تقارير ووثائق عن المجازر الجماعية بحق30 ألف سجين سياسي في إيران عام 1988بأمر مباشر من خميني
الفتوى الصادر من قبل خميني بقتل اعضاء مجاهدي خلق في سجون النظام
وأجاب خميني علی استفسار قدمه عبدالکريم موسوي اردبيلي رئيس السلطة القضائية آنذاک عقب اصدار هذه الفتوی عن بعض مما ورد في الحکم وذلک عبر احمد نجل خميني، وهو هل هذا الحکم يشمل الذين کانوا في السجون وسبق أن تمت محاکمتهم وحکم عليهم بالإعدام دون أن تتغير مواقفهم ولم يتم تنفيذ الحکم عليهم بعد؟ أم يشمل حتی الذين لم يحاکموا بعد أو حکم عليهم بالسجن لمدد قصيرة؟ وکان ردّ خميني مروّعًا: «بسمه تعالی- في جميع الحالات المذکورة أعلاه وبصرف النظر عن الملف فأي شخص کان يصر علی تعاطفه مع المنافقين (مجاهدي خلق) ليحکم عليه بالإعدام…أبيدوا أعداء الإسلام بسرعة وبخصوص مثل هذه القضايا عليکم أن تعتمدوا أسلوب تنفييذ الحکم في أسرع وقت». التوقيع: روح الله الموسوي الخميني
والآن وبعد مضي 18 عاماً علی تلک المجزرة لا تزال أبعاد وأسرار هذه المجزرة المروعة غير معروفة. فبلغ حجم الاعدامات حداً دفع منتظري خليفة خميني آنذاک الی الاعتراف بأبعاده المروعة فبعث برسالة الی خميني ليعبر عن احتجاجه علی «تنفيذ الاعدامات بآلاف خلال بضعة أيام».
وأصدرت منظمة مجاهدي خلق الايرانية في عام 1999 وحسب المعلومات والدراسات التي أجرتها داخل البلاد وبالاستفادة من تقارير السجناء المطلق سراحهم کتاباً يضم أسماء ومواصفات کاملة لـ (3210) من المجاهدين التي سقطوا شهداء في هذه المجزرة.
فنخلد ذکری شهداء هذه المجزرة في ذکراها السنوية أي مجزرة السجناء السياسيين التي تعيد الی الأذهان ملحمة الصمود والشرف لشعب مکبل واقف وصامد بوجه الديکتاتورية الحاکمة في إيران باسم الدين.
من إصدارات منظمة مجاهدي خلق الإيرانية
من الجدير بالذکر أن النظام لم يقدم لاية جهة حتی الان أية معلومة تتعلق بالانفجار الکبير الذي وقع في تشرين الثاني من عام 1988 في سجن ايفين فالتقارير تشير الی مجزرة تعرض لها عدد کبير من المجاهدين في هذا الانفجار ولا يعرف بعد الرقم الحقيقي للشهداء الذين فقدوا حياتهم بهذه الطريقة من الاعدام. أما الشهداء الذين أعدموا شنقًا أمام الملأ فلا تتوفر لدينا معلومات عنهم سوی أسماء عدد قليل منهم. ان التقارير التي وردتنا عن حملات الشنق بحق مجموعات يتراوح عددها ما بين 7 – 20 شخصًا من المجاهدين في کل من مدن کرمانشاه و هرسين و ايلام ودزفول وکرمسار وساوه وورامين وکرج وحتی تبريز ومشهد وبندر عباس الخ تفيد بأن العديد من السجناء السياسيين أعدموا شنقًا حتی الموت أمام الملأ بتهمة المخدرات وذلک في صيف عام 1988 ومن شهداء هذه القائمة 35% استشهدوا في طهران وبشکل رئيسي في سجن ايفين 14% في سجن کوهر دشت 46% في سائر المدن الاخری وأن 5% منهم لا تعرف الاماکن التي استشهدوا فيها. ان السجناء المحررين من قيد الأسر قدموا قرائن تشير الی أن أکثر من 300 من السجناء الذين کانوا في سجن کوهر دشت حتی منتصف ايلول 1988 قد نقلوا الی سجن ايفين وهناک تقارير موثوقة تشير الی نقل 860 جثة من سجن ايفين الی مقبرة «بهشت زهراء» فقط خلال الايام من 13 – 17 آب 1988 وفي ثلاث قواطع من سجن النساء في ايفين تم وحتی آب 1988 اعدام 80% من الاخوات المجاهدات شنقًا أو رميا بالرصاص. ان هذه القائمة توضح أيضًا بأن 40% من شهداء هذه القائمة قد أعدموا خلال فترة أقل من ثلاثة أسابيع من شهر تموز 1988 اما عن عدد شهداء ايلول عام 1988 فقد تضمنت هذه القائمة أسماء 334 منهم في وقت تتوفر فيه تقارير موثوقة تؤکد عن اعدام العديد من السجناء السياسيين في هذا الشهر وفي عدة مدن بما في ذلک 400 سجين أعدموا جماعيا في سجن مدينة أورمية وأکثر من 250 سجينًا أعدموا في وجبة واحدة في سجن مدينة رشت و 84 سجينًا أعدموا في وجبة واحدة في سجن مدينة مشهد. ومن الشهداء الذين وردت أسماءهم في هذه القائمة فان 354 شخصًا فقط أعلن النظام عن اعدامهم عبر وسائل الاعلام التابعة له. ومن بين هؤلاء الشهداء فتيان تتراوح أعمارهم ما بين 13 – 15 سنة وهؤلاء من ناحية يعتبرون نماذج علی مدی وحشية حکام إيران الذين يزجون في السجون ويشنقون حتی الفتيان الذين هم في الثالثة عشرة من عمرهم ومن جهة أخری دليل ساطع علی مدی اليقظة والوعي والارادة الصلبة التي يتحلی بها الجيل الذي عزم علی التصدي لهذا النظام مهما کان الثمن. ومن الذين تم الوقوف علی أعمارهم 25% شباب دون الـ 25 سنة و58% في الثلاثين من العمر ومن بين هؤلاء أفراد کانوا يرزحون في السجن منذ أن کانت أعمارهم في الثالثة عشرة أمثال سعيد دانيإلی و احمد علی وهاب زاده ومسعود دارابي علمًا أن 29% من هذه الاسماء لا تعرف أعمارهم کما أن 20 شخصًا من هؤلاء الشهداء تتراوح أعمارهم ما بين 50 – 65 سنة من بينهم اثنان من الامهات احداهما في الستين من عمرها وتدعی سادات حسيني من أهإلی مدينة جهرم والتي أعدمت في مدينة شيراز والاخری الام شکري التي أخذت في تعرية وفضح النظام بعد استشهاد أولادها فتم اعتقالها وأوشکت أن تصاب بالشلل من جراء التعذيب عندها أعدمت رميا بالرصاص في مدينة «قائم شهر» اضافة إلی اثنين من الاباء الشجعان الطاعنين في السن من أهإلی محافظتي کيلان ومازندران أحدهما مزارع في الـ 60 من العمر يدعی حسين بور أعدم رميا بالرصاص في مدينة «أستانه أشرفية» وهو کان عاشقًا للسيد مسعود رجوي والآخر محمد ابراهيم رجبي في الـ 58 من العمر أعدم في مدينة جرجان حيث کان سجينًا منذ عام 1983 وأعدمت ابنته بروانه رجبي عام 1981 ومن بين هؤلاء أيضًا امير هوشنک هادي خانلو من مدينة اروميه وهو في الرابعة والستين من العمر وأب يدعی مهدي فتاحي صاحب محل من أهإلی اسلام آباد والذي کان قد انتفض دفاعًا عن أولاده المجاهدين ومن بين هؤلاء الابطال العديد من الشخصيات المعروفة والمناضلة وذات المکانة الشعبية نکتفي بالاشارة إلی بعضهم وهم من السجناء السياسيين في عهد الشاه أمثال «اشرف احمدي» و «محمد کلبايکاني» و «غلام علی رهبري» و «علی تاب» و «مهدي جلاليان» و «برويز ذوالفقاري». ويقول شهود عيان في الوقت الذي يدعی فيه النظام بأن «برويز» قد هرب من السجن وأنه قام بشنق نفسه بيديه لکن آثار حروق ناجمة عن الکي شوهدت في جميع أنحاء جسمه حيث کانوا قد شقوا بطنه بشکل بشع ومن بين الشهداء عدد من المرشحين لانتخابات عام 1979 أمثال «زهرة عين اليقين» من اصفهان و «فاطمة زارعي» من شيراز و «شهباز شهبازي» من الانصار الحقيقيين للدکتور «مصدق» ومرشح لانتخابات مجلس دراسة الدستور في عام 1979 من مدينة رودسر وأول نائب لمحافظ کيلان خلال الاشهر الاولی للثورة والذي انخرط قبل سنوات من الثورة في الکفاح ضد ديکتاتورية الشاه حتی استشهد بمعية ابنه المجاهد علی شهبازي في تموز 1988 وهو في الستين من عمره علمًا بأن ولده الآخر کان قد أعدم في 1981.
ومن بين العسکريين المناصرين للمجاهدين لابد من الاشارة إلی صناديد أمثال العقيد «مير فخرائي» والمقدم «خليل مينائي» والمقدم «مقصودي» ومغوار القوة البحرية مرتضی مير محمدي ومن المناسب أيضًا أن نذکر أن «محمد ميرزا محمدي» و هو من مراتب الشرطة سابقًا الذي استقال من سلک الشرطة في عام 1974 وشارک بشکل نشط في ثورة شباط 1979 وفي عهد خميني قام بتوفير الاسلحة والمعدات للمجاهدين. أما نجل هذا الاب الطاهر المدعو «غلام رضا ميرزا محمدي» والذي کان من قادة الوحدات العملياتية للمجاهدين فقد استشهد عام 1982 خلال أحد الاشتباکات ورغم أن المعلومات الخاصة بأعمال معظم هؤلاء الشهداء غير کاملة ولکنها تضم مختلف الشرائح والطبقات الشعبية وأصحاب الحرف والمهن فالقسم الاعظم من هؤلاء الشهداء من طلبة الجامعات والثانويات ومن الشباب الثوري الذين نذروا أنفسهم للنضال من أجل الحرية واختاروا الکفاح والجهاد لانقاذ شعبهم ووطنهم والعديد من هؤلاء کانوا يواصلون دراستهم في المدارس والجامعات قبل أسرهم. ومن النقاط التي تتضح من خلال دراسة هذه القائمة هي تنوع مهن الشهداء فبين شهداء المجزرة السوداء لعام 1988 يشاهد عمال ومزارعون وحرفيون ومن ذوي الاعمال الحرة وموظفون ومدنيون وعسکريون وأطباء وکوادر طبية وضباط ومن قوی الامن الداخلي وفنيون واداريون ومعلمون ومدرسون وصناعيون و اساتذة جامعة مما يدل علی أن المقاومة العادلة تحظی بالدعم والتأييد والمساندة من کافة الشرائح الاجتماعية ومن بين هؤلاء الشهداء الدکتورة «حميدة سياحي» والدکتورة «معصومة (شورانکيز) کريميان» والتي استشهدت بمعية شقيقتها «مهري» في سجن ايفين ومن الاطباء الاخصائيين الدکتور «طبيبي نجاد» 55 سنة والدکتور «فيروز صارمي» 60 سنة الاخصائي في الامراض السرطانية في مدينة تبريز واللذان شنقا أمام الملأ کما يشاهد أيضًا عدد من الفنانين والابطال الرياضيين منهم «ابو القاسم محمدي ارجنکي» استاذ الموسيقی والغناء الايراني و«فروزان عبدي» عضوة المنتخب الوطني لکرة الطائرة للنساء و«مهشيد (حسين) رزاقي» بطل المنتخب الوطني الايراني لکرة القدم و«جواد نصيري» عضو المنتخب الوطني للمبارزة واثنان آخران من الرياضيين الشهيرين ذوي الشعبية أحدهما «قاسم علی بستاکي» من مدينة أراک و«عباس خورشيد وش» من همدان. ومن بين الذين تم التعرف علی مستواهم العلمي من الذين وردت أسماءهم في هذه القائمة 15% من حملة الشهادة الجامعية.
فهکذا نجد أنه لا توجد قرية أو قضاء أو محافظة لم تقدم عددًا أو بضعة مئات من الشهداء في هذه الملحمة الوطنية فمدن کبری مثل تبريز وأورمية ورشت ولاهيجان وأنزلي وآستانه وصومعه سرا ورودسر کيلان وحتی ساري وبابل وقائم شهر في مازندران وکرج ومشهد وسبزوار وسمنان وشاهرود واصفهان وکاشان وکرمانشاه وهمدان وزنجان وايلام ومسجد سليمان وانديمشک واهواز وآبادان وشيراز کل واحدة من هذه المدن قدمت العديد من الشهداء وهناک شهداء من مناطق مثل فهليان نور آباد بمدينة ممسني في جنوب ايران وهفشجان وسي سخت بمدينة ياسوج في وسط ايران وکوجصفهان في کيلان و کرکر بمدينة جلفا في شمال غربي ايران وقری وأرياف تابعة لميناء بندرکز وترکمن صحرا في شمال شرقي ايران وباوه ونقده و اشترينان في غرب ايران ومن ولد في الارياف المحيطة بمدينة زابل وزاهدان و بندر عباس و بوشهر وبهبهان.
في هذه القائمة تشاهد العديد من الاسماء المتشابهة لافراد من عائلة واحدة ضحت بجميع أبنائها في هذه المجزرة اذ وردت أسماء الشهرة (الأسماء العائلية) فقط ولا يعرف الاسم. علی سبيل المثال عائلة «الحاج اصفهاني جهرمي» في شيراز و «اردشيري» في کازرون و «قديري» من تبريز ومن المناسب ان نشير في ملحمة الصمود والشرف هذه لعوائل قدم بعضها 10 شهداء والبعض الاخر من 3 – 5 شهداء وعدد آخر من العوائل قدمت آخر أبنائها قربانًا لحرية وشموخ أسرة ايران الکبيرة. فمن عائلة «شجاعي» البطلة من مدينة شهر کرد تلاحظ في هذه القائمة أسماء «نسرين» و«مراد» و«قربان» شجاعي وهذه العائلة قدمت حتی الان 12 شهيدًا ومن عائلة «احمدي» من أهإلی آبادان نقرأ أسماء کل من «فريبا» و «فرحناز» و«محمد» (الذي أعدم في شهر تموز باصفهان)» و«منصور احمدي» (أعدم في ايلول) في مدينة شيراز. هذا وان عائلة «خسرو آبادي» في مدينة سبزوار قدمت 3 شهداء هم کل من «منصور» و «مسعود» و «طيبة» الذين أعدموا رميا بالرصاص في تموز عام 1988 اضافة إلی المجاهدة الشهيدة «طيبة خسروآبادي» ابنة عم هؤلاء الشهداء. وفي شهر تموز من عام 1988 توجه کل من «عصمت» و «فاطمة» و «حسين ادب آواز» إلی أعواد المشنقة خلال المجزرة ذاتها التي ارتکبت في سجن شيراز کي يلتحقوا بشقيقتهم البطلة الشهيدة المقدسة «کوهر أدب آواز» وتعتبر الاخت المجاهدة «أقدس همتي» سابع شهيد في عائلة همتي في سمنان والتي أعدمت رميا بالرصاص في تشرين الثاني من عام 1988 مع زوجها المجاهد الشهيد «حسين مؤکدي» في سجن ايفين وقبل ذلک أي في عام 1982 کان قد أعدم رميا بالرصاص وأمام الملأ «عباس همتي» (القائد بابک مخطط وقائد عملية القصاص الثوري للملا صدوقي امام الجمعة وممثل الخميني في مدينة يزد) والابن الآخر لهذه العائلة المدعو «نعمت الله» أعدم شنقًا في عام 1984. وزوجة عباس «مريم السادات حسيني» نالت شرف الشهادة في شهر تشرين الثاني (أکتوبر) 1982 في اشتباک مسلح مع أفراد الحرس في مدينة أراک وهي حامل. ومن هذه العائلة «زهرة همتي» من شهداء عملية «الثريا الکبري». وأما رب هذه العائلة الحاج رضا همتي فقد توفي أمام السجن علی اثر نوبة قلبية خلال مشادة کلامية مع الحرس ليلتحق بأولاده. أما عائلة «حريري» في مدينة رشت فبعد استشهاد الدکتور «منصور حريري» و «محسن حريري» تکون قد قدمت خمسة شهداء لثورة الشعب الايراني وهناک عائلة أخری باسم «حريري» من مدينة زنجان ومنها يعتبر «جعفر حريري» من شهداء ديسمبر عام 1988 سادس شهيد في هذه العائلة وأما «احمد غلامي» فهو سادس شهيد لعائلة غلامي من مدينة قائم شهر کما أن «حسين داودي» يعتبر سادس شهيد لعائلة داودي من مدينة بابل. وعلی أکبر ابراهيم بور سادس شهيد من عائلة «ابراهيم بور» من جرجان والتحق أيضًا خلال مجزرة عام 1988 کل من «ابوالفضل» و «مينا هاشميان» باخوتهم غلام حسين ومجتبی وحبيب الذين استشهدوا خلال أعوام 1981 – 1984 ويعتبر الاستاذ الجامعي «طهمورث رحيم نجاد» سابع شهيد وکان آخر فرد في عائله «رحيم نجاد» البطلة من مدينة جرجان اذ سبقه في نيل الشهادة کل من «تهمينة» و«ترانه» و «فريدون» و «عزيز الله» و زوجته «فريبا آجيلي» في الاعوام 1981 – 1984 وکانت «تهمينه رحيم نجاد» وزوجها «طه مير صادقي» من أبطال عاشوراء شباط عام 1981 واللذان استشهدا بمعية القائد «خياباني» وأشرف الشهداء. وباستشهاد حسين و مصطفی ميرزائي من همدان يبلغ عدد الابطال الشهداء في هذه العائلة سبعة شهداء أما «فرهنگ فدائي نيا» فهو رابع شهيد لهذه العائلة في أهواز و«ناهيد تحصيلي» رابع شهيد لهذه العائلة من طهران و«غلام رضا بزرکان فرد» رابع شهيد لهذه العائلة من طهران و«فخري آزموده لکامي» رابع شهيد لهذه العائلة من رشت الخ… وهناک عوائل أخری کثيرة کل واحدة منها تعتبر اشراقة من نهر دماء الشهداء وثروة کفيلة لحرية وانتصار ثورة الشعب الايراني المستجدة.
أما الفصل الثاني لهذا الکتاب فهو دراسة موثقة لمجزرة الثلاثين ألف سجين. وقد بذلنا الجهد وسعينا في هذا الفصل ومن خلال الاعتماد علی التقارير الخطية والشفهية واجراء المقابلات مع شهود الفاجعة وکذلک المعلومات التي توفرت من الداخل لنقدم صورة وان کانت غير مکتملة ولکن واقعية لمجزرة الاستئصال البشع للجيل علی يد خميني وجلاديه اذ أجريت أحاديث مع عدد کبير من المجاهدين الناجين من الاسر اضافة إلی تقارير موثقة من الداخل ولکن بالرغم من ذلک لابد من الاذعان بأن الصورة مازالت غير مکتملة لان المجزرة وقعت في عدة سجون وأن اسلوب عمل الجلادين والانتقالات الواسعة کلها کانت من الاسباب التي تحول دون توفر المعلومات بشکل کامل خاصة أن المعلومات التي وردتنا عن کيفية وقوع المجزرة في بقية المدن فهي ناقصة لان في کثير من هذه المدن لم ينج حتی مجاهد واحد من المجزرة التي ارتکبت في السجون الايرانية. فعلی سبيل المثال يفيد تقرير من مدينة مشهد بأن 159 شخصًا أعدموا في ليلة واحدة واستنادًا لتقارير أخری فان جلاوزة خميني شنقوا في ليلة عيد الغدير فقط 350 شخصًا وأبلغ أحد جلادي سجن «وکيل آباد» بمدينة مشهد في اتصال هاتفي بمقره بأن «الموجود في مدينة مشهد» قد انتهي. وهکذا الامر بالنسبة لبقية المدن. ويقول تقرير من مدينة شيراز: عندما وصلت أنباء المجزرة للمواطنين وعوائل الاسری ذهبنا إلی السجن فقال لنا الجلادون: «هل تتوقعون أن نقدم لکم الحلوي؟ لقد قتلنا في يوم واحد وفي مکان واحد 860 سجينًا واذا ما أقمتم مجلس فاتحة (حفل التأبين) فسوف نهدم ونسوي بالأرض دورکم السکنية تمامًا بالجرافات». وتتحدث التقارير الواردة من اصفهان عن حالات کثيرة من الاعدامات ففي أحد التقارير يتم التطرق لاعدام ألفي شخص وفي مدينة جيلان کان الناس يبلغ بعضهم بعضًا عن اعدام ثلاثة آلاف شخص وما يشاع دليل علی سعة حملات الاعدام وهناک تقارير أخری من بقية المدن تشير إلی اکتشاف مقبرة جماعية في مدينة شاهرود تضم رفات 65 شخصًا وفي مدينة کجساران أعدم 30 شخصًا مرة واحدة وفي مدينة «سنقر» 15 شخصًا وفي مدينة «خرم آباد» (في شهر تشرين الأول – أکتوبر 1988) 150 شخصًا وفي مدينة قائم شهر (في تشرين الأول) 70 شخصًا وفي مدينة «أبهر» و «خرم دره» 14 شخصًا وفي مدينة «کازرون» أعدم 11 شخصًا في وجبة واحدة وأعقبها اعدام 25 شخصًا آخر وفي مدينة أراک أعدم 23 شخصًا وفي مدينة همدان أعدم 37 شخصًا. ورغم ذلک فان التقارير التي توفرت لدينا جميعها تتحدث عن المقاومة البطولية للسجناء منها تقرير من مدينة دزفول جاء فيه: حسين اکسير المعلم في قرية «سياه منصور» في مدينة دزفول کان من المجاهدين الذين حظوا بشهرة واسعة في المقاومة في سجن يونسکو. کان الجلادون يقولون له ان أعلنت ندمک عن ماضيک فسوف يعفی عنک فکان يرد عليهم بکل بطولة وشجاعة «اذا ما تحررت يدي فسوف أمنحکم أکبر عفو وأرسلکم جميعًا إلی الجحيم». ومرة قال له أحد الجلادين: «ان اعلنت التوبة فسوف يعفی عنک» فرد عليه حسين وهو مملوء حبًا بشعبه: «ان ذنوبي تغفر ان أعطيتموني سلاحًا لاعدم العملاء الذين يرسلون طلبة الثانويات الابرياء ليسيروا فوق حقول الالغام» وجاء في التقرير الذي يتحدث عن «مظاهر حاجي محمدي» في سجن بابل: «قادوه إلی المحکمة وهو في وضع فقد فيه حالته الطبيعية من شدة التعذيب وکان يقضي في سجنه کمريض نفسي کان في الليل يضرب رأسه بالجدران حتی تصطبغ الجدران بدمائه وکان يصرخ طيلة مرضه خميني هو خميني ولا يستطيع أحد أن يکون مثله کان علی هذه الحالة حين اقتيد للمحکمة وهم يطلبون منه أن يعلن توبته الا أنه کان يقول وبکل شجاعة وصلابة «أنا انتظر الشهادة منذ مدة». وبهذا الکلام نال شرف الشهادة بکل فخر واعتزاز. أما حبيب شقيق مظاهر فهو أيضًا من بين الذين أعدموا رميا بالرصاص». علی أية حال ورغم الظروف الامنية وقلة توفر المعلومات حاولنا جاهدين في هذا الفصل أن نعرض صورة واقعية أمام القاريء للمجازر التي ارتکبها جلاوزة خميني في المدن الايرانية.
في الفصل الثالث وردت اعترافات أرکان النظام بشأن المجزرة التي ننقلها نصًا وهي خير دليل علی أبعاد هذه الاعدامات. أما الفصل الرابع فقد احتوی علی أسماء عدد من الجلادين الذين ساهموا في هذه المجزرة والتي توفرت لنامن خلال التقارير التي وردتنا وفي الفصل الخامس يتم التطرق إلی أوضاع السجون قبل الشروع بهذه المجزرة. وأما الفصل السادس فيتضمن علی تقارير مباشرة لشهود عيان هذه المجزرة البشعة اذ احتوی هذا الفصل علی 13 تقريرًا موثقًا من سجني ايفين وکوهر دشت کل واحد منها يتناول کاتبه زاوية معينة وکتب کتّاب التقارير مشاهداتهم الميدانية. وتعتبر هذه التقارير وثائق معتبرة توضح العديد من الامور وتعمل علی تعرية المسؤولين وأرکان نظام خميني اللانساني. وفي الفصل السابع نشير إلی اللحظات الاخيرة للابطال الصناديد. أما آخر فصل من الکتاب فيتناول نشاطات وفعاليات المقاومة علی الساحة الدولية من أجل ايقاف حملات الاعدام اذ بدأت المقاومة ومنذ الايام والاشهر الاول للمجزرة علی الساحة الدولية بنشاطات واسعة لتعرية وفضح النظام وأبلغت جميع المحافل والهيئات والمنظمات المعنية بحقوق الانسان بالجرائم التي يرتکبها النظام داخل السجون. علاوة علی ذلک فان أنصار المقاومة في الخارج قاموا باعلان الاضراب عن الطعام ونظموا تجمعات عديدة لفضح وتعرية النظام وکان زعيم المقاومة الاخ المجاهد مسعود رجوي قد أعلن في حديث له مع اذاعة صوت المجاهد في ديسمبر 1988 قائلاً: «ليست القضية أنه کم عدد الذين أعدمهم خميني بل القضية هي أن نری من الذين أبقاهم؟ فهل لجرائم خميني حدود؟ کلا، ليس الامر بهذا الشکل… انه يريق الدماء بوحشية وهمجية تامة وبخسة ودناءة لا يمکن تصورها ولا يفهم أي قانون أو ضوابط أو نظام وان لم يصدق أحد ذلک فانه في الواقع لا يعرف خميني ولا نظام خميني ولا جلاوزة وأوباش خميني فهذا المجرم من الفطرة لو لم يکن کذلک لما استطاع أن يحکم حتی يومًا واحدًا. اسمحو لي هنا أن أقدم التعزية لعوائل شهدائنا في جميع أرجاء البلد خاصة الامهات والآباء وأقول للامهات طوبی لحليبکن الطاهر وأقول لأخواتهم واخوتهم ان مقاتلي جيش التحرير وسائر اخوة وأخوات الشهداء واعون ويقظون وسوف يثأرون وينتقمون لهم من خميني وسيطيحون بنظامه فهذه الدماء الطاهرة ستبدأ بالغليان في کل يوم يقتلون نجمة علی الارض غير أن السماء الحزينة مازالت ممتلئة بالنجوم وخميني لم ولن يستطيع اخماد هذه الشعلة… وليس بعيدًا ذلک اليوم الذي يؤخذ فيه من خميني وجلاوزته ثأر کل واحد من هؤلاء الشهداء هؤلاء الأبناء الشامخين من نساء ورجال هذه الارض. فلا تعتقدوا بأن هذه الدماء سوف لا تغلي وتفور لا تعتقدوا بأن خميني يستطيع بسهولة أن يعبر من فوقها .. کلا، الامر ليس بهذا الشکل…». وفي أعقاب هذه التوجيهات بدأت المقاومة حملة عالمية واسعة .. حملة مازالت مستمرة.
واليوم وبعد 11 عامًا تمر علی هذه الجريمة اللاانسانية مازالت أبعادها والکثير من زواياها مکتومة ولم يکشف عنها ومن واجبنا نحن ومن واجب کل فرد ايراني وطني أن يسعی لکشف خفاياها الا أن المهم هو أن ندرک أن هذا النظام المعادي للبشرية مازال في الحکم فان مثل هذه الجرائم ستستمر ومثلما برهنت الاحداث السياسية الاخيرة ان أيا من أجنحة وعصابات النظام غير قادر علی القيام بخطوة واحدة نحو کشف خفايا مجزرة عام 1988. ان الماکرين الدجالين من أدعياء «المجتمع المدني» و«الدستور» ومثلما برهنوا ذلک عمليا ما هم الا جزءًا من هذا النظام الغارق من رأسه حتی أخمص قدميه في الفساد والرجعية والجريمة ومعاداة البشرية ولهذا السبب لم ينبسوا بأية کلمة حتی الآن حول هذه الجريمة البشعة الرهيبة ولم يستدعی أي من منفذيها إلی المحاکم ولم يعاقبوا بل علی العکس من ذلک تمامًا فان خاتمي وزير «الارشاد» في تلک الفترة تولی رئاسة جمهورية الرجعية کما أن العضو الرئيسي في لجنة الموت شوشتري يواصل ارتکاب جرائمه من خلال موقعه في وزارة العدلية. وان کان خاتمي هذا الدجال يمتلک حقًا ذرة من الصدق کان عليه ومن أجل أن يبرهن صدق مزاعمه أن يکرر جواب أحد شهداء المجزرة للجلادين کان عليه أن يکرر رد المجاهد البطل «رضا أفرند» في سجن بابل علی الجلادين اذ جاء في أحد التقارير الواردة من بابل «ان المقاومة البطلة للمجاهد الشهيد رضا أفرند في سجن بابل وضعت الجلادين في مأزق.. عذبوه مرارًا کي يرغمونه علی الاستسلام لکنه في کل مرة کان يخرج من التعذيب وهو أکثر شموخًا مما کان يخذل جلاديه الذين اضطروا ليقولوا له لقد أخطأ جلادوک والآن سيتغير کل شييء فيسألونه: ماذا نفعل کي تتخلی عن مناصرتک للمنظمة وتصدق بأننا قد تغيرنا تمامًا؟ فکان رد هذا المجاهد البطل: ان کنتم صادقين حقًا فهاتوا الملا الذي حاکمني دون سبب وأعدموه عندها سأصدق أن تغييرًا طرأ عليکم».
من إصدارات لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
أصدرت لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية کتابًا بعنوان «جريمة ضد الإنسانية» من 236 صفحة حول المذبحة الجماعية ضد 30 ألف سجين سياسي عام 1988.
وتم إهداء هذا الکتاب للأرواح الطيبة لـ «30 ألف سجين سياسي من الرجال والنساء الذين بذلوا حياتهم علی درب تحرير إيران من نير السلطة الديکتاتورية الملتحفة بالدين».
وجاء في تقديم لهذا الکتاب کتبه اللورد إريک إيف بري من أعضاء مجلس اللوردات ونائب رئيس کتلة حقوق الإنسان في البرلمان البريطاني: «إن تم ترک المسؤولين عن هذه الجرائم ضد الانسانية دون عقاب، فليس قد وقع ظلم کبير علی ضحايا هذه المجازر وعلی عوائلهم وذويهم فحسب وإنما أصبحت قضية العدل الدولي ومبدء شمولية الأهلية القضائية وکونها بلا حدود في مجال الجرائم ضد الانسانية يتعرضان لخطر کبير… فمن الضروري أن تفتح لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تحقيقًا شاملاً حول أحداث عام 1988 في إيران ويجعل لهذا الغرض مزيدًا من الإمکانيات تحت تصرف المقرر الخاص للجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة حول إيران بخصوص الإعدامات غير القانونية».
وبعد التقديم والمقدمة تم تکريس الفصل الأول من الکتاب لمقتطفات من مذکرات منتظري بعنوان «وثيقة فاضحة». وهنا بجانب کليشات عدد من رسائل منتظري إلی خميني في عام 1988 بخصوص المجازر الجماعية ضد السجناء السياسيين وکذلک الأمر الصريح الصادر عن خميني بإعدام جميع المجاهدين السجناء، نلاحظ جوانب أخری من جرائم النظام ومنها إعدام الأطفال وممارسة التعذيب بشکل کيفي ومنتظم والقضاء وإصدار الأحکام اعتباطيًا بالإضافة إلی الأوضاع المأساوية للسجون في جميع أنحاء البلاد.
وقد تم تخصيص الفصل الآخر من الکتاب لقائمة تضم أسماء ومواصفات 3208 من ضحايا المجازر وتنشر لأول مرة. وقد تم إعداد وترتيب هذه القائمة علی أساس الإسم العائلي ثم الإسم والعمر والجنس والمولد والمستوی الدراسي وتاريخ الإعدام ومکان الإعدام وطريقة الإعدام، کما أرفقت القائمة بصور أکثر من 200 شهيد من شهداء هذه المجازر.
بدأت الإعدامات في أقفاص الأخوات المجاهدات منذ ليلة 27 علی 28 تموز (يوليو) عام 1988. فضمن الوجبة الأولی نقلوا الأخوات اللاتي لم تکن المحکمة قد أصدرت أحکامها عليهن بعد. ففي منتصف الليل استدعوا «زهراء فلاحتي حاج زارع» من القفص. وبعدها استدعوا سجينات أخريات علی أساس التصنيف الخاص من قبل سلطات السجن. إنهن کن يشکلن الوجبة الأولی من السجينات اللواتي عبرن عن تمسکهن بمواقفهن وبمبادئ المنظمة بکل صمود وإصرار أو کن معروفات (بارزات) أکثر من الأخريات. ومنهن الشهيدتان منيرة رجوي ومريم کولزاده غفوري. ثم وصل دور الأخوات السجينات في القفص الـ 209 واللواتي کن من السجينات الصامدات المعروفات منذ السنوات الماضية، ولهذا السبب کانوا قد جمعوهن في قفص واحد، فأعدموهن.
وبعدهن اقتادوا إلی ساحة الإعدام السجينات اللاتي کن متأثرات منهن حسب تعبيرهم. وکانوا قد ألقوا السجينات المنقولات من سجن «جوهر دشت» في قفص آخر وفي زنزانات مقفلة. ففي يومي 28 و29 تموز (يوليو) عام 1988 کانوا يستدعون السجينات علی مجموعات تضم کل منها 10 إلی 15 سجينة ويقتادونهن إلی المحکمة. ومن قفصنا اقتادوا امرأة عادية (غير سياسية) إلی المحکمة وکانوا قد اعتقلوها بسبب کون زوجها معارضًا للنظام فقط ولم تکن عضوة في أي تنظيم سياسي. ثم نقلوها إلی ساحة الإعدام شنقًا ولفوا حبل المشنقة علی عنقها استعدادًا لشنقها حتی الموت، ولکن في اللحظات الأخيرة جاء فجأة أحد من السجّانين وقال: لا، لا، وقع هناک خطأ.. فأنزلوا المرأة من المشنقة وهي في حالة شبه الغيبوبة . وکانت المرأة قد تمکنت من النظر إلی خلفها لعدة لحظات لتری جثث زوجها وعدد کبير من الإخوان علی المشانق وهم أعدموا شنقًا. فأعادوا المرأة إلی القفص وهي في حالة شبه الغيبوبة . وبعد ما استعادت وعيها تقريبًا روت ما کانت قد رأته في ساحة الإعدام شنقًا ثم عادت لتفقد وعيها مجددًا. فعاد الحراس وأخرجوها من قفصنا بسرعة.
فبذلک کشفنا حينذاک أين ينقلون أخواتنا علی مجموعات وکيف يعدمونهن ويعدمون السجناء جماعيا. وفي قفصنا وخلال الفترة بين 27 تموز (يوليو) وأواسط آب (أغسطس) عام 1988 أخذوا ما يقارب 200 من السجينات ومنهن لم تعد حتی 50 سجينة إلی القفص. إي من قفصنا فقط وضمن حملة الإعدامات عام 1988 استشهدت 150 من الأخوات کنت أعرفهن بالاسم والصفات، فلذلک تقلصت عدد أقفاص الأخوات من ثلاثة أقفاص إلی قفص واحد. ومن هؤلاء البطلات الباذلات أتذکر أسماء المجاهدات الشهيدات فرنکيس کيواني وشهين بناهي وبروين حائري وحورية بهشتي تبار وزهرة عين اليقين وشهين جلغازي وسودابه شهبر وفرح ناز ظرف جي وزهراء بيجن يار ومهري محمد رحيمي وسهيلاء محمد رحيمي وعفة إسماعيلي وبروانه نور محمدي وسوسن صالحي وشهربانو عطاري وفروزان عبدي وزهرة حيدري.کان الجانب المدهش حقًا تلک المعنويات العالية وروح المقاومة للسجناء في المحاکم. وقد انهالوا علی السجناء الضرب لإخراجهم من المحکمة .وکان واضحًا تمامًا بان السجناء الصامدين لا يتنازلون حتی عندما يحضرون محاکمهم.
وقد صدرت أحکام کثيرة بالجلد قبل تنفيذ الإعدام وعلی وجه التحديد بحق کل من کان يقدم نفسه بأنه «مجاهد». وفعلاً تعرض عدد کبير من السجناء للجلد قبل إعدامهم. وکانت ليلی حسيني قد قالت لرئيس المحکمة أثناء المحاکمة «انک کشخص مسيء له ملامح براقة لکن طبيعتک قذرة للغاية وإني قد کشفت طبيعتک، فلن أخضع لک». لقد أخرجوا اشرف فدائي بالضرب المبرح من المحکمة وعندما تم الإعلان عن اسمها لتنفيذ الإعدام بحقها أخبرت قرينتها في الزنزانة المجاورة برسالتها الأخيرة عبر نقرات علی الجدار حيث قالت فيها: «لقد نفذت المنظمة عملية ففي مثل هذه الظروف هل تعرفين اذا قاموا بإعدامنا سيترک ذلک تأثيرًا کبيرًا علی ابناء الشعب؟ إن دماءنا ستفضح خميني أمام الشعب أکثر فأکثر». وعندما استدعيت «اعظم طاقدره» للإعدام سألتها قريناتها في السجن هل تعرفين إلی أين تذهبين؟ فأجابت نعم أتوجه إلی ساحة الإعدام لأن الإفصاح بکلمة مجاهد يتطلب اليوم الاسترخاص بالدم وعلينا أن نوفره ونقدمه». فصرخت «موجکان کمالي» فجأة قائلة: «يا أخواتي انهم جلدوني يوم أمس». فصرخت کذلک «فضيلة علامة» ضاحکة: «هذا ليس بغريب فقد جلدوني ليلة أمس أيضًا». فقد نفذ حکم الإعدام بحقهما في اليوم التالي. وکانت تصل إلی الأسماع أصوات الجلد والسياط والصرخات من أقفاص الإخوان السجناء. وکان السجانون يبثون شريطًا مسجلاً للأذان متزامنًا مع جلد الإخوان السجناء.
وبعد إکمال جلد السجينات المجاهدات توجهوا لجلد السجينات غير المجاهدات. وکانوا يقولون ان المرأة المشرکة لابد من جلدها حتی تصبح امرأة تؤدي الصلاة فلذلک کانت حصتهن من الجلد ثلاث مرات يوميا وفي کل مرة کانوا يجلدونهن بخمس ضربات مما يعني أن السجينة التي لا تؤدي الصلاة کانت تتلقی 15 جلدة .عندما عدنا إلی الزنزانات فکان عدد کبير من السجينات قد أصبن بحالة مرضية نتيجة تعرضهن للجلدات.. کان السکوت يعم القاعة. عندما دخلت القاعة أصبت بالدوار في رأسي … نعم هنا کانت «آزاده طبيب» تلقي محاضراتها،هذه الزاوية کانت المکتبة وهذا هو المکان الذي جلست مع «زهراء فلاحتي» لآخر مرة. وهناک هو المکان الذي کانت تجتمع فيه اشرف فدائي وقريناتها الاخريات. وهنا کانت غرفة «موجکان کمالي» و«محبوبة»، يا الهي! کلهن کن يتجولن مشيا في هذه القاعة. وهنا أعلنت «مهتاب» و«مينا» إضرابهما عن الطعام… وکاد قلبي أن يتفجر ويخرج من صدري لأنني کنت أسمع أصوات القرينات السجينات من کل زاوية. في أحد الأيام کنت عاملة توزيع وجبة الغداء مع «همدم عظيمي» وفعلاً هذا هو المکان الذي کانت القرينات يلعبن کرة الطائرة وتلک هي الزاوية التي کنت أتجول فيها مشيا مع «ليلي حاجيان» ونقرأ کتابًا سوية . وفي زاوية أخری کنت مع «همدم» حينما کنا نحلل أخبار الصحف. و عندما لاحظنا بأنه تم استدعاء السجينات القرينات لنا إلی المحکمة ونقلوهن إليها وبقينا نحن هنا قلت لـ «همدم»: «يبدو انهم يعدمون الأخوات السجينات». وابتسمت «همدم» قائلة: «فهل تتوقع غير هذا؟» ثم بدأنا نحسب فلاحظنا بان من نحن العشرين سجينة أضربنا عن الطعام في سجن «کوهر دشت» بقينا نحن الأربع فقط أحياء.
ومن مجمل 80 – 70 سجينة في سجن «کوهر دشت» بقينا نحن الـ 10 أحياء. ومن نحن الـ 120 -130 سجينة تم نقلنا من سجن «قزل حصار» إلی سجن «ايفين» لم نبق أکثر من 20 سجينة. أتذکر أنه وفي أحد الايام جاء الحاج داوود وقال لنا: «أية واحدة منکن بوحدها منظمة ». والان بقيت أنا أنظر إلی أمکنتهن الفارغة وأقول مع نفسي: «لقد کانت کل واحدة منکن عالمًا».
بعد قبول النظام بوقف إطلاق النار کان الخوف يساور عملاء النظام بحيث اضطر النظام من ارسال عناصر الحرس ومحترفي التعذيب من کرمانشاه إلی سجن تبريز. حتی تم إغلاق الادعاء العام لمدينة تبريز أيضًا. وداهم الحرس الأقفاص والقاعات وأخذوا معهم جهاز التلفزيون حتی نقلوا جهاز التلفزيون العائد لغرفة حراسة القفص ايضًا لکي لا يصل اي خبر من الخارج إلی الزنزانات. وأغلقوا جميع الأبواب من الخلف. وحرموا السجناء من الهواء الطلق واستمرت هذه الحالة فترة طويلة. وخلافًا لسياقهم المعتاد کان الحرس يداهمون القاعات و اثناء الليل وقاموا بفحص وتفتيش الزنزانات وسحب جميع الحاجيات الموجودة لدی السجناء. حتی سحبوا معهم احبال الغسيل. وکان واضحًا من هذه التصرفات بانهم يريدون بث الرعب والخوف في قلوب السجناء حيث ان الأجواء السائدة تبوح لکل سجين بان حادثًا قد يحدث. فيوم السبت المصادف 29 تموز (يوليو) 1988 قاموا بنقل الوجبة الاولی من السجناء النزلاء في القفص التاسع واثنين من السجناء من القفص الثاني إلی سجن المخابرات لغرض الاستجواب لمدة ستة أيام.کان ذلک يوم الجمعة حينما أرجعوهم إلی الاقفاص. وتحدث سعيد حيدرنيا فتح آباد،المجاهد الذي استشهد ضمن الوجبة الاولی من الإعدامات الجماعية في سجن تبريز بانهم کانوا قد أحضروا سجناء آخرين من القفص التاسع اضافة لهم. وعندما عاد کان يعرف ماذا سيحدث. لقد أبلغوه بأنه ضمن قائمة السجناء الذين سيطبق عليه حکم الإعدام فعليه أن ينتظر مصيره. وقد تصرف سعيد بشجاعة وتفان تامين وخلال يوم واحد قضاه في ذلک القفص کان يتصرف تصرفًا اعتياديا کالايام السابقة. وکانت الساعة تشير إلی التاسعة في يوم الجمعة مساءً عندما أعلنت مکبرة الصوت اسم سعيد. ونهض سعيد من مکانه کجبل شامخ بخطوات متينة وبابتسامة لا تفارقه وهامة مرفوعة أخذ سبيله وانصرف. وکان سعيد يبلغ من العمر 15 عامًا عندما ألقي القبض عليه بصحبة المجاهد الشهيد يحيی محسني. وکان الاثنان قد نفذا عملية إنزال العقوبة علی أحد عملاء النظام الذي کان له دور بارز في اعتقال وقتل عدد کبير من مؤيدي المنظمة الشهداء. وبعد ذلک اشتبک يحيي مع عملاء النظام وکان قد ألقي رمانة يدوية باتجاه العملاء ولکن بعد رمي الرمانة کشف سير أحد المارة في هنا وحتی لا تصيب الرمانة بأذی للمواطن المار کان قد ألقی بنفسه علی الرمانة ونتيجة إصابة شظايا الرمانة أصيب بجراحات بليغة وفقد إحدی عينيه. وقد أخذوا يحيی تلک الليلة إلی ساحة الإعدام من القفص الثالث.وکانت الوجبة الاولی من الذين اقتيدوا إلی ساحة الإعدام تلک الليلة من الأقفاص الثانية والثالثة والتاسعة بلغ عددهم 15 سجينًا. وفي ذلک الاسبوع عندما راجعت العوائل لزيارة سجنائهم قيل لها إن أبنائها لا يتواجدون في تلک الأقفاص وتم نقلهم من ذلک السجن إلی سجن آخر وهکذا مرت الاسابيع وکانوا يرسلون العوائل من سجن إلی سجن دون أن يقولوا للعوائل ان ابنائهم قد اعدموا. وفي الأيام التالية نقلت وجبة أخری من السجناء من القفص الثاني. وفي البداية اختاروا السجناء الذين کان صمودهم مشهودًا للجميع طيلة سنوات الحبس. أو سجناء من أمثال المجاهدين الشهيدين محمود هوشي وغلام رضا نامدار اللذين کان أحد أقاربهما في جيش التحرير. هذا وقد استدعي محمود مع ابراهيم بعد وجبة العشاء. وکنت واقفًا في غرفة الحراسة عندما دخلا غرفة حراس القفص. وأغلق الحرس باب القفص حتی لا يشاهدهم أحد من الداخل.
وکانوا يريدون أن يضعوا لهما عصبة العيون ويأخذونهم إلی مکان عندما کانوا يقتادون اليه السجناء لم يکن يعود أحد منهم ولم يکن معلومًا ما إذا کانوا سيعدمونه في باحة السجن أو في مکان آخر. وفي الوجبة اللاحقة اقتادوا جمشيد مردمي وعلي رستميان و مقصود أحمدي وند. وصاروا لا يعلنون أسماءهم من مکبرة الصوت بل کانوا يراجعون زنزاناتهم ويستدعونهم إلی غرفة حراس القفص تجنبًا لإثارة أية ضجة. وبعد ساعات وجدنا أنهم أخذوا السجناء ولم نعد نسمع خبرًا عنهم.
نبذة عن حياة کوکبة من المجاهدين السجناء