الأربعاء, أبريل 24, 2024
الرئيسيةمقالاتمجاهدي خلق نقيض للتطرف الديني

مجاهدي خلق نقيض للتطرف الديني

0Shares

  في الذكرى السابعة والخمسون لتأسيس منظمة مجاهدي خلق الإيرانية يمكن للمرء أن يحلل قوة المعارضة العريقة في تاريخ بلادنا من وجهات نظر واتجاهات مختلفة، وما سيتم مناقشته في هذا القسم هو الدور الخاص لمجاهدي خلق في مواجهة الأصولية الدينية حيث يمكن القول دون مبالغة أن مجاهدي خلق هم أكبر قوة مناوئة للرجعية في تاريخ إيران المعاصر.

وهذه فرضية لا تأتي عبر إستنتاج وتحليل داخلي لمجاهدي خلق، وإنما سيرة ومسيرة النضال لعقود مضنية هي من تتحدث عن ذلك، فبمجرد إلقاء المهتمين بنظرة على مواقف نظام ولاية الفقيه من خميني إلى خامنئي ونهجهم تجاه مجاهدي خلق تتأكد حقيقة هذه الفرضية.

السلطة الفرعونية هي الشغل الشاغل لخميني وخلفائه

لم يلصق خميني تهمة وبدعة المحاربة بأي تيار سياسي معارض ليتم إعدامه بالتالي كان من الطبيعي أن ينظر إلى مجاهدي خلق كأعداء ويلصق تهمة وبدعة المحاربة بهم قبل أن يحكم عليهم بالإعدام في مجازر إبادة جماعية، ولليوم مفاد حكمه بخصوص مجاهدي خلق ساريا ولم يتم إلغائه.

   حرب خميني مع مجاهدي خلق لم تكن على الإسلام منذ اليوم الأول وستبقى على هذا الحال، وإذا تصورنا ذلك فيجب التأكيد بالقول أن الخلاف لم يكن على القبلة والوضوء وعلى الإسلام الملجأ والملاذ، وبالتالي فإن مشكلته لم تكن أبدا متعلقة بالدين وبالله والنبي.

فقد وضع كل شيء ونظر إليه في إطار سلطته الفرعونية وألصقها بـ"الإسلام" كإسم مستعار لسلطانه الفرعوني! ودعونا ننتبه إلى كلماته التي هي من موقع سلطة لمعرفة هذا الادعاء:" هل ترون بعض الأحزاب المنحرفة إننا لا نعتبرها جزءا من المسلمين، ولكونها ليس لديها انتفاضة مسلحة، وكل ما لديها خطابات سياسية فقط فهي حرة ولديها صحيفة تعمل بشكل حر، ولكن اعلموا بأننا لسنا هكذا في عداوة مع الأحزاب والجماعات الأخرى"(صحيفة خميني، المجلد 14).

مجاهدي خلق والأصولية الدينية، طرح ونقيض

لو كان مجاهدي خلق على استعداد لتصويب دستور خميني والاعتراف بولاية الفقيه بشكل رسمي، لفُتِحت لهم أبواب السلطة؛ لكن الدجال الكبير كان قد أدرك منذ عهد الشاه أنه ووفقا لأيديولوجية مجاهدي خلق لن يكون هناك مكانا لأعضاء الملالي الرجعيين لاستعراض أنفسهم وعملية الإنتهازية، ولهذا استهدف مجاهدي خلق منذ البداية.

ويقول حكامه المناهضون لشريعة الله مستشهدين بفتواه "مجاهدي خلق مرتدون وأسوأ من الكفار وليس لديهم إحترام للنعمة ولا حتى إحترام للحياة" وهذا يعني أن تدنيسهم وهتك حرماتهم وسفك دمائهم ونهب ممتلكاتهم جائز ومسموح به في شريعتهم الرجعية، وأما شرع الله فقد خرجوا عنه.

وما حكم خميني هذا إلا وثيقة شرف لمجاهدي خلق إذ يبريهم وينزههم من رجس الرجعية والأصولية.

"إذا توفرت لدي فرصة واحدة من ألف فرصة لتخليك عما تريد القيام به فسأكون على استعداد للاتفاق معك وسأحضر إليك، ولن تضطر إلى القدوم إليّ "(نفس المصدر).

لذلك فإن العلاقة بين خميني ونظامه نظام ولاية الفقيه مع مجاهدي خلق كانت ولا تزال هي العلاقة بين الأطروحة ونقيضها يعتمد وجود أحدهما على نفي الآخر، ومجاهدي خلق لا يعارضون ويرفضون الهيكل السياسي والمؤسسات التي تم تشكيلها بما في ذلك السلطات الثلاثة للحكومة والحرس فحسب بل هم في صراع جوهري مع ولاية الفقيه، وحرب مجاهدي خلق الأولى والأخيرة ضد هذا النظام هي على حرية الشعب وسيادته.

الحرب لأجل الحرية وسيادة الشعب

لا يريد مجاهدي خلق إسقاط هذا النظام فقط، وإنما القضاءعليه ونهجه وطريقة تفكيره وطبيعة وجوده، وإستئصال جذوره من الوجود، وطبيعة وجود هذا النظام ليست إلا ولاية الفقيه المعادية لإيران.

وإذا لم يكن نضالنا باتجاه هذا الاستئصال فنحن إذن نؤمن بالإصلاح وإعادة تدوير هذا الحكم إلى حد ما، ومن هذا المنطلق لا يمكننا تحمل مواجهته حتى النهاية، ودعونا نلقي نظرة على مصير مختلف التيارات التي كانت في إيران بعد الثورة المناهضة للملكية، ولماذا لم يتمكنوا من الإستمرار في مواجهة شر ولاية الفقيه.

 والحقيقة هي أن مواجهة هذا الشر تطلبت أولا عقيدة ومبادىء مثالية ثورية، وثانيا تتطلب عملا وتضحية لتحقيق هذه المبادىء، والثمن الذي دفعته تنظيمات مجاهدي خلق كانت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى في المسيرة السياسية من أجل الدفاع عن مبادىء وعقيدة الحرية.

لذلك ، كانت المشكلة الأولى والرئيسية لهذه التيارات هي الافتقار إلى القدرة الأيديولوجية اللازمة لتحديد ومواجهة الأصولية الدينية والاستعداد الى دفع ضريبة ذلك، وكان هذا التحديد ولا يزال لأجل الدفاع عن الحريات الديمقراطية وسيادة الشعب قبل كل شيء.

مجاهدي خلق نقيض للتطرف الديني

عندما نقول أن مجاهدي خلق هم ترياق السم المضاد للأصولية الدينية فإننا نقول ذلك من خلال التركيز على المحاور التالية:

1- استطاع مجاهدي خلق من خلال إمتلاكهم لمفاهيم ورؤية تقدمية وديناميكية مضادة للرجعية عن الإسلام أن يقدموا جهازا نظريا وفكريا رصينا رسم حدودا لا يمكن  للنظام الرجعي الحاكم اختراقها بأي شكل من الأشكال، وقطع طريق على التشويه والدجل وسوء الإستفادة الشنيعة لدين الإسلام.

وتنفي هذه الرؤية أي نوع من الاستغلال تحت أي ذريعة أو مبرر، وكذلك فإن الدفاع عن الحرية والتعددية هو نتاج نتاجها سياسي لبرنامج المواد العشر للسيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الايرانية من أجل غد إيران الحرة.

2- يسعى نظام الملالي التوسعي إلى نشر وتنمية الأصولية تحت عنوان "تصدير الثورة"! ولم يخف أبدا سعيه إلى لعب "دور المستشار" أو أي شعارات أخرى مثل " فتح القدس باحتلال كربلاء"أو"الدفاع عن الحضرة الزينبية".

من ناحية أخرى كشف مجاهدي خلق هذه السياسة المعادية لإيران والإرهاب المستشري الناتج عنها خطوة بخطوة مما منع الاصولية الدينية في إيران من نشر أسلحتها وبرامجها الشبيهة بالأخطبوط لإبتلاع والتهام الدول الإسلامية في المنطقة.

3- قضاء آلاف الساعات من العمل القذر الذليل والضحل، وتم تدمير مشروع تخصيب اليورانيوم على رأس هذا النظام الذي لم يكن له هدف سوى صنع قنابل نووية، ولقد وصل إلى نقطة لا يستطيع فيها التخلص تماما من برجام الذي لم تعد فيه حياة، ولا يمكنه إحيائه.

4- الأصولية وكراهية النساء وجهان لعملة واحدة، ولقد مهد مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية من خلال اسنادهم لسلسلة من النساء القياديات الثائرات على طريق تحرير المرأة الإيرانية، ويمكن الآن رؤية قيادة النساء والفتيات الشُجاعات في الاحتجاجات والانتفاضات وممارسة أدوارهن في وحدات المقاومة.

5- نقطة مهمة وأخيرة:" تجتاح الشعب حالة من الكره والحقد المقدس ضد الإستعباد والاستبداد والظلم القهر الذي يمارسه النظام الفاشي مما يخلق ويزيد من الدافعية الى ذلك الكره والحقد والرفض، بالإضافة إلى ذلك فهناك في حركة المقاومة الإيرانية قوة دافعة أقوى وأعلى وهي قوة حب الحرية".

 وبحسب قول السيدة مريم رجوي: "إن الحركة التي تقف في وجه هذا النظام يجب أن تكون بالضرورة من الجنس الآخر، وبما أن الرجعيين الحاكمين بطبيعتهم معادون للإنسان فإن مقاومتنا يجب أن تدافع أولا وقبل كل شيء عن كرامة الإنسان.، "ولأجل  هذا الجوهر البشري يُفتح الطريق بالُحب" (محاضرة للسيدة مريم رجوي في دورتموند، ألمانيا 16 يونيو 1995)

***

   وبهذه الأوصاف الموجزة هل توجد قوة أخرى في تاريخ المعاصر تتمكن من الوقوف بكل ثباتها وشموخها في وجه الأصولية الدينية حربا بحرب، وإذا اخذنا بعين الإعتبار عدم وجود هكذا قوة فمن المؤكد بقاء السلطة الدينية في الوطن لعقود طويلة أو قرون دون وجود أي مقاومة في وجهها.

وتبقى منظمة مجاهدي خلق نقيضًا للتطرف الديني الحاكم في إيران، وشعلة صمود وتضحية في تاريخ إيران المعاصر.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة