الخميس, أبريل 25, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانلا اريد ان اکون اکثر من طالب ديني للعلم

لا اريد ان اکون اکثر من طالب ديني للعلم

0Shares


بقلم: المحامي عبد المجيد محمد


جملة «لا اريد ان اکون اکثر من طالب  ديني للعلم» قبل انتصار ثورة الشعب الإيراني ضد النظام الملکي وجلوس الخميني علی کرسي السطلة جملة کررها الخميني وتم سماعها من لسانه مئات المرات.
في يوم ٥ اکتوبر من عام ١٩٧٨ قام الخميني مع عدد من مقربيه بترک بغداد والتوجه نحو باريس فدخلها في يوم ٦ اکتوبر وبعد يومين استقر في منطقة «نوفل لوشاتو» حول باريس. اثناء مدة اقامة الخميني في «نوفل لوشاتو» لمدة اربع شهور کان هناک واحدة من اهم مراکز الاخبار العالمية التي نقلت عن الخميني في مقابلات متعددة ومختلفة نظرته عن طبيعة وخلفية الحکومة الاسلامية واهدافها المستقبلية للعالم.
 
في الأول من فبراير من عام ١٩٧٩ دخل الخميني الی طهران.
الخميني وقبل جلوسه علی کرسي الحکم تظاهر هکذا امام الشعب الإيراني بانه عبارة عن شيخ کبير في السن يمتلک معنويات کبيرة ويعيش حياة بسيطة وفارغة من المطالب الدنيوية. ولم يؤذ احدا في حياته وحتی أن مقربيه کانوا يدعون بأن ((حضرة السيد)) لم يؤذ احدا في حياته وحتی الذباب الموجود داخل غرفته کان يبعده بهدوء بطرف عبائته.
وقد ادعی خلال مقابلات صحفية متعددة انعکاسات وتأملات واسعة للغاية:
– حکومته القادمة ستکون حکومة اسلامية ديمقراطية تؤمن بحقوق الانسان.
– يحق لجميع الاحزاب والجماعات والمجموعات السياسية حرية الاجتماع والتعبير عن رأيها في حکومة ما بعد الشاه.
– في الحکومة الذي أسسها الخميني ستکون المرأة والرجل وجميع افراد المجتمع متساوون امام القانون ومتعادلون في الحقوق ايضا.
– المهم من کل هذا هو ان الخميني لن يستلم اي منصب أو يتولی أي مسؤولية حکومية في الحکومة المستقبلية.
عدم توجه الخميني لتولی أي منصب أو مسؤولية حکومية أمر تم اعلانه وسماعه عدة مرات من علی لسان الخميني نفسه ومن علی لسان جميع مقربيه. الخميني قبل احکامه قبضته علی أهرام السلطة في إيران کان دائما يدعي انه «لن يکون أکثر من طالب ديني للعلم وانه سيتجه الی قم بعدها ليتفرغ لطلب العلم هناک».
الآن، 39 عاما مضت منذ ذلک الوقت، ومن السهل وبعيدا عن تحليل جميع المسائل نستطيع أن نحکم أن جميع وعود الخميني کانت کاذبة. ولم ينجز هو وأي أحد من مقربيه الباقين أيا من الوعود، بما في ذلک:
– إن حکومة الخميني الموعودة لم تکن وليست ديمقراطية بل اصبحت حکومة فاشية مطلقة. والخميني نفسه تحدث دائما عن “سلطة ولاية الفقيه المطلقة “. وبعدها صور الخامنئي نفسه کالولي الفقيه و(القائد المؤقت) واتبع نفس طريق عمل الخميني بحذافيرها.
– إن النظام الذي اسسه الخميني ليس لم يکتف بعدم التزامه بحقوق الانسان فحسب بل لم يکن يؤمن اساسا في هذا الموضوع ولا يقبل أساسا مقولة حقوق الانسان ولا يحب سماعها.
انما يبرع ويبدع فيه النظام الفاشي لولاية الفقيه هو: الاعدام، القسوة، قلع الاعين من جحورها، قطع اليد والرجل، الجلد بالسوط، اضطهاد الحريات وتشريع التعذيب. هذا النظام لا يؤمن اساسا في حقوق الانسان ولا يعير اهتماما لتقارير حقوق الانسان ابدا.
وقد طالب مقررو حقوق الإنسان مرارا وتکرارا من إيران الموافقة علی زيارة لتفقد حالة حقوق الإنسان في إيران، ولا سيما السجون الإيرانية، ولکن لم يتم قبول هذه المطالب قط. وقد أدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة علی هذا النظام 64 مرة بسبب الانتهاکات المنتظمة لحقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه، تم إدانته بشدة من قبل منظمات حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة رصد حقوق الإنسان.
– وعود حرية الاحزاب والمجموعات السياسية کلها کانت محض خداع وکذب. حسب نظر الخميني نفسه لم يقبل بأي حزب او تکتل او تيار سياسي آخر غير حزب «جمهوري اسلامي» واعتبرهم کلهم ووصف هذه الاحزاب بصفات مثل ”معاند للاسلام“ او ”المحارب للاسلام“ او ”البغاة“ و”الطغاة“. ولم يسمح لأي منظمة او تکتل او تيار سياسي غير مرتبط بنظام الولي الفقيه أن يکون له أي فعالية أو تأثير سياسي في الساحة الإيرانية. هذا النظام منذ عام ١٩٨١ حتی الان اعدم وقتل اکثر من ١٢٠ الف من اعضاء وکوادر ومناصري المجموعات السياسية، وفي حادثة غير مسبوقة في التاريخ قام بقتل ٣٠ الف سجين سياسي مجاهد ومقاوم في صيف عام ١٩٨٨.
– لم يکن هناک أي خبر ابدا عن موضوع المساواة السياسية والمدنية ومساواة الحقوق لجميع افراد الشعب في نظام ولاية الفقيه وکان کله محض کذب وافتراء. الحجاب الاجباري للنساء، ابعاد النساء عن شغل المناصب القضائية، حذف عنصر المرأة من الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية وشغل مناصب حساسة، کل هذا يدل علی عدم المساواة. من وجهة نظر حقوقية لاتتساوی شهادة الرجل والمرأة في الدعاوی القضائية. وفي بعض الأحيان شهادة المرأة لا تقبل ابدا والشاهد يجب أن يکون رجلا حصرا. حصة المرأة في الميراث اقل من الرجال، النساء اللواتي يعملن مع الرجال في نفس الاعمال يتقاضين رواتب واجور اقل من الرجال. فيما يتعلق بموضوع التحصيل العلمي للنساء فان النساء محرومات من التحصيل العلمي في بعض الاختصاصات وتکون هذه الاختصاصات محصورة بالرجال فقط.
– اکبر کذبة للخميني واکبر خيانة قام بها هي أنه قال للشعب الإيراني وتعهد بعدم توليه لأي منصب حکومي في المستقبل ولکن في الواقع قد ابتدع نوعا من الحکومات لا يوجد ديکتاتورية في العالم تستطيع أن تساويها أو تجاريها من حيث الاحکام علی اهرام السلطة والقبض عليها. ان نظامه يعتمد علی المبنی النظري والفکري لـ «سلطة ولاية الفقيه المطلقة» وکل الامور تبدأ من الولي الفقيه وتنتهي به. ويتمتع الولي الفقيه حسب دستور هذا النظام بسلطات وميزات استثنائية.
تعيين جميع المناصب الحکومية الرئيسية، وحتی الموافقة علی أصوات الشعب التي ينتخب بها رئيس البلاد، کلها بعهدة الولي الفقيه، وإذا لم يوافق علی ذلک، فإن الرئيس المنتخب غير شرعي وفاقد للصلاحية.
أما فيما يتعلق بالتفاعل الإقليمي والدولي، فقد تم إضفاء الطابع المؤسسي علی المعتقدات التوسعية الخمينية لإنشاء وإقامة الإمبراطورية الإسلامية في دستور نظام ولاية الفقيه، وعن طريق خيانة روح الإسلام المحمدي(ص) وإساءة استعمال القرآن الکريم والاية الکريمة (إن هذه أمتکم أمة واحدة)، أعطی الخميني لعناصر حکومته الصلاحية بوضع سياستها العامة علی أساس ما يسمی “الوحدة الإسلامية” في جميع المجالات. وبطبيعة الحال، لم يکن شعار “وحدة الأمم الإسلامية” و “الوحدة الإسلامية” سوی غطاء للتدخل المباشر في شؤون البلدان الإسلامية والعربية.
اعتبر الخميني أن دول المنطقة، بما في ذلک العراق ولبنان وسوريا واليمن، هي من ممتلکاته الخاصة. کما رأينا، خلال السنوات الأولی من حکمه، فرض واقع الحرب بين إيران والعراق، وخلال ثماني سنوات، تم سحب کل من العراق وإيران إلی حمام من الدم، علی الرغم من أن السلام کان متاحا مع العراق، إلا أنه ادعی ان هذه الحرب هي لتحرير القدس و ستبدأ من کربلاء. ثم أجبر علی شرب کأس السم و مات.
بقايا نظامه من أجل البقاء علی قيد الحياة والتستر علی القمع الداخلي المکثف اعتمدوا اسلوب “تصدير الإرهاب” کأساس و مبدأ “لتصدير الثورة”، وکأساس لسياستها الخارجية والإقليمية وقاموا بدعم وحماية الإرهاب الإقليمي والدولي.
إن حالة الفوضی الراهنة في سوريا ولبنان والعراق واليمن هي نتاج أفکار الخميني التوسعية ونظامه القائم علی مبدأ ولاية الفقيه. وطالما أن هذا النظام يعتمد علی نفس الاسس الفکرية والنظرية للتوسع وحب السلطة فان وضع المنطقة لن يکون مختلفا ابدا.
مع هکذا افکار ورؤی تبناها الخميني جعلته يتمسک بالسلطة والقدرة اکثر وبذالک لم يذهب الی قم ابدا ولم يصبح أحد طلاب العلم فيها. بل اصبح الدکتاتور الفاشي الديني الحاکم في إيران ومدعي الامبراطورية الاسلامية بااستخدامه لحربة التدخل في دول المتطقة وتصدير الارهاب. هو استحق بکل جدارة لقب اکبر سارق لثورة الشعب الإيراني ضد النظام الملکي واصبح موضع کره و اشمئزاز الإيرانيين جميعا.
وقد اصبح هذا الجلاد مصاصا للدماء بحيث کنا نسمع کل يوم من فم رئيس ومدعي عام سجن التعذيب (أيفين) (اسد الله لاجوري) تقارير وبيانات باعدامات تم اجرائها بحق عدد من المجاهدين والقوی الثورية وخصص خميني صفة «الضبع العجوز في جماران» لنفسه ولم يفقد بعد ذلک روحانيته فحسب ولم يکن وجهه في القمر وانما کان وجهه يُری في بئر الظلام والقذارة.
الان نظام الخميني موضوع کره وتنفر جميع الإيرانيين والعالم. وانتفاضة الشعب الإيراني في شهر يناير اظهرت لکل العالم أن الشعب الإيراني لايريد هذا النظام ويجب أن يسقط. شعارات (اخجل يا خامنئي واترک الحکم) و(الموت للدکتاتور) و (الموت لخامنئي) و(الموت لروحاني) في تظاهرات ١٤٢ مدينة منتفضة کانت اکثر الشعارات الرئيسية في الانتفاضة.
ما يجري الان هو انه يجب علی دول المنطقة والعالم أن تعترف بشکل رسمي بالمقاومة الإيرانية وانتفاضة الشعب الإيراني المظلوم حتی يتم تمهيد الطريق نحو اسقاط هذا النظام المعادي للانسانية والداعم للارهاب وتسريع هذه العملية.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة