الخميس, مايو 2, 2024
الرئيسيةمقالاتالظاهرة التاريخية للسجين السياسي ، الإشادة بحالة من حالات الصمود

الظاهرة التاريخية للسجين السياسي ، الإشادة بحالة من حالات الصمود

0Shares

النبض النابض والشمعة الليلية للتاريخ الإيراني

دخلت عبارة "السجين السياسي" الثقافة السياسية والنضالية لإيران بعد اعتقال مجموعة مكونة من 53 فردًا، اعتبارًا من عام 1937. ولا يمكننا أن نتصور التاريخ السياسي والاجتماعي والثقافي لإيران على مدى الـ 84 عامًا الماضية بدون معرفة الدور البارز والمؤثر والريادي لـ "السجناء السياسيين" وصفحاته المظلمة والمضيئة.

إن الحياة السياسية والاجتماعية لإيران خلال السنوات الـ 84 هذه حافلة بالحكمة والفكر الصائب والمصابيح المضيئة للسجناء السياسيين. والحقيقة هي أن استمرار السجناء السياسيين من جيل إلى جيل على مدي هذه العقود الـ 8، يشير إلى استمرار الألم التاريخي المشترك والمزمن في جسد المجتمع الإيراني. والجدير بالذكر أن هذا الألم المشترك والمزمن والجانب المظلم لإيران هو استمرار حكم البلاد بسلسلة من الديكتاتوريات، وأن المصباح المضيء والعقل المستنير والجانب المشرق في تاريخ إيران هو السجناء السياسيون المناهضون للرجعية والديكتاتوريات.

من هو السجين السياسي؟

السجين السياسي هو الذي يستمد قوته وطاقته بعقله المستنير من التزامه الاجتماعي، وهو المصباح الذي يلقي الضوء على الدمار الناجم عن المخططات الاستغلالية والطبقية التي وضعتها الديكتاتوريات السياسية – الدينية.

إن السجين السياسي مفكر ملتزم يتسم بإدراك الألم السياسي والاجتماعي والرد على هذه الآلام، وانطلق إلى الساحة بغية تغيير الطبقة السياسية الحاكمة وإحداث تغيير جوهري في العلاقات بما يخدم حصول المواطنين على الحرية والتمتع بالمساواة والديمقراطية.

هذا هو قدر ومكانة السجين السياسي المناهض للرجعية والديكتاتورية على مدى الـ 84 عامًا الماضية، ولا يزال فكره الصائب ومصباح وعيه يمثلان في عام 2021 شوكة في ظهر القوة الرجعية الأكثر ترويعًا في تاريخ إيران.

هذه هي الفينولوجيا (علم الظواهر الذي يبحث في العلاقة بين المناخ و الظواهر الأحيائية) التاريخية للسجين السياسي في إيران وجوهر الإشادة بدوره التنويري والمؤثر في حصول المجتمع الإيراني على الحرية والتمتع بالمساواة والعدالة الاجتماعية.

الاستراتيجية الوحيدة للديكتاتور

دائمًا ما كانت تنجح الديكتاتوريات في العقود الماضية، في خلق فجوة بين السجين السياسي والشعب الذين كان السجناء السياسيون مصباحًا مضيئًا له، والفصل بينهما وجعل الصمت والظلام یسود على العلاقة بينهما.

وتجدر الإشارة إلى أن كل ما ورثناه عن الديكتاتوريات الملكية والشيخية هو الكبت الاجتماعي وإخراس الشعب والافتراء على رواد الحرية وتشويه سمعتهم بهدف الحيلولة دون إقامة علاقة بينهم وبين الشعب.

تغيير المعادلة لصالح جبهة الحرية

إن المعادلة غير المتكافئة التي استمرت لعقود عديدة آخذة في التغيير لصالح جبهة الحرية والمساواة اعتبارًا من عقد مضى. ودخلت ظاهرة السجين السياسي فی سیاق حیاة أبناء الوطن الیومیة ونضجت لتصبح رد فعل اجتماعی واسع النطاق بفضل انتشار الصمود الشعبي في جميع أنحاء إيران، وبفضل التنوير الشامل للإيرانيين، وبفضل كشف الستار عن ملاحم السجناء السياسيين في مجزرة صيف عام 1988 والملاحم الموازية في السجون الإيرانية ككل، وبفضل انتشار شبكات الاتصالات.

السجين السياسي في حركة الأمهات

نشهد هذه الأيام في هذا المجال الآخذ في الاتساع أن أمهات ضحايا وشهداء طريق الحرية يقدن حركة عامة. وتربط حركة الأمهات الإيرانيات الجديرة بالإشادة؛ دعوى التقاضي على دماء أبنائهن هذه الأيام بجوهر قضية مقاطعة الانتخابات الصورية الحكومية. وخرجت ظاهرة السجناء السياسيين الآن من انحسار دام لعقود وعقود، وهي سلاح الشعب للتوجيه نحو الإطاحة بديكتاتورية ولاية الفقيه. وترعرع السجين السياسي اليوم على محور الوحدة والتضامن الإيراني لرفض مسرحية 18 يونيو 2021 ومقاطعتها مقاطعةً شاملة. وأصبح نطاق هذه الوحدة والتضامن حول حركة التقاضي التي تضطلع بها أمهات شهداء الحرية أكثر اتساعًا واجتاح جميع أنحاء إيران.

الإشادة بحالة من حالات الصمود

يجب علينا في مثل هذا السياق من حركة وتطور ظاهرة السجين السياسي أن نقدِّر أحد رموز هذا الصمود المحمود. فعلى سبيل المثال، نشير إلى أرجنك داوودي، أحد السجناء السياسيين الذين استخدموا حكمتهم في التصدي لسلطة المجانين المناهضين للبشرية، وكرَّس نضاله من أجل تحرير الإيرانيين وسعادتهم.

والجدير بالذكر أن أرجنك داوودي خريج قسم الهندسة الميكانيكية والإدارة الصناعية من جامعة تكساس. واعتقل في عام 2003 وزج به في السجن بتهمة لفقها نظام الملالي وهي: "إهانة خامنئي". وأجبروه على مدى 18 عامًا كاملة على الترحيل الإجباري من سجن إلى آخر في عدة محافظات في البلاد دون أن يسمح له بإجازة ولو لمدة يوم واحد. ثم اتهموه بمناصرة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. واقتاد سفاحو الديكتاتورية الفقهية أرجنك داوودي في عام 2018 مقيدًا اليدين والقدمين بالكلبشات إلى مكتب محمد خسروي، رئيس مكتب سجن زاهدان. وحينذاك قام غلامرضا قدير، مساعد خسروي، بإلقائه من فوق درج الطابق الثاني من المبنى إلى الأسفل وهو مقيد اليدين والقدمين بالكلبشات، مما أسفر عن كسر كتفه وساقيه وتضرر فقراته، وهو مضطر الآن إلى استخدام المشاية بقية عمره.

والآن، في سياق الصمود والإرادة القوية، فإن سلاح الدفاع والصوت الوحيد لأرجنك داوودي هو الإضراب المستمر عن الطعام.

ويُعد أرجنك داوودي مثالًا رائعًا للصمود المحمود لجيل بعد جيل من السجناء السياسيين في المواجهة غير المتكافئة مع سفاحي سلطة ولاية الفقيه المحتلة للبلاد. ويمكننا في سياق هذه الإشادة أن نكتب آلاف الأسماء في مجموعة الشموس قيد الأسر، وهذه الشموس المقيدة هي المبشرة باليقظة والحرية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة