الجمعة, أبريل 19, 2024
الرئيسيةأخبار وتقاريرتقاريرتكتيكات «الحرب النفسية» لوزارة مخابرات النظام الإيراني (الجزء الثاني)

تكتيكات «الحرب النفسية» لوزارة مخابرات النظام الإيراني (الجزء الثاني)

0Shares

 في الجزء الأول، تطرقنا إلى تزامن تسارع وتيرة القمع ضد مجاهدي خلق لكون الأخير هو الندّ الوحيد لنظام الحكم المؤسس من قبل خميني مع زيادة الحرب النفسية ضدهم، لأن هذا المدى من القمع كان بحاجة إلى إيجاد أرضية تضفي لها طابعا شرعيا ومقبولا أمام المجتمع وتتستر على الجرائم وتخفيها.
وفي هذا الجزء نلقي نظرة عابرة على «تأريخ استخدام الحرب النفسية في نظام ولاية الفقيه» في مختلف المراحل ومطالع توجيه التهم ضد مجاهدي خلق استنادا إلى المصادر الحكومية:
1ـ استخدام الحرب النفسية من قبل الملالي لقمع مجاهدي خلق في أعوام 1979 حتى 1981:
في خضم الثورة المناهضة للملكية كان الشباب الثوريون في الوطن قد أطلعوا بشكل واسع على الأفكار المعاصرة بنهج حديث ومغزى ديناميكي لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية وكذلك على خلفية النضال اللامعة والتضحية الفريدة التي أبداها مجاهدو خلق خلافا لأنصار خميني في أظلم السنوات والأيام بحكم الشاه في ساحة النضال ودهاليز غرف التعذيب لنظام الشاه، تسبب في اتساع نطاق الموجة الواسعة لإقبال المواطنين عليهم مما تجسد في انضمام الدارسين والمثقفين والشباب والنساء في إيران بشكل فريد إلى هذه الحركة التقدمية. كما لم يكن لدى الملالي العائدين إلى قرون الظلام ممن لم يكونوا ثوريين إطلاقا ولم ولا يحملون سوى عقائد متخلفة ورجعية ومتحجرة عائدة إلى العصور السابقة، كلام جاذب أمام مجاهدي خلق. إنهم ظهروا في مقاليد السلطة على سبيل الصدفة جراء مؤامرة استعمارية ولذلك ومنذ البداية شعروا بفنائهم التأريخي عندما واجهوا هذا المدى من الإقبال على مجاهدي خلق وساورهم الخوف مما يمكن مشاهدته في الخطط الرامية إلى قمع مجاهدي خلق. وقال علي‌أكبر هاشمي رفسنجاني الذي كان المسؤول الأبرز في الحكومة بعد خميني فيما يتعلق بهذه القضية:
ـ «لا بد من تطبيق الأوامر الإلهية بحقهم: 1ـ يقتلون 2ـ يعدمون شنقا 3ـ تقطع أيديهم وأرجلهم 4ـ إزالتهم من المجتمع … ولو قمنا باعتقال 200منهم وإعدامهم آنذاك (المقصود أوائل الثورة)، لما زادت أعدادهم» (هاشمي رفسنجاني ـ صحيفة اطلاعات الحكومية ـ 3تشرين الأول/ أكتوبر 1981).
كما كان هاشمي رفسنجاني (رئيس مجلس شورى النظام في حينه) خلال السنوات الأخيرة قد أوضح القاعدة الشعبية لمجاهدي خلق خلال ذكرياته عن تلك الأيام كالتالي:
ـ «هل كان قليلا؟! نزل 500ألف شخص إلى الشوارع حيث كنا محاصرين في المجلس …» (وكالة أنباء إيسنا الحكومية ـ 20 يونيو/حزيران 2012).
هاشمي رفسنجاني

 

وبشأن اتساع نطاق القاعدة الشعبية التي كانت مجاهدي خلق تحظى بها تلك الأيام قال جلاد مجرم من أزلام الملالي يدعى عزت شاهي وهو من قادة مؤسسات التعقب والمطاردة ضد مجاهدي خلق تحت عنوان «لجان خميني»:
ـ «وخلال الأيام الأولى بعد الثورة … كانت معتقدات وأفكار هذه المجموعة تشد انتباه الشباب وبالتالي كانت النسبة الأكبر ممن انجذبوا إلى هذه المجموعة هم من الطلاب الجامعيين والتلاميذ كما كان الوضع في الدوائر نفس الحالة. وعلى سبيل المثال إذا ما كانوا يعقدون تجمعا، فكانت جماهير غفيرة تحتشد بينما إذا كان من المقرر أن يلقي رجل دين خطابا، فلم تحتشد مثل تلك الجماهير» (عزت‌الله مطهري أو عزت شاهي ـ صحيفة جوان المحسوبة على قوات الحرس ـ 15شباط/ فبراير 2018).

عزت‌الله مطهري

 

وفي ذكرياته يشير الملا المجرم والجلاد علي رازيني الذي تقدمه وكالة أنباء قوة القدس الإرهابية تحت عنوان «من العناصر المفتاحية لكنز الأسرار في الثمانينات» عند حواره مع وكالة الأنباء هذه، إلى علامة دالة على مدى تأخر الملالي إزاء مجاهدي خلق في جذب الشباب في السنوات الأولى بعد الثورة وقال:
ـ «[حوالي عامي 1980،1981]… وبعدما ذهبت إلى مدينة بجنورد حيث قال لي أفراد مطلعون من العناصر الثقافية والناشطة في المدينة: ”سعادة الحاج، الظروف هنا متدهورة“! وقدموا لي إحصاءات قاضية بأن 80 إلى 90 بالمائة من الشباب هم تابعون للمجموعات وما يتراوح بين 10 إلى 20 بالمائة هم من أنصار حزب‌الله ممن لا يشكلون أخطارا … وبدأنا بمحاكمتهم ومتابعة ملفاتهم. وعندما قمنا بمحاكمتهم قلبت الطاولة لأننا كنا معتمدين على تصريحات الإمام وبهشتي المرحوم وقدوسي المرحوم وكنا نمضي قدما في أمرنا دون تردد» (وكالة الأنباء التابعة لقوة القدس المسماة بتسنيم ـ 
2تموز/ يوليو 2017). 

خميني الدجال

 

وكان خميني الدجال مؤسس حكم الولاية المطلقة للفقيه والمحافظ الرئيسي لخلافته قد أذعن خلال كلمة ألقاها يوم 25حزيران/ يونيو 1980 بإقبال الشباب على معتقدات مجاهدي خلق وتأخره تجاههم وقال: 
ـ «إنهم تمكنوا من خداع شبابنا الطيبين والسذج من خلال دعاياتهم بشكل محترف جدا. وأن تنتبه هذه الأمة حتى لا تنخدع من هؤلاء الذين يتشدقون بالإسلام. وانظروا إلى أعمالهم. انظروا إلى الذين يؤكدون على ”الإسلام“هل تنسجم أعمالهم مع ذلك أو يختبئون تحت يافطة ”الإسلام“ لتقويض الإسلام. ولعل قطاع الطرق يطلقون على أنفسهم عنوان الإسلام ولكنهم يسلبون ويسرقون. ينبغي أن لا ننخدع إزاء الأسماء وننتبه ماذا يفلعون ونلقي نظرة على سجلاتهم ومضمون الكتب التي ينشرها هؤلاء وما الذي يعلنون عنه في دعاياتهم. ولا يكفي مجرد القول والزعم بأنني مسلم. والآن يدعي الكل أننا مسلمون وأنا ثوري ولا أحد ليقول أنا لست ثوريا ويدعي كل واحد أنني صنعت الثورة» (المجلد 12 لصحيفة خميني من الصفحة 456 حتى 472).

عجز خميني

 

وهكذا عجز خميني والمديرون في نظامه عن مواجهة حالات التقدم الديمقراطي  لمجاهدي خلق التي كانوا يقيمونها منافسا لهم وطبقا لمعتقداتهم المتخلفة ووجدوا الحل الوحيد في القمع المنظم وتصفية وإبادة مجاهدي خلق. ولأجل ذلك نظم الحزب «جمهوري» تحت قيادة بهشتي الذي كان من المقربين من خميني عصابات مكونة من البلطجيين وأصحاب الهروات من صفوف قوات الحراس وعناصر اللجان في تلك الفترة لكي يهجم هؤلاء بالزي المدني وتحت عنوان «الأمة الحاضرة في الميدان دوما» أو «حزب‌الله» على مراكز الدعاية وتجمعات مجاهدي خلق بالساطور والسكين وذلك  باسم وهمي «الأمة». وكانت فضحية وخزي البلطجين وأصحاب الهراوات التابعين لحزب «جمهوري» حيث كانت مجاهدي خلق تكشف عنها يوميا وذلك بعد اجتماع ضخم لمجاهدي خلق في ملعب أمجديه بطهران عقد بجواز رسمي من وزارة الداخلية، ذهبت ماء وجه خميني إلى حد كبير. وكانت عناصر قوات الحرس التابعة له قد استخدمت الأسلحة. وتسبب هذا الخزي في خلق مشكلات حتى داخل النظام نفسه حيث اضطر أحمد نجل خميني إلى إدانة الأعمال الهمجية لأصحاب الهراوات وعناصر قوات الحرس في الصحف. وفي مجلس الشورى المؤسس حديثا 20نائبا أصدروا بيانا أدانوا فيه البلطجية والهجوم على تجمع أمجديه. وكان ذلك يعتبر بمثابة رسالة خطيرة للعزلة بالنسبة لخميني. ولمواجهة هذه الفضيحة وتمهيد الطريق النهائي لقمع مجاهدي خلق استخدم خميني أداة الحرب النفسية إلى حد أكبر ومن خلال تسميتهم بالتكفير و«المنافقين» مهد الأرضية النفسية لخطة الإبادة الجماعية لمجاهدي خلق. وبهذه «التهمة الدينية» الثقيلة كانت أجواء هسترية تختلق بين أكثر العناصر التابعة له تخلفا واستباحة ارتكاب الجريمة ضد مجاهدي خلق. وكان قاض للشرع تابع لخميني في مدينة بم كان قد أذعن في تلك السنوات خطيا أن خميني وفضلا عن كلمته المعلنة، أصدر فتوى تقضي بأن القضاء على حياة وأموال مجاهدي خلق حلال وأبلغ عناصره التابعين بها:
ـ «بأمر من الإمام خميني يعد مجاهدو خلق هم مرتدين وأسوأ من الكفار. لا حرمة لهم في الأموال ولا في الأنفس. إذن على المحكمة الثورية الإسلامية أن لاتعتبر شكواهم بمحمل الجد.» (نسخة من فتوى صادرة عن خميني كتبه بخط يده، نشرتها جريدة مجاهد رقم 103 في 30كانون الأول/ ديسمبر 1980).

إصدار الايعازات

 

وفضلا عن إصدار الايعازات من وراء الكواليس كان خميني يجند قواته نفسيا بأوسع صورة ممكنة من خلال الاحتيال والغش ضد مجاهدي خلق. وبعد التجمع التأريخي المذكور لمجاهدي خلق في ملعب أمجديه والذي كان ينتقد سياساته القمعية ظهر خميني إلى الساحة بسلاح الحرب النفسية وقال:
«… يثيرون الضجات أنفسهم ويصرخون. ويهجمون على الآخرين ويضربونهم ويصرخون مرة أخرى. وهذا مسار يتبعه هؤلاء، بمعنى أنهم يعملون بطريقة تمنعكم من المضي قدما في أمركم. ولا يسمحون بجمع محاصيل المزارعين وفي نفس الوقت يصرخون أننا نضحي من أجل الأمة.
… نلاحظ قضية تحدث في أمجديه، تثار ضجات وللأسف شبابنا غير مطلعين على ما يفعله هؤلاء … يتصورون أن القضية هي بلطجية ومتظاهر، وهل حقا هذه هي المسألة؟ لا، ليست القضية بهذا النحو … إن هؤلاء هم الذين يحرقون محاصيل المزارعين بعدما يجمعونها، والآن يواصلون في ذلك وإذا ما لا يتم الحفاظ عليه بشكل صحيح، فيحرقون كل المحاصيل» (كلمة أدلى بها خميني علنا ـ 25حزيران/ يونيو 1980).

«الحرب النفسية»

 

وهكذا ومن خلال «الحرب النفسية» و«التشهير والتسقيط» و«إطلاق الأكاذيب» ضد مجاهدي خلق من قبل الحكوميين بشكل متواصل ومسعور، أرسى خميني دعائم أدت في نهاية المطاف إلى الإبادة الجماعية ومجزرة مجاهدي خلق والمعارضين والموجة غير المسبوقة للإعدامات الخارجة عن القانون بعد 20حزيران/ يونيو 1981.

 

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة