الخميس, أبريل 25, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانتقرير .. مراقبة الإنترنت والتحكم فيه في إيران

تقرير .. مراقبة الإنترنت والتحكم فيه في إيران

0Shares

بعد أشهر قليلة فقط من وصول خميني ونظام الملالي للسلطة بدأت مراقبة الصحف ووسائل الإعلام وكبتها، حيث أن نظام ولاية الفقيه المؤيد لسياسة الاحتكار لم يكن لديه القدرة على الإطلاق على قبول وجهات النظر والآراء الأخرى، وتبنى سياسة البلطجة وقمع التجمعات.

ومع دخول الإنترنت وشبكات الفضاء الإلكتروني في عالم الاتصالات، وصلت رقابة الصحف ووسائل الإعلام إلى ذروتها، ولاسيما في سياق الاحتجاجات الاجتماعية والانتفاضات وزادت بشكل عنيف.

وبدأت الرقابة الأولى على الفضاء الإلكتروني تلبية لأوامر خامنئي في عام 2002، حيث تم إغلاق 450 مقهى على الفور في طهران وحدها.

وفي عام 2004، تم إغلاق المقاهي في إيران وإغلاق مكاتب مقدمي خدمات الإنترنت من القطاع الخاص وإدماجهم بالفعل مع مقدمي الخدمات الرئيسيين الذين يخضعون لنفوذ وزارة الاستخبارات.

وفي عام 2009، بدأت موجة جديدة من مراقبة الإنترنت تزامنًا مع الانتفاضة الشاملة في جميع أنحاء البلاد في نفس العام.

وتمت تصفية العديد من الشبكات الاجتماعية الشهيرة، مثل الفيس بوك  واليوتيوب . وبدأ شن هجوم إنترنتي على مواقع المعارضين.

وفي أكتوبر 2011، حظرت وزارة الاتصالات من استخدام أجهزة التحايل على الرقابة على الإنترنت واستخدام شبكة اتصالات خاصة قائمة على الشبكة العامة ( VPN)، وفي نفس العام، تم تشكيل شرطة الفضاء الإلكتروني (فتا).

طرق الرقابة في مجال الفضاء الإلكتروني

قبل بضع سنوات، نشرت إدارة مراقبة تداخلات الشبكة في تقريرها نتائج أبحاثها على الإنترنت في إيران، في فترة ثلاث سنوات ممتدة من 2014 حتى 2017. ونتيجة هذا التقرير جديرة بالاهتمام إلى حد بعيد.

إذ يفيد هذا التقرير أنه تم حظر ما يقرب من 900 نطاق أو مجال إنترنتي وأكثر من 1000 محدد مواقع المعلومات (URL) أو عنوان إنترنتي في إيران.

والنقطة الجديرة بالاهتمام هي أن أكثر من 500 نطاق من هذا العدد يتعلق بالمواقع الصحفية والسياسية والاجتماعية وحقوق الإنسان.

وقام نظام الملالي بتصفية منصات التدوين الرئيسية، مثل وردبرس وبلوغر وبلاج سبات أو الشبكات الاجتماعية التي تسمح للأشخاص بتبادل الأفكار ومشاركة وجهات النظر مع بعضهم البعض. 

كما تم في إيران تصفية محركات البحث مثل جوجل وداك داك جو التي تسمح بالبحث عن المحتوى على الإنترنت، ويكاد يكون من المستحيل تحقيق الاستفادة الأمثل من الإنترنت بهذه الكمية من المعلومات التي يحتوي عليها بدون محرك بحث جيد.

وفي هذا الصدد، يلقي هذا الإحصاء الضوء على الهدف الرئيسي لنظام الملالي من التصفية، والحيلولة دون حصول الناس على أي معلومات أو اتصالات تخترق ديكتاتورية ولاية الفقيه من الداخل.

ما هي المؤسسة أو المؤسسات المعنية بالرقابة؟

تحتكر شركة إيران للاتصالات (TCI) مدخلات الإنترنت في إيران. ووزارة الاتصالات هي المعنية بإدارة هذه الشركة. كما أن هذه الشركة تمتلك الشركة الإيرانية لبيانات الإنترنت (DCI)، وهي الجهة الرئيسية التي تقدم الإنترنت في إيران.

وبعد أن قرر نظام الملالي في عام 2007 خصخصة شركة الاتصالات الإيرانية، اشترت قوات حرس نظام الملالي 50 في المائة من أسهم هذه الشركة. وعندما احتكرت قوات حرس نظام الملالي هذه الشركة مكنت نظام الملالي من مراقبة الإنترنت بسهولة وتطبيق التصفية الفعالة.

هذا وتم إضفاء الطابع المؤسسي على قمع حرية التعبير في قانون نظام الملالي. وتم استخدام كلمات مبهمة في دستور هذا النظام الفاشي وقانون العقوبات وكذلك في قوانين الصحافة، مثل تهديد الأمن القومي أو التناقض مع الشريعة الإسلامية.

والجدير بالذكر أن هذه الكلمات تمكن السلطة القضائية في نظام الملالي من إعطاء غطاء قانوني على قمع حرية التعبير. كما أن حكومة روحاني قدمت خطة جديدة لقانون الصحافة في عام 2016، تنطوي على المزيد من القيود على حرية التعبير وأعطت للقضاة في نظام الملالي مساحة أكبر لقمع المنشورات والصحفيين داخل نظام الملالي نفسه. 

كيف يعمل نظام الفلترة في نظام الملالي؟ 

يعد نظام التصفية في نظام الملالي أحد أنظمة التصفية الأكثر تعقيدًا في العالم، وبمرور الوقت قام نظام الملالي بتطوير تقنيات التصفية الخاصة به.

وكان أسلوب نظام الملالي في المراقبة منذ البداية ينطوي على إصدار الأوامر للجهات التي تقدم خدمات الإنترنت بتصفية بروتوكولات الإنترنت ( IP ) والكلمات الرئيسية المحددة. وبعد ترقية الإنترنت ووجود مواقع متعددة على خادم واحد تحت بروتوكول إنترنت واحد ((IP، قام نظام الملالي بترقية نظام المراقبة الخاص به من تصفية بروتوكول إنترنت واحد IP)) إلى مراقبة مجالات أو نطاقات الإنترنت، بحيث أنشأ قائمة سوداء بالمواقع أو محددات مواقع المعلومات (URLs) المسموح لها بالاتصال بهذه المواقع، وفي الوقت نفسه منع وصولها إلى المواقع الأخرى عن طريق تقنيات مختلفة. 

فعلى سبيل المثال، يقوم بحذف الحزم المرسلة أو إرسال الشخص إلى بروتوكول إنترنت IP)) غير صحيح. حتى في الحالات الحساسة، فإنه يحظر تمامًا بعض بروتوكولات الإنترنت IPs)) مثل نظام TLS أو SSH المطلوبان للاتصال الآمن. حتى أنه يسمح باستخدام القائمة البيضاء لمواقع محددة فقط، ويمنع الوصول إلى المواقع الأخرى.  

ويقوم نظام الملالي في عملية التصفية الخاصة به بإغلاق بعض المواقع تمامًا، والاستمرار في إغلاق وفتح بعض المواقع الأخرى. فعلى سبيل المثال، يغلق مرة جوجل ويفتحه مرة أخرى.

ويتبع نظام الملالي هذا الأسلوب لأن التصفية الخاصة به ليست مرموقة للغاية. وخلاصة القول أن العامل لا يعرف على وجه اليقين فيما إذا كان قد تم تصفية الموقع من عدمه، وبالتالي يُحدث حالة من الالتباس والغموض.  كما أن خطة الشبكة الوطنية تعد جزءًا من جهود نظام الملالي للرقابة على الإنترنت والسيطرة عليه. 

خطة الإنترنت الوطنية (شما) وتاريخها ومنحى تطورها

تم اقتراح الشبكة الوطنية للمعلومات لأول مرة في عام 2005. وفي ذلك الوقت، أُعلن أن الهدف من تطوير هذه الشبكة هو تقليص الاعتماد على شبكة الإنترنت العالمية.

وتم تصميم هذه الشبكة بحيث يتم استكمال الإنترنت الوطني على ثلاث مراحل بحلول نهاية عام 2015.

o ففي المرحلة الأولى، يتم فصل الإنترنت المحلي عن الإنترنت العالمي.

o وفي المرحلة الثانية يتم نقل جميع المواقع الإيرانية إلى خوادم محلية، تم تصميمها على أن تكتمل بحلول عام 2013.

o وفي المرحلة الأخيرة من هذا المشروع يتم تشكيل إدارة محلية للإنترنت الوطني وتمكين الفاعلين المحليين من التحكم الكامل. 

واستنادًا إلى مركز أبحاث هارفارد، فإن الحكومة الإيرانية استثمرت ما يربو عن 6 مليارات دولار في تشغيل الإنترنت الوطني. ويعد هذا المشروع  أكبر مشروع في مجال الاتصالات في تاريخ إيران.

وتهدف الحكومة من وراء شبكة الإنترنت الوطنية إلى تقليص تكاليف الإنترنت العالمية، وتوفير الاتصال الأكثر أمانًا لفروع منظمة أو شركة ما بسرعة فائقة، وعرض النطاق الترددي المرتفع بتكلفة منخفضة، والمزيد من الأمان للمعاملات المصرفية واستدامة الاتصالات المحلية في حالات الطوارئ عند انقطاع الاتصال بالإنترنت العالمي.

بيد أنه لم يتم تحقيق أي من الأهداف المشار إليها بعد استثمار مبالغ فلكية ومرور أكثر من 14 عامًا منذ بدء هذا المشروع. 

والجدير بالذكر أن هذا المشروع ينطوي على نقاط ضعف أساسية. فعلى سبيل المثال، عندما قطعت الحكومة الإنترنت العالمي على المواطنين لمدة 5 أيام أثناء انتفاضة نوفمبر 2019، ومن بينها محرك بحث جوجل، لم يستجيب محركي البحث المحليين الرئيسيين يوز وبارسي جو اللذان قال مركز أبحاث هارفارد أن نظام الملالي أنفق 1,5 مليار دولار لتشغيلهما، وكان على المستخدمين كتابة نطاق الموقع الذي يريدون زيارته بأنفسهم.

وحتى الآن، يقدم الإنترنت الوطني الإيراني بعض الخدمات مثل التطبيقات الوطنية مثل آي جاب وسروش وبيسفون،  والبريد الإلكتروني المحلي مثل ميهن ميل وميل فا، بيد أن جميع هذه المنابر تعاني من مشاكل فنية أساسية.

رد فعل الناس على الرقابة على الإنترنت

بذل الناس قصارى جهدهم طوال كل هذه السنوات لمواجهة قيام نظام الملالي بتصفية الإنترنت ومراقبته، وفي كل مرة يبتكر فيها نظام الملالي عائقًا جديدًا لحرية الوصول للإنترنت يتغلب عليه الناس باستخدام تقنية جديدة أيضًا. 

ومن الأمثلة على ذلك:

عندما أُغلقت شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك في أعقاب انتفاضة 2009، لجأ الناس مباشرة إلى استخدام توتير. وحتى ذلك الحين، لم تكن شبكة تويتر الاجتماعية معروفة جيدًا، ونتيجة لانتفاضة 2009 في إيران عُرفت شبكة تويتر على نطاق واسع.

والمثال الآخر يتجسد في أنه بعد إغلاق المواقع المعارضة لنظام الملالي في العقد الأول من الألفية الثانية، لجأ الناس على نطاق واسع إلى استخدام أجهزة التحايل على الرقابة على الإنترنت وشبكة الاتصالات الخاصة القائمة على الشبكة العامة  ((VPN . وعندما تمت تصفية تطبيقات واتس آب وفايبر في أوائل العقد الثاني من الألفية الثانية، لجأ الناس إلى استخدام تطبيق تلجرام الحديث الإنشاء في ذلك الوقت. 

وبعد تصفية تطبيق تلجرام بشكل كامل في عام 2018، لجأ الناس إلى استخدام بروكسيهات Mtproto  للتغلب على هذه الرقابة. والحقيقة هي أن أمثلة مواجهة الشعب وعدم قبوله لسيطرة الملالي على الفضاء الإلكتروني ومراقبته وعدم الاستسلام له قديمة قدم  الرقابة الحكومية نفسها.

ومن الطرق الأخرى لمواجهة الناس لرقابة نظام الملالي هي عدم استخدام الأدوات البديلة التي اخترعها هذا النظام الفاشي وطرحها على الجمهور. 

فعلى سبيل المثال، بعد انتفاضة عام 2018، حاول نظام الملالي أن يقدم للناس التطبيقات التي صنعها بديلًا عن تطبيق تلجرام، بيد أن الناس واجهوا مراقبة نظام الملالي بمقاطعة هذه التطبيقات، وأثبتوا أنهم لن يستسلموا لهذه الرقابة المجحفة. 

وبطبيعة الحال، حريٌ بنا أن نشير هنا إلى جانب آخر من مواجهة الإيرانيين لرقابة نظام الملالي، ألا وهو التضحية بالنفس في النضال ضد هذا النظام الفاشي. 

فقد تم التعرف على العامل المدون، ستار بهشتي واعتقاله بسبب محتوى ما يكتبه من مواضيع على الإنترنت، ثم تعرض للتعذيب  على أيدي المحققين البربريين في هذه الحكومة الفاشية وفقد حياته، أو سهيل عربي الذي اعتقل تحديدًا بسبب كتابة مقالات مناهضة لقوانين الملالي المتعلقة بالمراقبة ومازال في السجن منذ سنوات عديدة. وهناك العديد من هذه الأمثلة.

لذلك، من الواضح وضوح النهار أن عدم الاستسلام ومواجهة الرقابة والتصفية التي تتبناها ديكتاتورية الملالي في الفضاء الإلكتروني ما زال مستمرًا بتكلفة فنية عالية والتضحية بالنفس. 

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة