الثلاثاء, أبريل 23, 2024
الرئيسيةالمرئياتإصداراتنظام الملالي ومجاهدي خلق...عمليات النفوذ الإيراني المنهار

نظام الملالي ومجاهدي خلق…عمليات النفوذ الإيراني المنهار

0Shares

كبار القادة السابقين في الأمن القومي ومكافحة الإرهاب

وإنفاذ القانون يعلقون على "نظام الملالي ومجاهدي خلق"

مايكل ب. موكيزي، المدعي العام الأمريكي 2007-2009:

“إن أضمن طريقة لإنهاء أكذوبة هي قول الحقيقة كاملة. في هذه الدراسة المنهجية والمقنعة ينهي لينكولن بلومفيلد جونيور _ الذي شغل مناصب أمنية وطنية في كل من وزارة الخارجية والدفاع لثلاثة رؤساء _ ما لا يقل عن ستة أكاذيب حول منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وهي منظمة من المعارضين الإيرانيين تسعى إلى استبدال الاستبداد الثيوقراطي للملالي في طهران بـجمهورية ملتزمة بالديمقراطية والمساواة بين الجنسين. تترواح هذه الاتهامات من الغريب _ أن مجاهدي خلق تدعو إلى التطرف المتجذر بطريقة غريبة في كل من الشيوعية والإسلام _ إلى مزاعم العنف ضد الأمريكيين والشعب الإيراني، وتشير إلى أن كسل الصحفيين الذين لن يتأكدوا من هذه الشائعات الكاذبة يتم استغلاله إلى حد كبير من قبل المتعاطفين مع النظام في الولايات المتحدة. يجب أن يقرأ هذا الكتاب أي شخص يهتم بأمن الولايات المتحدة والعالم.”

الجنرال جيمس ل. جونز، قوات مشاة بحرية الولايات المتحدة – USMC (متقاعد) ومستشار الأمن القومي الأمريكي، 2009-2010 والقائد الأعلى لحلف الناتو، 2006-2003 وقائد سلاح مشاة البحرية الأمريكية 1999-2003:

“مرة أخرى، جلب السفير بلومفيلد الوضوح والحقيقة في صدارة واحدة من أكثر الحلقات إحراجًا لمشاركتنا في العراق. كانت سياستنا “عدم اتخاذ إجراء”، هي التي ألحقت أضرارًا جسيمة بسلطتنا الأخلاقية الوطنية في قضايا حقوق الإنسان، مما مكّن ضمنيًا المذبحة العلنية (لكن لم يتم الإبلاغ عنها) لمئات من الرجال والنساء الأبرياء بناء على أوامر من كل من الحكومتين العراقية والإيرانية، وكل ذلك على أمل خاطئ ومضلل بأن اضطهاد مجاهدي خلق من شأنه إرضاء النظام في إيران.

لكل من يواصل تصديق الأكاذيب بشأن مجموعة المعارضة الوحيدة التي تخشاها طهران حقًا، فإن مقال السفير بلومفيلد يستحق القراءة حقًا. أما بالنسبة لرجالنا الدبلوماسيين وقادتنا المنتخبين، فيجب عليهم قراءة هذا المقال.”

لويس ج. فري، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي 1993-2001:

“لم يكن هناك أي أساس واقعي أو قانوني موثوق به لوضع مجاهدي خلق على قائمة FTO (المنظمات الإرهابية الأجنبية) في عام 1997. لسوء الحظ، كانت السياسة الخارجية لإدارة كلينتون مضللة وذلك لكسب ثقة النظام الإيراني، وتمهيد الطريق لبعض “التقارب” الوهمي بين الولايات المتحدة وإيران. ولم يكن لدى الملالي أي نية للعمل كدولة قومية مشروعة، وذلك بعد قتل 19طيارًا أمريكيًا في عملية تفجير أبراج الخبر في عام 1996، والاستمتاع بدورهم كأكبر دولة مصدرة للإرهاب. وعلى العكس من ذلك، أنقذت مجاهدي خلق أرواحًا لا تحصى من العسكريين الأمريكيين في العراق، حيث تم الثناء على ذلك وأشاد به كبار القادة العسكريين في أمريكا.”

نظام الملالي

ومجاهدي خلق

عمليات النفوذ الإيراني المنهار

بقلم: لينكولن بلومفيلد جونيور

نظام الملالي ومجاهدي خلق

نظام الملالي ومجاهدي خلق

عمليات النفوذ الإيراني المنهار

طوال أربعة عقود حافظت النخبة الحاكمة في إيران على تركيز نظام الحكم في واشنطن على نشاطاتها الإرهابية السافرة التي تصاعدت في السنوات الأخيرة من خلال إسراعها إلى تطوير التخصيب النووي والقدرات ذات الصلة. وتوترت العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران بين سلسلة من التوتر الشديد وفترات تميزت بآمال التقارب مع النظام الديني. لقد بحث الدبلوماسيون الأمريكیون الغائبون عن إيران منذ أزمة الرهائن المؤلمة عن طريق العودة إلى العلاقات الطبيعية مع هذه القوة الإقليمية التي يبلغ عدد سكانها 80مليون نسمة بتراثها الغني الذي يبلغ 2500عام. وقد رحب معظم المتخصصين في مجال الانتشار النووي الذين طالما كانوا يأملون في تقييد برامج الأسلحة النووية “المارقة” بخطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 (الاتفاق النووي ـ JCPOA)، كما ركز آخرون على القمع الداخلي في إيران والسلوك الخارجي الخبيث داعين إلى مزيد من الضغوط على النظام. وبالجهود المعلنة للرئيس ترامب بشكل علني لإزالة تراث الرئيس أوباما بما في ذلك بالانسحاب في 2018 من الاتفاق النووي، أصبح الحديث عن إيران متأثرًا من المشاعر المتحيزة أيضًا.

وبالتالي فإن الإجماع على سياسة إيران أمر بعيد المنال. هل كانت إدارة ترامب حكيمة أو غير حكيمة في الانسحاب من الصفقة النووية؟ هل تستطيع العناصر المعتدلة في طهران إصلاح النظام بحيث أن إيران لا تعود تهدد أمن الآخرين؟ هل كان طلب وزير الخارجية مايك بومبيو القاضي بـ 12تنازلًا أساسيًا من جانب إيران معقولًا؟ هل ينبغي للولايات المتحدة الابتعاد عن الإجراءات التصعيدية والقبول بأن هذا النظام موجود ليبقى لفترة طويلة، والبحث عن قناة موثوقة قد تعيد الحكومتين إلى طاولة المفاوضات؟ هل سيؤدي تصنيف الحرس الثوري الإيراني (IRGC)  مؤخرًا كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO) إلى تعزيز أو تعقيد الجهود الأمريكية الرامية إلى احتواء التهديدات الإيرانية؟ هل تحاول الإدارة إثارة حرب مع إيران؟ ينقسم خبراء السياسة حول نوع العلاقة التي ينبغي للولايات المتحدة اختيارها مع حكام إيران وكيفية متابعتها.

ومع ذلك، فيما يتعلق بإحدى القضايا الإيرانية، هناك ميال أكثر إلى سماع رأي مشابه من خبراء نظام الحكم بأن جماعة المقاومة البالغة من العمر 54عامًا تدعى مجاهدي خلق (MEK _ منظمة مجاهدي خلق الإيرانية) والمجموعة الرئيسية التي تتخذ من باريس مقرًا لها تدعى المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI) لا تستحقان الذكر في الخطاب المهذب بشأن سياسة إيران، وبالنتجية لا صلة لهما بقضية مستقبل إيران. وبشكل ضمني فإن أي أمريكي يتواطأ مع هذه المجموعة أو يتحدث بإيجابية عنها، هو جاهل بدرجة أو بأخرى وتتعرض سمعتها للتشويه وهو خاطئ ومضلل إلى حد كبير.

ما كان لسنوات عديدة موضوعًا “هامشيًا” وكان يظهر في تعليق السياسة الإيرانية بين حين وآخر، أصبح مؤخرًا ميزة لمناقشات مؤسسة الأبحاث حول إيران حيث يمكن التنبؤ بها ولو لم تكن أساسية. وظهرت مجموعة من مقالات الإدانة حول مجاهدي خلق وهي تردد سلسلة من المزاعم الافترائية المألوفة لدى مراقبي إيران: مجاهدي خلق كانت ومازالت منظمة إرهابية ولديها إيديولوجية ماركسية عنيفة (اندمجت بشكل غير مناسب مع الإسلام)، ولقد قتلت العديد من الأمركيين في طهران عهد السبعينات وساعدت في الهجوم على السفارة الأمريكية، ولقد نظمت حملة لأعمال العنف ضد الحكومة الجديدة بعد الثورة في عهد خميني، وعندما هاجم صدام حسين إيران اتخذت مجاهدي خلق الجانب العراقي في الحرب ضد شعبها وهو غدر لا يغتفر، حيث تفاقم في وقت لاحق من جراء الزعم القاضي بدور مجاهدي خلق كقوة ضاربة في إطار حملة صدام الوحشية لقمع الانتفاضات الشيعية والكردية بعد حرب الخليج عام 1991. وبغض النظر عن الجرائم المتهمة، يُشار إلى المجموعة في كثير من الأحيان على أنها زمرة يعاني أعضاؤها من الحرمان القاسي وانتهاكات حقوق الإنسان. ودعمهم المخلص لزعيمة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي وزوجها مسعود رجوي (الذي لم يشاهَد علنًا ​​منذ عام 2003) يدل على عدم وجود الإرادة الحرة.

كل واحد من التأكيدات والتوصيفات السابقة حول المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق غير صحيحة أو مضللة. ويجعل تكرارهم المتواصل عبر الإعلام وأجهزة الاستخبارات التابعة لنظام طهران الكثيرين في الغرب يفترضون أنهم على صواب. لا توجد الأدلة الموثوقة أو هي مفتعلة أو مشوهة بحيث أنه لم يتم فحصها بشكل حاسم لسنوات في الولايات المتحدة وأماكن أخرى. واليوم، هناك أدلة موثوقة ترفض هذه الادعاءات والمزاعم الكاذبة، لكنها تم إنكارها وتجاهلها. وطالب حكام إيران بشكل روتيني الولايات المتحدة والحكومات المتحالفة معها بالتعامل مع مجاهدي خلق كعدو مشترك كثمن لتعاونهم. وليس بإنجاز بسيط من جانب طهران أن أصبحت واشنطن ملقّنة تمامًا بالروايات الزائفة التي تم افتعالها بل ترويجها لصالح نظام يسعى إلى التمسك بالسلطة من دون تفويض شعبي.

إن ما ورد أعلاه سيتعرض للإنكار، وحتى الرفض المطلق من قبل الكثيرين في الولايات المتحدة الذين كانوا على يقين من الناحية الأخلاقية بأن مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية اللذين صنفتهما الولايات المتحدة بشكل مشترك كمنظمة إرهابية أجنبية من 1997 إلى 2012 كان يجب أن لا يحذفان أبدًا من القائمة. ومع ذلك، في الحقيقة كان ينبغي أن لا يدرجان في القائمة أبدًا. والسؤال الذي يجب أن يوجه لخبراء الأمن القومي الآن هو كيف يمكن لنظام الحكم _ بما في ذلك بيروقراطية الأمن القومي التي وقعت على التقارير الخاطئة والمزينة المتزايدة للدول بشأن الإرهاب، سنة بعد سنة حول مجاهدي خلق _ أن يصدق وبهذه الدرجة ما كان ولا يزال غير صحيح جملة وتفصيلًا. ومن الصعب التصور بأن المصالح الأمريكية تخدم بشكل أفضل من خلال الاستمرار المتعمد في تجاهل مجموعة من المعلومات ذات الصلة حول التأريخ السياسي المعاصر لإيران، وخاصة المعلومات التي يعرفها الحكام في طهران كلهم جيدًا.

الحكم النهائي على الزعم القاضي بإرهاب مجاهدي خلق

لنبدأ بهذه الحقيقة: لم تتم مقاضاة أو إدانة أي عضو في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أو مجاهدي خلق التي تمر حتى الآن ثلاثة أجيال منذ إنشائها في عام 1965 من قبل الولايات المتحدة أو أي بلد يحكم وفق الأصول القانونية وبموجب القانون. وكان من شأن الاهتمام بهذه الحقيقة الفريدة أن تحول دون جزء كبير مما تم نشره حول مجاهدي خلق في الولايات المتحدة ودول أخرى لسنوات عديدة، ومن الأفضل أن تأتي متأخرًا بدلًا من أن لا تأتي أبدًا.

لندرس الآن الكلام المترجَم لقاضي التحقيق الفرنسي مارك تريفيديك (Marc Trévidic) في إبريل 2011 حيث أكمل تحقيقًا طال 8سنوات في ملف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق بشكل تام. ووفقًا لإيجاز عام 2003 واعتقال مريم رجوي و 159 من الأعضاء والمنتسبين الآخرين للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في فرنسا _ العملية التي أطلقتها حكومة شيراك بناءً على طلب طهران وشارك فيها 1300شرطي وهي أكبر عملية للشرطة في التأريخ الفرنسي: “لا يحتوي الملف على أي دليل يشير إلى وجود نشاط مسلح يستهدف المدنيين عمدًا. لو كانت هذه الأدلة متوفرة، لكانت تؤيد الإرهاب وتلغي أية صلة بالمقاومة ضد الاستبداد… مع العلم بأن الملف يخلو من أدلة التهم… لإثبات ارتكابهم أعمالًا إجرامية بالمساندة بغية الإعداد للأنشطة الإرهابية وتقديم المساعدة المالية لمنظمة إرهابية. نحن نأمر برفض التهم، هذه التهمة الموجهة ضد الأشخاص المذكورين أعلاه وضد أي شخص آخر”.

وكان كل عضو في مجاهدي خلق ممن يتجاوز عددهم أكثر من 3000رجل وامرأة يقيمون آنذاك في معسكر أشرف بالعراق حيث تم إجراء المقابلة والتحقيق معهم على انفراد في عام 2004 من قبل فريق عمل مشترك بين الوكالات الحكومية في الولايات المتحدة تتكون من 70شخصًا، بمن فيهم ضباط من مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) وأجهزة الاستخبارات ووزارات الخارجية والدفاع والأمن القومي بنتيجة أنه وكما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في 27يوليو 2004 “لم يكن هناك أي أساس لتوجيه الاتهام لأي عضو في… مجموعة المعارضة… بانتهاك القانون الأمريكي” للأنشطة في أي وقت في الماضي.

وأوضح كبار قادة الأمن القومي في الولايات المتحدة والمسؤولون عن الحماية تجاه جميع التهديدات الإرهابية في كل أنحاء العالم من وقت تم إدراج مجاهدي خلق لأول مرة في قائمة الإرهاب أنه في وقت تعيين المنظمات الإرهابية الأجنبية، وبعد ذلك فصاعدًا لم يكن هناك دليل مادي على نشاط إرهابي لمجاهدي خلق أو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لفت انتباههم على الإطلاق، إما من جانب وزارة الخارجية أو أجهزة الاستخبارات. وبعد التصنيف الإرهابي في عام 1997، أوضحت إدارة كلينتون للصحافة في الخلفية، أن هذه كانت إشارة سياسية لحكومة خاتمي على أمل تعديل سلوك طهران وربما خلق علاقات أفضل بين الولايات المتحدة وإيران. واطلع مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) على تصنيف مجاهدي خلق بالإرهاب بعد وقوع الحادث، ولم تتم استشارته لأي تعليق أو مراجعة. وفي الوقت نفسه، طلب وزير الخارجية من مكتب التحقيقات الفيدرالي أن يوقف مراقبته لـ”الفرق الرياضية” الإيرانية في الولايات المتحدة وذلك بالرغم من أن مكتب التحقيقات الفيدرالي قد حذرها بأن عملاء وزارة المخابرات والأمن الإيرانية كانوا موجودين في هذه الفرق. وتغاضى مكتب التحقيقات الفيدرالي عن مطلب الوزير.

وطالب نظام طهران الحكومات الأجنبية بالتعامل مع مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كمنظمات إرهابية، مرارًا وتكرارًا ومع دولة تلو الأخرى. واستضافت الحكومات الغربية هذه الطلبات، بتخويل بيروقراطياتها للعدالة الجنائية في خدمة أكثر الأطراف التابعة للدولة خروجًا عن القانون وتدميرًا في العالم بهدف قمع معارضيها السياسيين المنفيين. وتم إبقاء العائلات منفصلة لمدة خمسة عشر عامًا حتى عام 2012، كما خفض الأمريكيون الملتزمون بالقانون الاتصال بأقاربهم الإيرانيين إلى الحد الأدنى خوفًا من تعرضهم للملاحقة القضائية. ولم تكن هناك حالة كانت فيها تسمية مجاهدي خلق أو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بالإرهاب على أساس عمل إرهابي مؤكد من مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.

وليست في النيابة الفرنسية فحسب، وإنما وجدت ثلاث قضايا كبرى أخرى في بريطانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة كبار القضاة يسخطون بشكل سافر من أن حكوماتهم التأسيسة قد فشلت في تقديم أي أدلة موثوق بها ومصنفة أو غير ذلك، تبرر تسمية مجاهدي خلق أو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كمنظمات إرهابية وذلك على الرغم من الضغط بالإصرار للحفاظ على التسميات. وتحدت محكمة الاستئناف الأمريكية لدائرة مقاطعة كولومبيا بصبر، وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لتقديم الأدلة المحددة التي قد تبرر التسمية من جانب الولايات المتحدة. ولعدم وجود أي منها شطبت الوزيرة اسم المجموعة من قائمة الإرهاب بعدما تعرضت لموعد نهائي للمحكمة كانت تجبرها على ذلك. وأذعنت وزارة الخارجية بأن إدارة الولايات المتحدة ليس لديها دليل على قيام مجاهدي خلق بنشاط عنيف على مدى السنوات العشر السابقة.

ولم يكن لدى كل من أعضاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في فرنسا ودول غربية أخرى وأكثر من 3000رجل وامرأة من أعضاء مجاهدي خلق و هم الآن يقيمون في ألبانيا بعد نقلهم من العراق في عام 2016 من قبل الأمم المتحدة، أي علم مسبق أو دور في اغتيال الأمريكيين في طهران في السبعينات. كما أنهم لم يساعدوا في التخطيط أو المشاركة في الهجوم على السفارة الأمريكية واحتجاز 52أمريكيًا كرهائن، وذلك رغم انتقاداتهم الصريحة للولايات المتحدة لدعمها للشاه. ولقد أجرى البحث حول هذه الجرائم التأريخية بدقة حيث فضحت المزاعم القاضية بمسؤولية مجاهدي خلق، وبشكل أوثق من خلال كلمات الجناة الحقيقيين في كلتا الحالتين ممن اعتبروا مجاهدي خلق منافسين على النفوذ في إيران قبل الثورة وبعدها.

يتمتع المراقبون بالحرية في الاستحسان والإشادة بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق أو توجيه الانتقاد لهما. أما بالنسبة للاختصاصيين في السياسة الخارجية الأمريكية، فإنهم وباستمرارهم في الإشارة إليهم كإرهابيين أو مجرمين ضد الولايات المتحدة في عام 2019، إما يتجاهلون التأريخ الحقيقي للمجموعة على الرغم من العديد من المراجعات والإيضاحات الموثوقة في السنوات الأخيرة، أو يبدون تحيزًا بإبلاغ عبر اعتبارات أخرى بدلًا من الالتزام باحترام الحقيقة ونشرها. هذا أمر مقلق، لأن التأريخ المصحح له تداعيات سياسية لا يمكن إنكارها، ونقاش واشنطن حول إيران ضعيف، طالما بقيت الحقائق المهمة محجوبة وراء جدار برلين لدعاية النظام.

مسعود رجوي _ الشخص الأكبر رعبًا بالنسبة للنظام

مثل اللورد فولدمورت (Voldemort) في مسلسل هاري بوتر (Harry Potter)، لـ مسعود رجوي وهو عضو في مجاهدي خلق الرئيسية بل زعيمها بعد سقوط الشاه، خُصّصت وبطريقة أو بأخرى مكانة “هو الذي يجب عدم ذكر اسمه” في مناقشات حول إيران. وداخل الطريق الدائري لواشنطن، قد تنتهي المحادثات فجأة مع ذكر اسمه، ورد الفعل هو غريزي، ولماذا؟ معظم مراقبي إيران يعرفون قليلًا عن مسعود رجوي أو لا يعرفون شيئًا غير الصور الفترائية التي روجها الشاه ومن ثم الملالي الحاكمون. إنهم متأكدون من شيء واحد: شخصيته خطيرة في أوساط النظام.

بالنسبة لصناع السياسة في الولايات المتحدة، فإن قصته تستحق أن تعرف. كان مسعود رجوي يمثل التحدي الأكبر لتمسك خميني بالسلطة بعد الثورة. لقد كان المرشح الوحيد الذي منعه خميني من الترشح للرئاسة في انتخابات عام 1980 (كما أكد الباحثون أن خميني قرر قتله ومؤيديه عبر فتوى مكتوبة بخط اليد). المسألة الأساسية لا علاقة لها بالإرهاب أو حرب العراق أو الإيديولوجية الماركسية. وكان رجوي الذي تم إطلاق سراحه من السجن في يناير عام 1979 الناجي الوحيد من الؤسسين الرئيسين لمجاهدي خلق [وقت تأسيسها] _ وأعدم جميعهم قبل ذلك بسبع سنوات _ وتولى دور القيادة.

وكان أنصار مجاهدي خلق بين من كان حول خميني خلال نفيه في باريس. وبينما كان البعض يشككون في نوايا خميني، إلا أنهم كانوا يأملون مثل الكثير من أبناء بلدهم، في أن يشارك ذلك الملا الفاتن طموحاتهم من أجل قيادة جديدة في إيران خالية من النفوذ الخارجي. وكما ذكرت مجلة التايم، فإن كلمات خميني عند مغادرة باريس لدى عودته إلى طهران بعد 14عامًا من المنفى أشارت إلى “النضال من أجل حرية الضمير ونهج الديمقراطية التي يرغب فيها جميع الإيرانيين ذوي العقلية الواضحة”. ولكن بعد أيام من عودته المنتصرة إلى إيران في 1فبراير 1979، بدأ خميني يفرض قيودًا دينية خاصة على النساء. وصعّد من التمييز ضد المرأة في الألعاب الرياضية، ومنح الرجل الحق أحادي الجانب في الطلاق، ملغيًا قانون الخدمات الاجتماعية للمرأة. وفي 7مارس فرض خميني الحجاب الإجباري على الموظفات وهو أمر قام بتنفيذه حسن روحاني البالغ من العمر 31عامًا داخل الجيش. والآن أراد خميني تأييد رجوي لدستوره المقترح الجديد حيث دعا رجوي لزيارته في قم في خريف عام 1979.

لقد غيّر ذلك الاجتماع تأريخ إيران حيث أخبر مسعود رجوي خميني أنه لا يستطيع تأييد النظام الدكتاتوري _ ولاية الفقيه _ التي كانت ومازالت محور دستور خميني. وقيّم رجوي أن تعيين الولي الفقيه الجديد (الذي يمثل الإمام الثاني عشر بعد النبي.ص حتى وقت ظهوره على الأرض) مع القوة المطلقة المؤقتة لإلغاء أي قانون أو تشريع تصدره الحكومة، يبطل الثورة ويقيم دكتاتورية في نفس اللحظة التي توقع فيها الملايين من الإيرانيين نيل الديمقراطية التشاركية التي حرموا منها منذ زمن طويل. وليس أقل أهمية أن رجوي ومجاهدي خلق توقعوا بشكل صحيح أن دستور خميني المبني على تفسير رجعي للإسلام وهو تفسير يتعارض تمامًا مع تأكيد مجاهدي خلق على الحرية بمثابة النقطة المحورية للعقيدة الدينية، سيكون مانعًا على عملهم بموجب الإسلام الذي اعتنقوه والذي يعتمد على أسلوب مستنير ومتعلم للحياة بالنسبة للنساء والرجال على حد سواء، يتمتع بنفس القدر من التمثيل السياسي والحقوق المضمونة. ورفض مسعود رجوي تأييد الدكتاتورية المتطرفة حيث لم يتحد فقط الشرعية السياسية للاستيلاء الجريء على السلطة من قبل خميني، بل شكّك في الشرعية الدينية لزعمه القاضي بالوصاية الإلهية التي لا تزال تعد جوهر قوة النظام.

وجاء رجوي من عائلة شيهرة وحصل على شهادة في القانون السياسي من جامعة طهران حيث قام هناك بتدريس اللغة الإنجليزية أيضًا، كما كان معروفًا بدرايته وذكائه. وحصل شقيقه الناشط في مجال حقوق الإنسان كاظم رجوي على درجة الدكتوراه من جامعتي باريس وجنيف، وكان سفيرًا لإيران لدى الأمم المتحدة في جنيف بعد سقوط الشاه. لديهما ثلاثة أشقاء آخرين، بينهم صالح وهو إخصائي أمراض القلب في فرنسا، وأحمد وهو جراح تخرج في بريطانيا، وهوشنغ و هو مهندس في بلجيكا.

وكان مسعود رجوي في الجزء الأخير من الستينات، من أصغر الطلاب الجامعيين الذين اجتمعوا سرًا _ حيث كان الشاه يقوم بقمع المعارضة السياسية _ لاستخلاص الدروس من الانتفاضات الوطنية في الجزائر وكوبا وفيتنام وأماكن أخرى. لقد ناقشوا إستراتيجيات لإسقاط الشاه وإقامة مجتمع أكثر عدلًا لا يفسده إما الغرب الإمبريالي أو الشيوعيون الملحدون في الشرق. وقبل فترة ليست طويلة، تم عزل الملك فاروق وفيصل الثاني في مصر والعراق، وسقط إدريس ليبيا في عام 1969. وكان قد تم إخفاق اللحظة الوطنية في إيران مع انقلاب عام 1953 من جانب وكالة المخابرات المركزية (CIA) والذي أعاد الشاه من المنفى. وأصدى هؤلاء الطلاب وهم أتباع حركة الحرية لمهدي بازركان (رئيس الوزراء اللاحق) تراث رئيس الوزراء المخلوع محمد مصدّق. ومنذ تأسيسها في عام 1965 كان هدف مجاهدي خلق هو السعي من أجل تحقيق التغيير الاجتماعي والسياسي، وليس القيام بأعمال إرهابية. ولم تعرف أجهزة الأمن التابعة للشاه شيئًا عن وجودها لمدة ست سنوات.

وفي أغسطس 1971، ألقي القبض على العديد من الأعضاء البارزين في مجاهدي خلق بمن فيهم مسعود رجوي، من جراء اقتحامات شاملة قامت بها “سافاك” الشرطة السرية للشاه. وبعد شهر، عندما تم الكشف عن أشخاص آخرين في المجموعة ممن نجوا من الاعتقال حيث كانوا يخططون لتشويه صورة الشاه التي لا تقهر من خلال قطع الكهرباء أثناء الاحتفال المدبر لعرش الطاووس منذ 2500عام، اُعقتل المزيد من أعضاء مجاهدي خلق. بحلول نهاية شهر أكتوبر، كان جميع أعضاء مجاهدي خلق الحقيقيين تقريبًا ومن بينهم أكبر 12مؤسسًا بمن فيهم رجوي، قد اُعتقلوا، وتم تقديم تسعة وستين واحدًا للمحاكمة. وخرجت الدفاعيات النهائية القوية والمتحدية لبعض هؤلاء الشباب الإيرانيين من السجن سرًا، عندما أعلنت المحاكم العسكرية للشاه أحكام الإعدام، حيث أثارت شعورًا قويًا بين الطلاب الإيرانيين داخل البلاد وخارجها، لا سيما الطلاب المسلمين. وقد عزّز ذلك صورة مجاهدي خلق ومكانتها فيما يتعلق بالحركات الطلابية الماركسية العلمانية كما صعّد معارضة جيل الشباب المتعلمين ضد الملكية. وبينما تم إرسال عشرات من أعضاء مجاهدي خلق لمواجهة الإعدام رميًا بالرصاص، جعلت طلبات من فرانسوا ميتران وجان بول سارتر النظام يتجنب إعدام رجوي. وفي 24 من عمره، حكم عليه بالسجن مدى الحياة.

من زنزانته في السجن، كتب رجوي عن المخاطر التي يشكلها الملالي الرجعيون _ معرفة مبكرة لطموح خميني السياسي. وقام بتأليف كتاب يفصل مجاهدي خلق عن اليساريين العلمانيين الراديكاليين الذين تعاطفوا في البداية مع حركة مجاهدي خلق المعارضة، وملأوا فراغًا دعائيًا ابتداء من عام 1972 بعد إعدام قادة مجاهدي خلق وأعضائها الأكثر نشاطًا. كما اتبع هؤلاء الثوار الماركسيون أجندة أكثر تطرفًا وقتلوا الأمريكيين بينما كانوا يسعون إلى استغلال “شعار” مجاهدي خلق بأسماء مثل “مجاهدين م.ل” (في إشارة إلى الماركسية اللينينية)، وإجراء تغيير في إصدارات وروايات عن رموز مجاهدي خلق. وسرعان ما أصبح الانقسام بين مجاهدي خلق الإسلامية “الحقيقية” والجماعة المنشقة العلمانية المتطرفة واضحًا ومن ثم عنيفًا. وحيد افراخته الذي قاد عمليات اغتيال ثلاثة ضباط أمريكيين في طهران في عامي 1973 و1975، شارك أيضًا في محاولة انقلاب ضد قادة مجاهدي خلق الباقين على قيد الحياة والذين قتل الكثير منهم. ومجيد شريف واقفي الذي استهدف واغتيل في مايو 1975 من قبل المجموعة المنشقة اليسارية تم تكريمه لاحقًا لدفاعه عن الإسلام، بحيث أنه تمت تسمية جامعة آريامهر للتكنولوجيا بجامعة شريف من قبل الملالي بعد الثورة، وقبل الخلاف المصيري بين رجوي وخميني.

بينما كانت مجاهدي خلق الأصلية قد وجدت جدراة في تحليل ماركس للظلم الاجتماعي، لم تتبن مخططًا سياسيًا ماركسيًا لينينيًا للحكم. تقرير وزارة الخارجية لعام 1984 إلى الكونغرس، قبل عقود من أن يصبح الوصف المهين الشائع حاليًا كنهج اعتيادي، وصف مؤسسي مجاهدي خلق بأنهم “شباب مستاءون من أعضاء من حركة حرية إيران التي … دافعت في البداية عن استخدام الوسائل السلمية لإنشاء نظام جديد يجمع النظام الملكي الدستوري مع الاشتراكية على النمط الأوروبي الغربي”. كحركة شبابية تعارض قمع الشاه للمعارضة السياسية وامتياز النخبة في البلاد، اجتذبت مجاهدي خلق الناس مع مجموعة من وجهات النظر، بما في ذلك بعض الراديكاليين المتصلبين واليساريين المتشددين. ومع ذلك، فإن المجموعة الخاضعة لقيادة رجوي والتي نجت وظهرت بعد الثورة _ مجموعة المقاومة التي لا تزال قائمة اليوم _ لم ولا تتخذ العنف وسيلة أساسية أو شرطًا أساسيًا لتحقيق السيادة الشعبية في إيران، على الرغم من فترة مقاومتها المسلحة بعدما بدأ النظام الديني بالسجن والإعدام بحقهم بشكل عشوائي بوصفهم “أعداء الله”.

وفي مقابلة مع صحيفة لوموند (L’Humanité) الأسبوعية الفرنسية يوم رأس السنة في عام 1984، قال مسعود رجوي: “الإسلام الذي نعترف به لا يتغاضى عن إراقة الدماء. إننا لم نسع ولا نرحب أبدًا بالمواجهة والعنف”، معلنًا أنه إذا كان خميني مستعدًا لإجراء “انتخابات حرة فعلًا”، فهو سيعود إلى إيران وستقوم مجاهدي خلق “بإلقاء أسلحتهم للمشاركة في مثل هذه الانتخابات”. ولم يقبل الملالي هذا الاقتراح.

وقرر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق في عام 2001 إنهاء المقاومة المسلحة ضد النظام، وفي عام 2003 سلّموا كل أسلحتهم للقوات الأمريكية في العراق. إنهم دافعوا منذ زمن طويل عن إنهاء عقوبة الإعدام في إيران والتي هم يعتبرون معظم ضحاياها منذ الثورة. في أكثر من نصف قرن وبالرغم من تمثيلهما في العديد من البلدان، لم يقم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أو مجاهدي خلق ولو مرة واحدة بفتح مكتب لها في دولة شيوعية. وكما قال رجوي بسخرية لمجلة التايم في سبتمبر عام 1981، “لو كان السيد عيسى المسيح(ع) والنبي محمد(ص) على قيد الحياة وكانا يحتجان ضد خميني، لكان خميني يطلق عليهم الماركسيين أيضًا”. ومع ذلك وبعد عقود، يستمر عنوان مجاهدي خلق “الماركسية” ويتكرر في مقالات الصحفيين والمحللين الأمريكيين.

مستقبل إيران بعد الثورة، دراسة موجزة

أدى الهجوم على السفارة الأمريكية في نوفمبر 1979 وأزمة الرهائن التي تلت ذلك إلى رفع مکانة خميني سياسيًا بشكل كبير على حساب مجاهدي خلق. واحتجاجًا على ذلك، استقال رئيس الوزراء بازركان، مثل رجوي الوريث السياسي لتراث مصدق على الفور. وقبل أشهر، زار هو ورجوي معًا مقبرة مصدق في أحمدآباد وتحدثا في حفلة تأبين. وترشح رجوي لمنصب رئاسة الجمهورية، حيث أيّده بازركان من بين الشخصيات المؤثرة الأخرى، ولكن تم حظره من قبل خميني كما ذكر. وأصبح أبوالحسن بني‌صدر الذي حصل على 78.9 في المائة من الأصوات، الرئيس الأول والوحيد المنتخب ديمقراطيًا بعد الثورة في إيران _ وخاض جميع المرشحين الانتخابات سوى رجوي. (لم يحدث أبدًا أن يتم تأييد أهلية حتى 9 في المائة من المرشحين المسجلين لخوض الانتخابات الرئاسية، وحتى عام 2017، حذفت أسماء أكثر من 99.5 في المائة من المرشحين المسجلين قانونيًا للرئاسة الجمهورية _ 1630 من أصل 1636 _ لخوض الانتخابات). و كتب مراسل لوموند في مارس 1980 أنه لو سمح لرجوي بالترشح، لكان من الممكن أن يحصل على “عدة ملايين من الأصوات” مع دعم خاص من “الأقليات الدينية والعرقية … جزء كبير من أصوات النساء … والشباب”.

وهناك إيفاد آخر في ذلك الوقت من مراسل لوموند في طهران، وصف شخصية عامة، غير معروفة مواصفاتها للكثيرين في واشنطن اليوم: “أحد أهم الأحداث التي لا ينبغي تفويتها في طهران هي الدورات التدريبية حول الفلسفة المقارنة التي يدرسها السيد مسعود رجوي كل جمعة حيث قدم حوالي 10000 شخص بطاقات دخولهم للاستماع لمدة ثلاث ساعات إلى المحاضرة التي يلقيها زعيم مجاهدي خلق في حرم جامعة شريف”. وتابع المقال أن رسالته كانت أن “الحرية هي جوهر التطور والرسالة الرئيسية للإسلام والثورة”. وفي إحدى هذه المحاضرات في 10يناير 1980 قال رجوي: “لا يمكن تصور أي تقدم وتعبئة للثورة دون ضمان الحرية لجميع الأحزاب والآراء والكتابات … نحن لا نقبل أي شيء باسم الإسلام”. وبينما استمر رجوي في جمع حشود كبيرة وحملات علنية من أجل حقوق حرية التعبير والتجمع، أرسل خميني منفذيه الأوفياء _ “شرطة الثورة” أو الباسيج _ لعرقلة مسيراته والهجوم على مطابع مجاهدي خلق. وقضى واحد وسبعون من أعضاء مجاهدي خلق والمتعاطفين معها نحبهم من جراء مثل هذه الهجمات خلال الموسم السياسي العابر بعد الثورة لعام 1980 وأوائل عام 1981.

ومنذ انقلاب ضد مصدق عام 1953، لم تكن هناك لحظة في تاريخ إيران الحديث _ ويمكن القول ولا حتى أزمة الرهائن _ محفوفة بالمزيد من تداعيات دائمة من 20يونيو 1981، عندما تم القضاء على الفضاء السياسي في إيران مرة أخرى، هذه المرة من خلال منعطف مدهش من قبل النظام نحو سفك الدماء. واستندت الأحكام الأخلاقية منذ وقت طويل إلى الروايات الوهمية عن مقاومة مجاهدي خلق لحكم الملالي. والحقيقة موثقة جيدًا: لجأ خميني ودائرته إلى استخدام القوة بعدما تعرضت هيمنتهما للتهديد من جراء الدعوة العازمة التي قام بها بني صدر ورجوي إلى الحقوق الديمقراطية والشعور الشعبي المتزايد وراءهما.

وفي مطلع الشهر، بعد فترة ليست طويلة من تعيينه قائدًا للقوات المسلحة التي تقاتل العراق، تم تجريد الرئيس بني صدر من سلطته العسكرية حيث كان خميني ينظم موالين له في برلمان يدعم سلطته بينما كان يكثف الإجراءات القمعية ضد الآخرين.

وأعلن مسعود رجوي الذي رأى أن ممارسة الحقوق السياسية الأساسية والتي تحققت بشق الأنفس في ثورة 1979 تم رفضها من جديد، عن حق الشعب في المقاومة بأية وسيلة. وفي 19يونيو 1981 دعا رجوي الشعب في إيران إلى الخروج جماعيًا احتجاجًا سلميًا على الاعتداء على حرياتهم.

ورد الجمهور في اليوم التالي في مدن في جميع أنحاء البلاد، حيث احتج نصف مليون في طهران وحدها. وأمام العرض الضخم للرفض العام الذي كان يذكر بأيام الشاه الأخيرة، أمر خميني قواته الأمنية بفتح النار على الحشود حيث قتل العشرات واعتقل الآلاف. في اليوم التالي، تم “عزل” الرئيس بني صدر من قبل الملالي واستولى الحرس الثوري على منزله وأغلقت إحدى الصحف الداعمة له واعتقلت كتّابها كما أعدمت ثلاثة من أقرب أصدقائه.

ويمثل 20يونيو 1981 بداية ما أطلق عليه الدارسون “عهد الإرهاب” من قبل خميني والملالي. منذ أواخر التسعينات، عندما صنفت الولايات المتحدة لأول مرة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كإرهابيين، بينت صورة التحول إلى العنف في إيران في مرحلة بعد الثورة “دوران” النظام، وذلك عكس الحسابات التي شوهدت عادة في الأعوام السابقة مثل رسالة إخبارية للأسوشيتدبرس في أكتوبر 1993 حيث قالت: “بعد الإطاحة بالشاه عام 1979، انقلب الأصوليون على مجاهدي خلق وغيرهم من الجماعات اليسارية والليبرالية التي أرادت نظامًا أكثر علمانية”.

ولا يخطئ الدارسون في الإشارة إلى الجاذبية الجماهيرية التي كان خميني قد حملها في الوقت الذي عاد فيه إلى إيران كشخصية متواضعة وصادقة على ما يبدو تستفيد من رغبة الجمهور في العودة إلى الفضائل الإسلامية. لكن الحقيقة هي أن الملالي وأنصارهم، بعد أن ركبوا على الثورة الإيرانية وصولًا إلى السلطة، انتهى بهم الأمر إلى الغدر بها. لقد شقوا طريقهم إلى السلطة، ومنذ ذلك اليوم المشؤوم في يونيو عام 1981 اعتمدوا على القوة المميتة والقهر وليس الإرادة الشعبية للحفاظ عليها.

الحرب الإيرانية العراقية وغموض التأريخ

بعد غزو العراق لإيران في سبتمبر 1980، توجه أعضاء مجاهدي خلق على الفور إلى الخطوط الأمامية للدفاع عن بلادهم ضد العراقيين حيث تم أسر الكثير منهم من قبل العراق واحتجزوا كأسرى الحرب. ومع ذلك، فإن المتطرفين من كانوا لا يرغبون في أن تحصل مجاهدي خلق على الثقة والاحترام منعوا مقاتلي الحركة من دخول الجبهة.

وفي الوقت الذي كان فيه الصراع مبدئيًا، طبقًا لمصطلح “ريتشارد هاس”، “حرب الضرورة” بالنسبة لإيران، أصبح “حرب الاختيار” بعد منتصف عام 1982، حيث استعادت إيران كامل أراضيها وكانت لديها فرص لإنهاء النزاع. في يناير 1983، التقى طارق عزيز نائب رئيس الوزراء العراقي (وزير الخارجية فيما بعد) مع مسعود رجوي في باريس وناقش حل الحرب. بعد شهرين، اقترح المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مبادرة سلام تقودها الأمم المتحدة بما في ذلك وقف لإطلاق النار وسحب كلا الجانبين إلى الحدود التي سبق أن أقرها كلا البلدين في عام 1975 والمعاملة الإنسانية والتبادل السريع للأسرى والتفاوض على معاهدة سلام. لكن خميني أراد الحرب التي وصفها بأنها “هدية من الله”. وضرب الولي الفقيه جهود الوساطة من قبل الآخرين عرض الحائط أيضًا. ولمدة ست سنوات أخرى بعد طرد القوات العراقية، مارس خميني الضغط مستخدمًا حالة الطوارئ لتعزيز السيطرة المطلقة في الداخل.

والعبارة المشتركة بشأن مجاهدي خلق تُسمع اليوم هي أنهم خانوا بلادهم من خلال الوقوف إلى جانب العراق في الحرب. وتم تلقين الإيرانيين ومعظمهم أصغر من أن يكونوا قد شهدوا الحرب، بهذه القصة التي تهدف إلى إبعادهم عن وجهة نظر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية و مجاهدي خلق اللذين لم تكن تضحياتهما في مقاومة الفاشية الدينية لعدة عقود في مواجهة الوحشية المتطرفة شيئًا سوى حب الوطن. وحارب النظام ضد مجاهدي خلق طوال الثمانينات حيث قُتل خلالها عشرات الآلاف من المتعاطفين مع مجاهدي خلق، بما في ذلك العديد من الأطفال على أيدي قوات الأمن أو سجنوا وتعرضوا للتعذيب والإعدام. وعملت “ثورة خميني الثقافية” التي قامت بتصفية مؤسسة التعليم العالي في إيران، على مجرد تشديد إبعاد الشباب المتعلمين ودعمهم لمجموعة المقاومة الوحيدة المستعدة للوقوف في وجه الطغيان. وعلمًا بأنهم يتعرضون للإعدام في حالة اعتقالهم، هاجم بعض أعضاء مجاهدي خلق في إيران أهداف النظام بشكل خفي، كما أن معظم الذين خرجوا من البلاد أعادوا تجميع أنفسهم في فرنسا.

ولم يكن أعضاء مجاهدي خلق موجودين في العراق لمدة ست سنوات تقريبًا منذ بداية غزو العراق، ونحو سبع سنوات من الحرب قد مرت قبل أن تكون لديهم قدرة عسكرية. انتقل رجوي وحوالي 1000 من مجاهدي خلق إلى العراق في يونيو من عام 1986 بعد طردهم من فرنسا تلبية لمطلب خميني إلى حكومة رئيس الوزراء شيراك الذي كان يأمل في أن يؤدي ذلك إلى إطلاق سراح الرهائن الفرنسيين في لبنان الذين احتجزهم وكلاء إيران. تم الإفراج عن البعض وليس الكل. ورأى صدام حسين أن معارضة مجاهدي خلق لخميني بمثابة شيء ثمين ووفّرت المعدات العسكرية الزائدة للمجموعة. وتقول مجاهدي خلق إنها دفعت لهذه الأسلحة للعراق بالكامل بالدولار الأمريكي. وتم الإعلان عن جيش التحرير الوطني (NLA) التابع لمجاهدي خلق في يونيو عام 1987. ولم يشارك جيش التحرير الوطني في أي وقت من الأوقات في العمليات القتالية العراقية ضد القوات الإيرانية. كما ظل أسرى الحرب لمجاهدي خلق رهن الاحتجاز عند العراق إلى جانب القوات الإيرانية الأخرى التي تم أسرها حتى نهاية الحرب في عام 1989 _ وذلك معاملة من النجانب العراقي لا تتلاءم تمامًا مع رواية أن الطرفين كانا حليفين في الحرب ضد إيران.

ولم يكن هجوم الجيش الوطني الإيراني عام 1988 في إيران _ الذي أطلق عليه “عملية الضياء الخالد” _ جزءًا من الحرب العراقية الإيرانية التي وصلت بحلول ذلك الوقت إلى وقف إطلاق النار تحت رعاية الأمم المتحدة. وبينما حلّقت الطائرات العراقية في الأجواء الإيرانية لمراقبة حركة جيش التحرير الوطني، لم يكن هناك أي اشتباك من الجانب العراقي مع القوات الإيرانية.

وأطلقت مجاهدي خلق هذه العملية على قناعة بأن خميني ودائرته الحاكمة وبعد أن استنفدوا الاقتصاد، كانوا معرضين لانتفاضة شعبية. ومع ذلك، في حين أن قوات الجيش الإيراني النظامية لم تظهر مقاومة كبيرة، فقد توقف الهجوم قبل الوصول إلى طهران حيث ألحق كل من قوات الحرس الثوري ومقاتلي مجاهدي خلق خسائر فادحة في صفوف البعض، ونجا النظام.

ويعتبر الخطاب البطولي الذي تروجه طهران بشدة حول حرب العراق أحد وسائل منع التدقيق النقدي التأريخي الحاسم لدور خميني في الصراع ولا سيما جذوره. وفي الأشهر التي سبقت غزو صدام، دعا خميني العراقيين إلى الإطاحة بالنظام “غير الإسلامي” في بغداد بقيادة “دمية الشيطان”، كما كان رجال دين بارزون آخرون قد تحدثوا عن هزيمة صدام حسين.

إن محاولة خميني من أجل  السيطرة الدينية على خلافة واسعة تضم السكان الشيعة في جنوب العراق _ كربلاء التي تم تعيينها كنقطة انطلاق أساسية للثورة للوصول إلى القدس _ لم تمر بعيدة عن الأنظار في بغداد.

و تحملت إيران أكثر من 90 في المائة من تكاليف الحرب والخسائر البشرية _ التي يبلغ عددها 300ألف أو أكثر من قتلى الحرب في الطرف الإيراني والعديد من الجرحى وذلك طبقًا لأكثر التقييمات تحفظًا _ خلال السنوات التي كانت إيران قد استعادت أراضيها من العراق. ويأتي يوم سوف يكون الإيرانيون أحرارًا في خوض الحوار النقدي حوي سياسة خميني للحرب المدمرة طوال الثمانينات من القرن الماضي.

عندما لا تكون المقاومة المسلحة إرهابًا

عندما يأتي ذلك اليوم، سيكون لدى الملالي المتطرفين الكثير للإجابة عليه. فقط عندما يتم الكشف عن “ملف” طهران بالتفصيل، سيتضح كيف قام القاضي الفرنسي بعد عقود بتصنيف جميع هجمات مجاهدي خلق ضد النظام، بما في ذلك حالات الاغتيال لشخصيات النظام الوحشية سيئة السمعة، بمقاومة مشروعة ضد الاستبداد وليس الإرهاب. ولسنوات، وإلى أن تم دحضها بالإجماع من خلال مراجعات قضائية متعددة خلال العقد الماضي، كانت روايات الحكومات الغربية تشير إلى أن عنف مجاهدي خلق خلال الثمانينات والتسعينات في القرن الماضي كان غير مبرر، وهذا هو السلوك المتوقع للمتطرفين وأتباعهم المغسولة أدمغتهم، بينما الحقائق تحكي قصة مختلفة.

والآن يقوم العديد من الحكومات والأمم المتحدة بتقييم الأدلة، بما في ذلك الكتابات والتسجيلات الصوتية التي تم الكشف عنها مؤخرًا، والتي تؤكد بشكل رسمي أن خميني أمر بالإعدام الجماعي لما يصل إلى 30000سجين سياسي معظمهم من المتعاطفين مع مجاهدي خلق خلال صيف وخريف عام 1988 _ وهي جريمة ضد الإنسانية اعتبرها جيفري روبرتسون المحامي البريطاني البارز في مجال حقوق الإنسان مماثلة بمجزرة سريبرينيتسا ومسيرة باتان المميتة _ و لم يكن أي منهم قد واجه حكم الإعدام كما كان الكثيرون قد قضوا مدة السجن المحكوم بها عليهم.

وقد يصل العدد الإجمالي لمن أُعدموا من أعضاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أو مجاهدي خلق والمتعاطفين معهم على مدار السنوات إلى 100000. وهناك الكثير من أفراد الأسرة للباقين على قيد الحياة لكل رجل وامرأة وطفل تم إعدامه كعضو أو متعاطف مشتبه به لمجاهدي خلق، والكثير منهم خارج البلاد. وتم جذب معظمهم إلى المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كالمجتمع الواحد الذي يفهم ما مروا به من مقاساة. ولا يشير المحللون والصحفيون الغربيون إلى همجية النظام الهادفة إلى إبادة مجاهدي خلق سوى قليل، وبهذا يحطون بسهولة من شأن المقاومة باعتبارها “عبادة” ويشوهون الثقة المتبادلة التي يعتمد عليها بقاؤهم بالإضافة إلى كامل التزامهم بأن يروا أن تضحيات أحبائهم تحققت من خلال تخليص إيران من الدكتاتورية الفاسدة بأي شكل من الأشكال، وهي علامة على نجاح النظام في تشكيل مجال المعلومات لفترة طويلة.

وبالنظر إلى أن العديد من المراسلين والمحللين في عام 2019 مازالوا يصفون مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بأنهم قتلة المواطنين الأمريكيين والمتورطين في احتجاز الرهائن في السفارة منذ أكثر من أربعة عقود، يتوقع المرء أن معاداة مجاهدي خلق كانت أكثر مرارة وشدة في أعقاب هذه الأعمال المشينة وغيرها من الأعمال. والأغرب أن مسعود رجوي قد تلقى رسائل الإعجاب والدعم من شخصيات سياسية أمريكية بارزة مثل السيناتور إدوارد كينيدي الذي كتب في يونيو 1984 إلى مسئول المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مشيدًا بجماهير الإيرانيين الذين تظاهروا في 20يونيو 1981 في “مسيرة من أجل السلام وحقوق الإنسان” دعا إليها رجوي، مؤكدًا على أن الشعب الإيراني “تتم مساعدته من خلال جهودكم الرامية إلى تعزيز أهداف السلام والديمقراطية والحرية في إيران”. أو أن عضو الكونغرس آنذاك جون ماكين كتب إلى رجوي في نوفمبر من ذلك العام قائلًا: “إنني أشيد بكم ومواطنيكم على الشجاعة التي تظهر في جهودكم”، مضيفًا أن “آمال جميع الأمريكيين لإيران أفضل معلّقة عليكم”.

وبعد ثماني سنوات، في عام 1992 _ بعد أشهر فقط من أنه قيل إن مجاهدي خلق، وفقًا لمنسق مكافحة الإرهاب الأمريكي بعد عشرين عامًا، “شنت هجمات شبه متزامنة” في 13بلدًا، بما في ذلك على الأراضي الأمريكية وشارك في القمع العنيف للانتفاضة الوطنية للأكراد في شمال العراق والشيعة في الجنوب من قبل صدام حسين _ رأى الرئيس المنتخب بيل كلينتون أنه من المناسب إرسال رسالة إلى مسعود رجوي في مقر إقامته في باريس، يوضح فيها مآربه لتعزيز الحركات الديمقراطية مطالبًا بوجهات النظر لرجوي. وكانت “هجمات” مجاهدي خلق في جميع أنحاء العالم في إبريل 1992 في الواقع، احتجاجات غاضبة من جانب مؤيدي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في جميع أنحاء العالم في أعقاب هجوم جوي إيراني عبر الحدود ضد المقاومة الموجودة في العراق، حيث انتهك وقف إطلاق النار المقرر من جانب الأمم المتحدة، وهو الحادث الذي دفع 230عضوًا بالبرلمان البريطاني و219عضوًا بالكونغرس الأمريكي يدينون حكومة الرئيس أكبر هاشمي رفسنجاني ويعلنون دعمهم للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. واحتلال الولايات المتحدة للعراق عام 2003 والذي جمع سجلات ضخمة من مكاتب حكومة صدام حسين لم يكشف أي دليل على أن مجاهدي خلق كانت قد هاجمت السكان الأكراد أو الشيعة في ذلك الوقت أو في أي وقت.

وبمرور الوقت لقد تحولت الطريقة التي يشير بها الصحفيون والمعلقون الغربيون إلى مسعود رجوي من معارض سياسي بارز إلى متطرف عنيف _ إرهابي. واختارت طهران إلقاء اللوم على مجاهدي خلق لاحقًا فيما يتعلق بالأحداث التي كان العديد من الجهات المعارضة للنظام ولامجاهدي خلق، مشتبهة في ارتكابها في ذلك الوقت، حيث أضيفت في وقت متأخر إلى الملفات الغربية على مجاهدي خلق، كالتفجير الذي أدى إلى مقتل أكثر من 70شخصية رئيسية في النظام كانوا مجتمعين في مقر الحزب الجمهوري الإسلامي في 28يونيو 1981. واختفى تقرير كشف القتلة الحقيقيين للأمريكيين في إيران خلال السبعينات من القرن الماضي وبعدما ورد مرة واحدة في تقرير الإرهاب السنوي الأمريكي عن مجاهدي خلق، في العام التالي من ذلك الحين فصاعدًا. والسؤال هو لماذا؟ _ أو بالأحرى، من أجل مصالح من؟

لفهم كيفية تغير الصورة لناشط سياسي إيراني مرئي ومؤثر على نطاق واسع بعد منتصف عام 1981، من المفيد التفكير في كيفية تغير حياته. قبل حملة 20يونيو ، قاد مسعوى رجوي مسيرات كبيرة للدفاع عن “حق المواطنين في التظاهر سلميًا”. وبمجرد شن النظام حملة ملاحقة للقبض على المتعاطفين مع مجاهدي خلق وقتل قادتها، اختبأ رجوي مع الرئيس المخلوع بني صدر وكلاهما تحت حماية مجاهدي خلق، وبعدها بوقت قصير هربوا إلى باريس.

قُتلت “أشرف رجوي”، زوجة مسعود رجوي الأولى في طهران على أيدي عملاء النظام في فبراير 1982 مع موسى خياباني وزوجته وهو طالب سابق في الفيزياء في جامعة شريف التكنولوجية وكان يعتبر نائب رجوي في مجاهدي خلق. نجا نجل أشرف ومسعود، الرضيع مصطفى من إطلاق النار، وأتوا به فوق جثة والدتها الميتة في ذلك المساء على شاشة التلفزيون الحكومي في مشهد احتفالي بشع. في عام 1988 قتل النظام شقيقة رجوي الوحيدة، “منيرة رجوي” وزوجها. كما اغتيل شقيقه السفير “كاظم رجوي” في إبريل 1990 بالقرب من منزله في جنيف. وفي إبريل 1992 قصف النظام معسكر أشرف في العراق مكان إقامة مجاهدي خلق، مع 13طائرة من طراز إف4، وأعقبه إعلان إذاعي رسمي في طهران بأن الهجوم قتل مسعود رجوي وهو أمر غير صحيح. ورغم ذلك كانت هناك حالة وفاة واحدة من مجاهدي خلق. أطلق الملالي صواريخ سكود ضد مجاهدي خلق في العراق في عام 1994 ومرة أخرى في عام 2001 بنفس الهدف، حيث مرت عشرون عامًا بالكامل حاولت فيها قوات النظام استهداف مسعود رجوي وقتله بشكل مستمر.

كما ذكر، لم يشاهَد (رجوي) علنًا منذ عام 2003، رغم أنه أصدر عدة رسائل صوتية في عام 2009 تم بثها على قناة الحرية (“سيماي آزادي” باللغة الفارسية) وهي قناة فضائية تعمل على مدار الساعة مرتبطة بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. وتكشف منتقيات مترجمة أن مسعود رجوي ناقش الآثار المترتبة على شطب اسم مجاهدي خلق من قائمة الإرهاب للاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2008. ومن الأمور ذات الأهمية الخاصة تشجيعه للأحزاب الأخرى التي تعارض حكم الملالي الفاسد، على سبيل المثال في رسالة له بثت في يوليو 2009 انتقد تهديدات النظام للسلامة الشخصية لـ ميرحسين موسوي عقب المخالفات في الانتخابات الرئاسية في يونيو 2009  والتي أثارت احتجاجات عامة كبيرة. ودعا رجوي إلى إلغاء الانتخابات “غير الشرعية” كما دعا فرق المراقبة التابعة للأمم المتحدة إلى الإشراف على انتخابات حرة في إيران. ووجهت هذه الرسائل إلى أعضاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق. وفي رسالة طويلة حول تأريخ مجاهدي خلق، فاجأ مسعود رجوي العديد من الأعضاء بإعلان التزام شخصي بأنه بمجرد استعداد إيران لإجراء انتخابات حرة، فإنه يعفي نفسه من المشاركة في أي انتخابات أو تولي أي منصب حكومي قائلاً: “العضوية في منظمة مجاهدي خلق، إن كنت أستحق ذلك، فستكون كافية والأمثل بالنسبة لي”.

مريم رجوي، الزعيم الحالي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (“الرئيسة المنتخبة”) هي الأخرى التي تتعرض كذلك لأوصاف خبيثة من قبل العديد من الصحفيين والمحللين الذين إما لا يعرفونها وليسوا على دراية بآرائها، أو الذين اختاروا مع ذلك تكرار روايات النظام. ولدت مريم قجر عضدانلو، وهي من سلالة الأسرة التي حكمت بلاد فارس لمدة 136عامًا حتى عام 1925، وحصلت على شهادة في الصناعات المعدنية من جامعة شريف. ومثل الكثير من الآخرين في مجاهدي خلق، خوضها النشاط السياسي كان مسلتهمًا من تجربة مباشرة من انتهاكات حقوق الإنسان: أعدمت الأجهزة الأمنية للشاه شقيقتها نرجس، في حين أن شقيقها محمود قد سجن من قبل الشاه. وباعتبارها مناصرة لحقوق المرأة وتعليمها، قامت بحملة للانتخابات البرلمانية بعد سقوط الشاه وحصلت على ربع مليون صوت، إلا أن المكتب السياسي لخميني أعلن عدم أهليتها. أما الشقيقة الثانية معصومة، فقد سجنها الملالي وتعرضت هي وزوجها للتعذيب حتى الموت على الرغم من كونها حاملًا في شهرها الثامن. مريم رجوي وهي أم لابنتها البالغة تلهم الشفقة و الصمود وعدم الرضوخ، ولهذا ينبغي أن لا يكون عزمها الدائم والمستمر على هزيمة الفاشية الدينية أمرًا مفاجئًا.

إن مطلبها لحرية المرأة في اختيار ملابسها وحصولها على حقوق متساوية في الزواج والطلاق والتعليم والعمل، هو أمر أساسي للتحدي الذي يمثله المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق تجاه النظام الذي يمثل معقلًا للذكور يضفي الطابع المؤسسي لكراهية النساء. وتدعو ورقة عملها بواقع عشرة بنود لمستقبل إيران إلى مشاركة المرأة على قدم المساواة في القيادة السياسية، بما يتمشى مع القرار الداخلي بالغ الأهمية الذي اتخذته المجموعة في عام 1991 والذي يشمل المساواة بين الجنسين. ويفهم أولئك الذين يعرفون المنظمة جيدًا أنه في الواقع لقد اتخذ المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق خطوة إلى الأمام منذ ذلك الحين: تشغل النساء مناصب قيادية في المنظمتين برمتهما ومكاتبهما الفرعية. بعيدًا عن الصدفة، هذا تحدٍ مباشر للملالي.

يعد كل من المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي يقع مقره الرئيسي في باريس ومجاهدي خلق الموجودة الآن في ألبانيا، منظمتين تتميزان بالكفاءة والفعالية. إن وجود مجموعة نابضة بالحيوية بقيادة النساء تحشد الدعم من أجل التغيير السياسي هو أمر نادر في العالم الإسلامي، بل وفريد من نوعه. مع اتساع دائرة الصحفيين الذين يكتسبون الآن معلومات مباشرة عن طريق إجراء مقابلات مع أشخاص من أعضاء مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية _ رجالًا ونساءً وشبابًا وكبارًا _ فإن الرسوم الكاريكاتورية السامة لهؤلاء الأشخاص والأوصاف الخيالية القاضية بالجرائم المزعومة لمجاهدي خلق والتي تلتقها وسائل الإعلام من قبل حفنة لمن كانوا أعضاء سابقين لمجاهدي خلق وهم يتعاونون مع وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، لا تجد جمهورًا كبيرًا يستمع إليها.

ومن يتساءل عن سبب ظهور الكثير من الإيرانيين الأمريكيين الذين يرتدون سترات صفراء غالبًا حتى يراهم الآخرون، وهم يجلسون بصبر في جلسات استماع للكونغرس حول إيران، أو يقفون تحت المطر لساعات حاملين لافتات احتجاج بالقرب من مقر الأمم المتحدة عندما يزور مسؤولون إيرانيون نيويورك، يكفي له أن ينظر إلى عدد الإيرانيين المنفيين في جميع أنحاء العالم الذين عانوا من صدمة نفسية بعدما شاهدوا اعتقال الوالدين أو الأشقاء أو الزوج أو الطفل أو عزيز آخر من منزلهم وتعرضوا للسجن والتعذيب والقتل على أيدي هذا النظام. وكثير من أفراد الأسرة الباقين على قيد الحياة مفصولون بشكل دائم حيث لا يقدرون على الاجتماع مع البعض في وطنهم السابق، وسبب كل ذلك، ذنب وهو قول لا للطغيان الديني. وليست أعدادهم قليلة ويعتبر هؤلاء هي مصدر لدعم مستمر للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.

شخصيات بارزة ودوافعها

ليس أعضاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق هم الوحيدون الذين يتحملون انتقادات المعلقين في واشنطن. وسافر كبار المسؤولين السابقين والمدنيين والعسكريين وغيرهم من الأمريكيين البارزين إلى الخارج في السنوات الأخيرة للتكلم في التجمعات السنوية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والتي عادة ما تعقد خارج باريس. وبحسب النقاد، يرتكب هؤلاء الأفراد خطأ هائلًا حيث يسمحون لأنفسهم أن يتم جذبهم بأموال إزاء خطاباتهم ويمنحون مكانة غير مستحقة تمامًا واهتمامًا لمجموعة سيئة السمعة ليست لها صلة بمستقبل إيران.

ويزعم المنتقدون أن القاعة الضخمة التي تعقد فيها التجمعات، تحجب الكمية الضئيلة من المؤيدين الحقيقيين للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، كما لا تُملأ فقط من جانب كبار الشخصيات المأجورة من العشرات من البلدان وإنما أيضًا عدد لا يحصى من الحافلات المحملة من شباب غير مطلعين لمختلف المناطق من الشرق، سعداء لقبول رحلة ذهاب وإياب إلى فرنسا وتلقيهم أموالًا لمجرد أن يملأوا المقاعد التي تمتد إلى الجزء الخلفي للقاعة في المساء. ويتساءل المنتقدون عن مصادر إيرادات المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، على افتراض قلة المؤيدين الإيرانيين والاعتماد على الجهات الفاعلة الخارجية لها أجنداتها الخاصة، وربما دول معادية لإيران. و(يدّعون) ضمنيًا أن المقاومة لا تملك زمام أمورها ولكنها أداة مفيدة لواحد أو آخر من المستفيدين غير المعلنين مثل السعوديين أو الموساد أو حتى وكالة المخابرات المركزية (سي.أي.إي).

ومن شأن هذه الصورة للمقاومة وذلك لخدمة المصالح الشخصية لأولئك الذين يكررونها، أن تخفي حقيقة أن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يحظى بدعم مستمر من مجتمع عالمي من الإيرانيين الملتزمين حيث العديد منهم داخل البلاد. إنهم يشاهدون القناة التلفزيونية الفضائية المؤيدة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والتي تبث باللغة الفارسية من أوروبا ويتبرعون لها عبر حملات جمع التبرعات المتكررة. وتقدم الصورة المشوهة لكبار الشخصيات الأمريكية الذين حضروا تجمعات المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية صورة محرفة تمامًا عن حقيقة علاقة هذه الشخصيات بالمقاومة وسببها. ومهما كانت رسوم التكلم التي قد يتلقاها كبار الشخصيات من أجل مخاطبة جمهور كبير للغاية حيث تنقلها وسائل الإعلام العالمية ويصورها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية من أجل العرض بمختلف اللغات لاحقًا، فلا يختلف التعويض عما قد يطلبونه للسفر إلى الخارج وإلقاء خطاب موضوعي لأي جمهور.

ما لا يستطيع المنتقدون رؤيته هو الجهد المبذول حيث أن الكثير من هؤلاء الأمريكيين يبقون على اتصال منتظم ويحدّثون البعض حول أمن أعضاء مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذين يواجهون تهديدات النظام المستمرة والقضايا ذات الصلة. كما يحضر البعض اجتماعات أقل علنية أو غير معلنة للمقاومة في الولايات المتحدة أو أوروبا. إن دبلوماسيتهم الخاصة ومقالاتهم ومقابلاتهم مع وسائل الإعلام ورسائلهم المشتركة الموقعة إلى المسؤولين الحكوميين والتي تعبر عن آراء سياسية وما شابه ذلك، ليست هي بدون مقابل فحسب، بل تتم في الغالب دون أي تدخل من طرف المقاومة.

وإحدى النتائج هي أنه بمرور الوقت، منح الكثير من الصحفيين والمحللين _ ناهيك عن الحكومة الأمريكية _ ومن خلال تجنب الاتصال بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق، بعض مزايا هامة لهؤلاء الأمريكيين ذوي النفوذ، وتمكن الكثير منهم من التعرف على مريم رجوي ودائرتها جيدًا بعد أن أجروا حوارات مكثفة معهم واطلعوا على نشاطات المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. مع سنوات من التفاعل المثمر، لن يتم تعلیم كبار المسؤولين السابقين هؤلاء حول طبيعة المقاومة أو قيادتها من قبل خبراء واشنطن الذين يفتقرون بوضوح إلى أي معرفة موثوقة بالموضوع.

وعلاوة على ذلك، بما أن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق ومن أجل البقاء على قيد الحياة، كان عليهما الحفاظ على اليقظة الدائمة تجاه أجهزة الأمن الإيرانية التي تستهدفهما حتى الآن بهجات إرهابية أو اغتيالات، فإن المقاومة هي مصدر لا مثيل له لمعلومات محددة حول النظام وعناصره، حيث تطورت على مدى سنوات عديدة. وقد وصف مسؤولو الأمن الفرنسيون والألمان والجزائريون السابقون من بين آخرين، المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بأنه مصدر للمعلومات. إن امتناع الولايات المتحدة عن إقامة الارتباط مع هذه المجموعة السياسية المعارضة، ولا حتى إرسال ضابط في سفارتها بباريس ليقدم تقريرًا عن المسيرات التي حضرها رؤساء الوزراء ووزراء الخارجية والقادة البرلمانيون والمراسلون من عشرات البلدان، لا يمثل مجرد فرصة ضائعة، وإنما منحة للمساومة والمهادنة.

ولقد استمع الأمريكيون الذين يعرفون المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، فيما بينهم، إلى الحسابات الشخصية لمئات من الأعضاء وأنصار المقاومة. ويضيف كل قصة تمت روايتها وجهًا إنسانيًا واحدًا إلى العدد المذهل لانتهاكات حقوق الإنسان والقوانين والأعراف الدولية والفظائع، بما في ذلك الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية من قبل الأشخاص الذين حكموا إيران منذ عام 1979. ومن شأن المجموعة من الوثائق للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والتي تتعلق بهذه الجرائم أن تبلغ عن إجراء قضائي مناسب للمحاسبة.

قصة مكتومة، هدف أسمى

هناك سبب يوضح لماذا مجموعة ملحوظة من الضباط العسكريين الأمريكيين المتقاعدين الذين يمثلون بعضًا من كبار القادة العسكريين المحترمين والمقاتلين المخضرمين في السنوات الأخيرة، جعلوا الدعم للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق كأولوية على مدار العقد الماضي. إنهم يعلمون أن طهران طلبت وحصلت على تعهد من المبعوثين الأمريكيين في أوائل عام 2003 باستهداف مجاهدي خلق كجزء من “العدو” خلال التدخل في العراق ذلك العام، بينما أعلنت مجاهدي خلق حيادها وأبلغت الولايات المتحدة بمواقعها. وأكدت الولايات المتحدة في وقت لاحق أن مجاهدي خلق لم تكن طرفًا في القتال خلال عملية تحرير العراق. وتم قصف معسكر أشرف ومواقع أخرى لـ مجاهدي خلق على أي حال بواسطة الطائرات الأمريكية والبريطانية مما أسفر عن مقتل 50شخصًا وجرح آخرين وفقًا للمقاومة. وطلبت مجاهدي خلق اجتماعًا مع القوات الأمريكية وسلّمت طوعًا كل أسلحتها إلى فرقة المشاة الرابعة التابعة للجيش الأمريكي. وبعد ذلك بفترة وجيزة، تم تقديم كل عضو من أعضاء مجاهدي خلق للتحقيق الفردي من قبل فرق من موظفي المخابرات الأمريكية وإنفاذ القانون. وفي عام 2004 تمت التبرئة من الانتهاكات السابقة بالكامل بما في ذلك أعمال الإرهاب حيث وقّع كل عضو من مجاهدي خلق اتفاقًا وتلقى بطاقة هوية من إدارة الولايات المتحدة تصفهم جميعًا بأنهم أشخاص محميون بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.

ولمدة خمس سنوات بعد أن أرسلت الولايات المتحدة قواتها إلى العراق، قدمت مجاهدي خلق لضباط مكلفين بمراقبة معسكر أشرف، معلومات منقذة للحياة حول التهديدات والتي ساعدت القوات الأمريكية في مواجهة هجمات المسلحين العراقيين في الوقت الذي كشفت فيه الخارجية الأمريكية مؤخرًا عن الذخائر القاتلة والميليشيات العميلة التابعة لإيران والتي تسببت في مقتل أكثر من 600واحد من أفراد الخدمة الأمريكية وجرح عدد أكبر بكثير. وخلق تعاون مجاهدي خلق في زمن الحرب دينًا بالامتنان، حيث واصل عدد قليل من الضباط المتقاعدين الأمريكيين التعويض عن الجميل بدعمهم الكبير خاصة عندما تعرضت مجاهدي خلق لتهديدات قاتلة في العراق من 2009 إلى 2016.

ولقد حفزت قضية المصداقية الوطنية العديد من المؤيدين الأمريكيين ولا سيما كبار القادة العسكريين المتقاعدين، مما يلقي بظلاله على أي قلق بشأن مواجهة الانتقادات من جانب المتفرجين في واشنطن. وبعد انسحاب القوات القتالية الأمريكية من العراق في عام 2009، تسلَّم العراق الالتزام الأمريكي بموجب القانون الدولي لحماية سكان معسكر أشرف. وانتهك العراق التزامه، وبدلًا من ذلك لبّى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والرئيس جلال طالباني مطلب طهران القاضي بمعاملة مجاهدي خلق كإرهابيين وطردها من البلاد.

وما تلا ذلك كان عبارة عن سلسلة من سبع هجمات مميتة على مدى سبع سنوات ضد الرجال والنساء العزل من مجاهدي خلق. كان الهجومان الأولان في عامي 2009 و2011 من قبل وحدات عسكرية عراقية مرتبطة بمكتب رئيس الوزراء، بينما كانت هجمات أخرى على أيدي ميليشيات مدعومة من قبل إيران، حيث اقتربت من سكان مجاهدي خلق عن طريق قيادة مركبات محملة بقاذفات الصواريخ والأسلحة المماثلة من خلال نقاط الوصول التي يسيطر عليها ضباط عراقيون تابعون لمكتب المالكي. وبحلول الوقت الذي تم فيه إجلاء ما بقي من أعضاء مجاهدي خلق على قيد الحياة الذين نقلوا بناء على طلب من الولايات المتحدة إلى أرض جرداء بالقرب من مطار بغداد يُطلق عليه معسكر ليبرتي، إلى ألبانيا في عام 2016، قُتل أكثر من 140شخصًا، واحتجز سبعة كرهائن (ولم يشاهدوا منذ ذلك الحين) وأكثر من ألف أصيبوا بجروح أو تفاقمت حالتهم بسبب التأخير والتقييد أو حرمانهم من العلاج الطبي العراقي.

وكما تم تصويره بواسطة الهاتف النقال في الجيش العراقي وعرض في وقت لاحق في جلسات الاستماع بالكونغرس، تم إطلاق النار على أعضاء مجاهدي خلق الساكنين في مخيم أشرف ودهسهم باستخدام عربات “هامفي” أمريكية، وذلك في انتهاك صارخ للمادة 3 من قانون مراقبة تصدير الأسلحة فيما يتعلق بإساءة استخدام الأسلحة التي توفرها الولايات المتحدة، كما يتجاوز بوضوح أي اختبار لحالات الحظر لـ”Leahy (قوانين ليهي)” على تدريب الوحدات العسكرية الضالعة في انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، ولم تعر وكالات واشنطن أي اهتمام. وفي أوروبا من ناحية أخرى، تم إبعاد العقيد العراقي المسؤول عند باب البرلمان الأوروبي، وتم اتهامه غيابيًا من قبل محكمة إسبانية.

ووقع الهجوم الأكثر فظاعة في الأول من سبتمبر/أيلول 2013 حيث قام فريق الهجوم من نخبة القوات الخاصة التابعة للجيش العراقي يقدر عددهم بـ 15-20جنديًا تدربوا على الحركة الخاصة وأساليب إطلاق النار من قبل الولايات المتحدة، بدخول مخيم أشرف بشكل سري حيث كانت وبحلول ذلك الوقت تسكنه فقط مجموعة صغيرة مكونة من 100فرد من مجاهدي خلق، سمح لهم من قبل الأمم المتحدة بحراسة مركبات المنظمة وتجهيزاتها بعد نقل أعضاء مجاهدي خلق إلى مخيم ليبرتي. كما أظهرت صور الهواتف النقالة لمجاهدي خلق أنه قيّد الجنود العراقيون بوجوه ملثمة أيدي بعض السكان من أعضاء مجاهدي خلق بأصفاد بلاستيكية، وأعدموهم بمسدسات مزودة بكاتم للصوت، ولاحقوا وقتلوا العشرات بين السكان هناك. وفي المجموع، قتل هؤلاء 52عضوًا لمجاهدي خلق واختطفوا سبعة آخرين، ويُفترض أنه تم تسليمهم إلى إيران. وفي اليوم نفسه، اجتذبت طهران اهتمام وسائل الإعلام العالمية بإعلان من وزير الخارجية ظريف يقضي بأن الرئيس روحاني سيتوجه قريبًا إلى نيويورك ويلقي كلمة أمام الأمم المتحدة. وقد تم تحديد التوقيت لمجزرة الأول من سبتمبر/أيلول للتهرب من الإنذار الدولي، وتناولت الأخبار استعداد إيران للتفاوض بشأن مستقبل برنامجها النووي.

وحتى يومنا هذا، معظم الذين ينتقدون بصراحة رؤساء الدوائر وقادة المقاتلين الأمريكيين ومديري وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي والحكام والمشرعين والدبلوماسيين وصانعي السياسات ومستشار للأمن القومي ومدع عام وغيرهم ممن وقفوا بجانب المقاومة ضد هذه التهديدات، لا يوجد عندهم أي فكرة للثمن الذي دفعه أعضاء مجاهدي خلق في السنوات الأخيرة حتى أثناء تقديم المساعدة والتعاون مع الولايات المتحدة والاعتماد على ضمانها الصريح بالحماية. استقال مسؤول فرع حقوق الإنسان للأمم المتحدة في العراق المحامي الجزائري طاهر بومدرا الذي تلقى تعليمه في لندن، من بعثة يونامي احتجاجًا على التجاهل المستمر للممثل الخاص للأمم المتحدة لمعايير الأمم المتحدة في فرض الرقابة على التقارير الميدانية فضلًا عن إخفاء التعاون الشرير لرئيس الوزراء المالكي مع طهران ضد مجاهدي خلق في العراق من مقر الأمم المتحدة. وقلّلت الأمم المتحدة من أهمية ادعاءات بومدرا المفصلة والموثقة لكنها لم تستطع دحضها. ومن المحتمل أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لم تعرف أبدًا أنه بينما كانت تضغط على أعضاء مجاهدي خلق للانتقال من مخيم أشرف إلى مخيم ليبرتي، عُقد ما لا يقل عن خمسة اجتماعات مع بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق لتحديد التوقيت والخدمات اللوجيستية لنقل مجاهدي خلق، داخل السفارة الإيرانية في بغداد.

مثل أعضاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق أنفسهم، فإن الأمريكيين الذين قدموا أصواتهم للدعوة التي تقودها المقاومة من أجل إيران حرة لا يبدون أي تحفظ أو إحراج أو شك في أن أعمالهم تعكس المبادئ الثابتة التي كانت مهمة من قبل الولايات المتحدة منذ فترة طويلة. وبالنسبة للمحاربين القدامى في الجيش على وجه الخصوص _ الذين يدركون تمامًا الالتزامات الأمريكية المقدمة لأعضاء مجاهدي خلق في العراق، والهجمات المميتة المتكررة التي تلت ذلك _ إنها مسألة شرف.

من ينبغي أن ينتقد من؟

بعض مراقبي إيران الذين كانوا يعلّقون الأمل على تقارب الولايات المتحدة مع طهران وأعربوا عن أسفهم إزاء التراجع الأخير في العلاقات الثنائية، قد افترضوا من العنوان وحده أن نية المؤلف هي تعزيز المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كحكومة بديلة للنظام الديني. وفي أوساط واشنطن، مثل هذه القفزة المنطقية لبافلوف ليست غير عادية، حيث يؤدي مجرد ذكر منظمة مجاهدي خلق أو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية إلى تحذير سريع بأن المرء يجهل بوضوح المشاعر السياسية بين الشعب الإيراني وأن المجلس الوطني للمقاومة ومجاهدي خلق لا مكان لهما في محادثة مستنيرة حول من قد يقود إيران “بعد إصلاحها”.

وسيكون ذلك قراءة خاطئة لهذا المقال. على الرغم من أن العديد من الشخصيات الأمريكية والأجنبية الذين يلقون الخطابات في تجمعات المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يعتقدون حقًا ويقولون إن المقاومة المنظمة ستكون أفضل للغاية من الحكام الحاليين وينبغي دعمها، ويصف ممثلو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية عادة المقاومة كبديل ديمقراطي للديكتاتورية الحالية، فإن السياسة الرسمية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية هي برنامج عمل للسيادة الشعبية والشرعية الديمقراطية في إيران. ومنذ المرة الأولى التي استمع فيها الكاتب إلى مريم رجوي في يونيو 2011 كانت تلقي كلمة أمام مؤيديها حيث أوضحت باستمرار أن هدف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية هو تحقيق أن يقرر الشعب الإيراني مصيره بنفسه وتسهيل خطة طريق شفافة تؤدي إلى حكومة يتم تفويضها من قبل أصوات كل رجل وامرأة بموجب دستور جديد.

وفي هذه “الجمهورية الديمقراطية والحرة” قالت السيدة رجوي في ذلك التجمع بمناسبة مرور ثلاثين عامًا منذ بداية حكم الإرهاب لخميني: “نحن راضون بأننا مازلنا في المعارضة ونفتخر بأن نضحي بأنفسنا من أجل إعطاء الشعب الإيراني القدرة على الاختيار بحرية”. وردد موقفها مسعود رجوي قبل عقود عندما تمت مقابلته في باريس في 9يناير 1982، كما قال لمجلة الطلاب المسلمين الإيرانيين: “لا يكفي أن نمر بالقمع والسجن والتعذيب والإعدام تحت حکم الشاه والملالي. يجب على مجاهدي خلق اجتياز اختبار الانتخابات العامة”.

لا، إن الهدف هنا ليس إعاقة خيارات المواطنين الإيرانيين بشأن من سيقود بلادهم _ وهذا ما تم فعله بما فيه الكفاية منذ عام 1906 _ ولا حتى لتقديم فكرة من بعيد، ولكن لمعالجة قلق جاد حيال الأمن القومي حول معايير سياسة النقاش الأمريكية بشأن إيران. ويأتي هذا القلق في تركيز حاد مع فهم أكثر دقة وتفصيلًا لمن هم مجاهدي خلق وماذا حدث بين النظام والمقاومة منذ زمن الثورة. إن الآثار المترتبة على هذا التأريخ المكشوف ليست عميقة بالنسبة لطهران فحسب، وإنما بالنسبة لواشنطن أيضًا.

وانظروا كيف تكون المبادئ والمصالح الأمريكية عاملًا في نقاش إيران في واشنطن. وتستمر فئة في تعليق آمالها على الرئيس روحاني على اعتقاد وكما يبدو أن رؤيته لإيران يتم تعريفها عبر استعداد للتواصل بسلام مع العالم إذا تم احترام مصالح إيران فقط. وحتى الآن، لم يتم بالفعل اختبار هذا الاقتراح؟ ومنذ أكثر من عقد من الزمن، اقترحت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس التي كتبت في الشؤون الخارجية، أن “على إيران أن تتخذ خيارًا إستراتيجيًا… هل تريد الاستمرار في إحباط مطالب العالم المشروعة، وتعزيز مصالحها من خلال العنف…؟ أم أنها منفتحة تجاه علاقة أفضل، وهي عبارة عن التجارة المتنامية والتبادل وتعميق المشاركة والتعاون السلمي مع جيرانها والمجتمع الدولي الأوسع؟”.

ومن الواضح أن دبلوماسية إيران النووية التي أجريت على مدى عامين مع مجموعة 5+1 في جو ملائم وإبرام اتفاق في عام 2015، دفعت الكثير من الأمريكيين يفترضون أنها اتخذت الخيار الإستراتيجي الذي وصفته الوزيرة رايس، وقررت اتباع المسار الأكثر تعاونًا. ولم تُطرح أية أسئلة حول اختيار روحاني “المعتدل” في عام 2013 حسين دهقان وزيرًا للدفاع له _ الرجل الذي نظّم التدريب الأولي لميليشيات حزب الله الجديدة في لبنان، كضابط في الحرس الثوري في 1982-1983 وأشرف على تفجير ثكنات مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) والذي أسفر عن مقتل 241 من الجنود بما في ذلك 220 من قوات المارينز. (تم استبدال دهقان بعدما تولي الرئيس ترامب منصبه وفوّض ثلاثة مناصب عليا إلى جنرالات المارينز).

ولم يتم التعبير عن أي قلق بشأن وزيره للعدل، مصطفى بورمحمدي الذي كان واحدًا من المسؤولين الثلاثة للنظام في “لجنة الموت” في طهران، حيث قام شخصيًا بإصدار أحكام الإعدام بحق العديد من السجناء السياسيين البالغ عددهم 30000 خلال مجزرة عام 1988، والثاني من هؤلاء الثلاثة هو إبراهيم رئيسي رئيس السلطة القضائية في إيران تم تعيينه مؤخرًا، والمرشح الرئاسي لعام 2017. كما عمل وزير العدل الحالي، عليرضا آقايي في لجنة مماثلة في محافظة خوزستان. و هناك آخرون متورطون في تلك الجريمة الشائنة، الذين يحتلون اليوم مناصب في السلطة.

وحقيقة أن ما يقارب 4000عملية إعدام موثقة دوليًا مع عدم تطبيق الإجراءات القانونية تحت رئاسة روحاني منذ عام 2013 _ وهو أعلى معدل لعمليات الإعدام في العالم من حيث عدد السكان _ هي كل شيء ولكن هذه الإعدامات ضاعت جميعها وسط هذا الكم الهائل من انتهاكات النظام. ولم تقم أية حكومة أخرى في العالم بزعزعة الأمن الدولي، من قيادة عشرات الآلاف من القوات البرية لمساعدة الدمار الكارثي لنظام الأسد للمدن والبلدات في جميع أنحاء سوريا، وتشريد 11مليون مواطن وقتل مئات الآلاف، إلى القيام بعمليات إرهابية في العديد من البلدان في أوروبا وخارجها عبر استغلال الغطاء الدبلوماسي، ومتابعة تطوير الصواريخ الباليستية التصعيدية، وتسليح الميليشيات التي تعمل بالوكالة وتثير الفتنة الطائفية في الدول المجاورة وتمويلها، ومساعدة الحوثيين في إطلاق أكثر من 200صاروخ ضد المناطق المأهولة بالسكان في السعودية، وتزايد العمليات في جنوب سوريا التي تهدد بشكل متزايد أمن إسرائيل. وتم التقليل من أهمية الفساد المتفشي في طهران، والإهمال تجاه البيئة، والإتجار بالبشر والإتجار الدولي بالمخدرات وغسيل الأموال وغيرها من مظاهر الحكم الفاسد والإهمال، وربما تم تجاهلها تمامًا لو لم تندلع الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران ابتداء من أواخر ديسمبر 2017.

من الذي يمكن أن يلقي اللوم على روحاني في توقعه أن يؤيد المعلقون في واشنطن ما أشار إليه في مقاله في 21سبتمبر 2018 في واشنطن بوست حيث قال  “تقليدنا المتمثل في احترام سيادة القانون وقواعد القانون الدولي” والرغبة في “حماية السلام والأمن في المنطقة”؟ أو وزير الخارجية محمد جواد ظريف لضحكه على نفسه وهو يوبخ الولايات المتحدة بسبب ذنبها التأريخي في هندستها للانقلاب عام 1953 ضد مصدق؟ يبدو أن أصدقاءه الأمريكيين الذين يشتاقون إلى المقابلة التالية غير مدركين أن الملالي البارزين في ذلك الوقت بمن فيهم الملالي بهبهاني وكاشاني ومعلم خميني وهو بروجردي، جميعهم أيّدوا الانقلاب وعودة الشاه إلى السلطة. إنهم أرادوا أن يواجه مصدق _ ماذا بعد؟ _ عقوبة الإعدام. إن المعجبين بظريف في واشنطن، من خلال تحدي أية إشارة للنظر الإيجابي إلى المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومواقفه، قاموا بدورهم لضمان استمرار استبعاد تأثير مصدق من مناقشة السياسة الإيرانية _ استمرار عملية أجاكس (Ajax) كما كانت، بعد مرور 66عامًا منذ الواقع.

وواجهت إدارة ترامب، على الرغم من عدم الإشارة إلى أي معروف تجاه المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، انتقادات ليس فقط للانسحاب من الاتفاق النووی، ولكن لوضع ما يعتبره البعض “توقعًا” غير واقعي أمام طهران للقائها إذا أرادت التخفيف من حملة “الضغط الأقصى” للإدارة. مطالب وزير الخارجية بومبيو بواقع 12بندًا تطلب الكثير من ايران. ولكن أي واحد من تلك البنود يقبل النقاد أن يرفعه من فوق الطاولة؟ الاحتفاظ بالرهائن الأمريكيين ولحلفائها؟ الاستمرار في حماية ملفاتها النووية والمواقع غير الخاضعة للتفتيش وإمكانيات التخصيب؟ الإبقاء على دعم الجماعات الإرهابية والميليشيات الشيعية التي تعمل بالوكالة؟ مواكبة الهجمات بالصواريخ الباليستية والتدخل المزعزع للاستقرار في بلاد الشام والخليج؟

وفي واشنطن يتم الاستماع إلى السياسيين والمحللين الذين يفتقرون إلى الثقة، إن كان لديهم في أي وقت مضى، بـ”الإصلاحيين” في النظام لإنقاذ إيران والعالم من الكابوس الجغرافي _ السياسي الذي دام أربعة عقود والذي حاكه خميني وكتابته الدستورية الإلهية، وذلك رغم ازدرائهم من قبل الحكم ضمنيًا. ومع ذلك يتم تشهير الشخصيات البارزة التي تسافر إلى الخارج وتقف بجانب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. وما هي بالضبط السياسات التي كانت تلك الشخصيات البارزة الوقحة إقرارها؟

هناك عشرة: الاقتراع العام، واحترام الحريات الفردية، والوصول الشامل إلى الإنترنت، ووضع حد لعقوبة الإعدام، وفصل الدين عن الدولة ووضع حد للتمييز الديني، و”المساواة الكاملة بين الجنسين” بما في ذلك “المشاركة المتساوية للمرأة في القيادة السياسية”، وإلغاء قانون الشريعة وتأسيس سلطة قضائية مستقلة مع مراعاة الأصول القانونية وقرينة البراءة، والالتزام بالاتفاقيات الدولية التي تدعم حقوق الإنسان والمساواة بين جميع الجنسيات، وحماية حقوق الملكية في اقتصاد السوق الحرة إلى جانب الحفاظ على البيئة، والتعايش السلمي مع الدول الأخرى مع احترام ميثاق الأمم المتحدة، وإيران غير نووية خالية من أسلحة الدمار الشامل. لقد دافعت مريم رجوي بدون كلل أو ملل عن ورقة العمل هذه بواقع عشرة بنود منذ سنوات أمام كل الجماهير وبكل اللغات، ولا توجد هناك أجندة خفية.

بيوت زجاجية ودوافع غير معلنة

هناك خطأ عميق في سياسة واشنطن للمناقشة حول إيران. إن قضية إعادة الانضمام إلى الاتفاق النووي وتعليق الأمل على أن تتم معالجة المخاوف غير النووية بطريقة مرضية من خلال التواصل الإيجابي مع طهران هو أمر أصعب من أي وقت مضى، حيث أن مستوى السياسة الواقعية الضمنية يجد أقل ارتباطًا بالمبادئ الأمريكية. وفي الوقت نفسه، انهار الأساس لمواصلة التعامل مع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق كأنهما غير موجودين ولم يكن لهما دور في تأريخ ما بعد الثورة الإيرانية أو في مصاعب النظام الحالية، بينما كشف النقاب عن تلفيقات طهران. إن إستراتيجية النظام التي استمرت لعقود من الزمن لرفض أية مصداقية لـ”زمرة مجاهدي خلق الإرهابية” تم إبطالها، لأن الملالي البارزين، بمن فيهم الولي الفقيه علي خامنئي يشجبون الآن بصراحة دور مجاهدي خلق في تنسيق الاحتجاجات داخل المدن والبلدات في جميع أنحاء إيران. وتم الكشف عن المخابرات الإيرانية مرارًا وتكرارًا وهي تولد معلومات مزيفة تحت غطاء المؤسسات الأكاديمية والإعلامية والمنظمات غير الحكومية الغربية الموثوقة. وهاجر الصحفيون الذين كانوا يعملون سابقًا في وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية إلى الخارج وظهروا من جديد في ما وصفه البروفيسور إيفان ساشا شيهان بـ“خطة طهران لزرع مدافعيها في غرف الأخبار الغربية”.

ولقد أخذ المسؤولون والمشرعون في أوروبا وكندا في الاعتبار التشوهات التأريخية والروايات الكاذبة وحالات التبرئة القضائية لمنظمة مجاهدي خلق في سياساتهم وتعاملهم مع طهران. وليس رفض الرئيس ماكرون لمطلب روحاني في يناير 2018 لاتخاذ إجراء ضد المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لإثارة الاحتجاجات داخل إيران، سوى مثال واحد.

ومع ذلك، تستمر الأوهام في الولايات المتحدة. حتى لو كانت المقاومة وكما يسارع النقاد إلى زعمه، تفتقر إلى الدعم الشعبي داخل إيران، فلن يكون هناك أي طريقة لمراقب موضوعي “للتحكم” في حقيقة أنه بموجب قانون العقوبات الإسلامية وهو قانون العقوبات الحالي، يتم سماع أي شخص وهو يعبر عن وجهة نظر مؤيدة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أو مجاهدي خلق، يتعرض للبتر أو الشنق أو الإعدام أو النفي إذا كان القاضي الديني متساهلًا. ولا حاجة إلى الإشارة إلى أن أية مؤسسة استطلاع تعمل في إيران يبقى وجودها لخدمة هدف النظام في الاحتفاظ بالسلطة. على أي حال، في حين أنها لعبة عادلة للمحللين في واشنطن أن يتكهنوا حول من قد يحقق مصالح مع 80مليون إيراني، فإن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية هو الصوت الوحيد الذي يدعو إلى عملية لتحقيقها.

وبالرغم من أن الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران استمرت حتى عامها الثاني وذلك رغم الأعمال الانتقامية القاسية، إلا أنه في واشنطن لا يزال الأمر صارمًا بين المحللين والمراسلين على الاعتقاد بأن نظام طهران لا يواجه خطرًا جادًا بالانهيار. يغفل مثل هذا التقييم عن حقيقة أن بقاء الأنظمة الاستبدادية بأياد ملطخة بالدم على المدى الطويل كان الاستثناء أكثر من القاعدة في حقبة ما بعد الحرب الباردة. هناك احتمالات أخرى، ليس الرهان على استمرار الديكتاتورية الدينية في إيران خطر المفاجأة الاستراتيجية فحسب، بل يتنازل عن أي ادعاء بأنه وجهة نظر أكثر أخلاقية، لو كان من أي وقت مضى.

وليس ذلك للمجادلة من أجل قلب الطاولة والمحاولة لإسكات منتقدي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وهم أحرار في التعبير عن آرائهم، ولكن أولئك الذين أثاروا قضية الدوافع والحوافز والتأثيرات غير المرئية في الإشارة إلى أنصار المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يجب أن لا يعترضوا على أن يتم تدقيق ظروفهم الخاصة أيضًا. إذا افترضنا أن المهتمين بسياسة إيران يمكن أن يتفقوا جميعًا على أفضلية نقاش سليم، فينبغي أن لا يكون هناك أساس لاستبعاد الحقائق ذات الصلة بشكل انتقائي. وقبل كل شيء، من الضروري _ طال انتظاره _ طمأنة الأمريكيين بأن النظام في طهران لا يمارس نفوذًا غير مرئي على السياسة الخارجية للبلاد.

والبعض الذين حملت خطوطهم مرارًا وتكرارًا مزاعم بأن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق يعتبران زمرة إرهابية سوف يكرهون الإذعان بأن هذه المواضيع قد تم فضحها، لأن مصداقيتهم تعتمد على تلك الصورة. ويواجه الآخرون والمراسلون والصحفيون الذين تم تعزيز مكانتهم المهنية من خلال إجراء مقابلات مع كبار المسؤولين الإيرانيين مأزقًا مشابهًا، مع العلم أن الإفادة بشأن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية سيكون حرق جسورهم مع النظام. هذا هو الحال بشكل خاص مع الصحف والمنظمات الإعلامية التي سوف تخاطر برفض الوصول الشامل إلى إيران ومسؤوليها. ويترادف تطبيق المعايير الصحفية العالية في إعداد التقارير حول المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أو مجاهدي خلق، دخول حقل ألغام. ألا يجب توعية القراء بالرقابة الذاتية عند اللعب؟

مع استبعاد المسؤولين الأمريكيين عن إيران على مدى العقود الأربعة الماضية، كان الطلب على التدريب على اللغة الفارسية منخفضًا ولكن العديد من الأمريكيين الإيرانيين البارزين الذين يجيدون اللغة وبفهم أعمق للثقافة والسياسة الإيرانية دعموا عملية السياسة من داخل الحكومة وخارجها. ويقدّر الإيرانيون الأمريكيون الحريات المضمونة في الولايات المتحدة أكثر من غيرهم، لأن وطنهم السابق في قبضة الديكتاتورية. ومع ذلك، فإن النظام معروف بإرغام المواطنين المقيمين على التأثير على أنشطة أقاربهم في الخارج. وخلال الحرب الباردة، تولّت الولايات المتحدة اهتمامًا وثيقًا لتكتيكات مماثلة في اللعب بين السكان العرقيين الأمريكيين من “الدول الأسيرة”. ألا يوجد ما يدعو إلى القلق مع إيران اليوم؟

وكشفت دراسة الكاتب لعام 2013 عن ادعاءات تتعلق بمجاهدي خلق وبمراجعة 19نسخة متتالية من التقارير السنوية لوزارة الخارجية حول الإرهاب، عن تعديلات تحريرية غير عادية إلى حد كبير، وغير منتظمة بشكل صارخ في التأريخ الإرهابي المزعوم لمجاهدي خلق، من نسخة إلى أخرى. ومن الواضح أن هذا ليس من قبيل الصدفة. كيف حدث ذلك؟

تبرعت مؤسسة علوي التي أنشأها الشاه في عام 1973، بمبالغ كبيرة للعديد من أفضل الجامعات الأمريكية من بين الأنشطة الخيرية الأخرى التي تهدف، كما تقول إلى تعزيز فهم الثقافة الفارسية. وتستضيف إحدى الجامعات التي تتلقى منحة مالية من قبل المؤسسة برنامجًا سياسيًا ينشر منذ سنوات على نطاق واسع رسائل تشهيرية حول مجاهدي خلق وهي غير موثوقة تمامًا، على لسان عميل لوزارة المخابرات و الأمن سيئة السمعة في أوروبا والذي غادر مجاهدي خلق منذ سنوات عديدة. وكشف مكتب المدعي العام في مانهاتن عن علاقات مصرفية غير مشروعة منذ أكثر من عقد من الزمن لربط مؤسسة علوي بالحكومة الإيرانية، وفي عام 2017 فازت المنطقة الجنوبية في نيويورك بقضية اتحادية كبرى تؤكد أن مؤسسة علوي هي في الواقع واجهة لإيران.

وقدمت الجامعات الرئيسية مجالًا مميزًا لأعضاء النظام السابقين المقيمين الآن في الولايات المتحدة. ومن بين هؤلاء سفير إيراني سابق يتكلم بصراحة وتم استدعاؤه إلى طهران قبل 22عامًا قبل أن تتمكن الحكومة الألمانية من طرده لدوره في السفارة كقناة لعناصر النظام الذين فتحوا نيران الأسلحة الرشاشة في مطعم في برلين في سبتمبر 1992، مما أسفر عن مقتل أربعة قادة المعارضين الأكراد الإيرانيين.

وفي عام 2002، بينما كان الإيرانيون الأمريكيون المؤيدون للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يهتمون بتجنب الاتهام بالدعم المادي لمنظمة مدرجة في قائمة الإرهاب، أسس إيراني منظمة في الولايات المتحدة تقدم نفسها على أنها صوت الأمريكيين الإيرانيين. بالنظر إلى وصوله المثير للإعجاب إلى كبار المسؤولين الإيرانيين على مدى السنوات التي تلت ذلك، يمكن إعفاء الأمريكيين لافتراضهم أن هذه إشارة تبعث على الأمل في حسن النية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة. وبعد أكثر من عقد من الزمن، عندما دفع مضيف كوميدي سنترال الفرد إلى الاعتراف بأنه يحمل الجنسية الإيرانية ولا الأمريكية، ولم يكن من الواضح أنه سبق له أن كشف لعناصره من الإيرانيين الأمريكيين أن مؤسسهم وزعيمهم ليس أمريكيًا إيرانيًا. وتستمر الصحف الأمريكية الرئيسة في الاستشهاد به باعتباره مصدرًا رئيسيًا لإلقاء نظرة ثاقبة على خيارات سياسية تواجها الولايات المتحدة.

كم من الأعلام الحمراء تدعو الحاجة إليها لتبرير تحقيق سلیم لمكافحة التجسس؟

وتسعى المخابرات الروسية إلى كشف الأسرار العسكرية الأمريكية كما تسعى إلى تقويض التماسك السياسي والاجتماعي للولايات المتحدة. وتستهدف المخابرات الصينية التقنيات الصناعية والرقمية الأمريكية المتقدمة. لكن المؤسسات الأمنية الإيرانية لها وجودها لهدف واحد فقط: منع النظام من السقوط. في الولايات المتحدة، يعني ذلك عمليات التأثير المستمرة التي تهدف إلى جعل الولايات المتحدة تكف عن السياسات التي من شأنها استثمار عدم شرعية النظام السياسية، وتشجيع منتقديه المحليين، وإضعاف نشاطه الإقليمي المزعزع للاستقرار، والرد بقوة على إرهابه وعدوانه، و _ التهديد الذي لم تدّخر جهدًا لوقفه _ إتاحة فرصة أكبر للمقاومة السياسية المنظمة للاستماع إليها.

عندما _ ليس لو _ تسافر مريم رجوي إلى الولايات المتحدة يومًا، فسوف تُسمع ألحان “الزمرة الإرهابية الماركسية الخائنة” مرة أخرى، ولكنها سوف تكون “أغنية البجعة”. المجتمع الذي تتحدث من أجله، بما في ذلك عشرات الآلاف الذين لم يعودوا على قيد الحياة للشهادة، والطريق الذي سلكوه، والاختبارات التي نجوا منها، والأسباب التي تجعلهم يواصلون، ستبدد أخيرًا سوء الفهم التسلسلي لواشنطن تجاه المقاومة.

لن يكون النظام قادرًا بعد الآن على إزالة _ مثل صورة متغيرة للقادة السوفيت فوق ضريح لينين _  مكانتها في معركة الشعب الإيراني التي دامت أكثر من قرن من الزمن من أجل مستقبله. ولن يكون من الممكن بعد الآن للمراسلين أو محللي السياسة التماشي مع المعايير الضمنية لطهران دون أن تكون معاييرهم المهنية المعرضة للخطر واضحة. كما هو الحال مع تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية، فإن تدخل إيران في مداولات السياسة الأمريكية سوف يستحق تأملًا وطنيًا جادًا.

وبعد ذلك، نأمل أن يتمكن مجتمع السياسة الخارجية الأمريكية من الانخراط في نقاش حول إيران خالية من النفوذ الخارجي، وهو نقاش يعتمد بشكل أكثر موثوقية على الحقائق والمصالح والمبادئ والأولويات الإستراتيجية _ ذلك النوع من النقاش، بعبارة أخرى، إن ذلك مكّن أمريكا دائمًا من التوصل إلى الإجماع والتعامل مع أصعب التحديات الدولية والتغلب عليها في الوقت المحدد.

بلومفيد

بشأن المؤلف

خدم لينكولن بلومفيلد جونيور في خمس إدارات سابقة برئاسة ثلاثة رؤساء. وكان المبعوث الخاص للولايات المتحدة برتبة سفير للحد من تهديدات منظومات الدفاع الجوي المحمولة (2008-2009). وشغل منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون العسكرية السياسية، كما شغل منصب الممثل الخاص للرئيس ووزير الدولة للأعمال الإنسانية المتعلقة بالألغام (2001-2005). كان نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى (1992-1993)، ونائب المساعد لنائب الرئيس لشؤون الأمن القومي (1991-1992)، وعضو الفريق الأمريكي الذي تفاوض على المنشآت الأمريكية في الفلبين (1991-1992)، والوساطة الأمريكية بين إسرائيل والأردن حول المياه (1990)، ونائب مساعد وزير الدفاع للشؤون الأمنية الدولية (1988-1989) من بين مناصب السياسة الأخرى في وزارة الدفاع ابتداء من عام 1981. عمل السفير بلومفيلد لمدة ثماني سنوات حتى عام 2017 كرئيس لمركز ستيمسون (Stimson) غير الحزبي في واشنطن، ويشغل الآن منصب الرئيس الفخري وزميل متميز. وهو عضو في اللجنة التنفيذية الوطنية لشراكة المياه في الولايات المتحدة ومدير منظمة The_Last_Kilometer للطاقة غير الحكومية غير الربحية، إلى جانب العديد من المشاركات التجارية. مؤلف كتاب مجاهدي خلق _ MEK مقيد بتأريخ محرّف (جامعة بالتيمور، 2013) من بين كتابات أخرى، ومحلل دائم حول السياسة الخارجية وقضايا الأمن القومي، وهو خريج كلية هارفارد (.a.b) وكلية فليتشر للقانون والدبلوماسية (.M.A.L.D.).

يمكن الوصول إلى كتابات وشهادات إضافية للمؤلف حول هذا الموضوع من خلال الروابط التالية:

  • مجاهدي خلق _ MEK: مقيد بتأريخ محرّف:

https://www.amazon.com/Mujahedin-Khalq-Shackled-Twisted-History/dp/0615783848

  • “مجاهدي خلق (MEK/PMOI) والبحث عن الحقيقة على­ أرض الواقع حول أنشطتها وطبيعتها _ تقييم مستقل”

http://palmercoates.com/wordpress/wp-content/uploads/2016/09/MEK-PMOI-and-the-Search-for-Ground-Truth-about-its-Activities-and-Nature-1.pdf

  • شهادة تم إعدادها للجلسة أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب واللجنة الفرعية للرقابة والتحقيقات واللجنة الفرعية المعنية بالشرق الأوسط وجنوب آسيا، “معسكر أشرف: الالتزامات العراقية ومساءلة وزارة الخارجية” ، 7ديسمبر 2011:

http://palmercoates.com/wordpress/wp-content/uploads/2016/10/Dec-7-2011-Camp-Ashraf-HFAC.pdf

  • شهادة تم إعدادها للاستماع أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب واللجنة الفرعية للرقابة والتحقيق، “الظروف في معسكر ليبرتي: الفشل الأمريكي والعراقي”، 13سبتمبر 2012:

http://palmercoates.com/wordpress/wp-content/uploads/2016/10/Sept-13-2012-HASC-Sctee-Oversight-and-Investigations.pdf

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة