الخميس, مايو 2, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانحکم قضائي لقمع حرية الإنترنت

حکم قضائي لقمع حرية الإنترنت

0Shares


بقلم: المحامي عبد المجيد محمد

 

قال علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الأمن الوطني والسياسة الخارجية لمجلس شوری النظام الإيراني، في 31 آذار إن شبکة تليغرام سيتم حجبها  في 20 أبريل کأقصی حد و«يحل محله نظام وطني مماثل واتخذ هذا القرار في أعلی مستوی…». قصد بروجردي من أعلی مستوی؛ إشارته إلی خامنئي الذي يقول کلمة الفصل في کل الشؤون وبشکل خاص في القضايا الأمنية والمسائل المرتبطة ببقاء أو إسقاط النظام. کما ان قصده من نظام وطني مماثل هو شبکة تخضع بالکامل لرقابة النظام والسيطرة عليها.
وعطفا علی المسألة المذکورة أعلاه، فقد نقلت وکالة مهر للأنباء في 31 مارس تحذيرات خامنئي خلال العام الماضي في إيران حول مخاطر الفضاء الافتراضي واقبال المواطنين له علی نطاق واسع. ومنها قال خامنئي في 22 مايو 2017: «في رأيي، هذه الأدوات الإعلامية الجديدة هي فرصة وخطر علی حد سواء؛ الخطر هو أن هذا قد يؤثر علی عقول الشباب وفي أذهان غير الشباب».
کما قال خامنئي في 27 ديسمبر 2017: «بخصوص الفضاء الإلکتروني، أقول هذا وأحذر من إطلاق نيران مدفعية العدو … آلاف من المدافع مصوّبة نحونا بالوسائل الموجودة اليوم وغيرها من التي لم تکن موجودة من قبل وکلها جاهزة للاطلاق».
وبالإضافة إلی ذلک، أکد خامنئي، يوم 9 يناير عام 2018، أي في تلک الأيام التي کانت الانتفاضة في أوج غليانها في العديد من المدن الإيرانية، وهو يشکر المسؤولين الأمنيين والشرطة وقوات الحرس والباسيج، قائلا: «علی  المسؤولين المعنيين أن يميّزوا بين ذلک الذي تتأثر مشاعره جراء الفضاء الإلکتروني ويقوم بعمل ما أو يدلي  بحديث ما، وبين ذلک المرتبط بمجاهدي خلق. هناک فرق بين هذين الشخصين وليسا متساويين».
وفقا للإحصاءات الصادرة عن المؤسس والرئيس التنفيذي لشرکة تليغرام، فإن هذا التطبيق لديه حاليا أکثر من 200 مليون مستخدم نشط، 40 مليون منهم إيرانيون.
وهکذا، فإن نظام الملالي قد ظهر بشکل سافر وصريح في الساحة اثر المأزق الحرج الذي يواجهه جراء اقبال المواطنين لخدمات الانترنت وخاصة استخدام امکانيات تطبيق تليغرام لايصال صوت الاحتجاجات والتظاهرات للمواطنين الضائقين ذرعا، إلی أسماع العالم، فقام بحجب هذا التطبيق المرحّب به من قبل الإيرانيين بحکم قضائي.
ووفقا للبيان الصادر عن السلطة القضائية التابعة للولي الفقيه: اعتبارا من يوم الاثنين 30 ابريل «علی جميع مزوّدي الخدمات في الانترنت في البلاد… أن يقوموا بحجب کامل الموقع الالکتروني وتطبيق موقع التواصل الاجتماعي لتطبيق تليغرام.. ويجب  أن يکون الحجب بحيث يتعذر الوصول إلی محتوی الشبکة المذکورة بأي تقنية (کسر الحجب وغيره) في البلاد. وأن مخالفة تنفيذ هذا الأمر تستدعی الملاحقة الجزائية».
ولجأ النظام الحاکم إلی استخدام سلطته القمعية للقضاء ووضع کل المجاملات إلی جانب، وأخذ طريق التهديد والترهيب والتجريم بخصوص استخدام شبکة تليغرام ليمارس قمع الحرية في الإنترنت علی نطاق أوسع. لا شک أن هذا الإجراء يأتي بسبب مخاوف النظام من استعارة لهيب الانتفاضات الشعبية وعدم القدرة علی مواجهة غليانها لکونها استمرت وتوسعت علی الرغم من الإجراءات القمعية الهائلة.
وکما أکد بروجردي وهو من بيادق خامنئي في مجلس شوری النظام أن قرار اغلاق خدمات الانترنت في إيران اتخذ في أعلی مستوی. کما ان بيان السلطة القضائية الخاضعة لسيطرة خامنئي يبيّن بوضوح أن جميع قادة النظام بدءا من خامنئي وإلی الملا حسن روحاني وأعضاء الحکومة الأمنيين قد شارکوا في اتخاذ هذا القرار القمعي. کما ينص بيان قضاء ولاية الفقيه صراحة علی أن «القضية نوقشت وتم دراستها في عدة اجتماعات حضرها خبراء وممثلو الوحدات ذات الصلة وهم أعطوا آرائهم التخصصية لضرورة حجب ومنع استمرار تشغيل هذه الشبکات».
الملا صادق لاريجاني الذي هو من العناصر الرئيسية لممارسة القمع في إيران قال في 25 ابريل إن شبکات التواصل الاجتماعي أصبحت في خدمة نظام السلطة ومجاهدي خلق لتدمير أرکان النظام.
لذلک، ليس هناک شک في أن حجب تليغرام جاء فقط لتوسيع أعمال القمع والخوف الناجم عن هاجس الإطاحة. ولذلک ينبغي ولغرض مواجهة هذه الإجراءات القمعية، أن يدين مجلس الأمن والدول الأعضاء في الأمم المتحدة والهيئات الدولية ذات الصلة، مثل الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) والمؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان الدولية وحرية التعبير، هذه الإجراءات التعسفية من قبل النظام الحاکم في إيران، وأن يقفوا بجانب الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية وأن يعتمدوا نهجا شامل لمواجهة هذه التجاوزات السافرة للقوانين الدولية وکذلک لغرض وصول الإيرانيين بحرية إلی الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي واتصالات آمنة.
الحقيقة التي يعترف بها الولي الفقيه الحاکم قبل أي طرف آخر، هي أن النظام يواجه مأزقا باسم (برجام) الاتفاق الشامل المشترک والأزمات الداخلية وهو علی وشک الانهيار، ويريد من خلال هذه المحاولات القمعية أن يؤجل إسقاطه ولو کان مؤقتا.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة