الجمعة, مارس 29, 2024

إيران نحو المجهول

0Shares

الجزيرة السعودية

 
بقلم خالد بن حمد المالک

کنا عدداً من رؤساء التحرير في معية سمو الأمير نايف بن عبد العزيز – رحمه الله – في زيارة له لإيران، وکانت العلاقات يشوبها التوجس وعدم الثقة من جانب المملکة، فهناک مؤامرات لا تنتهي يقودها نظام الملالي، مع شيء من الحذر بعد أن قوبلت المحاولات الإيرانية في استعراض القوة بالقوة السعودية المضادة في أکثر من موسم حج.
 
ظلت العلاقة بين الرياض وطهران تغلِّفها الريبة والشک والشعور بعدم الاطمئنان في مصداقية نظام الملالي في تعامله مع المملکة ودول الخليج، وکان الموقف السعودي حازماً وقوياً في تصديه لحرکات النظام الفارسي أمنياً وسياسياً وإعلامياً.

لکن الحکمة ومحاولات رأب الصدع لم تغب أبداً، فقد تعاملت المملکة مع أطماع إيران بأسلوب التهدئة والاعتماد علی الدبلوماسية، مع عدم إغفال الاستعداد لکل الاحتمالات، بما فيها القوة العسکرية إذا ما تطلب الأمر الأخذ بهذا الموقف، وکان هذا حيلة المضطر، وخيار المملکة الوحيد الذي لا بد منه أمام التآمر الإيراني الوقح.

لاحظنا ذلک في أکثر من موسم حج، حيث يرفض نظام الفقيه الالتزام بالتعليمات التي تنظِّم أداء الحجيج لمناسکهم، وإصراره علی استثمار المناسبة الدينية في تسيير مظاهرات، ورفع شعارات سياسية وصور للمقبور الخميني، ما اضطر رجال الأمن إلی التصدي للعناصر الإيرانية وتأديبها، فإيران من تجاربنا معها لا يمکن أن تتوقف عن عبثها بأمن بلادنا إلا بهذه القوة، وبهذا الأسلوب الصارم في مواجهة التهور الإيراني غير المبرر.
 
لاحظنا ذلک أيضاً في تدخلها في البحرين واليمن، وقبل ذلک في العراق، وکان الموقف السعودي واضحاً ومعلناً، وهو التصدي بالقوة المناسبة لمنع التدخل الإيراني في شؤون الدول الشقيقة، فتدخلت الرياض دعماً للعراق، في حرب السنوات الثماني بين بغداد وطهران، وتکرر الموقف ذاته في البحرين فتحرکت قوة من درع الجزيرة بقيادة المملکة؛ للحيلولة دون إنجاح المسعی الإيراني في فرض سياسة الأمر الواقع علی البحرين، ومثل ذلک ما يجري الآن في اليمن، فالتدخل السعودي علی رأس التحالف العربي منع الحوثيين من تحويل صنعاء إلی عاصمة إيرانية.

وتبريد الحديد – کما يقولون – للعلاقة السعودية – الإيرانية لن يتحقق ما لم تذعن إيران لإملاءات العقلاء في دول المنطقة وعلی رأسها المملکة، وتوقف تدخلها في شؤون دولنا، وتمتنع عن دعم عملائها الراغبين في الاستيلاء علی أنظمة الحکم وإحداث فوضی وحروب أهلية في مجتمعاتنا تمهيداً للاستيلاء علی کل مقدرات الأمور، وجعل التحکُّم بها وتوجيهها يتم من طهران وليس من العواصم العربية.

لکن علينا أن نفرِّق بين نظام ولاية الفقيه الذي يعتمد في تصرفاته علی عقليات متخلفة، وبين الشعب الإيراني المسلم، بين نظام عقيم لا يحسن إدارة العمل ولا التعامل أو التعاون مع الدول الأخری، وبين شعب مقهور ومظلوم ويعامله النظام بالحديد والنار إذا ما فکر في إعلاء صوته رفضاً واحتجاجاً علی سياسة البطش التي يمارسها هذا النظام المستبد ضد الشعب المحروم من حقوقه.

نحن متفائلون، بأن هذا النظام القمعي التسلطي الظالم لن يطول ليله، ولن يستمر کما هو حاله اليوم، يعبث بمقدرات الشعب الإيراني في مؤامرات ضد الشعوب الأخری، بينما يعيش المواطن الإيراني في أسوأ أحواله المعيشية، وتفتقر بلاده إلی أدنی مشروعات التنمية، فيما توظَّف إمکانات الدولة في التآمر الوقح علی الدول المجاورة، في مسعی توسعي ليس هناک من مصلحة للشعب الإيراني فيه أو فائدة منه.

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة