تقارير

واشنطن قلقة من دور المهندس «رجل سليماني في العراق»


6/6/2016

قالت مصادر أميرکية إن واشنطن قلقة من دور أبومهدي المهندس، نائب رئيس ميليشيات “الحشد الشعبي” العراقية، المتهمة بـ”ارتکاب جرائم حرب ضد المدنيين” خلال العمليات التي تقودها القوات العراقية ضد تنظيم “داعش” الإرهابي، وذلک لدوره في القتال لصالح توسيع النفوذ الإيراني في العراق، خاصة أنه يعرف بـ”رجل قاسم سليماني”، قائد فيلق القدس التابع الحرس الثوري الإيراني.
ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميرکية تقريرا مطولا عن المهندس، وقالت إن “صعود قائد الحشد الشعبي يعکس الحقائق الجديدة التي تواجهها الحکومة الأميرکية في العراق بعد انسحاب عشرات آلاف الجنود منذ أکثر من أربع سنوات. إذ إن وکلاء إيران الذين شکلوا يوماً ما الخطر الأکبر علی القوات الأميرکية أصبحوا شرکاء في قتال داعش”.

 


المهندس وسليماني
 
إرهابي مطلوب
والمهندس معروف لدی المسؤولين الأميرکيين بأنه هارب من حکم کويتي بالإعدام لتورطه في تدبير التفجيرات في السفارتين الأميرکية والفرنسية عام 1980، ووضعته وزارة الخزانة الأميرکية علی لائحة الإرهاب.
وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، فقد علّق الناطق باسم قوات التحالف الدولي ستيف وارن، علی دور المهندس في القتال ضد “داعش” بالقول: “إنه إرهابي. هکذا نراه. لکنه هناک، لذلک يجب أن يحسب له حساب”.
وجاء في التقرير أنه “اليد اليمنی في العراق للجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني”، وفق ما يقول مسؤولون وقادة رفيعون في ميليشيات الحشد الشعبي. ووفق هؤلاء فإن “الإيرانيين يرسمون الخطط للعمليات العسکرية التي يتولی المهندس مهمتها في العراق، إضافة إلی موافقته علی عمليات إرسال السلاح والذخيرة إلی فصائل الحشد الشعبي”.
 



المهندس وسليماني و عامري  في الفلوجة
 
وقد انتشرت صور للمهندس وسليماني وهما يجلسان معاً في مراکز القيادة يراجعان خرائط للميدان العراقي أو حتی في زيارات رسمية لمسؤولين عراقيين أو الأحزاب الشيعية الحليفة لطهران.
ولفتت “وول ستريت جورنال” إلی أن “الولايات المتحدة تتجنب التعامل مع المهندس بشکل مباشر مع متابعتها لتأثيره واسع الانتشار”، موردة حادثة حصلت الصيف الماضي حين “أرادت الولايات المتحدة تسليم أول طائرات أباتشي لبغداد في قاعدة بلد الجوية. آنذاک لعب المهندس دوراً في إقناع مقاتلي ميليشيات شيعية کانوا موجودين في القاعدة بمغادرتها”.
من جهة أخری، نقلت الصحيفة عن مسؤولين في الأمم المتحدة أنهم في کثير من الأحيان يحتاجون لموافقة المهندس للمرور عبر الحواجز التي تسيطر عليها الفصائل التي تستجيب له.
وخلصت “وول ستريت جورنال” إلی القلق المتزايد لدی الولايات المتحدة من حجم وتأثير الحشد الشعبي، مشيرةً إلی رضوخ بغداد للضغط الأميرکي من خلال تحييد الميليشيات عن العمليات الرئيسية ضد “داعش” بما فيها الهجومان اللذان أديا إلی استعادة تکريت والرمادي.
ورأت “وول ستريت جورنال” أن “المهندس تحول من مقاتل منفي في إيران إلی وکيل لها يملک نفوذاً في العراق يظهر کيف أن طهران ملأت الفراغ الأمني في المنطقة من خلال مقاتلين يتبعونها ايديولوجياً”.
 ما حقيقة شخصية المهندس؟
تؤکد المعلومات المتوفرة لدی “العربية.نت” نقلا عن مصادر عراقية، أن أبومهدي المهندس، مولود في البصرة عام 1954 ومسجل في السجلات العراقية باسم “جمال جعفر محمد علي الإبراهيمي”، وينتمي لأسرة ذات أصول إيرانية، وهو متزوج من امرأة إيرانية أيضا، کما يحمل الجنسية الإيرانية.
ونزحت أسرة “إبراهيمي” من مدينة کرمان، جنوب شرق إيران، إلی البصرة جنوب العراق إبّان حکم الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي، وذلک بعد مقتل عميدها “رضا خان إبراهيمي”، بسبب تحويله العائلة من المذهب الشيعي الاثنی عشري إلی الطائفة “الشيخية” الشيعية، والتي يتواجد الکثير من أتباعها في البصرة.
کان والده (جعفر محمد علي) عند قدومه يحمل الجنسية الإيرانية لکنه حصل علی الجنسية العراقية في أوائل الخمسينات بدعم من المؤسسة “الشيخية” المقربة من الحکومة العراقية الملکية آنذاک.
 
المهندس مع وزير الدفاع العراقي
 وانتمی الابن (جمال جعفر إبراهيمي) إلی “حزب الدعوة” منذ أن کان في الإعدادية أواخر الستينات من القرن الماضي، ودرس في حوزة البصرة في مکتب المرجع الحکيم، وتم تنظيمه من قبل القيادي في الدعوة “عز الدين سليم” (وهو الاسم الحرکي لعبد الزهرة عثمان أبو ياسين). وفي سنة 1973 قُبل في قسم الهندسة المدنية في جامعة التکنولوجيا ببغداد، وتخرج منها سنة 1977، وبعد إنهائه الخدمة العسکرية، عمل في المنشأة العامة للحديد والصلب في البصرة، ثم حصل علی ماجستير في العلوم السياسية.
في الکويت
بعد حملة اعتقالات ضد رموز “حزب الدعوة”، هرب جمال إلی الکويت عام 1980 وعمل مصلّحا للسيارات في منطقة الشويخ، وبقي في الکويت إلی أن اندلعت الحرب العراقية الإيرانية، وعرف هناک باسم “الشيخ أبو مهدي المهندس”.
ونتيجة لمواقف الکويت في دعم العراق ضد إيران، أمر الحرس الثوري خلاياه بضرب السفارتين الفرنسية والأميرکية، ومبانٍ أخری في الکويت بعبوات محلية الصنع في 12/10/1983، والتي أصيب بها 80 غربيا بين قتيل وجريح. وضمن التحقيقات الکويتية – الأميرکية وتحقيق الشرطة الدولية “الانتربول”، جاء اسم أبومهدي المهندس، کأحد المخططين والمنفذين الرئيسيين للعملية.
وعقب العملية تم تهريبه من الکويت إلی إيران بجواز سفر باکستاني مزور باسم “جمال علي عبد النبي” أواخر عام 1980 حيث تزوج امرأة إيرانية ومنح الجنسية الإيرانية، وعين مستشارا في الحرس الثوري الإيراني.

 قائد فيلق بدر
عام 1985 تم تعيينه من قبل محسن رضائي، قائد الحرس الثوري الإيراني الأسبق، قائدا لقوات “بدر” العراقية التي کانت تقاتل إلی جانب الحرس الثوري الإيراني في الحرب الإيرانية-العراقية (1980-1988).
انفصل عن فيلق “بدر” عام 1988 وأسس خلية مستقلة تدعی “التجمع الإسلامي” وذلک بأوامر من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وذلک لمهاجمة مدن عراقية.
ومارس ضمن هذه الخلية عمليات إعدام لأسری عراقيين من الجيش العراقي ومن ثم عاد لفيلق “بدر” في العام نفسه وبقي في إيران حتی سقوط النظام عام 2003.
 
التعذيب والقتل في معتقل الجادرية
برز اسم أبو مهدي المهندس وذاع صيته کمجرم عام 2005 في فضيحة ملجأ “الجادرية”، وهو معتقل سري غير تابع للحکومة. وکان المهندس مع مجموعة من قادة وعناصر الميليشيات وعدد من الضباط الإيرانيين يحققون مع ضباط في الجيش العراقي السابق ممن شارکوا في الحرب ضد إيران وتعذيبهم وتصفية بعضهم فيه.
وکان وزير الداخلية وقتها باقر صولاغ، هو من يعتقل هؤلاء بأوامر منه (بشکل رسمي) ثم يحولون للملجأ، حيث اکتشفت القوات الأميرکية هذا المعتقل وأغلقته. وصنوف التعذيب التي مورست فيه کانت في غاية البشاعة، من قبيل الحرق وثقب الأجسام بالـ”دريل”، واغتصاب الزوجات أمام الضباط.
وکشف عن قضية معتقل الجادرية أحد الضباط الذين شارکوا القوات الأميرکية (حيدر جمال) في الهجوم علی الملجأ، والذي سرب کثيرا من المعلومات، وقد تم تصفيته بعد الحادثة بتاريخ 26/11/2005.
أدرجت أميرکا اسم المهندس کمشرف علی ملجأ العامرية بعد هروبه إلی إيران لأنه أصبح مطلوبا، وقد ساعده نوري المالکي علی الهرب سنة 2007، وأصبح مطلوبا من “الإنتربول” لجرائمه السابقة واللاحقة.
ولعب المهندس دورا فاعلا في تهيئة کوادر مؤثرة لصالح المشروع الإيراني في العراق کنفوذه في “هيئة اجتثاث البعث”، وکذلک تأسيس ميليشيات “کتائب حزب الله”، وهي إحدی الجماعات التي تقاتل في العراق وفي سوريا أيضا تحت إمرة الحرس الثوري إلی جانب قوات النظام السوري. 
وفي انتخابات سنة 2006 ترشح علی قائمة نوري المالکي باسم جمال جعفر محمد علي الإبراهيمي عن محافظة بابل، وفاز کنائب للبرلمان وعُين في لجنة مؤسسات المجتمع المدني.
کما أسس خلايا ومجموعات لاستهداف القوات الأميرکية في العراق حتی عام 2011 ودربها بإشراف الحرس الثوري علی استخدام الأسلحة والتفجيرات.
کما ساهم أبو مهدي في تأسيس عدة مؤسسات ثقافية في الظاهر وفي حقيقتها هي مؤسسات إيرانية التوجه للتجسس والتخريب داخل العراق.
 
بروز اسمه مرة أخری
وبرز اسم “جمال جعفر ابراهيمي” أو “أبو مهدي المهندس”، الذي لا يتوانی عن مهاجمة السعودية ودول الخليج في کل مناسبة لصالح إيران، مرة أخری بعد احتلال تنظيم “داعش” للموصل، في حزيران/يونيو 2014 ولکن هذه المرة کـ”قيادي وطني” يقاتل تنظيما إرهابيا وليس کمجرم وإرهابي هارب من وجه العدالة.
ودخل أبو مهدي علی خط قيادة المعارک بأوامر وإشراف ومشارکة من عناصر فيلق القدس وقائده قاسم سليماني، حيث عمل مع هادي العامري (رجل إيران الآخر) علی تنظيم صوف ميليشيات الحشد الشعبي.
ويدير المهندس والعامري وسليماني حاليا غرفة عمليات مشترکة في الفلوجة، تعتمد اللغة الفارسية، عبر أجهزة اللاسلکي بينما تتوسط قطعات ميليشيات الحشد الشعبي صور للخميني مؤسس نظام الجمهورية الإسلامية في إيران وشعارات طائفية.
وتدار عمليات اقتحام الفلوجة بإشراف مستشارين إيرانيين وسط مخاوف من قيام هذه القوات والميليشيات التابعة لها بأعمال انتقامية ضد سکان المدينة ذات الغالبية السنية خلال تحرير المدينة من قبضة تنظيم “داعش”، کما حدث في مدن أخری سابقا.
 
وبينما کانت أخبار وجود الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس وقادة آخرين من الحرس الثوري الإيراني علی مشارف الفلوجة، “مجرد تسريبات”، أکدت الحکومة العراقية ومن ثم نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، أن بغداد هي التي استدعت قاسم سليماني إلی العراق عند انطلاق العمليات في الفلوجة.
ونقلت وکالة الأنباء الإيرانية الرسمية تصريحات تلفزيونية للمهندس قال فيها أيضا إن “القادة والمستشارين الإيرانيين متواجدون معنا منذ بداية المعارک”.
المصدر: العربية نت

زر الذهاب إلى الأعلى