السبت, أبريل 27, 2024
الرئيسيةمقالاتقطع الإنترنت دليل على إفلاس النظام في مواجهة الانتفاضة ...

قطع الإنترنت دليل على إفلاس النظام في مواجهة الانتفاضة الشعبية

0Shares

في اليوم الثاني من الانتفاضة  الشعبية العارمة في إيران قام نظام الملالي بقطع الإنترنت للتعتيم على مستجدات الانتفاضة  وإخفاء جرائم  قمع المتظاهرين، وهي خطوة لم يسبق لها مثيل قط منذ أن وجدت خدمات الإنترنت وستكلّف النظام خسائر اقتصادية وسياسية فادحة.

 

 قبول النظام  لتكبده هكذا خسائر  يدّل على ذعره الشديد من الانتفاضة .

استمرار قطع الإنترنت لأكثر من أسبوع تصرف غريب وغير مألوف، يثبت  كذب    ادعاءات الولي الفقيه حول "دحر الانتفاضة  " والقضاء عليها، وهذا ماشهده العالم أجمع.

 

 الخسائر الاقتصادية الفادحة

 

اعترف موقع "انتخاب" الحكومي في 21 نوفمبر قائلا: "تشير أحدث التقديرات إلى أنه إذا استمرت خسائر قطع الإنترنت على هذا النحو، فإنها ستفوق عائدات زيادة  أسعار البنزين. هذا وقدّرت الإحصائيات الخسائر الاقتصادية بما يعادل 1.5 مليار دولار (ما يعادل 18 ألف مليار تومان) خلال أربعة أيام، و900 مليار تومان في قطاع التجارة عبر الإنترنت في أول ثلاثة أيام من قطع خدمات الإنترنت."

ومن الواضح أن هذا الكم الهائل من الخسائر المادية الناجمة عن قطع الإنترنت لم يغب عن حسابات النظام لكنه قبل تحمل هذه الخسائرالتي لم يعد يستطع إحتمالها لأنه أحس باقتراب موعد انهياره وسقوطه. 

قال وزير الاتصالات في النظام "آذري جهرمي" يوم الإثنين رداً على أحد المراسلين: "من المؤكد أن قطع خدمات الإنترنت قد أضرّ بالتجار  وبعامة الشعب على حد سواء، لكن من المهم الحفاظ على أمن البلاد حسب تشخيص مجلس الأمن القومي" (وكالة ايسنا الحكومية 18 نوفمبر 2019).

 

أمريكا تضع وزير الاتصالات لنظام الملالي في قائمة العقوبات

 

أحد قادة قوات الحرس يدعى "آبنوش" والذي كان قائداً في عمليات قوات الباسيج التابعة للنظام عبّر عن خطر الإطاحة بالنظام بشكل أوضح مما قاله "آذري". فقد قال بمنتهى الوضوح في خطابه: "عمليات تنسيق غريبة قد تمتّ في الفتنة الحالية، كانوا ينتظرون شرارة واحدة ليدمّروا البلاد. سيتمّ الإعلان عن مزيد من المعلومات بعد أخذ الاعترافات".

 

وبالقول إن قطع الإنترنت قد جاء متأخراً  لكنه ساعد على تعطيل الخطط المعقّدة لهذه الجماعات أضاف قائلاً: "لقد رأيت المعجزات في الفتنة والثورة، لكن هذه الفتنة كانت مختلفة تماماً. أنا كشاهد عيان أعتقد أن الله وحده قد أنقذنا" (المصدر السابق 21 نوفمبر 2019).

لكن على الرغم من ادعاء المرتزقة الكاذب، فإنّ النظام لا يشعر بالنصر والنجاة بعد، لأنه لا يزال يواصل قطع الإنترنت على الرغم من التكلفة الاقتصادية والسياسية الباهظة لهذه الخطوة، وعلى الرغم من الوعود المتكررة برفع الحظر إلّا أنّ خطوط الإنترنت لاتزال مقطوعة في إيران ولا يزال الشعب الإيراني معزولاً عن العالم الخارجي. 

 

سنة ونصف من التخطيط والهدف منه

 

وفقًا لآراء الخبراء يُعتبر قطع خدمات الإنترنت بالكامل إجراءً معقداً على المستويين التقني والفني، والنظام كان يخطط ويستعد لهكذا إجراء منذ عام ونصف.

هل يعني هذا أنّ النظام كان على علم بأنه واقف على فوهة بركان عارم من غضب الناس وحقدهم وأنّ انتفاضة بركانية بنكهة الإطاحة بالنظام تنتظره؟ أم أنه أقدم على هكذا خطة خوفاً مما وصفته وسائل إعلامه بالجيش الإلكتروني لمجاهدي خلق؟ أم أنّ الإحتمالين هما وجهان لعملة واحدة؟

التكلفة السياسية التي لحقت بالنظام جراء قطع الإنترنت لا تقل عن التكلفة الإقتصادية.

 

 الآن العالم كله يعرف مدى هشاشة وضعف النظام الإيراني ومدى خوفه من الانتفاضة  الشعبية التي زلزلته، واستعداده التام لصدّها بأي ثمن كان. الجميع يعلم عن المبالغ الطائلة التي ينفقها نظام الملالي للتظاهر بأنه قوي ومدعوم بقاعدة شعبية كبيرة. الملايين التي أنفقها على مسيرة "الأربعين الحسيني" في خضم الأوضاع الاقتصادية الخانقة نموذج واحد من هذه النفقات الضخمة. لكنه اليوم بقطعه شبكات الإنترنت يثبت للعالم ضعفه وهزيمته بوضوح وجلاء. 

وقد كتب دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة على تويتر: "لقد أصبحت إيران غير مستقرة إلى درجة أنّ النظام أغلق شبكة الإنترنت لديهم بالكامل حتى لا يتمكّن الشعب الإيراني العظيم من الحديث عن العنف الهائل الذي يحدث داخل البلاد".

 

الأصداء الاجتماعية والداخلية لقطع الإنترنت

 

بالإضافة إلى التنديدات الدولية، كان لانقطاع الإنترنت تأثيرات اجتماعية مدمرة، وأدّى إلى تململ  الطبقات الوسطى من المجتمع -التي تتكبد خسائر فادحة في هذا المجال- من نظام الملالي أكثر من أي وقت مضى.

يكشف تقرير موقع "انتخاب" الحكومي المذكور آنفاً أنه "وفقاً للإحصائيات يوجد 200 ألف بائع على منصات التواصل الإجتماعي قد توقف عملهم تماماً". خدمة إنترنت دولية تدعى "نت بلاكس" قد قدّرت الأضرار الناجمة عن قطع الإنترنت لمدة أربعة أيام عن إيران بما يعادل مليار و 478 مليون دولار أي أكثر من 17 ألف مليار تومان إيراني. طال جزء من هذه الأضرار عصابات النظام وبالتالي ازدادت الأزمات  الداخلية للنظام.

 

صحيفة "رسالت" تكتب في 21 نوفمبر عن وعود المسؤولين الحكوميين المتكررة والكاذبة بإعادة خطوط الإنترنت: "السؤال هو: لماذا عدم الوفاء بالوعود؟ وهل نعي تأثير الوعود الكاذبة على أعصاب الناس؟

ثم تضيف قائلة: "بدل الوعود الكاذبة أليس من الأفضل أن تقولوا كلمة صادقة للناس وهي أن حل بعض المشاكل خاصة في أوقات محددة، يعتمد على قرارات خارجية؟".

أما السؤال الرئيسي فهو : هل قطع الإنترنت يعيق تواصل المتظاهرين ويجعله أمراً مستحيلاً؟ أم أنه يتستر على جرائم النظام بحق الشعب الإيراني ويخفيها عن العالم وبالتالي يستتب الأمن في النظام؟ الجواب "لا" بكل تأكيد.

 

الإنترنت أداة يستخدمها كلا الطرفين على حد سواء أي المتظاهرون والنظام الحاكم، وبالتالي فإن قطع الإنترنت، كما شرحنا أعلاه، يضر بالنظام نفسه من الناحيتين الاقتصادية والسياسية. لكن كما كتبت وكالة "بلومبرغ" 19 نوفمبر إن الشباب الإيرانيين المبدعين الذين انخرطوا بشكل كامل لمحاربة النظام الفاسد والإجرامي سيجدون بسرعة فائقة طرق فعالة ومناسبة لتنظيم أنفسهم والتواصل فيما بينهم ونقل صوت الانتفاضة  ورسالتها إلى العالم. وعلى أية حال لن يجد هذا النظام مفراً من مصيره المحتوم الذي خطّه هؤلاء الشباب الثائرون البواسل.

 

*****

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة