشعوب الإيرانية تعاني الفقر والجوع والبطالة، فأتتهم الاحتجاجات من حيث لم يحتسبوا. وخرج الکثيرون الی الشارع بعد أن عرفوا عيوب هذا النظام.
لم تترکز التظاهرات في مدينة معينة، بل انتشر المحتجون في أکثر من 60 مدينة إيرانية، بما فيها قم ومشهد اللتان اعتقد النظام أنهما حاضنة لأيدولوجيته. وهذا يعني أن کل إيران غير راضية عن الحکم الديني، ويريدون حکما مدنيا بسلطات يحاسبها الشعب علی أخطائها، ويطالبون بعزل اي مسؤول فيها. ويشکر المسؤول إذا أجاد وتجدد فترته. توقفت الاحتجاجات بعد أن واجهها النظام بقوة وتوقف المحتجون، بعد أن أسمعوا العالم شعاراتهم التي تطالب بالتغيير، فالنظام الديني الذي طبق في العصر الوسيط لا يتلاءم مع العصر الحديث.

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة