الجمعة, أبريل 19, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليومنظام الملالي عالق في فخ الاتفاق النووي أکثر من أي وقت مضی

نظام الملالي عالق في فخ الاتفاق النووي أکثر من أي وقت مضی

0Shares

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تقريريها الأخيرين، علی انتهاکات النظام الإیراني للقیود الرئیسیة المنصوص علیها في الاتفاق النووي.

ويحظى التقرير الأخير للوكالة، الذي تم تقديمه بعد زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاییل غروسي، إلی طهران، بأهمية خاصة علی خلفیة الأوضاع المحلية والدولية الراهنة، حیث تعمل الولايات المتحدة علی تفعيل آلية الزناد (فض النزاع)، الأمر الذي یفاقم وضع النظام المتأزم ویزیده تعقیداً.

تکمن أهمیة التقارير الأخيرة للوكالة في أنها تعید طبيعة البرنامج النووي للنظام وجوانبه العسكرية المسکوت عنها لسنوات بسبب هيمنة سياسة الاسترضاء، إلی الواجهة من جدید وتجعل منها قضية دولية حساسة مرة أخری.

على مدى السنوات الخمس الماضية، استندت الوكالة الذریة في تقاریرها إلی مجلس محافظي الوکالة على التزام النظام الإیراني بالاتفاق النووي، لكن منذ أبريل هذا العام، غيرت الوكالة نهجها وقدمت تقريرين؛ الأول –کما هو الحال في السنوات الأخیرة- یدور عن التزام النظام بتعهداته النوویة، والآخر عن أنشطته النووية ذات الطابع العسكري وإنتاج أسلحة الدمار الشامل، أي إطار الالتزام أو عدم الالتزام بمعاهدة عدم الانتشار أو الضمانات.

وقد ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها الأول أن مخزون النظام من الیورانیوم المخصب تجاوز حالیاً عشر مرات  الحد المنصوص علیه في الاتفاق النووي، وأنه تجاوز المستوى المسموح به من إنتاج الماء الثقيل، وقام بتشغیل أجهزة طرد مركزي متطورة لتخصیب الیورانیوم غير مصرح بها في موقع نطنز.

بدوره لم ینکر النظام ما ذکره التقریر، لکنه ادّعی بأنه قام بتخصيب اليورانيوم وإنتاج الماء الثقيل للبيع فقط، وأن أجهزة الطرد المركزي لها جانب بحثي.

وتناول التقرير الثاني الأسئلة التي طرحتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ سنوات علی النظام لكنه لم يجب عليها حتی الآن. على سبيل المثال، لم يجب على السؤال المطروح حول مصدر اليورانيوم المخصب في موقع تورقوزآباد بالقرب من طهران.

وعقب زيارته الأخيرة إلى طهران، قال غروسي إن الوكالة طلبت من إیران السماح لمفتشي الوکالة بزیارة موقعین محددین لأخذ العينات، وقد تمت زيارة أحدهما، بینما تمت الموافقة على زيارة الموقع الثاني في شهر سبتمبر الجاري.

في هذا السیاق، زعم النظام أنه قد اشترط علی غروسي أن يقتصر طلب التفتيش على هذين الموقعين فقط وأن لا تعاود الوكالة طلبها للقیام بزيارات تفتیش جديدة في وقت لاحق، ووافق غروسي. لكن الأخیر نفى مزاعم النظام في فيينا، مؤكداً أن مهمته كمدیر عام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تتطلب قیامه بأعمال المراقبة والتدخل أينما یشتبه بأنشطة غير قانونية لإنتاج أسلحة نووية.

تحدٍ وقلق عالمي عمره 18 عاماً

منذ أن كشفت منظمة مجاهدي خلق و المقاومة الإيرانية لأول مرة عن المشروع النووي السري للنظام عام 2002، أصبح البرنامج النووي للنظام أحد أهم التحديات والمخاوف بالنسبة للمجتمع الدولي، وكان هناك قلق دولي مستمر من المرحلة التي یتابع فیها النظام الإیراني مشروعه لتصنیع قنبلة نوویة بشکل سري.

في عام 2011، وضعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية 11 سؤالاً على طاولة النظام، تتعلق جميعها بأنشطته النووية المرتبطة حصرياً ببرنامجه العسكري ومشروعه لتصنیع قنبلة نوویة، لطالما تهرب النظام من الإجابة علیها عن طریق سياسة المماطلة وتضییع الوقت.

في عام 2015، عندما تم التوقيع علی الاتفاق النووي، بقت تلك الأسئلة دون إجابة نتیجة سياسة الاسترضاء والمساومة التي سادت الغرب وتحديداً الولايات المتحدة، وتقرر أن یقوم النظام نفسه بأخذ عينات من موقعين حددتهما الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتقديمها للوكالة.

لكن الحقيقة أنه لم یتم السکوت عن هذه الأسئلة ولم يتم إغلاق الملف خلافاً لمزاعم النظام، إذ طلبت الوکالة، في یولیو 2019 (الصيف الماضي) مرة أخری من النظام إتاحة إمکانیة الوصول إلی ثلاثة مواقع تشتبه الوکالة بوجود نشاط نووي مشبوه فیها، کما وطالبت النظام بالإجابة على الأسئلة الـ 11.

في البداية اعتقد النظام أنها مجرد غیمة سوداء ستنقشع من سمائه کما انقشعت نظیراتها، وأن بإمکانه تجاوز المحنة عبر المماطلة والتسویف والتملص من الإجابة. علی سبیل المثال، قال إننا أغلقنا ملف هذه القضية في الاتفاق النووي ولن نرد بعد الآن!

لكن رد غروسي في زیارته الأخیرة لطهران جاء مخیباً لآمال الملالي الحاكمين ومخالفاً لتوقعاتهم، فقد قال إن الاتفاق النووي ليس موضوعي وأنا لا أتحدث إليكم في إطار الاتفاق النووي، بل إن واجبي كمدير عام للوكالة، یتطلب مني القیام بالمراقبة علی مستوی العالم لمنع أي دولة من امتلاك أسلحة نووية سراً.

وبالتالي، أدرك النظام أن الأمر مختلف تماماً هذه المرة، خاصة عندما أصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً حاسماً شدید اللهجة، في 19 يونيو من العام الحالي، حذر فیه النظام من أنه سيحيل الملف إلى مجلس الأمن إذا لم يرد على أسئلة الوکالة.

ثلاثة مواقع محددة من قبل الوكالة

بالإضافة إلى متابعتها لقضیة الحصول علی إجابات لأسئلتها المعلقة، طلبت الوكالة تفتيش ثلاثة مواقع في إیران :

  • موقع يتم فيه إنتاج غاز سداسي فلوريد الکبریت وتجارب المصادر النيوترونية، والتي تستخدم في الواقع لصنع القنبلة الذرية، دمره النظام في عام 2004 للتخلص من أدلة الجریمة.
  • موقع يسمى مشروع مریوان، يقع بالقرب من آبادة، حيث تم إجراء تجارب شدیدة الانفجار. هذا المكان دمره النظام أيضاً في عام 2019.
  • موقع لويزان شيان الذي دمر عام 2004.

من بين المواقع الثلاثة المذكورة أعلاه، یحظی الموقعين 1 و2 باهتمام الوکالة، لأنها تستبعد إمکانیة التوصل إلی شيء ما من الموقع الثالث (شيان لويزان)، الذي تم تطهيره عدة مرات من قبل النظام. لذلك، یقتصر الحدیث في بعض الأحيان علی زیارة الموقعین الأولین فقط.

علی أي حال، فقد استسلم النظام هذه المرة ووافق علی تفتیش الموقعين المحددین من قبل الوكالة الدولية، ووعد بالتعاون مع مفتشي الوکالة.

من الواضح أن النظام سيواصل محاولة عرقلة عمل المفتشين بالخداع والتسویف، لكن لا يبدو أن لديه مجال كبير للمناورة في هذا الصدد. أولاً، بسبب وجود قوة ومقاومة في الساحة تكشف، كما في السنوات السابقة، عن خبایا النظام وحیله. ثانياً، تغییر توازن القوى الدولي بشکل کبیر عما کان في عام 2015 عندما تم التوقیع علی الاتفاق النووي.

لذا فإن النظام عالق أكثر من أي وقت مضى في الفخ النووي. فهو من جانب، لا یستطيع التنازل عن مشروعه النووي بالكامل والاستسلام لمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو بالأحری المجتمع الدولي، وبالتالي التخلي عن طموحاته النووية أو ما یعتبره ضمانة استراتيجية بقائه.

ومن جانب آخر، لا یستطيع عصيان مطالب الوكالة الدولية، لأنه سیواجه علی الفور إعادة ستة قرارات لمجلس الأمن، ومن ثم تفیعل آلیة الزناد التي تعمل علیها الولايات المتحدة بإصرار منقطع النظیر.

کما أنه سیخسر أصدقائه الأوروبیین، الذین وقفوا حتی الآن عائقاً أمام تفعيل آلية الزناد. هذه المرة ستقف أوروبا حتماً إلى جانب الولايات المتحدة في إعادة العقوبات کاملة علی النظام. إذن فالأمر بالنسبة للنظام یشبه مفترق طریق خطير تؤدي کل احتمالاته إلى نتيجة ووجهة واحدة.

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة