أخبار إيران

نبذة عن حياة المجاهد الشهيد البطل الآمر هاشم هاشمي

إن ضحيت بنفسي علی هذا الدرب، فلا بأس، لأن فجر الخلاص والتحرر سينبلج وأن شمس الحرية والازدهار سوف تشرق وتسطع علی وطني من خلف الجبال المغطاة بالثلوج. إن البراعم سوف تتفتح والبسمات سوف تظهر علی شفاه المحرومين والمضطهدين، کما إن ستائر الرياء والتضليل والمراوغة سوف تزاح وتسقط، وقيود الأسر والاستغلال سوف تتحطم، والصدق والإخلاص والحنان سوف يعود، فآنذاک، کلنا أحياء ناظرون بعد أن ضحينا بحياتنا جميعًا».

کتب هذه العبارات مجاهد شاب مفعم بالحماس والأحاسيس في عام 1986 بعد انقطاع ارتباطه بمنظمته لمدة 5 سنوات وفي ما بعد تولی وبکل بطولة قيادة عمليات «انتفاضة إيلام» کمجاهد شجاع ومقدام. کان المجاهد الشهيد «هاشم هاشمي» ابنًا بارًا وشجاعًا لأهالي مدينة «أردبيل» (أذربيجان الشرقية – شمال غرب إيران) ولد فيها عام 1963. وکتب هو نفسه في شرح حياته المليئة بالأحداث قائلاً: «ولدت في عائلة متوسطة. کان معاشنا (أبي وأمي وأشقائي الأربعة وشقيقاتي الثلاث) يتم تأمينه بواسطة محل صغير لأبي في مدينة «مغان».

کنت طالبًا في الإعدادية عند ما اندلعت المظاهرات والاحتجاجات الشعبية ضد الشاه. کان طلاب المدارس يؤدون أکبر دور في تنظيم التحرکات الاحتجاجية إبان الانتفاضة ضد الملکية. وفي السنوات اللاحقة أصبح کثيرون منهم أنصارًا لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وقد اعتقل الملالي عددًا کبيرًا من أفراد ذلک الجيل الشاب وأعدموهم رميًا بالرصاص. أنا أيضًا وبقراءة بعض من الکتب النضالية آنذاک ثم السيرة الذاتية لعدد من شهداء المنظمة تعرفت علی منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وشعرت منذ تلک الأيام بأن المکان الوحيد الذي يمکن لي أن أجد الرد علی أسئلتي فهو المنظمة وليس إلا. لقد بدأت بنشاطي السياسي بالمشارکة في المسيرات والاشتباکات مع عملاء الشاه». فهکذا وجد هاشم في تلک الأيام الذي کان يبلغ من العمر 15 أو 16 عامًا هويته السياسية العقائدية علی ساحة النضال الحماسي.

وکان هاشم ابن جيل رفع منذ غداة سرقة خميني قيادة نضالات الشعب الإيراني الرازح تحت ظلم الشاه راية المقاومة وسجّل أجمل ملحمة في التاريخ الحديث لوطننا. وبعد انتصار الثورة المناهضة للملکية عاد هاشم إلی المدرسة الإعدادية واستأنف نشاطاته في هناک. وکتب في هذا المجال يقول: «أخيرًا ذهبت يومًا ما إلی "جمعية الشبان المسلمين" في أردبيل (أنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية) تعرفت هناک علی مجاهد الشعب "محمود يحيوي" الذي أعدمه الملالي رميًا بالرصاص. فمنذ بداية تعرفي علی محمود انبهرت بصدقه وإخلاصه مما غيّر مسيرة حياتي». إن «تغيير مسيرة الحياة» الذي يتحدث عنه هاشم أمر جاد للغاية. لأنه سرعان ما تحول إلی انتخاب. وباقتراح من محمود، تولی هاشم مهمة صعبة، فقبل هاشم بأن يخترق صفوف الشقاوات وزمر الرجعيين الذين کانوا يقودون حملة العصي والهراوات في المدينة وأن يکشف زعماء هذه العصابات. وکانت هذه مهمة صعبة وحساسة کانت تحتاج قبل أي شيء إلی حلم ورحب صدر وافرين.

فتمکن هاشم وبفضل دهائه وذکائه الفائق من إنجاز مهمته. وبسبب ما کانت تتميز به مهمته من الخصائص کان هاشم مضطرًا إلی جعل اتصالاته وعلاقاته مع المنظمة سرية وبأشخاص معدودين. ومن خلال هذه المهمة تمکن هاشم من الحصول علی وثائق هامة للغاية عن قادة الشقاوات حملة العصي والهراوات وتسليمها إلی المنظمة. وبفعل هذه العلاقات امتلأ قلب هاشم بغيظ شديد ضد الرجعيين. وبعد منعطف 20 حزيران (يونيو) 1981 واندلاع الکفاح المسلح ضد نظام الإرهاب الحاکم في إيران باسم الدين ينقطع ارتباط هاشم بالمنظمة بشکل تام، فتصبح علی تقاطع صعب بين الطريقين، إما الإحباط والعودة إلی حياة عادية، وإما مواصلة النضال بشکل أکثر تعقيدًا. فلا يتريث هاشم في اختياره. وکتب هو نفسه في هذا المجال: «بعد 20 حزيران 1981کشفت أن الکفاح المسلح أصبح نهج المنظمة. إلا أن اتصالي بالمنظمة کان منقطعًا.

فقررت بنفسي أن لا أبقی عاطلاً عن العمل حتی تحقق اتصالي بالمنظمة. فبدأت بکشف العملاء حتی أعمل ضدهم بعد تحقيق اتصالي بالمنظمة أو بعد أن وجدت زميلاً لي لأشکل مجموعة. وفي إطار التمهيد وکسب الاستعدادات للقيام بعملية مسلحة أنجزت جميع الأعمال اللازمة. فأنشأت منظومة للتعرف والاستطلاع واستنساخ البيانات وأمثاله بالاستفادة من التوجيهات والتعليمات التي کانت إذاعة «صوت المجاهد» تبثها آنذاک. ولکن مازلت بقيت منقطعًا، کما لم أجد زميلاً لي في المجموعة. ومع ذلک لم أيأس. فبدأت بممارسة النشاط منفردًا وکسبت في ذلک تجارب عديدة». وفي معرض شرحه هذا الجزء من نشاطاته کتب هاشم يقول: «إن العمل مع العمال والمواطنين کان مثيرًا لي جدًا وکان يشحذ عزمي علی مواصلة النضال ضد الملالي.

لقد رأيت بوضوح ما هو الذي يعاني المواطنون منه، حيث کشفت أنهم بحاجة إلی منظمة قائدة رائدة وثورية. وکان الملالي وبدعاياتهم الکاذبة وبث السموم وتشحين الأجواء بحد کبير وواسع يمنعون المواطنين من التعرف علی واقع المنظمة. فلذلک کنت أشعر المزيد من المسؤولية. وخلال هذه الفترة نجحت في تعلم الکهربائيات والتقنية الالکترونية بمطالعة الکتب والمجلات المختلفة حتی فتحت ورشة عمل صغيرة. واستخدمت ما تعملت في ذلک لصنع جهاز مکّنني من التنصت علی المکالمات اللاسلکية لقوات الحرس والشرطة. کما صنعت مرسلة صغيرة قمت بها مرة ببث التشويش علی خطاب خميني الذي کان يبثه التلفزيون. ومرات أخری قمت ببث الأناشيد التي کنت قد سجلتها من إذاعة «صوت المجاهد» عبر مرسلتي بحيث غطت منطقة واسعة. وفي الوقت نفسه سجّلت اسمي في الجامعة المفتوحة وبدأت بالدراسة في فرع اللغات الأجنبية». واستمرت نشاطات هاشم خلال هذه الفترة لمدة 5 سنوات، حتی تمکن أخيرًا وخلال أحد هذه النشاطات الدؤوبة من تحقيق أمنيته بارتباطه بالمنظمة. فمنذ آنذاک ارتدی هاشم ثوب المجاهد وخاض قتالاً ضاريًا ومعرکة شاملة مع الملالي بعد أن حمل السلاح الحارق للظلم والظلام. وفي هذا المجال کتب هاشم يقول: «برغم أنه لم يمر بي يوم إلا ومارست فيه نشاطًا وجهدًا لترويج الکفاح المسلح أو من أجل تحقيق ارتباطي واتصالي بالمنظمة، إلا أني کنت أعرف بوضوح أنه إذا لم أحقق اتصالي وارتباطي بالمنظمة فسوف أتهرأ وأتحول إلی جيفة. کنت أعرف جيدًا أنه وفي مثل هذه الظروف لا يشق طريق النضال إلا السلاح فقط. ولهذا السبب کان سلاح المجاهدين باعثًا الحياة بالنسبة لي، وعند ما أمسکت بأول سلاحي التنظيمي قبّلت به والدمع ترقرق في عيني وأقسمت بذکری الشهداء الذين کنت أعرفهم بأن لا أفارق السلاح أبدًا». وبعد أن کسب تجارب کثيرة في السنوات الماضية يقول: «إن أول خصوصية للنضال السياسي هي کونه أمرًا جماعيًا، فلذلک يجب دفع ثمنه. أي يجب احترام الجماعة والآخرين الذين يراقبون أعمالنا احترامًا عميقًا ومخلصًا. في هذا المجال لي تجربة غالية. فتجنبًا من الوقوع في الحلقة المفرغة للأمور أو دوامة تلقائية للقضايا فوجدت أن الطريق الأمثل هي النقد والنقد الذاتي.

فمن واجب کل مجاهد للشعب أن يکون مسؤولاً أو يتحمل المسؤولية أمام المحاسبات». وکتب أحد رفاقه في السلاح بهذا الخصوص يقول: «لم يکن هاشم ليطلب حصة له مقابل العمل الذي کان ينجزه من أجل الثورة. إنه کان صامتًا ونشطًا وخاليًا من أي ادعاء». وکتب أحد أفراد مجموعته يقول: «لم يکن هاشم يورد أي عمل في برنامجنا إلا وکان نفسه يتحمل ويتولی إنجاز أصعب جزء منه». فبذلک أصبح الجوهر الثوري الجهادي لهاشم يصقل ويصفی خلال مختلف المسيرات المقبلة عليه وسرعان ما جعله مجاهدًا متحملاً المسؤوليات وحازمًا ومقتدرًا. کما تلقی هاشم وبسرعة التدريبات العسکرية اللازمة وشارک في العديد من العمليات ضد العدو اللاإنساني مباشرة. وفي هذا المجال کتب أحد رفاق دربه الذي عمل معه في السنوات المختلفة، قائلاً: «عند ما کُلّف هاشم من قبل قائده بتدريب بعض من الأفراد حديثي العهد، کان حريصًا للغاية علی تدريبهم وتعليمهم کل ما يعلمه وذلک في أقصر مدة. ومع أنه کان من المدربين الکفوئين للتدريبات العسکرية ولکنه لم يکن يعتبر قط أيًا من القضايا والدروس العسکرية منفصلة عن الموضوعات والأمور العقائدية. فلم تکن العقيدة الإيديولوجيا) بالنسبة لهاشم موضوعًا فخمًا کماليًا خاصة للمثقفين. بل الواقع أنه کان يستخدم العقيدة دومًا في العمل الملموس ولمعالجة مشاکله اليومية.

وعلی ذلک فإن جميع أعماله اليومية من النوم والأکل حتی إنجاز مهامه التنظيمية وتنفيذ العمليات التي کان يشارک فيها مباشرة کانت بالنسبة له عملاً واحدًا کلها. لم يکن يهمه طبيعة العمل. کان دومًا يقول: المهم أنه ما إذا کان العمل يصب في مجری إسقاط النظام.کان يردد دومًا بأنه کلما نتساهل مع أنفسنا کلما نتيح الفرصة للعدو ليرتکب مزيدًا من الجرائم».کان هاشم قائدًا جريئًا ومتفانيًا وکان قد استطاع بذات الخصائص الثورية أن ينقذ نفسه وأفراده من أخطار کثيرة. وفي هذا المجال يروي أحد المجاهدين الذي کان يرافقه في مهمة خطيرة قائلاً: «في يوم حار من أيام الصيف توجهنا مع هاشم إلی مهمة. فأصبحنا علی موقع خطير جدًا. بکل جرأة تسلق هاشم من جدار رفيع حتی أشرف علی موقعنا، وبعمليته الجريئة هذه أنقذ جميعنا من خطر جاد…».

وفي الوقت نفسه کان هذا القائد المجاهد الغيور المعطاء انسانًا متواضعًا للغاية. ولکن هاشم البطل سجّل أروع صفحات حياته النضالية في اليوم الحادي عشر من شهر شباط (فبراير) الماضي حيث توجه إلی مدينة إيلام قائدًا لإحدی وحدات المجاهدين العسکرية وقاد سلسلة عمليات أثارت إعجاب الجميع. فلتخلد ذکراه وليکثر سالکو دربه علی مسيرة الثورة حتی النصر. فقرات من وصية الآمر البطل مجاهد الشعب هاشم هاشمي بسم الله الرحمن الرحيم «ومن المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضی نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً» بسم الله وباسم الشعب الإيراني الأبي وباسم مسعود ومريم رجوي أنا هاشم هاشمي ببطاقة الهوية رقم 86157 الصادرة في مدينة أردبيل أکتب رسالتي الأخيرة ووصيتي لاطّلاع جميع الأخوات والإخوان والأصدقاء والمعاريف عليها. إني تعلمت وعرفت طريقة الحياة الحقيقية الإنسانية في المنظمة ومن ثورة مريم. فالآن أری بوضوح أنه کيف هذه الثورة التحررية وباعثة الحياة سوف تزيل غداة الانتصار جميع حالات اليأس والخيبة من قلوب ونفوس أبناء شعبنا المحرومين المضطهدين وسوف تجتث جذورها مثل عاصفة رهيبة وبالتالي ستجلب الشوق والحماس والسرور والسعادة والحياة الحقيقية الإنسانية وستجعل البسمة تعود إلی شفاه النساء والأمهات المضطهدات والمواطنين الرازحين تحت الظلم والفقر والحرمان. … اللهم حمدًا وشکرًا لک علی أن جعلتني في هکذا عهد خطير ومصيري ازدهرت فيه إيديولوجية المجاهدين وراحت تسير لتقضي علی عالم اليأس والخيبة والعدمية وتستأصل الظلم والاستغلال في إيران لتضع حجر أساس عالم جديد… اللهم أشکرک علی کل هذه النعم التي رزقتني بها وجعلتني في مثل هذا العصر المليء بالمسؤوليات فاجعلني أستحق هذه النعم، واغفر لي بکرمک وکبريائک ما مضی علي من حالات غفلتي وتفريطي وثبّت قدمي في سبيلک. تحية لمسعود وتحية لمريم الطاهرة رمز الخلاص والتحرر إلی الأمام لتحقيق المجتمع اللاطبقي التوحيدي

هاشم هاشمي – 22 تموز (يوليو) 1991

زر الذهاب إلى الأعلى