مريم رجوي

مریم رجوی:‌أهم خطوة ماسة لسياسة صحيحة في الأزمة السورية

 

 

 


12 کانون1/ديسمبر 2015

 

السيد السيناتور، السيد فيدال کوادراس

 

أيها الحضور المحترمون!
أريد أن أشکرکم مرة أخری علی حضورکم هنا وعلی الکلمات ذات المغزی التي أطلقت.
إني أحمل رسائل تقدير لمجاهدي ليبرتي علی جهودکم الرامية لتوفير الحماية لليبرتي والدفاع عن مناضلي الحرية.
رسالتهم هي توجيه التقدير لکم ولکل الشخصيات الذين يقفون بجانب الشعب الإيراني.
رسالة الشعب والمقاومة الإيرانية حتمية انتصار الحرية في إيران وهي المفتاح الرئيسي لأزمة المنطقة. وهي رسالة نسمعها اليوم من قلب طهران وعلی لسان الرجال و النساء الإيرانية الشجعان الذين أصبحوا صوت الشعب الإيراني. صوت السجناء السياسيين وصوت أمهات الشهداء وصوت أول رئيس لجامعة طهران بعد الثورة ضد الملکية الذي کان يدعو الجميع بقوله «اطلبوا الحرية من المهد إلی اللحد».
انه صوت جريء يخرق جدار الکبت والصمت والخمول المفروض من قبل النظام الفاشي الديني. انه صوت علا للدفاع عن الأمهات الشهداء وجميع المناضلين علی درب الحرية. أجل، ان شعبنا لم يستسلم ولم يخمد ولم ولن يرکع أمام نظام الملالي وإنه سينال الحرية ويحقق االانتصار.
نقدم أحر التحيات لهؤلاء النساء والرجال المتفانين.

عهد التغيير
أيها الأصدقاء الأعزاء!
إن مأساة 13 نوفمبر/ تشرين الثاني في باريس اجتازت الحدود الفرنسية لتدق ناقوس تغيير العهد في کل العالم وان الاعتداء الارهابي التي شهدته کاليفورنيا خلال الأيام الأخيرة يعزز هذا الرأي. 
تجري اليوم في فرنسا وغيرها من الدول الغربية تدابير أمنية مشددة باضطراد وکذلک قوانين مکافحة الارهاب. هذه الأعمال کلها ضرورية ولکنها غير کافية، لأنه طالما لا تتوقف معامل توليد الارهاب في سوريا والعراق، فلا طائل للترتيبات الدفاعية. ولکن أول خطوة لتحقيق هدف النضال هو ازالة ديکتاتورية الأسد لأنه يغير واقعا يعمل بلاهوادة في تفريخ الارهاب.

 


 

اصطفاف واسع في المنطقة 

هناک فعلا جبهتان في المنطقة وجها لوجه: جبهة تشمل النظام الإيراني وديکتاتورية بشار الأسد والميليشيات التابعة للنظام الإيراني في العراق – التي أخذت مساحات واسعة والسلطة في البلاد رهينة بيدها – وحزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن بالاضافة إلی الحکومة الروسية التي وقفت اليوم بجانبهم. وأما الجبهة المقابلة فهي طيف واسع مکون من القوات المعتدلة في سوريا والقوی السنية والعشائر الوطنية العراقية وإلی ترکيا وبعض الدول العربية.
ان تنظيم داعش ورغم وجود اختلاف له مع الأسد ونظام الملالي الا أنه يعمل في جبهتهم فعلا. خاصة وانه قد ألحق خسائر داخل سوريا بالمعارضين المعتدلين أکثر من أي طرف آخر. لقد أصبح الآن واضحا حقيقة أن الأسد وتحت توجيه الملالي والمالکي قد ساهم في نشوء وتمدد داعش باطلاق سراح ما مجمله (2500) سجين ضم عددا لافتا من أعضاء وقادة القاعدة.
کما ان نفس وجود داعش يحول دون أن يدعم المجتمع الدولي المعارضة دعما کاملا. وفي الواقع ان وجود هذا التنظيم قد عقّد الأوضاع ويفرض سياسات خاطئة وأّن أقل تأثيره السلبي علی هذه الأوضاع هو خلق ظروف تسوء الدول الغربية استغلالها لتبرير تقاعسها.
ان الهجمات الارهابية لداعش خارج سوريا قد عملت بالضبط في حرف الأذهان من ضرورة اسقاط الأسد. ولهذا السبب فان ديکتاتورية بشار الأسد ونظام الملالي هما أکثر الرابحين من هجمات داعش. لأن هذا الأمر يحرف الأنظار العالمية عن الأسد وجرائمه.
طبعا اليوم لا يختلف اثنان في المجتمع الدولي بشأن ضرورة القضاء علی داعش. ولکن القضية المهمة هي أنه لا يجوز من أجل القضاء علی داعش التخلي عن جذور المشکلة – أي نظام الأسد والنظام الإيراني بمثابة المدافعين الرئيسيين له – والاکتفاء بتشذيب الفروع والأوراق. وعلی هذا الأساس اني أؤکد أن الخطوة الأولی لمواجهة داعش هو تنحية بشار الأسد. 

رئال بولتيک (الديبلوماسية الواقعية) والتعاون مع بشار الأسد
يعاني العالم اليوم من تأثير السياسات الخاطئة التي اتخذتها الحکومات الغربية. هناک البعض يتحدثون وبشکل يثير الخجل عن التعاون مع الأسد والملالي الحاکمين في إيران تحت غطاء رئال بولتيک (الديبلوماسية الواقعيه) فيما تعطي هذه السياسة فرصة أکثر للارهاب.
انهم يحاولون تبرير هذه السياسة الخاطئة بحجة أننا بحاجة إلی قوة برية لمحاربة داعش وأن الطرف الوحيد الذي يتمتع في الوقت الحاضر في المنطقة بقوات منتشرة علی الأرض هو النظامان الإيراني والسوري. فيما هذا التوقع ليس الا سرابا. لأنه اولا انهما لا يعتقدان أن محاربة داعش والقضاء عليه لصالحهما وثانيا وکما أثبتت التجارب خلال السنوات الأخيرة فلا جيش الأسد ولا قوات الحرس قادران علی تغيير المعادلة في سوريا من حيث القوة والجهد العسکري.
ومن ناحية أخری فان نظرة إلی الأحداث خلال العام الماضي تبين أن جبهة الاستبداد وابادة الجيل في سوريا – أي بشار الأسد والنظام الإيراني وحزب الله – تحملوا هزائم عسکرية وسياسية عديدة من قبل القوات العاملة علی اسقاط النظام وهم يعيشون مرحلة هشة. 

 



مستنقع سوريا

وهنا يشکل المأزق الذي يعتري نظام الملالي عاملا مهما. بحيث عندما يسقط بشار الأسد في يوما ما ستوجه ضربة ستراتيجية لنظام ولاية الفقيه من جهة ويهدد کيانه ولهذا السبب انه مضطر إلی أن يقدم کامل الدعم للأسد ويزيد من عدد قواته في سوريا، ومن  جهة أخری أصبحت سوريا مستنقعا لهذا النظام. خلال الأشهر الأخيرة لقي مالايقل عن مئة من قادة قوات الحرس في سوريا مصرعهم وکل يوم ترسل جثث أعداد من قوات النظام إلی إيران. قائد قوة القدس الارهابية هو من المصابين بجروح وأن نائبه هو ضمن القتلی.
ان انعکاس هذه الخسائر في إيران قد أضعف النظام وجعله أکثر وهنا.
وفي کلمة واحدة. النظام الإيراني ابتلي في ورطة وهذا هو سبب لجوء الملالي إلی الحکومة الروسية.
وفي هکذا حالة فان اتخاذ سياسة حازمة تجاه هذا النظام وبشار الأسد من شأنه أن يکون مؤثرا أکثر من أي وقت آخر.

ستراتيجية جبهة النظام الإيراني وبشار الأسد

ان ستراتيجية جبهة الاستبداد وابادة الجيل المتمثلة في نظام الملالي وحلفائه قائمة علی ثلاث رکائز:
اولا: قمع القوی الديمقراطية والمعتدلة لنفي بديل مقبول في سوريا. ان هذه السياسة تشمل أيضا عمليات الابادة ضد السنة وتفکيک التيارات للعشائر الوطنية في العراق وضرب المقاومة الإيرانية باعتبارها عامل خطر علی وجود النظام وأن القصف الغاشم الذي استهدف ليبرتي يأتي في هذا الاطار.
ثانيا : الحفاظ علی داعش واستغلال أعماله الاجرامية لحرف الرأي العام بحيث يمنع تکوين اجتماع دولي لمساعدة الشعب السوري لاسقاط بشار الأسد.
ثالثا: دعايات واسعة للوبيات التابعة للنظام الإيراني وحماة سياسة الاسترضاء علی الصعيد الدولي لتبرير الاهمال تجاه مأساة سوريا وتجنبه مساعدة الشعب السوري وبالنتيجة قبول بشار الأسد عمليا حتی لوقت محدود.
وفي النقطة المقابلة ان أهم خطوة ماسة لستراتيجية صحيحة هي تنحية ديکتاتورية سوريا. لأنه ولو أنه يعيش موقعا هشا للغاية الا أن اسقاطه يضرب في الأساس جبهة اقليمية للنظام.

ستراتيجية صحيحة

ان ستراتيجية صحيحة تجاه الأزمة الجارية في المنطقة تتضمن الدعم للجيش السوري الحر والسنة المعارضين للتطرف في العراق وممارسة الحزم لطرد أهم القوی العاملة لزعزعة الاستقرار في المنطقة أي نظام الملالي من سوريا والعراق وکافة دول المنطقة.
ولو لم تکن تدخلات هذا النظام لما کان العراق ولا سوريا قد ابتلي بما آل اليه الآن من وضع کارثي..
اضافة إلی ذلک فان ستراتيجية صحيحة تتطلب مکافحة ثقافية متکاملة ضد ظاهرة التطرف الإسلامي المشؤومة.
وحاليا، مع أن هناک خلافات عقائدية بين التيارات الشيعية والسنية المتطرفة الا أنه مازال عين التطرف في إيران في ظل حکم الملالي. ان نفس وجود سلطة لنظام متطرف في إيران حيث تنتهج الحکومات الغربية سياسة الاسترضاء تجاه تمرده يحمل في طياته رسالة إلی المتطرفين السنة أنه يمکن ارغام العالم علی الرکوع من خلال التطرف والارهاب.
و خلال العام الأخير أثبتت حقيقة نفسها  مرات عديدة تتجسد بأن تدخلات النظام الإيراني في دول المنطقة منها عملية الابادة ضد السنة في العراق علی أيدي الميليشيات التابعة لقوات القدس الارهابية هي تمهد الارضية بشکل حاسم لتجنيد تنظيم داعش أعضائها من السنة المستائين. 

 


دور المسلمين 

اليوم هناک الکثير ممن أدرکوا ضرورة أن محاربة التطرف المغطی بالإسلام فهي بحاجة إلی لعب المسلمين دورهم أکثر من أي عامل آخر. وبالنتيجة ان وجود البديل يکتسي أهمية حاسمة. ولکن هکذا بديل ليس مجرد حل نظري وانما يجب أن يعتمد علی حرکة:
– تعتقد بالإسلام المتسامح والديمقراطي
– أن تکون قد وقفت بوجه قلب التطرف و دفعت ثمن هذا النضال
– وأن تستوعب الطاقة لاحداث التغيير في المجتمع.
ان المقاومة الإيرانية وبتحليها هذه السمات، لاسيما وهي مسنودة بامتداد شعبي کاف وتملکها  الصلاحية لاحداث تغيير ديمقراطي في إيران تمکنت من دحر التطرف من حيث الفکر والايدلوجية داخل إيران.
ان الإسلام الديمقراطي أي الإسلام الذي يؤمن به مجاهدو خلق هو نقطة النقيض لقراءة المتطرفين عن الإسلام.
ان المجاهدين يرفضون الفرض والاجبار في الدين ويؤکدون علی الحرية. کما انهم يدعون إلی فصل الدين عن الدولة والمساوة بين المرأة والرجل. علاوة علی ذلک انهم يعتقدون بديناميکية القرآن والإسلام حسب الآيات القرانية وهم عارضوا منذ البداية ما کان يتم تبريره تحت اسم الشريعة منها ما يعود إلی أحکام القصاص.
وقال مسعود رجوي قائد المقاومة: «ان السمة الخاصة للإسلام الذي نؤمن به هي الديمقراطية. هذا الإسلام يعترف بحقوق المذاهب والعقائد والمدارس الأخری. هکذا إسلام ليس من بنات أفکارنا وانما ناجم عن العمق المشترک في اطار الأفکار التي ظهرت في رسالة موسی وعيسی ومحمد وهذا ما نراه بوضوح في القرآن. لا اکراه في الدين ولا مادة مشترکة بين العقيدة الإسلامية وبين العقيدة القائمة علی الاجبار والاکراه.
ان هذا الفکر الإسلامي يعکس درجة نمو خلاص  کل فرد ومجتمع من الاجبارات والقيود المضاده للتطور.
ان القرآن نفسه يکن احتراما کبيرا للآمرين بالمعروف والعدالة. کما ان الإسلام لا ينفصل عن المسيحية واليهودية. اننا نعتبر المسيح نبينا ولا نعتبر سبيل موسی منفصلا عن سبيل محمد».

تذکير لتجربة

ان مقاومتنا أعلنت في عام 1993 أن «التطرف الإسلامي: هو الخطر الجديد علی العالم». کما اننا أکدنا أيضا أن حل التطرف يکمن في الإسلام الديمقراطي، بينما أصبح خطر التطرف والحل له واضحين. وبعد أحداث 11 سبتمبر کان من المفروض علی المجتمع الدولي أن يهتم بجذور المشکلة بجانب الاجراءات الأمنية والعسکرية وأن يساعد في اجتثاث هذه الظاهرة المشؤومة من خلال تقديم الدعم للمقاومة الإيرانية. ولکن مع الأسف فان الحکومات الغربية وبدلا من الوقوف بجانب الشعب الإيراني ، لجأ إلی التعاون مع بنک الارهاب والتطرف وأن هذه السياسة خلقت کوارث مازالت آثارها ماثلة للعيان. لابد أن لا تتکرر هذه السياسة أبدا.
وعليّ أن أؤکد کتلخيص واستنتاج لهذا الموضوع أن الحل للتحدي الذي يمر به العالم اليوم يختزل في ثلاثة محاور:
اولا: ضرورة اتخاذ سياسة صحيحة وشاملة يتمثل قلبها في اسقاط بشار الأسد.
ثانيا: الوقوف بجانب المسلمين الديمقراطيين وتجريد المتطرفين عن آلية سوء استغلال المشاعر الدينية للناس.
ثالثا:  الاعتراف بحق الشعب الإيراني في اسقاط النظام ودعم مقاومة الشعب الإيراني لتغيير النظام وتحقيق الحرية. وفي هذا الاتجاه يصبح ضروريا الدفاع بشکل خاص عن مجاهدي درب الحرية في ليبرتي الذين هم مصدر الهام لنضال الشعب الإيراني  من أجل نيل الحرية وصمودهم لشعوب المنطقة يشکل دافعا للمقاومة بوجه القوی المتطرفة وجبهة الاستبداد والابادة.

أشکرکم جميعا.

 

زر الذهاب إلى الأعلى